يقول علي شريعتي في كتابه النباهة والاستحمار مادحاً
عدل الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله
في موقف غريب قلما نجده من شيعي اثني عشري و (فارسي)
تجرد من احقاده الجاهلية المتمثلة في أطفاء
نار كسرى وفتح بلاد ايران ونشر الاسلام فيها
كان المسلمون في صدر الاسلام اذا احسوا بخطر يهدد مصيرهم او ظلماً اصابهم من الخليفة او قرابته عطلوا أشغالهم وتركوا الاسواق والمحلات ودعوا الخليفة الى المحاكمة العلنية والانتصاف في المسجد،وحينما رأوا الخليفة عمر، ذلك الإمبراطور الذي فتح لهم مصر وإيران وبلاد الروم، يرتدي ثوبا، من الغنائم الحربية، وهو أطول من أثوابهم بقليل، علت أصواتهم بالمعارضة، وتقسيم الغنائم بالمساواة، لقد صاحوا: لأي شيء ثوبك أطول من ثيابنا؟ وهم لا فرق عندهم بين عمر، أميرِهم، إمبراطورِ الشرق والغرب، وبين جندي من الجنود. لقد أجبروه على المحاكمة لأول مرة، وبدلاً من الثناء عليه، وإجلاله لفتح إيران والروم، طالبوه بالعدالة! انظر إلى شعور تلك الأمة، وإلى اهتمامهم والتزامهم بمصيرهم، وهم يستطيعون أن يرفعوا إيران المتحضرة في العهد الساساني بأطراف أصابعهم، ويلقون بها أينما شاؤوا، وفعلا قلعوها، ولا يُعلم أين ذهبت! ولهذا كانوا قادرين على فتح بلاد الروم كلها، ولقد استطاعوا فتح مصر، وإخضاعَها بثلاثة آلاف رجل
أناس يغيرون مجرى التاريخ، ويهتمون بمصيرهم بدقة وولع، لقد أجبروا عمر على الحضور إلى المسجد، يجيب الناس بنفسه من غير ممثل أو ناطق عنه، ومن ثم، يأتي ابنه عبد الله شاهداً معه، ليخاطب الناس ويقول: إن سهمي من القماش لم يكفني ثوباً لطول قامتي، وقد أعطاني ابني عبد الله سهمه من القماش، فأضفته لصنع ثوبي هذا وباستطاعتكم أن تفتشوا، وتبعثوا وكلاء منكم، لتحققوا كيفما شئتم، فإن عبد الله ليس عنده من هذه القيمة، وهكذا رأوا عمر بعد التحقيق
واضح إذاً أنه لا يمكن حكم هؤلاء بسهولة، »
د/ علي شريعتي، « النباهة والاستحمار ».(ص. 47)