العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية > كتب ووثائق منتدى الحوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-05-17, 09:21 AM   رقم المشاركة : 1
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


كتاب عصمـة الأنبيـاء عليهم السلام

عصمـة الأنبيـاء عليهم السلام

الكاتب / الدكتور طـه حامد الدليمي


المقــدمة
الحمد لله رب العالمين.
والصلاة والسلام على خيرة الخلق أجمعين.. نبينا محمد. وعلى آله.. أصحابه وأتباعه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد..
فليس من الصعب على من تدبر القرآن الكريم ، وتأمل -على مدار التأريخ- في أحوال البشر أن يلحظ اعتداد الإنسان –أيِّ إنسان- بآرائه وتصوراته.
ولقد طغى في ذلك حتى أطلق على هذه الآراء والتصورات اسم (العقل)! اعتداداً بها وتعظيماً لها. وحتى إنه صار إذا حكم بشيء أو صرح برأي نسبه إلى العقل. فإذا أنت خالفته قال: خالفت العقل! ولا أدري ما الذي منح (عقله) هو، أو آراءه وتصوراته هذه الحصانة القدسية دون (عقول) الآخرين؟!
على كل حال هذا هو الإنسان.
حتى أولئك الذين بلغوا في الثقافة وسعة الأفق مداها، أو الاستنارة من قبس الوحي ألطفها وأعلاها تبقى في زوايا نفوسهم بقية لو تلمسوها لوجدوها!
حتى الفلاسفة والمتكلمون –وهم يختلفون فيما بينهم- كلٌّ يدعي أن العقل يحكم له، ويجنح إلى صفه!
لقد بلغ اعتداد الإنسان بعقله أن أنكر تنزل الوحي ونبوة الأنبياء عليهم السلام رغم كل الدلائل والبينات! لمخالفتها عوائد عقله من التصورات والأوهام.
فإذا حصل أن أقر بهما أقر على دخن. وانتقل وفي داخله -لا يزال- حنين إلى ماضي أيامه، ونزوع إلى سالف عهده. فيدخل رحاب الإيمان وهو يحاول –مدفوعاً بهواجسه- أن يلتف على النصوص ليخضعها –إذ لم ينكرها- لتلك العوائد والتصورات.

من تصورات العقل البشري التي قادت الإنسان إلى إنكار الوحي تارة، وإلى الالتفاف على نصوصه تارة أخرى اعتقاد أن الأنبياء عليهم السلام صنف من الخلق فوق مستوى البشر!
وقد رصد القرآن العظيم هذه الظاهرة لدى بني الإنسان على مدار تأريخهم، واختلاف أممهم وأجناسهم ورد عليها، وقيدها في عدة مواضع منها:
(فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ) (المؤمنون:24).
(وَقَالَ الْملأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) (المؤمنون:33).
(لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (الأنبياء:3).
(قَالَتْ لَهمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (إبراهيم:11).
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِليْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) (فصلت:6).
ودخل هذا الإنسان دارة الإسلام وهو يحمل معه علله وتصوراته. فماذا عساه يفعل فيما لو اصطدمت هذه التصورات بمقررات الوحي؟ وهو لا يرغب في التخلي عن تصوراته من ناحية، ولا يريد أن يخرج على ما يقرر الوحي من ناحية أخرى!
لا بد من حيلة إذن يوفق بها بين ما يرغب وما يريد! ووسيلة تبقي عليهما جميعاً.
فاهتدى إلى أن يقر بحكم الوحي لفظاً، بينما هو يخضع لمقررات عقله حقيقةً وواقعاً!
لقد أقر بأن الأنبياء عليهم السلام بشر، لكنه -في الوقت نفسه- منحهم من الصفات ما جعلهم بها فوق مستوى البشر.
وهكذا احتال على نفسه بنفسه! وعمد إلى أمر وسط:
فهو لم ينكر نصوص الوحي، بل أبقاها كما هي ليطمئن نفسه على إيمانه من جهة. لكنه أولها -أي عطلها- وأخضعها لحكم عقله، والتف عليها من الجهة الأخرى.

يتبع






من مواضيعي في المنتدى
»» من الفيس بوك/ طيارو الرافضة واهتمامهم بالجيش الإسرائيلي
»» الشيخ عدنان العرعور: القينا بايدينا الى التهلكة لعدم نصرة اهل السنة في العراق
»» من هو المرجع السيستاني، أخيرا ً
»» صراع قادة فرق الموت بين المالكي والزاملي والحبل عالجرار
»» نداء موقع القادسية للشيخ طه الدليمي / مشروع المليون عمر وعائشة
 
قديم 28-05-17, 09:23 AM   رقم المشاركة : 2
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


وإذا أردنا أن نتوغـل أكثر، ونذهب أبعد في هذه السـياحـة التحليلية النفسية –وأغلب تصورات البشر وعقائدهم ومواقفهم ،ما لم يكونوا منضبطين انضباطاً دقيقاً صارماً بنصوص الوحي، مبعثها ودافعها نفسي! - فيمكن أن نقول:

إن هذا الاعتقاد أو هذه التصورات عن الأنبياء عليهم السلام نابعة من طبيعة النزوع إلى الغلو عند الإنسان، وقد نزل الوحي يعدل منها. كما أنها تتوافق تمام التوافق مع ميل الإنسان الفطري إلى الراحة والدعة،
والابتعاد عن القيام بالتكاليف تساوقاً مع ما جبل عليه من ضعف في أصل خلقته التي خلقه الله تعالى عليها كما قال سبحانه: (وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:28).
وكالعادة لجأ الإنسان إلى الحل الوسط الذي يتيح له الجمع بين كل المتناقضات!

لقد غلا في اتهام نفسه –حينما وجد ذنوبه قد كثرت وهو لا يرغب في التخلص منها- إلى حد اليأس من الخلاص بنفسه من تبعتها.
واليأس هنا ليس أكثر من حيلة نفسية تتساوق مع طبيعة الإنسان لتمنحه عذراً في الاستمرار على ما هو عليه من خلود إلى الراحة تملصاً من التكاليف، ووقوعاً في المشتهى المنهي عنه. لكنه –في الوقت نفسه- يريد الخلاص في النهاية من المصير السيء الذي ينتظره.
فماذا يفعل؟

إما أن يلجأ إلى الجحود فلا خبر جاء ولا وحي نزل كحال صاحب الجنتين حين (دَخَلَ جنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) (الكهف:35،36). وإما أن يلجأ –كعادته- إلى (الحل الوسط) فيكون على حالة بين الحالتين، ويتخذ منزلة بين المنزلتين. وهنا اهتدى إلى اتخاذ الوسائط . فهي الوسيلة التي تضمن له الاستقرار في نقطة بين الجحود والإيمان.
ولم تكن الوسائط قد اتخذها وسيلة للاهتداء والاقتداء، إنما واسطة تشفع له. أي.. مسمار يعلق عليه تبعات نقصه، وآثار ضعفه، الذي لا يريد معالجته، أو التخلص منه طبقاً لشرع الله.

وحتى تكون الواسطة صالحة للاستشفاع الذي لا يرَدّ ، فلا بد أن تكون طاهرة مقدسة إلى الحد الأقصى.. عكسه تماماً!. وهذا اندفع إلى الغلو في وصفها إلى حد التقديس الكامل الذي لا يليق إلا بالله! فتصورها –قبل الإسلام- لا تأكل ولا تشرب ولا تمشي تختلط بالناس في الأسواق. ولا تخطئ ولا ترتكب ذنباً صغيراً ولا كبيراً.
ولما لم يجد على الأرض بغيته -لأن كل من رآه وعاشره مهما بلغ من الاستقامة لم يبلغ هذه الدرجة من النقاء والصفاء- اتجه بنظره إلى السماء فاتخذ من ملائكتها واسطته. فإذا جاءه نبي من بني
البشر أنكره وجحده لأنه ليس على ما تصور أو خيل إليه عقله!

حتى إذا جاء النبي الخاتم –ورغم أنه بيّن للناس بصراحة ووضوح أن الأنبياء بشر مِثْـلُهم غير أنهم يوحى إليهم- لكن الإنسان رجع –كعادته دائماً- يضفي على الأنبياء ما كان يضفيه عليهم من قبل من أوصاف! ولم يكن من فرق سوى أنه تقبل فكرة أن يكون المبعوث إليه نبياً أن يكون من البشر، ولكنه.. لا كالبشر!
لقد سلك سبيلاً يؤدي في النهاية إلى تعطيل الرسالة بالتفلت من تكاليفها:
فالغلو في اتهام النفس يقوده إلى اليأس والقنوط ، وينتهي به إلى الترك والقعود . إضافة إلى الوقوع في المنهيات، والولوغ في المشتهيات.
والغلو في تقديس الوسائط يؤدي إلى خروجها عن مدى الرؤية، أو مجال الاقتداء.

بينما تجد الدين الحق يعلم بني البشر أن وقوعهم في الخطأ أو الخطيئة أمر طبيعي ما لم يركن صاحبه إليه فتحيط به خطيئته. وفي الوقت نفسه يفتح في وجهه نوافذ الأمل، ويوسع أمامه منافذ الخلاص بالتوبة والرجوع إلى سواء السبيل:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ
لْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الزمر:53-55).
بل يقول معلم الأمم محمد : (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) . 1
وهذا كله لا يحتاج إلى واسطة.

أما الواسطة فقد جعلها الله تعالى من أجل تبليغ الرسالة من جهة، ومن جهة أخرى فإنها جاءت نموذجاً للاقتداء، ومثلاً للاتباع.
وحتى تتحقق الغاية المزدوجة منها لا بد أن تكون –إضافة إلى وجوب كونها من جنس الإنسان- قريبةً من طبعه. حتى إذا رآها تخطئ مرة، وتذنب أخرى، ثم هي مع ذلك تظل قريبة من الله ، مستمرة في التحليق إليه ما دامت في خط سيرها العام مستقيمة على الطريق –فإن هذا يعزز الأمل عنده، ويزيد الثقة في نفسه. ويلفت انتباهه إلى أن النقص من طبيعة البشر مهما جدوا في سيرهم، وحلقوا في مدارج عروجهم. فينتفي عنده اليأس، ويتوازن في اتهامه للنفس. فإنه (لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى) (النجم:39) (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(الأنعام:164).

ثم هو مع هذه وهذه يتعلم عملياً كيف يعالج لوازم النقص في طبيعته مسارعاً بالرجوع إلى وسط الطريق، وعدم الإكثار من الجنوح إلى حوافه وجوانبه فإنه من رعى حول الحمى أوشك أن يرتع فيه.
وبهذا لا يرى نفسه في حاجة إلى تقديس أحد من الخلق –مهما علت درجته، وسمت منزلته- إلى حد الكمال المطلق. بل هو يستهجن هذه الفكرة لأنه يراها خيالية حالمة. ويراها عديمة الجدوى بل مضرة فاسدة! هذا عدا مناقضتها للعقيدة الصافية: فإن القدوس الكامل من جميع الوجوه هو الله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه. وإنه من تمام عبودية العبد، وربوبية الرب أن يخطئ الإنسان.. كل إنسان.

وبعد!
فإن عصمة الأنبياء عليهم السلام شرط من شروط صحة نبوتهم، إذ جعلهم الله تعالى واسطته بينه وبين خلقه يؤدون إليهم عنه كلمته كاملة. وأمر هؤلاء الخلق باتباعهم والتأسي بهم .
ولكن..
ما حدود هذه العصمة؟ وهل هي مطلقة أم مقيدة؟ وما الذي يتناقض معها؟ وما لا يتناقض؟

لقد أجاب عن هذا كله كثيرون. نخالف منهم من يلجأ في جوابه إلى تصوراته وآرائه اعتداداً بعقله، وإقحاماً له في غير شأنه. ونجيب عن ذلك –بإذن الله جل وعلا- من خلال نصوص كلامه نفسها، متحررين من كل ما سواها من سوابق الأفكار، ورواسب المعتقدات، ومتقدم الآراء والتصورات.

الجمعة
21 محرم 1425
12 آذار 2004



ــــ
1_ قال العليم الخبير: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) (النجم:23).
1 رواه مسلم وأحمد.







من مواضيعي في المنتدى
»» خوفاً من دولة السنة / الشيعة تطالب بتطبيق بنود الفدرالية
»» عقيدة التناسخ والحلول عند الشيعة بين الإيمان والكتمان
»» تهنئة بعيد الفطر عام 1439
»» صدق أو لا تصدق / التشيع الإمامي لا يكون إلا باتباع عائشة وعمر
»» في دين الإمامية / الإمام يغير الدين كله بالنسخ !!
 
قديم 28-05-17, 09:23 AM   رقم المشاركة : 3
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


الفصل الأول
العصمة اللاهوتية

طرفان ووسط

قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاًلِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (البقرة :143).
فأمة الإسلام هي الأمة الوسط بين الأمم في كل شي: في عقيدتها وشريعتها وسلوكها وأخلاقها وموقعها.
وإذا جئنا إلى موضوع العصمة –وهو أمر اعتقادي– فقد جوز قوم –كاليهود– على الأنبياء الكرام (عليهم السلام) الوقوع في الفواحش كالزنا وشرب الخمر وعبادة الأصنام والكذب وأمثالها! والعهد القديم أو التوراة المحرفة مليئة بشواهد ذلك. فنزلوا بالأنبياء عن مرتبة البشر الأسوياء !! فهذا طرف..
وذهب قوم –كالشيعة الإمامية- إلى أن العصمة تعني أن الأنبياء (عليهم السلام) لا يقع منهم سهو ولا نسيان ولا خطأ ولا خوف ولا حزن ولا تقصير ولا ذنب، وهم ممنوعون من ذلك خلقاً وتكويناً، غير ممكنين بطبيعتهم التي جبلهم الله عليها (1). فرفعوهم فوق مستوى البشر وطبيعتهم حتى كأنهم من جنس غير جنسهم! وهذا طرف..
أولئك نزلوا بهم عن مرتبة البشر. وهؤلاء ارتفعوا بهم عنها. والحق بين هذا وذاك: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا (البقرة:143).

الخاصية البشرية والخاصية النبوية :

لكل نبي -باعتباره بشراً يوحى إليه- خاصيتان أو طبيعتان:
الأولى : الخاصية البشرية: فللنبي طبيعة البشر ويجري عليه ما يجري على البشر مما هو من لوازم بشريتهم. قال تعالى:قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ الكهف/110.

الثانية: الخاصية النبوية: وهذه تستلزم أن يكون النبي معصوماً مما يناقضها من مقتضيات الخاصية البشرية. فالزنا أو الشرك أو الكذب أو الخيانة أو السرقة وأمثالها لا يمكن أن يقع فيها إنسان ويختاره الله تعالى نبياً لأنها تتناقض مع النبوة .
لكن النسيان مثلاً أو الخوف الذي هو من لوازم بشرية الإنسان يمكن أن يجري على النبي، الا ان الخاصية النبوية تقتضي أن يكون نسياناً خاصاً يتناسب مع النبوة وهو النسيان الذي يتعقبه الله مباشرة بالتذكير قبل ان يمر عليه وقت يكفي لاقتداء مقتد او فعلٍ من شخص رأى النبي يقول او يعمل عملاً أخل به النسيان. أو يكون نسياناً لا يتعارض مع الشريعة كحادث شخصي لا علاقة له بها. فيمكن ان ينسى النبي لانه بشر لكن لابد أن يُذكر لأنه نبي يقتدى به.
فالنبي بشر ولكن يوحى اليه كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ الكهف/110.
فالنسيان والخوف والحزن وأمثاله مما تثبت به بشريته، والتعقيب بالوحي مما تقتضيه نبويته.

عصمة الأنبياء تابعة لعصمة الشريعة :

إن الغاية من عصمة النبي عصمة الشريعة وحفظها. فعصمة الشريعة أصل وعصمة النبي فرع عن هذا الأصل. فليست العصمة لذات النبي. وإنما مقصود العصمة وغايتها حفظ الشريعة.
فقولنا بعصمتهم من الخطأ والنسيان ليس على إطلاقه: فقد يخطئ النبي بمقتضى بشريته. وقد ينسى كذلك أو يقع في دائرة المحظور كما ثبت ذلك بما قصه الله تعالى علينا في القرآن عن الأنبياء (عليهم السلام) كقوله: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً طه/115. وقوله: وعصى آدم ربه فغو ى طه/121
وقال عن موسى (عليه السلام) وهو يخاطب الخضر (عليه السلام): لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيت الكهف/73. وقد قتل القبطي متسرعاً فندم على ذلك وقال: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ القصص/16.

ولكنه كنبي -مكلفٍ بتبليغ شريعة كاملة- لا يقره الله تعالى على ما يناقض كمالها وحفظها. وإنما ينزل الوحي مباشرة فيصحح له ما وقع فيه من ذلك، فيحصل المقصود وهو حفظ الشريعة وكمالها.

الكمال المطلق من خصائص الرب :

فالخطأ والنسيان واللمم من لوازم بشرية الأنبياء، وبه تثبت هذه البشرية ويصلحون محلاً للإقتداء. وإلا فقد رفعناهم الى مقام الربوبية. فإن الكمال المطلق من كل الوجوه لا ينبغي إلا للرب سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وله المثل الأعلى ليس كمثله شيء لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.

ــــــــ

(1) يحاول البعض التهرب من القول بـ(العصمة) التكوينية. ولكن عند التحقيق لا تجد فرقاً مؤثراً بين الفريقين. وستجد في نهاية الكتاب بيان شافٍ لهذه المسألة.







من مواضيعي في المنتدى
»» رايات القاعدة في إيران تحرير أم سيناريو معاد مرير
»» بالصور عاشوراء 1438 تطور بدعي
»» المواجهة السعودية لإيران إنعطافة للطريق الصحيح
»» مليونا حاج على عرفة وكل عام وأنتم بخير
»» ها هي عشر من ذي الحجة فاغتنموها
 
قديم 28-05-17, 09:25 AM   رقم المشاركة : 4
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


العصمة اللاهوتية :

ونقصد بها: ان يكون المعصوم منزها عن كل نقصٍ في علمه وإرادته وعمله، فتكون عصمته كاملة من كل وجه، فيكون شبيهاً بالإله. وأن تكون هبة محضة من الرب دون جهد أو تكلف منه. فيكون النبي مجبولاً على هذا الكمال وممنوعاً منعاً ربانياً قدرياً من فعل ما يقدح فيه.
وهذا ممتنع عقلاً وشرعاً: فالكمال المطلق من خصائص الرب، كما قدمنا.
والهبة المحضة تتناقض مع المقصود من النبوة وهو التأسي والإقتداء لأنها تجعل الأنبياء مسلوبي الإرادة امام الأوامر والنواهي: يفعلون ما أمروا به ويجتنبون ما نهوا عنه بفعل من الرب لا باجتهاد وإرادة من أنفسهم. وهذا لو وهبه الله لكل إنسان لفعل فعل الأنبياء وكان مثلهم. ولكن الله وكَلَ غير الأنبياء إلى أنفسهم واجتهادهم فلم يستطيعوا ذلك مع أنه كلفهم أن يقتدوا بهم! فكيف يستقيم هذا؟!!
هل يصح عقلاً أن يعطى طالبٌ في أثناء الامتحان جهازاً يمكِّنه
من الاتصال خارج القاعة بمن ينقل له الأجوبة حرفياً ليأخذ درجة كاملة ثم يقال لرفاقه من الطلبة: اقتدوا بهذا الطالب؟!
إنهم سيقولون: أعطونا مثل ما أعطيتموه لنفعل مثل ما فعل.
إن القدوة ما لم يتكلف تحقيق الكمال لا يصلح ان يكون محلاً للاقتداء. ان الفهم اللاهوتي للعصمة يجعل الأنبياء كالآلة بيد محركها، او كالدمية التي تحرك بخيوط غير مرئية . هل تصلح آلة التسجيل أن نجعلها مثلاً يقتدي به الحفاظ إذا قصروا عنه لُمناهم وقلنا لهم: لماذا لم تحفظوا كما تحفظ هذه الآلة؟!

أهلية الأنبياء السابقة لاختيار الله :

تخبرنا نصوص الوحي أن الأنبياء عليهم السلام إنما اختارهم الله لأنهم أهل لتنزل النبوة عليهم. قال تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه  الأنعام/124. إذن المحل من الأساس صالح لتنزل النبوة فيه. وقد جاء هذا رداً على من اعترض قائلاً: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ. فالمعترضون غير صالحين لذلك، والله أعلم أي المحّلين أولى بفضله ونبوته.

إعانة الله لمن طلب :

يقول تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5).
وهذا أعظم قانون أنزله الله جل وعلا في كتابه ينظم العلاقة بينه وبين خلقه: فالخلق يعبدون الله ويتوجهون إليه في قضاء حوائجهم، فإذا فعلوا ذلك توجهت إليهم عناية الله فأعانهم وأمدهم بما يحتاجون إليه مما لا يقدرون عليه. والإعانة عمل مشترك: فأنت حين تريد حمل ثقل لا تقدر عليه وحدك تستعين أي تطلب الإعانة من غيرك فيعينك على قدر عجزك وحاجتك، فيكون الحمل بينكما مشتركاً. وهذه الآية تكشف لنا عن هذا السر: فالله سبحانه -حين تؤدي ما عليك ثم تطلب إعانته- يعينك. لكن إعانته لا تحصل إلا بعد أن تعمل الذي عليك عمله. فإذا فعلت كانت الإعانة. فإعانة الرب مبنية على استعانة العبد، وليس العكس بأن يعمل الرب ويقعد العبد.
ولهذا جاء في الحديث القدسي الذي يرويه البخاري ومسلم عن النبي  قال: يقول تعالى: (إذا تقرب العبد إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً. وإذا أتاني مشياً أتيته هرولة).

وتأمل ماذا قال تعالى عن نبيه يوسف (عليه السلام)؟ وكيف صرف عنه كيد النسوة فلم ينزلق إلى ما دعونه إليه من الفاحشة؟
وأن هذا الصرف لم يكن بمعزل عن تدخل يوسف واجتهاده في اتخاذ الاسباب الصارفة من تذكر نعمة سيده عليه، والتجائه الى الله بالدعاء والتضرع إليه، ثم استباقه الباب هرباً من زوجة العزيز، وتعففه واستعصامه بالله. ولقد كرهت نفسه الامر مع ميله إليه وهمه به حتى إنه فضل عليه السجن: وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ، وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (يوسف:23-25).
وقال الله عز وجل وهو يصور التجاءه اليه ودعاءه وإخلاصه في ذلك وصدقه في عدم استجابته لإغراء النسوة ومراودتهن، فسمع الله دعاءه وعلم أنه دعاء من قلب مخلص مستعصم به ملتجئ اليه منطرح بين يديه: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يوسف/ 33،34.

والاستجابة إنما هي للدعاء كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ولكن بشرط فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ البقرة/186.
فكان يوسف (عليه السلام) من هؤلاء الذين استجابوا لله وآمنوا به فهداهم الى الرشاد وعصمهم من الزلل. ولذلك ختم الآية بقوله: انه هو السميع العليم أي السميع للدعاء العليم بمن يستحق الإجابة. فكان يوسف (عليه السلام) أهلاً لها لأنه سعى في تحصيل أسبابها وقد علم الله منه ذلك فأجابه واستجاب له لأنه: هو السميع للدعاء العليمبالحال.
وكذلك ذكر الله عنه انه قال لأخوته: أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
لماذا؟ قال: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ يوسف/90 فمنة الله عليه إنما كانت لتقواه وصبره.

مجاهدة الأنبياء أنفسهم على طاعة الله تعالى :

قال مخاطباً نبيه محمداً :رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً مريم/65. والاصطبار افتعال وتكلف. وهذا يعني أن النبي  كان يتصبر لعبادة الله ، وأنه مأمور بذلك، لا مجبول عليه خلقاً وتكويناً.
وكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فينزل الله عليه قوله: طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى  (طه /1-2) ويقول له: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (الكهف/28).
وكان الله يخاطبه بقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً الأحزاب/1،
ويقول له: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ المائدة/49.
وتأمل قوله تعالى في هذه الآية: واحذرهم ان يفتنوك ..
واربط بينه وبين قوله في موضع آخر: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً الإسراء/73-75.

فالذي يوحى إليه هو الرسول لا غيره. ومضاعفة العذاب- لو حصل الركون المذكور- إنما هو لأنه نبي، وإذن فالخطاب لا يمكن أن يكون المقصود به غيره. وأما تثبيت الله له فلكونه يستحق ذلك بسابق طاعته وقربته كما قال النبي : (احفظ الله يحفظك). وهو داخل تحت باب: {من ثواب الحسنة الحسنة بعدها}، كما سيأتي.

ويقول تعالى لنبيه داود (عليه السلام) : يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ص/26. وحذر نبيه  وجميع الأنبياء (عليهم السلام) بقوله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر/65.
ودعا إبراهيم (عليه السلام) ربه بقوله: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ إبراهيم/35.

وهذا وأمثاله مما يدل على ان الأنبياء (عليهم السلام) يتكلفون الطاعة ويدعون الله أن يعصمهم مما يشين. يقول إبراهيم (عليه السلام) عن ربه: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ الشعراء/82.
ومن هذا الباب هم يوسف (عليه السلام) بامرأة العزيز. فقد تصور بعضهم ان هذا الهم مما يقدح في نبوته فراحوا يتكلفون له المخارج والتأويلات البعيدة وما دروا أنه لولا وجود مثل هذا الهم والميل في نفسه (عليه السلام) لما كان له فضل على غيره، ولما صلح ان يكون قدوة يتأسى به ولتحولت القصة الى مجرد تمثيلية أو مسرحية لا حقيقية لها!
فأي فضل لإنسان في اجتناب مخالفة لم يكن في نفسه داعٍ إليها أو ميل لها أو اشتهاء؟ وكيف يتخذ هذا مثالاً يقتدى به؟ وأي قدح هذا الذي يكون بسبب ميل قلبي؟ وهل يؤاخذ الإنسان او يلام على حديث نفسٍ لم يتكلم به ولم يعمل بمقتضاه؟!
كل ما في الأمر أن يوسف الشاب السوي المكتمل رجولة وشباباً مالت نفسه، لكنه نظر فوجد الله قريباً منه ناظراً إليه فاستحيا منه وصمم على الامتناع عن فعل ما همت به نفسه ومالت اليه. وهذا هو برهان ربه الذي رآه، وبه صرف الله عنه السوء والفحشاء. وهو أمر يستحق عليه الثناء العظيم فكان ما كان مما أخبر الله به من ذلك وهو يثني عليه.
قد يقال: إن الهم لم يقع من يوسف بدليل الآية، فإن الله يقول: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ.
و(لولا) حرف امتناع لوجود: فالهم لم يقع لوجود مانع هو رؤية البرهان. لكن هذا ضعيف للأسباب التي ذكرتها. وجملة (لولا أن رأى برهان ربه) مستأنفة، وليست متعلقة بما قبلها. ولذلك شاهد في السورة نفسها، وهو قوله تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (يوسف:94).
فجملة (لولا أن تفندون) مستأنفة غير متعلقة بما قبلها من قوله: (إني لأجد ريح يوسف): فإن يعقوب كان يجد ريح يوسف مع وجود تفنيدهم، كذلك الهم قد وقع مع وجود البرهان. والله أعلم.

وتأمل كيف يوصي الله نبيه بقوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ القلم/48. وهذا يعني ان الأنبياء عليهم السلام يتفاوتون في الصبر فمنهم من قصر فيه بحيث لم يكن أهلاً لأن يقتدى به رسول الله كيونس عليه السلام صاحب الحوت. ومنهم من بلغ فيه درجة عالية صلح بها لتلك القدوة كأولي العزم من الرسل فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُون  الأحقاف/35. ولهذا تفاوتت منازل الأنبياء ودرجاتهم وما ذلك إلا لتفاوتهم في الطاعة .
وهل يعقل أن مدح الله لأنبيائه بأنهم: كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ الأنبياء/90 يستقيم مع اعتقاد أن هذه المسارعة والخشوع والدعاء لا يملك الأنبياء عليهم السلام إزاءه اختياراً ولا يتكلفون جهداً، وإنما هو أمر مقدر عليهم من الله دون تدخل منهم استدعي هذا المقدور؟!

لقد اخبرنا الله بغير هذا، وأعلمنا في كتابه أن الأنبياء تقع لهم مع الله أشياء لا يرضونها لأنفسهم ولا يرضاها هو لهم فيسارعون بالتوبة والاستغفار وقد يعاقب أحدهم على فعله، فتكون المغفرة بتلك التوبة والاستغفار أو بتلك العقوبة، كما أخبر عن نبيه موسى حينما قتل نفساً بغير حق فقال تائباً مستغفراً: قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ القصص/16
وقال عن نبيه يونس :فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ أي مرتكب لما يلام عليه 
فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ الصافات /142-144.







من مواضيعي في المنتدى
»» بعد سرقة ثورة السنة هيئة الضاري والمجلس العسكري يسرق الحكم لتعيده للصفوية
»» بعد أمر العبادي بتكثيف القصف/ لإبادتها في يوم واحد200 صاروخ على الفلوجة
»» رداً على داعش / مبادرة صلوات الجمعة مع الروافض
»» ما سبب كتمان الدين؟ ولماذا عجز الأئمة عن التبليغ ؟
»» المرجع كاظم الحائري يسقط سند رواية نيابة المهدي لسفيره من أجل ولاية الفقيه
 
قديم 28-05-17, 09:26 AM   رقم المشاركة : 5
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


قدر الله حكيم وفضله لا يضعه إلا موضعه :

لقد اخبرنا الله جل وعلا أن الخير كله منه، وأن الفضل كله له كما قال: وما بكم من نعمة فمن الله النحل/53. ولكن أخبرنا كذلك أن الخير والفضل لا يضعه الله الا في موضعه الذي يستحقه، ومحله الذي يليق به فلا يقع مواقعه دون ضابط أو قانون وضعه بمقتضى عدله وحكته وعلمه. وهو ما يعبر الله عنه بلفظ( السنة) فيقول مثلاً: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً الأحزاب /38 ويقول: وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً الأحزاب/62.
ومن ذلك قوله تعالى:  إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ *
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ الأنفال/22-23.
فالمحل من الأساس غير صالح لتنزل الهداية والفضل.
وقال في مقابل هذا عن صنف آخر من عباده( 1) : فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً الفتح/26.
فلا يظنن ظان ان قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء فاطر/8
أو قوله: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً الكهف/17،
أو قوله: وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ الأنعام/39، وأمثالها يعني أن الهداية والإضلال بمحض المشيئة دون فعلٍ أو سبب من العبد يستدعيه أو به يستحقه.

إن كلام الله يفسر بعضه بعضاً وخيراً من يفسر كلام الباري هو الباري نفسه جل وعلا.
يقول تعالى في مواضع أخرى مفسراً هذه المشيئة: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ * ويقطعون ما أمر الله الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ البقرة/26-27.
فالضلال شاءه الله لهؤلاء، فمن أراد هدايتهم ما داموا على فسقهم فلن يستطيع لأن مشيئة الله لا غالب لها كما قال تعالى: وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً الكهف/17،
وكما قال: : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ القصص/56
وقد شاء الله لهؤلاء الضلال وقدره عليهم بسبب فسقهم وأعمالهم البطالة.
يقول تعالى:  كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ غافر/34،وأمثالهم كثير.
ويقول كذلك: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الرعد/27.
فسابق الإنابة اقتضى فضل الهداية.
ويقول: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا البقرة /213. ويقول إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ يونس/9. ويقول تعالى وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ آل عمران/101.
كما شهدت بمثله زوجة العزيز ليوسف (عليه السلام) قائلة: وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَيوسف/32، فلما أستعصم بالله والتجأ اليه عصمه. فعصمة الله لكونه أستعصم به وطلب منه أن يعصمه ودعاه والتجأ اليه التجاء المضطرين الصادقين قائلاً: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يوسف/33-34.
ففضل الله بأهله أولى، والخذلان بمن يستحقه أحرى، وقدر الله ليس أعمى. بل هو كما قال المولى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَبَ بِالحُسْنَى * فسَنُيَسْرُهُ لِلعُسْرَى الليل/5-9.
لذلك يقول جل وعلا : الله أعلم حيث يجعل رسالته رداً على من قال: لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ الأنعام/124.

من ثواب الحسنة الحسنة بعدها: سنة من سنن الله :

من سنة الله تعالى في عباده: أنه من عمل حسنة أثابه الله عليها. ومن هذا الثواب أن يوفقه لعمل حسنة أخرى بعدها تكون الأولى سبباً لها! وكذلك من عقوبات السيئة السيئة بعدها. ولذلك قال العلماء: من ثواب الحسنة: الحسنة بعدها، ومن ثواب السيئة: السيئة بعدها. إنها سنة لا تتبدل وقانون لا يتخلف، ذكره الله كثيراً في كتابه وعلى لسان رسوله كما قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ العنكبوت/69.
فالهداية قدرت هنا ثواباً على سابق المجاهدة. وقال: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون السجدة/24. فـ(بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين) فلم تكن هبة محضة.

وقال: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ المائدة/16. وقال: واَلَذينَ أهْتَدُوا زَادَهُم هُدى محمد/17. وقال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُون البقرة/152. وقال: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانا  الأنفال/29.
وهكذا … بذور الخير في صالح تربة القلب تنتج ثمار الفضل برعاية الرب.
وفي المقابل يقول الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ الصف/5، ويقول:فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضا البقرة/10. وهكذا.. الثمرة الخبيثة نتاج بذرة خبيثة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إبراهيم/27.
وتأمل قوله تعالى عن صحابة نبيه  وهو يخاطبهم قائلاً: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الحجرات/ 7،8. أي ان الله حكيم لم يضع هذا الفضل وهذه النعمة الا حيث علم أن من جعلهم محلاً لها أهل لذلك. فالله حكيم يضع الشيء موضعه، عليم لا تخطئ حكمته موضع علمه.
وبمقتضى هذه السنة او القاعدة وأمثالها يعصم الله أنبياءه ويحفظ أولياءه كما قال تعالى: (احفظ الله يحفظك) . (2) وبها يفسر قوله تعالى وأمثاله: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً الإسراء/74، فإن الله تعالى يقول:  يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إبراهيم/27.
فسابق الإيمان هو الذي اقتضى التثبيت، وسابق الظلم اقتضى الخذلان والإضلال. فكيف اذا كان الإيمان السابق إيمان أعظم النبيين وأول المؤمنين؟!
فعصمة الأنبياء عليه السلام ليست هبة محضة: ولا قدراً خالصاً معزولاً عن شخصية المعصوم.
ـــــــ

(1)هم الصحابة (رضي الله عنهم) الذين بايعوا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة. وكانوا ألفا وأربعمائة نزلت في حقهم سورة الفتح.
(2) رواه الترمذي وأحمد.







من مواضيعي في المنتدى
»» ذبها براس عالم واطلع منها سالم / لماذا يقولها مقلدي المراجع ؟
»» خالد الملة يثني على السيستاني وموقعهم يروج خرافة ظهور دم الحسين!
»» بسّام جرّار- تفسير " وأمرهم شورى بينهم" - الخليفة
»» مسألة حيرتني : ما الدليل عندكم على أن فاطمة أسقطت محسن؟
»» روابط سلسلة تخريب العراق في ظل حكم الشيعة
 
قديم 28-05-17, 09:27 AM   رقم المشاركة : 6
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


سلب الإرادة ينفي الأفضلية ويمنع التأسي :

فما ميزة الأنبياء عن غيرهم اذا كانوا مسلوبي الإرادة والقدرة على فعل الذنب أو تركه؟
إن الأفضلية تكمن في قدرة الإنسان وتمكنه من فعل المحظور مع ميل نفسه إليه، ثم تركه رغم ذلك خوفاً من الله، كما قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى  النازعات/40-41. فلولا وجود الهوى يكون النهي عن ماذا؟ .
وليس العيب في كون النفس تهوى وتشتهي وتتمنى، وإنما العيب في تحصيل المشتهى والعمل بالهوى. فمن لجم نفسه عن هواها وألزمها هداها فنعم العبد هذا.

وأما وجود الهوى في النفس فلأجل ان تتجلى هذه الخاصية العظيمة وهي نهي النفس عن الهوى ليتميز من خاف مقام ربه عن غيره وإلا فلولا وجود الهوى – كما قلت- يكون النهي عن ماذا؟ يقول تعالى لعبده ونبيه داود: يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ص/26. فجعل تعالى اتباع الهوى هو المذموم، وليس الهوى نفسه.
وإلا فما فضل العنين في ترك الزنا؟ وهو لا يقدر عليه ولا نفسه تميل اليه. وهل يمدح إنسان يريد ذلك وغيره قد منعه منه بتقييد يديه ورجليه؟!
وما فضل المشلول في ترك الهزيمة عند الخطر؟ او الأعمى في عدم النظر؟!
وإذا كان المعصوم يفعل الطاعات، ويجتنب السيئات بفعل من الله جبراً دون اختيار، فعلام يثاب؟ وعلى أي شيء يكون الثواب؟!

ان الله لا يعطي أحداً حسنة واحدة على جمال وجهه أو نضارة خده، ولا نبض قلبه أو عمل كبده. ولا يعاقبه على صلع رأسه أو قصر قده، ولا ارتفاع ضغطه او تقرح معدته لأنها أمور جبرية لا اختيار له فيها. وكذلك فعل الطاعات واجتناب السيئات إذا لم يكن للعبد أو النبي اختيار وتكلف في تحصيلها، بل هو كالعصا بيد من يضرب بها ليس لها من فعل الضرب إلا إنه يقع بها وإلا فالفاعل الحقيقي هو المسخر لها والضارب بها.
وحينئذ فسائر الناس أفضل من الأنبياء، فكيف يستقيم هذا مع مدح الله لهم وأمره وعباده بالاقتداء والتأسي بهم؟!( 1)

الهبة المحضة لا يكلف بما ترتب عليها غير الموهوب :

للنبوة مكملات ولوازم لابد منها لحفظ الشريعة يهبها الله للنبي، ولكنه لا يكلف بها أمته لأن الهبة المحضة –كما أسلفنا- تتنافى مع الاقتداء.
من الأمثلة على ذلك تمكين النبي صلى الله عليه وسلم من حفظ القرآن وجمعه في قلبه دون تكلف منه، بل نهاه الله عن هذا التكلف في محاولة الحفظ وعدم النسيان وأخبره أن هذا الأمر تكفل الله له به فقال: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ القيامة/ 16-19.
ومثله ما أعطاه الله لنبيه من قدرة تمكنه من مواصلة الصيام من غير سحور ولا فطور. فهذه امثلة من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لم يكلف بها أحد من الأمة غيره .
ومثله ما كان من صرف النبي للحرس الذي كان يحرسه لأن الله تعالى تكفل له بحمايته وضمنها له بقوله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ  المائدة/67.
فلما نزلت هذه الآية وقد كان النبي يحرس حتى نزلت هذه الآية: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ  فأخرج رأسه من القبة فقال: [يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله]( 2).

وبما أن هذه العصمة ( الحماية من القتل) هبة من الله خاصة برسول الله فإن ما ترتب عليها – وهو صرف الحرس- خاص به أيضا لا مجال للاقتداء به من قبل احد من الأمة. فلا يصح ان يقال لغيره لا تتخذ حرساً اقتداء بالنبي .
وهكذا لو كانت عصمة النبي من الأخطاء والذنوب قد تكفل الله بها وضمنها له قدراً وتكويناً وهبة محضة دون تدخل أو تكلف منه فإن ما ترتب على هذه الهبة –وهو اجتناب الاخطاء والذنوب- يكون خاصاً بالنبي وحده، فلا يصح ان يقال لغيره : اجتنب الاخطاء والذنوب اقتداء بالنبي .
وإذا تبين هذا.. تبين بطلان العصمة اللاهوتية التي افترضت للأنبياء عليهم السلام فضلاً عن غيرهم.

نستدل ثم نعتقد.. ولا نعتقد ثم نستدل :

ونحن -إذ نفسر العصمة بما نفسره به– إنما نقول بمقتضى الأدلة. فالأدلة هي الأصل ونحن وراءها بالتبع. فأهل الحق يستدلون ثم يعتقدون. وأما غيرهم فيعكسون الأمر: يعتقدون ثم يستدلون! وبهذا يجعلون الشرع تابعاً لا متبوعاً، ويقدمون بين يدي الله ورسوله.
فكون الأنبياء عليهم السلام لا يقع منهم خطأ ولا تقصير ولا سهو ولا نسيان -هذا رأي ارتأوه بعقولهم أولا ثم بعد ذلك راحوا يبحثون في الأدلة الشرعية عما عساه يوافق هذا الرأي بأي وجه من الوجوه لا عقيدةٌ استنتجوها من هذه الأدلة وبنوها عليها.
وسيأتي – ان شاء الله – بيان الأدلة النقلية القطعية على نقيض ما ذهبوا اليه. وبه يتبين ان ما ذهبوا اليه مجرد افتراض سابق على الأدلة، وأن أدلتهم محض شبهات لا سند لها.

ــــــ

(1) يروي الكليني عن أبي عبد الله (ع) قال: ان الخلق منيحة يمنحها الله عز وجل خلقه: فمنه سجية ومنه نية. فقلت: أيهما أفضل؟ فقال: صاحب السجية هو مجبولُ لا يستطيع غيره.. وصاحب النية يتصبر على الطاعة تصبراً.. فهو أفضلهما. الأصول2/101.
(2) رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب. وجاء في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" : قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: وإسناده حسن واختلف في وصله وإرساله، والحديث أخرجه أيضاً ابن أبي حاتم وابن جرير والحاكم في مستدركه. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.







من مواضيعي في المنتدى
»» شبهة افتضاح نفاق عمر بسؤاله حذيفة بن اليمان
»» حصيلة حملة اغتيالات نازحي الأنبار في أسبوع واحد
»» اليد الخفية وراء صناعة الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والتشيع ؟
»» سر الحقد الشيعي على الفلوجة
»» قصيدة الشيخ علي البصري/ لا لن أقول لأمّهِ: لا تحزني
 
قديم 28-05-17, 09:28 AM   رقم المشاركة : 7
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


عمدة أدلة أصحاب العصمة اللاهوتية :

قالوا: ان وقوع الخطأ من النبي يناقض عصمة الشريعة وحفظها، من حيث ان قول النبي وفعله تشريع، فإذا جاز الخطأ في قوله وفعله جاز الخطأ على الشريعة فلم تكن محفوظة.
ونقول: ان هذا الاعتراض لا يصح الا بشرط هو إقرار الوحي وعدم التنبيه .. فعند ذلك فقط يجوز الخطأ على الشريعة. وهذا الشرط معدوم فلزم من عدمه عدم لازمه وهو جواز الخطأ على الشريعة، اذ ثبت بالنصوص الشرعية القطعية أن الوحي –عند وقوع النبي فيما لا ينبغي- ينزل من دون تأخير فيصحح للنبي ما وقع فيه من خطأ فيستقر الحكم الشرعي على مراد الله تعالى، وتبقى الشريعة معصومة لم يؤثر فيها ما بدر من النبي لأن الوحي صحح له ذلك انتهاء.
فانتقضت هذه الشبهة والحمد لله.

واحتجوا على عدم جواز وقوع الذنب بشبهتين:

الأُولى : قالوا: ان الله أمر باتباع الرسل والتأسي بهم. وذلـك يستلزم أن تكون اعتقادات الرسول وأفعاله جميعاً طاعات. فإنه لو جاز وقوع الذنب منه لحصل تناقض في واقع الحال. اذ يقتضي هذا ان يجتمع النهي عن الذنب مع الامر بفعله من حيث أن الذنب فعل، وفعل النبي مأمور به. ولكن الذنب -في الوقت نفسه- منهي عنه فاجتمع الأمر والنهي في قضية واحدة وهذا محال: إذ كيف يأمر الله بشيء وينهى عنه في وقت واحد؟ والذنوب كذلك تمنع التأسي وتدعو الى التنفير.

ونحن نقول : ان قولهم لا يصح أيضاً الا بشرط هو بقاء الذنب خافياً غير ظاهر، بحيث تختلط علينا الطاعة والمعصية. وهذا الشرط معدوم فانعدم الاعتراض بانعدام شرطه،. فإن الله ينبه أنبياءه الى ما بدر منهم من مخالفة ويوفقهم الى التوبة منها دون تأخير. فالتنبيه يمنع الأمر بالمعصية مع كونها منهياً عنها. ومسارعة النبي الى التوبة من غير تسويف يفيدنا التأسي بهم في حالة وقوعنا في المعصية وذلك بالإسراع بالتوبة والاستغفار وعدم التأخير لأننا مأمورون بالتأسي بهم، وهو هنا يكون منصباً على المبادرة الى التوبة لا على الوقوع في المعصية، فلم يعد الذنب داعياً للتنفير ومانعاً من التأسي-هكذا قال العلماء الأثبات- .

والشبهة الثانية: ان هؤلاء توهموا أن الذنوب هذه تنافي الكمال، وأنها تكون نقصاً وإن تاب العبد منها. وهذا غير صحيح. فإن التوبة تغفر الذنب ولا تنافي الكمال ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم. بل ان العبد في كثير من الأحيان – وهذا حال الأنبياء الكـرام عليهم السلام – يكون بعد توبته خيراً منه قبل معصيته. وذلك لما يكون في قلبه من الندم والخشية، ولما يجهد به نفسه من الاستغفار والدعاء، ولما يقوم به من صالح الأعمال يرجو بذلك أن تمحو الصالحاتُ السيئات كما قال بعض العلماء: كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة. وهكذا كان آدم عليه السلام.

وفي الكتاب الكريم: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ البقرة /222.
ومعلوم انه لم يقع من نبي ذنب إلا وسارع إلى التوبة والاستغفار. يدلنا على ذلك أن القرآن الكريم لم يذكر ذنباً لنبي الا وذكر ذلك عنه: فآدم (عليه السلام) لما عصى بادر -هو وزوجه- إلى التوبة قائلين: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الأعراف/23. وموسى (عليه السلام) لما قتل القبطي سارع طالباً المغفرة قائلاً: قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ القصص16. وداود (عليه السلام) ما كاد يشعر بخطيئته حتى اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ ص/24.
فالأنبياء (عليهم السلام) لا يُقَرون على ذنب، ولا يؤخرون التوبة. وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها.

ثم ان الذنوب لم تقع منهم الا على وجه الندرة. وبهذا لا يحصل منع من التأسي بهم. بل العكس هو الحاصل. ولا تنفير منهم لأن التنفير قد يحصل مع الإصرار والإكثار. فاللمم الذي يتاب منه ويستغفر مما يعظم به الإنسان عند أولي الأبصار، هكذا قال المحققون من العلماء.
ثم إن القول بعدم صدور الذنب من الأنبياء مطلقاً يستلزم حرمانهم من عبادة الله بالتوبة والاستغفار، وسلبهم ما أعطاهم الله من الكمال وعلو الدرجات بحقيقة هذه العبادة، والانتقال من كمال الى ما هو أكمل منه. بل ذلك يستلزم تكذيب النصوص الكثيرة التي وردت بذلك وبتوبتهم واستغفارهم. ولا يتحصل ذلك الا بتحريف الكلم عن مواضعه، او التكلف في تفسير النصوص، والتمحل في تطويعها على قاعدة (يعتقدون.. ثم يستدلون).

الخطيئة مع التوبة الصحيحة كمال لا نقص فيه :

فإن التوبة إذا خلصت تمحو الذنب وتنقل العبد الى حال أكمل من الحال التي كان عليها قبله. وذلك لما يتولد في القلب من الندم والخشية والخوف والخجل والحياء من الله والانكسار بين يديه والتذلل له والتضرع اليه والعمل على تكفير الذنب ومحوه بالضد من جنسه من الأعمال. فما من عبد يفعل ذلك تائباً مؤمناً محتسباً الا ومحيت خطيئته بل استحالت سيئته وتبدلت حسنات. فماذا بقي منها؟ وعلى أي شيء يلام بعدها؟!
أما قال الله في مثل هذا: إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الفرقان/70.
ولهذا فان الله تعالى يذكر ذنوب بعض أنبيائه الكرام بصيغـة المدح (1)
والمدح ليس على الذنب نفسه وإنما على الحالة بمجموعها. وهذا يعني ان الذنب الذي تعقبه التوبة الصادقة كمال يمدح عليه صاحبه لا نقص يعاب عليه او يتوجه بعده اللوم اليه.

تأمل كيف يمدح الله نبيه سليمان عليه السلام في معرض ذكره تأخيره الصلاة عن وقتها، ولا يوجه اليه أدنى لوم او عتاب! بل يشغل الموقف كله بالثناء عليه، والتأكيد على الصورة الرائعة للطريقة التي كفَّرَ بها عن ذنبه، فكأنه والحالة هذه لم يفعل شيئاً سوى الجميل الذي يستحق عليه الثناء، والإحسان الذي يستحق عليه الثواب، لأن التوبة محت الذنب و.. زيادة.
ألا ترى كيف ضحى بمحبوبه الذي أحبه ذلك الحب الذي أذهله عن صلاته وذكره لمحبوبه الحقيقي (الله جل وعلا) فنحر الخيل كلها تقرباً الى الله وطلباً لرضاه، فغفر الله له ورضي عنه الى الحد الذي صار ذلك الفعل حسنة يمدح عليها، فيقول: وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ( ). ص/30-33.
وكذلك داود عليه السلام يذكر الله خطيئته ويعقب عليها مادحاً إياه قائلاً: وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ص24-25.

ــــ
( 1) روى ابن بابويه القمي عن جعفر الصادق (ع) أنه قال: إن سليمان بن داود عليه السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها -فقيه من لا يحضره الفقيه 1/129.







من مواضيعي في المنتدى
»» بسبب الهجمات الإرهابية المليشياوية في بغداد الوقف السني يهدد بغلق مساجدنا!
»» عندما أبكانا الشيعة في عاشوراء
»» سلسلة تخريب العراق/ التدخل الإيراني السياسي وضلوعها في أحداث العنف
»» أستمع إلى الحقيقة / مناف الناجي النموذج المثالي
»» سلسلة تخريب العراق/ أسباب الاحتلال الإيراني للعراق
 
قديم 28-05-17, 09:29 AM   رقم المشاركة : 8
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


حسنات الأبرار سيئات المقربين :

ينبغي ان يعلم ان ذنوب الأنبياء (عليهم السلام) وأخطاءهم ليست كذنوب غيرهم. وإنما هي –في غالبها- تدخل في باب: (حسنات الأبرار سيئات المقربين). فإن عامة ما بدر منهم إنما اعتبر في حقهم تقصيراً بالنظر الى علو منزلتهم وقربهم من الله بالنسبة الى غيرهم، والا فهي في حق ذلك الغير قد تعتبر حسنات يمدحون عليها. فالعتاب والحساب على قدر القرب ودرجة الانتساب. وهذا متعارف عليه وشائع بين البشر، فما يعتبر فضلاً في صديق عابر قد يعتبر تقصيراً إذا صدر من أخ أو صديق حميم. وقد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه الأجير.

وقد يجيب طالب بجواب يحوز الإعجاب لو صدر مثله من أستاذه لذم عليه! وهكذا. فما فعله ذو النون عليه السلام وعوقب عليه من التقصير في الصبر المطلوب على دعوة قومه وتركهم قبل ذلك حتى ان الله تعالى نهى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم عن التأسي به في هذا الأمر فقال: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ القلم/48 لو فعله داعية من الدعاة غير الأنبياء لربما اعتبر في حقه حسنة يثاب عليه،
أو فضيلة يمدح من اجلها.
وكذلك ما عاتب الله النبي صلى الله عليه وسلم من العبوس في وجه الأعمى والإعراض عنه فقال: عَبَسَ وَتَوَلَّى * إنْ جَاْءَهُ ألأعْمَى  عبس/1،2 فإنما لعلو منزلته وكمال خلقه اعتبر مثل هذا قدحاً فيه يستحق العتاب عليه.
وهذا وامثاله مما يدل على ان ذنوب الأنبياء إنما اعتبرت ذنوباً لشدة قربهم الى الله، وان لم تكن في حق غيرهم كذلك.
ومهما يكن من أمر فهي بهذا الاعتبار ذنوب لأنها لا تليق بمنصب النبوة: فما كان لهم ان يفعلوها وهم في مثل هذا المنصب وهذا القرب. على أنه ليست جميعها يمكن حملها على هذا المحمل كأكل آدم (عليه السلام) من الشجرة، او قتل موسى (عليه السلام) للرجل، او إلقائه الألواح من يده .

وبهذا يتبين أن قول بعض العلماء بأن أخطاء الأنبياء وذنوبهم معناها فعلهم خلاف الأولى ليس على إطلاقه.

نظرة المشركين اللاهوتية للنبوة والأنبياء :

اعتقد المشركون أن الأنبياء لا ينبغي ان يكونوا من جنس البشر، وأن النبوة لا تعطى الا للملائكة أو على الأقل لمن يكون كالملائكة. ويضفى على النبي من المواصفات والقوى والخوارق والكمالات ما يرفع به فوق مستوى الجنس البشر. كما اخبر الله عز وجل عنهم في مواضع عديدة من كتابه الكريم كقوله : وَقَالُوا مَالِ هَذَا
الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاق الفرقان/7.
وقوله:وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ الأنعام/8.
وقوله: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَراً رَسُولاً * وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً  الإسراء/90-95،
وهذا كله عن قريش.
وأما قوم نوح (عليه السلام) فقالوا: مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأوَّلِينَ  المؤمنون/24.
وقال قوم صالح (عليه السلام): مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ المؤمنون/ 33،34.
وقال فرعون وقومه: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ المؤمنون/47. وفرعون اعترض على نبوة موسى لكونه قاتلاً: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ الشعراء/19.

وهكذا تخيل الكفار والمشركون الأنبياء كمخلوقات فوق مستوى البشر. فالذين رأوا منهم الأنبياء وعاشروهم ثبت لهم بالمشاهدة والملموس أنهم ليسوا كذلك فكان هذا سبباً لإنكارهم نبوتهم وكفرهم بهم.
وهؤلاء الذين اثبتوا للأنبياء العصمة اللاهوتية انطلقوا من النقطة نفسها والمبدأ عينه. فكلا الفريقين تصوروا الأنبياء فوق البشر، الا ان أولئك لما لم يجدوهم كذلك أنكروهم، وهؤلاء لم تحتمل عقولهم أن يكونوا كذلك فأضفوا عليهم صفات وخصائص من عندهم ليست موجودة في النصوص الشرعية كي يوفقوا بين إيمانهم بهؤلاء الأنبياء ونظرتهم المسبقة عنهم .
والفرق بين الفريقين أن الأولين عاينوهم فلم يجدوا فيهم هذه المواصفات التي تطابق نظرتهم فأنكروا كونهم أنبياء، والآخِرين لم يروهم فقالوا: لا بد ان يكونوا كذلك والا لم يكونوا أنبياء. ولو عاينوهم لأنكروهم.







من مواضيعي في المنتدى
»» فضائح النفط الممنوعة ومملكة شركة مصافي الجنوب لصاحبها عبد الحسين ناصر
»» خالد العبيدي ونشر غسيل مجلس النواب، موثقة باليوتيوب
»» بين ساحات الاعتصام السنية وتظاهرات الشيعة سلوك ووقفات
»» الوصية كانت لأبي بكر في رزية الخميس / أين الروافض؟
»» دولة المليشيات والتشييع /تهديد سنة ديالى برفع رايات الشرك أو التهجير والقتل
 
قديم 28-05-17, 09:30 AM   رقم المشاركة : 9
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


الفصل الثاني
الأدلة النقلية على بطلان العصمة اللاهوتية

سأورد –في هذا الفصل- بعض الآيات القرآنية التي تدل على ما أسلفته من الكلام عن عصمة الأنبياء (عليهم السلام):

الخوف :
قال الله تعالى مخبراً عن نبيه موسى (عليه السلام) أنه قال:فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُم الشعراء/21.
وقال عنه أيضاً: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى طه/67، فلما خاف طمأنه الله قائلاً: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى طه/68. وقد خاف من العصا حين انقلبت حية وكان ذلك في حضرة الباري فقال له سبحانه: يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ النمل/10،11. أي ان الخوف في حضرة الله ليس من خلق المرسلين. والظاهر أن سابقة الظلم بالقتل كانت هي السبب في هذا الخوف.

النسيان :
قال تعالـى مخاطباً نبيه محمداً  : سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى * إِلا مَا
شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى  الأعلى/6-7. وقال: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ
نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا البقرة/106.
ونسي موسى عليه السلام مرات في قصته مع الخضر كما قال تعالى: قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيت الكهف/73. وقال عن يوشع : فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَه  الكهف/63 وقال: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً طه/115.

الغضب :
قال تعالى: فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً طه/86. وقال: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً الأنبياء/87.
وقد يبلغ الغضب بالنبي حتى يخرجه إلى ما لا ينبغي! كما حصل لموسى حين رجع إلى قومه فرآهم يعبدون العجل فما كان منه إلا أن رمى كتاب الله تعالى (الألواح) وقذف به أرضاً!! ليس هذا فحسب وإنما أخذ برأس أخيه النبي الأكبر هارون يجره إليه كما اخبر الله تعالى عنه بقوله: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْه الأعراف/150.
وقال عن هارون: قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي طه/94.
وقال: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ الأعراف/154.

القتل :
قال تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ القصص/15-16.
ومع هذا نسي في اليوم الثاني وكاد ان يقتل رجلاً آخر رغم وعده بعدم تكرار الفعل حيث قال: رَبِّ بمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ(القصص:17). ورغم علمه بأن الذي استغاثه على هذه الصفة (غوي مبين) -ومثل هذا لا ينبغي أن ينصر إلا أنه استجاب له! فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ القصص/19.

ظلم النفس :
كما قال تعالى عن آدم (عليه السلام):قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الأعراف/23.
وقال عن موسى (عليه السلام) : يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ
الْمُرْسَلُونَ * إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ  النمل/10-11. وقال: قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي القصص/16.

التقصير في الصبر :
كما وعد موسى الخضر بالصبر عن السؤال عمّا لم يُحط به علماً، ولكنه لم يصبر –كما وعد- فقال له الخضر : أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً الكهف/72. إلا أن موسى ظل يسأل ويعترض حتى قال له الخضر : هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً الكهف/78.
ويونس  ترك قومه قبل أن يؤدي نحوهم جميع ما يجب عليه كنبي، بل نفد صبره وذهب مغاضباً لهم كما قال تعالى :وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ الأنبياء/87.
وقال عنه: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ الصافات/42. مليم: أي مكتسب لم يلام عليه. حتى ان الله تعالى نهى نبيه محمد عن التأسي به في صبره فقال: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ
القلم/48-49.

طلب ما لا ينبغي :
كما طلب موسى  رؤية الله تعالى ظاناً أن ذلك ممكن في الدنيا، وهو ظن خطأ ولا شك. قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فرد الله عليه طلبه: قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ  الأعراف/143.
ونوح طلب من ربه نجاة ابنه الكافر وهو مما لا ينبغي كما قال تعالى: وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ هود/45 فرد الله طلبه ولامه عليه بشدة وقَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين هود/46. فاستغفر نوح ربه واعتذر من فعله وقَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ هود/37.







من مواضيعي في المنتدى
»» شاهدوا هروب العضو الامم الاخلاق من محاورتي
»» مع أثير الكراهية / أن تصبح قنوات صفا ووصال شماعة العنف الشيعي هي الطائفية
»» لكل مسلم نداء عاجل وهام ذودوا عن عرض نبينا محمد صلِّ الله عليه وسلم
»» نتائج حمير الوطنية / مداخلة الشيخ طه الدليمي في صفا بعد مجزرة مسجد مصعب بن عمير
»» جعفر السبحاتي يفشل عصمة الأنبياء وينسبها لغير المعصومين/نقد(عصمة الأنبياء في القرآن)
 
قديم 28-05-17, 09:30 AM   رقم المشاركة : 10
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


الاختلاف بين الأنبياء في الاجتهاد :

كما اختلف موسى ع مع هارونفكان من رأي هارون -حينما عبد قومه العجل– البقاء معهم ريثما يرجع موسى، بينما رأى موسى أن الواجب على هارون تركهم واللحاق به، حتى إن هذا الخلاف كان سبباً في اعتراض موسى إلى حد العراك مع هارون كما قال تعالى مخبراً عنهما فقال:
قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ  طه/92-94.
وهذا اختلاف في واقعة واحدة، في وقت واحد، والرأيان متعاكسان، وصاحبهما نبيان من أنبياء الله الكرام! وقد وصل الخلاف الى حد الشجار!!
واختلف داود ع مع سليمان ع فرأى كل منهما رأياً يختلف عن رأي صاحبه في قضيت الزرع الذي نفشت فيه غنم القوم وكان الذي أصاب عين الحقيقة سليمان وليس داود كما اخبر الله تعالى عنهما بقوله: وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ الأنبياء/78،79.

التسرع في الحكم قبل سماع قول الخصم :

كما حكم داود لأحد الخصمين قبل ان يسمع قول صاحبه وهذا مما لا ينبغي للقاضي. قال تعالى: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ هكذا حكم له ونسب الظلم الى خصمه دون أن يتبين حقيقة حاله وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ فكان ما فعله يحتاج الى استغفار. فلما استغفر قال تعالى: فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ص/21-26.

الذهول عن الصلاة حتى فوات وقتها :
كما حصل لسليمان ع وكان سبب ذلك استعراضه للخيل فذهل عن صلاة العصر حتى غابت الشمس!
قال تعالى: وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ ص/31-33.
روي عن جعفر الصادق (ر) أنه قال: إن سليمان بن داود عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها( 1).

رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم
الحكم بسبب الظاهر :

كما وقع له مع (طعمة بن أبيرق) المنافق الذي سرق درعاً من جار له ثم اتهم بها يهودياً، وشهد له قومه زوراً، وسألوا الرسول ان يجادل عن صاحبهم فقال للذي اتهم طعمة: (عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح وترميهم بالسرقة على غير ثبت وبينة!). فانزل الله جل ذكره آيات من القرآن الكريم تبرئ اليهودي، وتثبت التهمة على المنافق. وتنهى النبي  عن أن يكون لمثله خصيماً، وترشده إلى الاستغفار من ذلك كما أخبر تعالى فقال: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً *
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً * هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً -إلى قوله- وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً النساء/105-113.
وهذا كما قال تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ التوبة/101.

التلكؤ في تنفيذ الامر حياءاً من الناس :
كانت زينب ابنة عمة رسول زوجاً لزيد بن حارثة وقد ساءت العلاقة بينهما. فأمر الله تعالى رسول الله بالزواج منها بعد تطليقها من زوجها الذي كان ابناً للنبي بالتبني. وقد كانت العرب تستعيب هذا الزواج وتحرمه. فصعب على نفس الرسول ما امره الله به، وتحرج منه تحرجاً شديداً وتثاقل من فعله حتى نزلت الآيات من عند الله تلومه على تلكؤه وتعاتبه كما قال تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً * مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً الأحزاب 37-40.

الهم بفعل خلاف مراد الرب :
كما حصل عندما أراد النبي أن يستغفر لعمه أبي طالب فنهاه الله عن ذلك بقوله: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ التوبة/113.
ومنها قوله: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً الإسراء/73-75. أي ضعف عذاب الحياة وعذاب الممات.

الاستغفار للمنافقين :
كما استغفر لابن سلول ظناً وأملاً بأن يكون ذلك نافعاً له. فأنزل الله في ذلك قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ التوبة/80. ولما صلى عليه ووقف على قبره داعياً الله انزل عليه قوله :وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِإِنّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ التوبة/84.
الإذن للمخلفين عن الجهاد
يقول تعالى معاتباً نبيه على إذنه لمن أراد التخلف عن الجهاد معتذراً بأعذار شتى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ التوبة/43.

أخذ الفداء من أسرى بدر :
قال تعالى معترضاً على رسوله لما اخذ الفداء من الأسرى ولم يقتلهم: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ أي لولا قضاء من الله سبق في أن لا يعذب مجتهداً قبل ورود النص لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ الأنفال/67،68. وهذا اجتهاد وخطأ، بلا شك.

تحريم ما احل الله له :
وذلك حينما حرم على نفسه العسل إرضاء لبعض أزواجه (رضي الله عنهن أجمعين) فأنكر الله عليه ذلك وانزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ التحريم /1. ثم بين لهكيف يخرج مما دخل فيه من هذا التحريم وذلك بالتكفير عن يمينه فقال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ التحريم/2.

العبوس في وجه الأعمى :

كان النبي مشغولاً بدعوة جماعة من كبراء قريش حينما جاءه ابن أم مكتوم- ذلك الرجل الفقير الأعمى يسأله -ويلح في سؤاله- أن يعلمه مما علمه الله، فكره رسول الله ذلك وعبس في وجهه وأعرض عنه. فعاتبه الله على ذلك عتاباً شديداً وأنزل فيه قوله: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى)وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كلا  عبس/1-11.

يقول الأستاذ سيد قطب: عبس وتولى * أن جاءه الأعمى بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب! وفي هذا الاسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب – سبحانه– أن يواجه به نبيه وحبيبه عطفاً عليه ورحمة به وإكراماً له عن المواجهة بهذا الامر الكريه … وأما من جاءك يسعى طائعاً مختاراً وهو يخشى ويتوقى فأنت عنه تلهى ويسمي الانشغال عن الرجل المؤمن الراغب في الخير التقي تلهياً! وهو وصف شديد.. ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ الردع والزجر.. كلا لا يكون ذلك أبداً … وهو خطاب
يسترعي النظر في هذا المقام. إ .هـ.

آيات اخرى :

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً الفتح/1،2.
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً النصر/3.
لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ  التوبة/117.
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ غافر/55. وغيرها.

ــــــــــ

(1) فقيه من لا يحضره الفقيه1/129.







من مواضيعي في المنتدى
»» صحافة التشيع وطعن الصحابة وجيه عباس مثال
»» سيادتنا بالصور في مظاهرات السيادة بقيادة دولة المليشيات
»» إحصائية دموية لإرهاب الحكومة الصفوية بحق أهل السنة في أسبوع واحد
»» من الفيس بوك/ طيارو الرافضة واهتمامهم بالجيش الإسرائيلي
»» أهالي قتلى سبايكر في البرلمان بين المظلومية والسياسة
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "