الصحيح من سيرة الإمام علي (ع) ج 19
لجعفر مرتضى العاملي
.
.
,
,
,
(( وقال «عليه السلام» لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان:
«دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل، وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً»([2]).نهج البلاغة
كراهة علي للولاية لماذا؟!:
أظهرت النصوص الكثيرة: أن الناس بعد قتل عثمان أرادوا علياً «عليه السلام» على البيعة، فامتنع، فما زالوا يصرون عليه مرة بعد أخرى حتى رضي، ولكن بشروط، وذلك بعد مضي عدة أيام من قتل عثمان..
وقد صرح هو «عليه السلام» بكراهته لهذه البيعة في نفس خطبة البيعة، حيث قال:
«أما بعد، فإني قد كنت كارهاً لهذه الولاية ـ يعلم الله في سماواته وفوق عرشه ـ على أمة محمد «صلى الله عليه وآله» حتى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه»([3]).
وفي نص آخر: «إني قد كنت كارهاً لأمركم، فأبيتم إلا أن أكون عليكم»([4]).
ومن كلماته المعروفة حين أرادوه على البيعة: «دعوني والتمسوا غيري. فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول الخ..»([5]).
ومن أقواله «عليه السلام» لهم حين عرضوا الولاية عليه: «لا تفعلوا فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً»([6]).
وقال: «لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى أكرهوني»([7]).
أمالي الشيخ الطوسي
٥/ ١٥٣٠
- وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال:
حدثنا الحسن بن صالح الهمداني أبو علي من كتابه في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين،
وأحمد بن يحيى، قالا: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا عبد الكريم، قال: حدثنا
القاسم بن أحمد، قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي.
قال أبو العباس أحمد بن محمد: وحدثنا القاسم بن الحسن العلوي الحسني،
قال: حدثنا أبو الصلت، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن النعجة، قال: حدثنا أبو سهيل
ابن مالك، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: لما ولي علي بن أبي طالب (عليه
السلام)
أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والأنصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من
أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس.
وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر
بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني أمية، وجعل لهم البلاد، وخولهم العباد،
فاظهروا في الأرض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس
حتى غلبوه على أمره، فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم
يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا،
وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له في رقابهم،
فقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن
له علينا طاعة.
فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف
الكتاب والسنة، واستأثر بالفئ، واستعمل من لا يستأهل، رأوا أن جهاده جهاد، وأما
من خذله، فإنه رأى أنه يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتى
قتل.
واجتمعوا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى
عليه بما هو أهله، وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإني قد كنت كارها لهذه
الولاية، يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) حتى
اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يقول:
أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة
صحيفته، فإن نجا فبعدله، وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله
حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام، يخرق به الصراط، فأول
ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه، ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم
حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم.
بحار الأنوار
العلامة المجلسي ج 32
26]
وقال ابن عقدة: وحدثناه القاسم بن الحسن الحسيني عن أبي الصلت عن علي بن عبد الله بن النعجة عن أبي سهيل بن مالك: عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: لما ولي علي بن أبي طالب (عليه السلام) أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والانصار وجماعة الناس لم يتخلف عنه عن أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس. وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم وصبت عليهم الدنيا صبا وآثر بعضهم على بعض وخص أهل بيته من بني أمية وجعل لهم البلاد وخولهم العباد فأظهروا في الارض فسادا وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتى غلبوه على أمره فأنكر الناس ما رأوا من ذلك فعاتبوه فلم يعتبهم وراجعوه فلم يسمع منهم وحملهم على رقاب الناس حتى انتهى إلى أن ضرب بعضا ونفى بعضا وحرم بعضا فرأى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يدفعوه وقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) والعمل بهما فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له عليهم طاعة. فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة واستأثر بالفئ واستعمل من لا يستأهل رأوا أن جهاده جهاد. وأما من خذله فإنه رأى أنه يستحق الخذلان ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حى قتل واجتمعوا على علي بن أبي طالب فبايعوه فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي وآله ثم قال: أما بعد فإني قد كنت كارها لهذه الولاية يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمد صلى الله عليه وآله حتى اجتمعتم على ذلك فدخلت فيه وذلك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط ونشرت الملائكة صحيفته فإن نجا فبعدله وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام يخرق به الصراط فأول ما
يلقى به النار أنفه وحر وجهه ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم
- وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج نقلا عن أبي جعفر الاسكافي قال: لما أجتمعت الصحابة بعد قتل عثمان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الامامة أشار أبو الهيثم بن التيهان ورفاعة بن رافع ومالك بن العجلان وأبو أيوب الانصاري وعمار بن ياسر بعلي عليه السلام وذكروا فضله وسابقته وجهاده وقرابته فأجابهم الناس إليه فقام كل واحد منهم خطيبا يذكر فضل علي عليه السلام فمنهم من فضله على أهل عصره خاصة ومنهم من فضله على المسلمين كلهم كافة. ثم بويع وصعد المنبر في اليوم الثاني من يوم البيعة وهو يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقين من ذي الحجة فحمد الله وأثنى عليه وذكر محمدا فصلى عليه ثم ذكر نعمة الله على أهل الاسلام ثم ذكر الدنيا فزهدهم فيها وذكر الآخرة فرغبهم إليها ثم قال: أما بعد فإنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله استخلف الناس أبا بكر ثم استخلف أبو بكر عمر فعمل بطريقه ثم جعلها شورى بين ستة
فأفضى الامر منهم إلى عثمان فعمل ما أنكرتم وعرفتم ثم حصر وقتل ثم جئتموني فطلبتم إلي وإنما أنا رجل منكم لي ما لكم وعلي ما عليكم وقد فتح الله الباب بينكم وبين أهل القبلة فأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ولا يحمل هذا الامر إلا أهل الصبر والبصر والعلم بمواقع الامر وإني حاملكم على منهج نبيكم صلى الله عليه وآله ومنفذ فيكم ما أمرت به إن إستقتم لي والله المستعان. ألا إن موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته كموضعي منه أيام حياته، فامضوا لما تؤمرون به وقفوا عندما تنهون عنه، ولا تعجلوا في أمر حتى نبينه لكم فإن لنا عن كل أمر منكر تنكرونه عذرا. ألا وإن الله عالم من فوق سمائه وعرشه أني كنت كارها للولاية على أمة محمد صلى الله عليه وآله حتى اجتمع رأيكم على ذلك لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " أيما وال ولي الامر من بعدي أقيم على حد الصراط ونشرت الملائكة صحيفته فإن كان عادلا أنجاه الله بعدله وإن كان جائرا انتقض به الصراط حتى تتزايل مقاصله ثم يهوي إلى النار فيكون أول ما يتقيها به أنفه وحر وجهه " ولكني لما اجتمع رأيكم لما يسعني ترككم. ثم التفت عليه السلام يمينا وشمالا فقال: ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار وفجروا الانهار وركبوا الخيول الفارهة واتخذوا الوصائف الروقة فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا. ألا وأيما رجل من المهاجرين والانصار
سجلنا على كلام المعصوم عدة نقاط
*لماذا كان يكره الولاية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟
*كيف يكره المنصب الالهي؟
*لماذا تنازل عنها وسكت في عهد الخلفاء الثلاثة ثم قبلها وجرد عليها السيف فيما بعد؟
*الا يدل قول (المعصوم) كنت كارهاً لهذه الولاية حتى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه
أن الأمر سياسي إجتهادي بحت ولا أثر للنص والتنصيص المزعوم فيه؟
* طاعة المعصوم لعامة الناس وعصيانه لأمر الله والرسول صلى الله عليه وسلم
في القيام بمهام الإمامة " الإلهية"
* قول (المعصوم) دعوني والتمسوا غيري دليل على أن الولاية
ليست محصورة في سلالة معينة