منقول من موقع رافضي
أخت تشرفت بخدمته في " نوفل لوشاتو " في باريس :
نوفل لوشاتو مدينة في فرنسا
((( لا ادري ماعلاقة هذة الاخت بالخميني ))))
انني وكاخت صغيرة اوصي امتي بالسعي لمعرفة الامام الخميني كنائب للامام صاحب العصر والزمان ( عج ) والوصول الى مرحلة متابعة اوامره وارشاداته والعمل بها .
فخلال اقامة الامام القائد فترة اربعة اشهر في “ نوفل لوشاتو “ نستطيع ان نجد لنا دروسا كثيرة ينبغي لكل واحد منا ان يتعلمها ، حيث تتجلى شخصية الامام في تعامله مع مختلف المسائل السياسية والاجتماعية والعائلية كامثولة وقدوة لنا جميعا .
ان اول شيء يجذب الانسان الى هذه الشخصية هومدى ارتباطها بالامور المعنوية والتعاليم الاسلامية ودرجة الدقة العظيمة في انجاز الاعمال الواجبة والمستحبة .
اتذكر مرة عندما جاء احد السادة وقال : هناك اميركيون يريدون مقابلة الامام واجراء حديث معه يبث مباشرة على الهواء (وكلنا يعرف مدى اهمية التلفزيون الامريكي الواسع البث في اغلب بلاد العالم ) . واتفق ان كان يوم مجيء الامريكيين يوم “ جمعة “ ، فاخبرت الامام بخصوص اللقاء . فقال : “ الان وقت غسل الجمعة ، وليس وقت اللقاء “ . ثم ذهب واغتسل غسل الجمعة وبعدها قال : “ الان انا مستعد للقاء “ !
بعد هذه الحادثة مرت ذكرى ولادة حضرة السيد المسيح (ع ) . فقال الامام : “ ان جيراننا هؤلاءء قد ازعجناهم بالذهاب والمجيء وكثرة الزيارات ، الافضل ان تقدموا لهم هدايا مع اعتذاري بهذا الشأن “ . بعد ذلك ذهب بعض الاخوة واشتروا حلويات . فسألهم الامام : “ماذا اعددتم ؟ “ فقدموا الحلوى امام الامام . قال لهم : “ ان الاجانب يفضلون الزهور ، فاضيفوها الى الحلوى “ . في ذلك اليوم هيئوا الهدايا وقدموها للجيران . وفي اليوم الثاني رأينا ان الشارع قد غص بالمصورين والصحفيين ، فسألت احد الاخوة : “ ما الخبر؟ “ قال : “الصحفيون جاؤوا لينقلوا خبر توزيع الامام للهدايا على الجيران “ . إضافة الى ذلك فقد اجروا في ذلك اليوم لقاء مع الامام تحدث فيه عن ولادة السيد المسيح (ع ) فكان لهذا اللقاء اثر كبير ، بل اكبر من اللقاء الذي اجراه مع المراسلين الامريكيين قبل عدة ايام .
في اليوم الذي خرج فيه الشاه من ايران ، وبعد صلاة الصبح جئت الى الامام وقلت له: “ ان الاخوة يقولون ان الشاه قد ذهب ، وقد اذيع النبأ في الراديو “ . وكان الجميع مسرورين فرحين بهذا الخبر ولكن الامام اكتفى بهذه العبارة : “ ثم ماذا؟ “ . في هذا اليوم جاء الصحفيون وارادوا ان يعرفوا راي الامام بخصوص خروح الشاه من ايران . كان عددهم كثيرا جدا لدرجة ان المكان اكتظ بهم . وطلبوا السماح لهم بمقابلة الامام او ان يكتب لهم رأيه في الموضوع . ولكن الامام ذهب لصلاة الظهر والعصر قبل ذلك . وجاء الاخوة مرة ثانية وقالوا : “ ان الصحفيين يؤذوننا كثيرا ! قولي للامام ان يكتب رأيه بالموضوع “ . ذهبت الى الامام ونقلت له ما جرى ، فاخذ ورقة وقلما وبمجرد ان اراد الكتابة عاد ووضع الورقة والقلم جانبا وقال : “ اذهبي وقولي : الورقة تكون حاضرة الساعة 4 عصرا “ . تعجبت وقلت في نفسي ماذا يضر لو يكتب الان ؟ . . وعند تمام الساعة الرابعة ناداني الامام وقال : “ الان تعالي وخذي الورقة “ . انا على يقين بانه لولا الحالات العرفانية التي كان يعيشها الامام ولولا ارتباطه الروحي ما كانت تلك القرارات تؤثر تاثيرها المطلوب ، ولكن بالنسبة لنا ولانه ليس عندنا مثل هذا النظام فاننا لا نستطيع ان ندرك هذه المسائل .
هذه الدقة في ملاحظة الامور تتجلى في الامام في مختلف الابعاد . فنجد انه لم يكن يعطي الاعداء اي فرصة ليستفيدوا منها ، وكان يهتم كثيرا بالذي يدخل بيته ، ويقول : “ ليس كل من يستطيع ان يوصل صوتنا الى العالم نفسح له المجال ؟ كائنا من كان ، بل ينبغي ان يكون تقيا او ممن يؤلمه ويهمه مصير الامة . وكمثال ، اذكر ان البعض كان فارا من الشاه ويقيم في الدول الخارجية ، جاء ليتعاون مع الامام عارضا خدماته ، ولكن الامام لم يوافق حتى على لقاء واحد لاحتمال ان يستغل هؤلاء مثل هذه الامور في المستقبل .
ومسائل اخرى تبين دقة الامام في المسائل الشرعية .
اتذكر مرة انني كنت اضع بعض الجرائد الاجنبية امام باب بيت الامام كي يضع حذاءه عليها لان الارض كانت دائما مبللة بسبب المطر وفي احد الايام جاء بعض الاخوة الايرانيين بجرائد من ايران فاخذت منها صفحة الاعلانات ووضعتها على باب غرفة الامام ووضعت حذاءه عليها . عندما اراد الامام لبس حذائه ، مد قدمه ، فراى الجريدة ، ثم قال : “اظن ان هذه الجريدة ايرانية “ . قلت : “ نعم ولكن هذه صفحة الاعلانات “ ، فقال : “ لعله يوجد اسم محمد او علي فيها “ . في “ نوفل لوشاتو” يعتبر ذبح الحيوانات خارج المسلخ ممنوع حسب القوانين . في احد الايام ذبح خروف في مكان اقامة الامام ، فقال الامام ، بالرغم من وجوده في بلاد الكفر “ انا لا اكل من هذا اللحم لانه مخالف لقانون هذه الدولة “ .
خرجت ذات يوم في نوفل لو شاتو واستريت 2 كيلو من البرتقال . وعندما رأني الامام تساءل : “ لماذا كل هذا البرتقال ؟ “ فقلت انه رخيص الثمن ويكفينا لعدة ايام . فقال الامام : “ لقد ارتكبت اثمين ، الاول انك اشتريت البرتقال بهذه الكمية ونحن لا نحتاجهم والثاني انه ربما يوجد في نوفل لوشاتو من لم يشتر البرتقال لحد الان بسبب الغلاء ، ويمكنه ان يشتريه بهذا السعر الزهيد “ . فقلت : “ سيدي ما الحيلة الان ؟ “ فقال : “ ارجعيه لصاحبه “ ، قلت : “ لا يمكن ذلك “ . قال : “ قشري البرتقال واعطيه للفقراء الذين لم ياكلوا حتى الان لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لك ذنبك “ .
واذكر مرة عندما جاء رئيس شرطة نوفل لوشاتو ومعه صورة للامام في حالة القنوط ، جاء بها لاجل الامضاء عليها . فاخذ الامام الصورة وامضى عليها ، وعندما نظرت الى الامضا وجدته مختلفا عن الامضاءات السابقة فالامام لم يذكر اسمه الاول كعادته ، فقلت له : “اظن ان امضاءك يختلف عن سابقه “ فاجاب قائلا : “ لانه مسيحي ولا يراعي الوضوء ، لهذا لم اكتب روح الله لئلا يضع يده عليه “ .
ثم ان الشيء البارز في هذه الشخصية العظيمة هوانه رغم انشغاله الكثير حيث لم يكن ينام اكثر من 4 ساعات كل يوم ، كان يهتم بمسألة التنظيم ، فكان كل يوم ينام الساعة 11 ليستيقظ الساعة 3 بعد منتصف الليل حيث كنت اسمع صوت تقليب الاوراق التي كانت بجانبه او الجرائد التي ترجمت خلال النهار ولم يكن لديه وقت لمطالعتها . فمسألة استغلال الامام للوقت وعدم اضاعته هي من ابرز ما يميز هذه الشخصية العظيمة . فعندما يكون هناك تاخير في الغداء دقيقة او دقيقتين يجلس الامام ويقرأ القران . او في بعض الاحيان عند اللقاء مع الصحفيين فالامام يستغل الوقت القليل الذي يكون فيه الصحفيون يهيئون اجهزتهم .
ورغم هذا الانشغال كان الامام يلتفت الى امور دقيقة . في احد الايام جاء الشهيد مطهري والشهيد صدوقي لزيارة الامام ، وعند الغداء ، قدمت لهم ثلاثة صحون من الطعام ، وقلت في نفسي : اذهب واتناول شيئا من الجبن لانه لم يبق من الطعام شيء . وعندها سالني الامام : “ ما هو غداؤك ؟ “ فلم استطع ان اكذب وقلت : “ تفضلوا انتم بالغداء وانا اذهب واتناول غدائي في المطبخ “ . عندها قال الامام : “ احضري صحنا “ ، ثم قسم الغداء من جديد الى اربعة صحون . ان الامام ورغم مشاغله الكثيرة وعلى الرغم من كثرة ضيوفه لم يكن ينس هذه الامور الدقيقة .
ففي احد الايام اضطررت ان انام في المطبخ لكثرة ضيوف الامام . عرف الامام بذلك وعند الصباح قال لي : “ لم استطع النوم في الليلة الماضية لاحتمال ان تصابي بالزكام “ . وفي احد الايام ، جاء ضيوف كثيرون الى بيت الامام ، حينها جاء الامام الى المطبخ وقال : “ لان الاوعية اليوم كثيرة ، جئت كي اساعدك “ .
من مميزات الامام ايضا علاقته بالدعاء والتوسل . ففي نوفل لوشاتو وفي ليلة عاشوراء طلب الامام قراءة مجلس عزاء ، ورغم مشاغله الكثيرة ووضع الثورة الحرج ، جلس الامام يستمع الى القراءة ، ثم انهمرت دموعه وبكى بشكل اعجز عن نقله لكم .
وهناك ايضا اهتمام الامام بمتابعة الاخبار ، وهذا بخلاف ما كان يتصوره البعض من انه لا يستمع الى الراديو او الى اي وسيلة اعلامية الا بعد حدوث حادث ما . ولكن ما شاهدته هو ان الامام بالاضافة الى استماعه الى اخبار ايران ومتابعتها بصورة منتظمة كان يسمع اخبار العالم التي تذاع باللغة الفارسية . وكان الاخوة موظفين لترجمة جميع المواضيع والاقوال التي تطبع في الجرائد او المجلات فيما يتعلق بايران لتقديمها الى الامام . فكان لا يترك صغيرة تمر دون ان يتابعها .
مسألة اخرى تبرز جانب مهم من شخصية الامام . فحينما قرر الرجوع الى ايران طلب من الشهيد عراقي ان يجمع كل الاخوة لان لديه عمل معهم . وفي الاجتماع قال لهم الامام : “ انا ارفع يدي عن بيعتكم لي ، ولا ارضى بان تقعوا في المصاعب والمشاكل لاجلي . غدا سوف اذهب بمفردي . واذا كان لاولئك شيء فهم يريدونني انا ولستم المقصودين ، فاذا كان لكم عمل في الدول الخارجية او جئتم من دراستكم ، فبامكانكم الرجوع الى ما كنتم عليه . وان شاء الله اذا صار هناك برنامج في ايران يمكنكم المجيء “ . هذه الحادثة ذكرتني بيوم عاشوراء مع الحسين (ع ) واصحابه ، عندها اجهش الاخوة في البكاء ، وبدأوا يجيبون الامام . احدهم قال : “ اذا قتلت مئة مرة ثم احييت فلن اتخلى عنكم “ . وباختصار كل واحد قال شيئا . عندها قال الامام : “ قصدت في ذلك ان لا تلقوا بانفسكم في الخطر من اجلي “.
وعندما رجع الامام الى ايران سأله احد الصحافيين الاجانب : “ ما هو شعورك وقد رجعت الى وطنك ؟ “ فقال الامام : “ لا شيء “ . هذا هو الامام يقول ، انا اعمل طبق الاوامر الالهية واؤدي واجبي ، اكان ذلك في نوفل لوشاتو او في ارض ايران او العراق . . ليس هناك فرق في اي مكان اكون .
وفي باريس وفي ليلة ميلاد السيد المسيح (ع ) وزع على جيرانه المسيحيين هدايا مؤلفة من بعض الحلويات الايرانية والمكسرات اضافة الى باقة ورد لكل بيت .
وفي نوفل لو شاتو يمنع ذبح الحيوانات خارج المسلخ حسب القانون ، وفي احد الايام ذبحوا في مكان سكن الامام خروفا . . ومع ان الامام كان في ديار الكفر ، قال : لان ذلك مخالف لقانون الحكومة فلن اكل من هذا اللحم .
فان الامام وان كان في منطقة غير مسلمة ولكنه كان يظهرفيها اخلاق الاسلام واحترام الرسالة المحمدية للانسان ، كيف وهو المتعلم من نبع الطهارة لا يكون كذلك !
كانوا مسيحيين ولكنه رفض ازعاجهم في سكنه بسبب تردد الزائرين اليه . لم يكونوا مسلمين . ولكنه شاركهم وبارك لهم عيدهم بميلاد رسول ما قبل الاسلام . فبعث اليهم بهدايا كعلامة مشاركة في هذا العيد . وكذلك كانت الدولة كافرة ولكنه استنكارا لمخالفة نظامها ابى ان ياكل هناك من لحم الخروف المذبوح خلاف القانون . وقريب من هذا المجال ، يروى عن علي (ع ) في كتاب الكافي : عن ابي عبد الله عن ابائه (ع ) ان امير المؤمنين (ع ) صاحب رجلا ذميا فقال له الذمي : اين تريد يا عبد الله ؟ فقال : اريد الكوفة . فلما عدل الذمي عن الطريق عذل معه امير المؤمنين (ع ) فقال له الذمي : الست زعمت انك تريد الكوفة ؟ فقال له : بلى ، فقال له الذمي : فقد تركت الطريق ؟ فقال له (ع ) : قد علمت قال : فلم عدلت معي وقد علمت ذلك ؟ فقال امير المؤمنين (ع ) : هذا من تمام حسن الصحبة ان يشيع الرجل صاحبه هنيهة اذا فارقه وكذلك امرنا نبينا (ص ) ، فقال له الذمي : هكذا قال ؟ قال : نعم . قال الذمي : لا جرم انما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة فانا اشهدك اني على دينك ورجع الذمي مع امير المؤمنين (ع ) فلما عرفه اسلم .