العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > منتدى فضح النشاط الصفوى > منتدى نصرة سنة العراق

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-16, 01:34 AM   رقم المشاركة : 1
آملة البغدادية
مشرفة الحوارات







آملة البغدادية غير متصل

آملة البغدادية is on a distinguished road


إخوة حارث ونخلات حمد


قصة قصيرة

بقلم / الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي

( 1 )

مع غروب الشمس، والنجمات لما ينزلن بعد ليستحممن بماء الفرات ويتأملن تسريحاتهن الجميلة على مرآته الصافية.. كنت مع العائلة قادماً من الشام، أدخل بسيارتي تلك القرية التي اتخذ أبو العباس من حاضرتها عاصمة لدولته الناشئة، وسماها الإنجليز (جنة آدم).
لعل البعض يسألني: أي قرية تلك؟ وأي حاضرة هذه؟
لا داعي للعجلة أيها الأحبة.. الجواب في طريقه إليكم بعد قليل إن شاء الله.
استقبلنيصديقيحمد، مدرس التاريخ في ثانوية القضاء، بشوق جارف، يؤججه طول الزمن وبعد المسافات. بعد العشاء جلسنا للسمر في الحديقة التي تتسيد بزهو مدخل الدار يخفق فوق رؤوسنا سعف النخيل، ومع هواء المروحة كانت شتلات ورد ضمن تشكيلة تحيط بنا من الجوانب الأربعة تتمايل سكرى، وتُبادِلُنا الحديث، ولكن بحروف من عطر.
كان ذلك قبل ثماني سنين وشهرين وثلاثة أيام إلا عشر ساعات.
يبدو أن جِلسة الورد لا بد أن يخزك فيها سن شوك! فبينما نحن نتناول الأوضاع التي آل إليها البلد اعترضني الأستاذ حمد قائلاً:
- أنت لا تفرق بين الشيعة العجم وإخواننا الشيعة العرب؟! ألم تر إلى السيد مقتدى الصدر كيف يختلف عن عبد العزيز الحكيم؟
- أخ حمد أنت إنسان مثقف وعالم بالتاريخ، لا أظنه يفوتك أن التشيع دين...
لم يتركني حمد أكمل حديثي إذ بادرني قائلاً:
- نعم، والدين واحد والأصول واحدة، كلنا عرب.
- أمّا أن الدين واحد فهذه قضية أخرى، لكنني قصدت شيئاً آخر...
وقاطعني ثانية قائلاً بشيء من الانفعال:
- وما هو هذا الشيء؟
- صبرك عليّ أستاذي العزيز! لقد أردت أن أقول: بما أن التشيع دين فهو عابر للقوميات. لا فرق إذن بين شيعي عربي وشيعي فارسي. والواقع شاهد.
- تقصد جرائم جيش المهدي.. أليس كذلك؟
- هذه وأشياء أَخرى لا تقِلُّ عنها.
- هذه أخي العزيز يقوم بها الشيعة الفرس المدسوسون داخل الصف، وذوو النفوس المريضة من العرب، وليس العرب الأقحاح.

( 2 )

عندما قال أستاذ حمد هذه الكلمات نسيت نفسي ورحت سريعاً إلى مجلس كبير حافل بالحاضرين من مختلف الجنسيات والتوجهات والمشارب. كان أحد شهوده صديق لي اسمه (حارث). نسيت أن أخبركم أن أستاذ حمد من ذوي التوجه القومي، بينما د. حارث ذو توجه إسلامي. لهذا سأله أحد الإخوة الفلسطينيين:
- ما قولك في الشيعة؟ وهل هم مسلمون؟
وكان جواب حارث لا يختلف عن جواب حمد، سوى أنه استعمل النصوص في تأييد جوابه، الشيء الذي لا يجيده حمد. وانطلق في شبه خطبة عن الأخوة الشيعية السنية، واعتذر للحاضرين عن اضطراره لاستعمال هذه الألفاظ (الطائفية). وبرأ الشيعة من الطائفية براءة الذئب من دم ابن يعقوب. ضحكت وقلت :
- أما "براءة الذئب" فنعم، وأما "من دم ابن يعقوب" فلا.
وضحكالحاضرون إلا الأخ حارث الذي ظهرت علامات الانزعاج على وجهه بوضوح، وعاد إلى خطبته. وبعد أن انتهى جرى بيني وبينه نقاش لم يسفر عن شيء، ختمته بأن قلت:
- كل ما قلته يا شيخ لم يخرج عن إطار الثقافة الوطنية التي تأسست عليها دولة العراق الحديثة، وكانت النتيجة حين زوالها بعد ثمانية عقود تشيع العاصمة والميناء ومدن أخرى، وانتقلت معركة الشيعة معنا إلى بغداد وطال شرارها الفلوجة، التي كتبوا على جدرانها "اليوم دياركم وغداً أعراضكم".
قال: هذا غير صحيح.
قلت: لك أن تقول ما تشاء، لكنني أؤكد لك أن هذا هو ما حصل.
وتوجهت إلى القوم وقلت:
- أتدرون لماذا لم تنتقل معركة الشيعة ضدنا على عهد الانجليز إلى بغداد؟ بينما كانت معركتهم شرسة معنا هذه المرة ومن بغداد العاصمة؟
وبعد أن نظرت في الوجوه التي ظلت صامتة قلت:
- الجواب ببساطة: لأن نسبة الشيعة في بغداد آنذاك لم تكن تتجاوز الـ (5٪)، وكانوا ضعفاء. أماعند نهاية الدولة الوطنية سنة 2003 فقد وصلت نسبتهم في بغداد إلى ما يزيد عن الثلث، وكان ميزان القوة راجحاً في كفتهم.
وسمعت أحدهم يقول مؤيداً ومتعجباً: "أها!". ثم وجهت كلامي لصديقي حارث:
- أبشرك يا شيخ، بأن معركة الشيعة ضدنا عند الاحتلال القادم، لا سمح الله، ستكون من الفلوجة والرمادي. وعندها لن يجد السنة مأوى لهم سوى شريط الحد عند طريبيل والوليد.

( 3 )

عدت كلمح البصر من تهويمتي تلك التي نقلتني إلى الوراء شهرين وثمانية أيام دون زيادة ولا نقصان، فإذا الجنادب قد عملت بعدي جوقاً موسيقياً حافلاً في جوانب الحديقة، والأخ حمد ما زال يحدثني عن الأخوة والعشيرة والدين والدم، وقد وزع عليها كلمة (الواحد) بالتساوي! ونظرت فإذا النسيم يهب بارداً والورود ازدادت تمايلاً وطرباً، والنخلات تعلو وتهبط نحونا بسعفاتها، كأنها أطباق خوص تقدم لنا فيها ثمار عذوقها. استأذنت صاحبي وخرجت أتمشى في البستان وأنظر إلى ظلال الشجر يتخللها وجه القمر، وكان السكون يوشح بجلاله جمال المكان. توغلت قليلاً فإذا مطوقة في قلب نخلة تمزق وشاح السكون فتقول: "يا ﮔوﮔتي يا ﮔوﮔتي".
رفعت رأسي، لم أر شيئاً ومضيت هائماً على وجهي فلم أفق إلا وأنا مع الفرات وجهاً لوجه. وقفت على شاطئه، وكان السكون يخيم على النهر أيضاً، لكن يقطعه بين الفينة والأخرى أصوات ترسلها إلي بعض الأسماك وهي تتقافز في الماء على بعد خطوات مني، تاركة دوامات ترتعش مذهولة، ما أسرع ما يبتلعها التيار، وقد فضحها نور القمر، ثم ما أسرع ما تعود مع قفزات الأسماك، وخلجات الماء. وهنا وهناك على صفحة النهر يبدو من بعيد نور خافت لقنديل، وضعه صياد على دفة زورق.
بعد سويعة قصيرة عدت إلى حيث بدأت، وحين وصلت البستان عند نخلة الفختية إذا هي تعيد في مسمعي لازمتها الخالدة "يا كوكتي يا كوكتي".. وتذكرت كيف كنا على عهد الطفولة نترجم هديلها: "يا ﮔوﮔتي وينِ اختي؟".
وأجبتها:
- أيتها الفختية! ما عاد لك، ولا لي، أخت هنا.. لنرحل قبل فوات الأوان.. الفرس قادمون.. قادمون ولا بد! والناس هنا لا يشعرون، لا يشعرون!
قالت:
- وهل نترك لهم الوطن؟".
قلت:
- كلا فإن الخارج من أجل الداخل داخل، وكم هنا في الداخل ممن يودون لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم! أيتها الأخت إن هي إلا أيام يسمونها سنين ثم نعود لنطردهم من ديارنا".
قالت:
- أما إذ قلت ما قلت فنعم. والصباح رباح.
لكن حمد لم يحسن أن يقول ما قالت مطوقتي، وظل يجادل ويماري. أخيراً قلت له:
- هل ترى هذه النخلات التي تخفق فوق رؤوسنا؟
- نعم أراها.. ما لها؟
- قسماً يا أخ حمد، إن بقيتم يا أهل الفلوجة على هذه الأفكار فلن يمر وقت طويل حتى يدخل الشيعة دياركم ويسلبونك نخلاتك هذه!

( 4 )

بعد ثماني سنين وشهر وواحد وعشرين يوماً إلا ست ساعات، أي قبل عشرين يوماً من الآن، كنت للتو خارجاً من صلاة الجمعة فقال لي صديقي عمر، وهو من أقارب أستاذ حمد:
- راحن نخلات حمد!
وكان يبتسم بمرارة. لم أفهم المقصود، فكرر قائلاً:
- راحن نخلات حمد.
وهززت رأسي مستفهماً "أي نخلات وأي حمد؟". فقال:
- أمس دخل الأوغاد قرية (البو شجل)، واستولوا على نخلات حمد!
قلت:
- تقصد (إخوة حارث)؟
قال:
- وهل غيرهم من أوغاد؟
قلت:
- من سُلِّط عليه أخوه فما ظُلم!

ـــــــــــــــــــــ
الخميس
30/6/2016
25 رمضان 1437


http://www.alqadisiyya3.com/index.ph...rticle&id=3167







من مواضيعي في المنتدى
»» سلسة تخريب العراق / كلمة وتساؤلات للعراقيين
»» هلاك الإرهابي أحمد الجلبي عراب الاحتلال إلى جهنم وبئس المآل
»» في ذكرى تفجيري 11سبتمبر /كيري يتباحث مع العرب في السعودية
»» بسبب الهجمات الإرهابية المليشياوية في بغداد الوقف السني يهدد بغلق مساجدنا!
»» مراجع الشيعة تتجاهل هلال رمضان ويكذب إجماع الدول لتتبع إيران
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:14 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "