داعش" تكفّر ابن باز وابن عثيمين والألباني
عناصر من تنظيم داعش.. صورة أرشيفية عناصر من تنظيم داعش.. صورة أرشيفية
الرياض
ما الخيط الفاصل بين "القاعدة" و"داعش"؟ سؤال قد لا يتبادر إلى الذهن مباشرة إلا بعد تأمل في الأحداث الأخيرة، خصوصاً بعد الثورات العربيّة.
رأي المتخصصين في الحركات الإسلامية ورجال الشريعة في المملكة العربية السعودية يتضارب في هذه المسألة، وبعضهم يعدها حساسة إلى درجة أنها تفرض عليه "الاعتزال" والتوقف، وبعض آخرون يرون أن "داعش" أشدّ تكفيراً من "القاعدة"، بل ويتمنون أن يروا رأي "الظواهري" فيه.
صراع السلطة
من جهته، أكد أستاذ الحديث وعلومه الدكتور سعد الحميد، أن "داعش" عبارة عن امتداد لما كان في العراق، "وأنا شخصياً بحكم معرفتي بما حصل من هذا التنظيم في العراق وما تلاه من تصرفات دولة العراق والشام في سوريا الآن لم أستغرب الذي حصل، لأن المآسي التي حصلت في العراق ولم تكشف مثل ما كشفت مآسيها في سوريا هي أشد، والإخوة الذين حدثونا من العراق حدثونا بمآس يمكن أن يكون ذكرها الآن لا يناسب، لكن على كل حال ما أجهض "الجهاد" في العراق إلا تصرفات هذه الدولة مع الأسف، ويرتكز هذا أولاً في العنجهية التي نجدها في أنفس أتباع هذه الحركة، إذ يعدون أنفسهم المجاهدين ومن سواهم لا، ويعدون أنهم هم من ينبغي أن يبايعوا وينضوي الجميع تحت لوائهم، ولا يجوز لأحد أن يشكل فصيلاً إلا تحت لوائهم".
ويؤكد الحميد أن الصراع بين "داعش" وبقية الفصائل "صراع سلطة بينهم، أما ما يمكن أن يفسر بتفسيرات أخرى مثل كونهم عملاء لإيران أو لدولة المالكي أو لنظام بشار فهذا مما تردد على ألسنة الكثير، ولكن لا شك في أن هذه الأمور تحتاج لإقامة أدلة واضحة وبيّنة، وهناك مقاطع "يوتيوب" يمكن أن يستفاد منها مثل هذا".
ويعود ليقول: "دعنا نتكلم في الشيء الذي يمكن الجزم به، وهو قضية الاستهانة بالدماء والتكفير، وهذا لم يعد خافياً على أحد، ولا يحتاج إلى إقامة دليل، ومقاطعهم وتهديداتهم وكلامهم في أهل العلم وحكمهم بالردة".
وتابع: "أنا ممن حكموا عليه بهذا الحكم، ولو اطلعت على حسابي في "تويتر" لأدركت هذا، وقد حكموا به علي وعلى غيري، كل من خالفهم يحكمون عليه بأنه "مرتد"، ولو راجعت المداخلات التي حصلت بيني وبينهم في "تويتر" لوجدت منها ما يشيب له الرأس، وهؤلاء جمعوا بين استباحة الدماء والتكفير، وكأنهم يرون أن استباحة الدماء لا تُسلّم لهم إلا إذا حكموا بالردة، وهذا خلل كبير في التأسيس الفقهي، وهم ضاهوا الخوارج الأوائل فحكموا بتكفير من لا يحكم بتكفيره بقية طوائف الخوارج، فحكموا بتكفير أهل العلم، مثلما رأيناه من تكفير بعضهم للشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ عبدالعزيز الراجحي، بل للشيخين ابن باز وابن عثيمين والألباني، فضلاً عن باقي الدعاة من شتى الأطياف مثل تكفيرهم لناصر العمر ومحمد السعيدي ووليد الرشودي وسعد البريك، وحتى هيئة كبار العلماء تكفرها "داعش"، فكلهم عندها "مرتدون".
الاعتقاد بامتلاك الحق
ونبّه الدكتور الحميّد إلى أن "من لوازم مذهب "داعش" أن العالم الإسلامي قبل ظهورها لم يكن فيه قائم بالحق، وأن الأرض خلت من الطائفة المنصورة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين"، وكلمة "لا تزال" تدل على الديمومة والاستمرار، وهي طائفة في كل عصر، فأين هم قبل وجود دولة "داعش"؟ وقد يقولون: إنها كانت في أفغانستان، لكن قبل أفغانستان ماذا يقولون؟ إذاً، وبحسب الاستقراء فإنهم يرون أن الكفر بدأ في الدولة السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز فما بعده والعياذ بالله، وإذاً فلا طائفة على الحق ظاهرة عندهم منذ ذلك الحين".
وحول السؤال المهم والمؤرق للكثيرين عن الفرق بين "داعش" و"القاعدة"، يرى الدكتور الحميد أن "داعش" منفصلة عن "القاعدة"، مشيراً إلى أن القاعدة في الأصل كانت أيام أسامة بن لادن تركز على العداء لأمريكا تحديداً، وكانت مظلة تجميع، فيكون في تنظيم "القاعدة" من ربما كان عنده هذا البلاء ومن يمكن أن يكون دون ذلك، لكنها كانت تجمع الناس تحت لواء عداء أميركا فقط، وسبب ذلك أن منهج أسامة بن لادن هو الحرص على تجميع الناس على بغض أمريكا ومحاولة ضربها، وكان لا يريد الخوض في العقديات، وكل من جاء لأسامة بن لادن وانتقد أموراً عقدية يقول له أسامة: "معليش خلنا الآن في العداء لأمريكا"، ويحاول أن يهوّن من الخلاف العقدي، ويجمعهم على هذا الرابط والقاسم المشترك.
داعش أخطر
وحول أيهما أشدّ توجهاً إلى التكفير يرى الحميّد، أن ابن لادن في آخر أيامه أصبحت لديه مراجعات في ما يتعلق بالعمليات الإرهابية داخل المملكة، وقد يكون حاول أن يبيّن هذا، ولكن من حوله حاولوا التكتم على هذا الرأي الذي كان سينسف "القاعدة" من أصلها، والذي يظهر والله أعلم أن أيمن الظواهري عنده تحسن في ما يتعلق بما تفعله "داعش"، ولكن نحن نطالب أيمن الظواهري أن يظهر لنا هذا التحسّن حتى تتضح الأمور".
وأضاف: "لأجل هذا وأن "داعش" أخطر من "القاعدة" وأشد منها في سفك الدماء والتكفير، أرى أن من فيها منتهون، وأنا أعتبر أنها تلفظ أنفاسها، وهي متقوية مادياً من طريق شباب أغرار نسأل الله أن يهديهم".
أما لماذا تأخر بيان العلماء في ما يخص "داعش"، فيقول الحميد، إن السبب أنه قبل دخولها الساحة السورية كان وضع الجهاد بخير، وإن كنا نعرف مغبة الفرقة والشتات ونحث على الائتلاف قبل دخول من يمكن أن يصطاد في الماء العكر، لكن سبق السيف العذل، و"داعش" دخلت على غرة هذا الافتراق بين بعض الفصائل وإن كان الافتراق لم يصل للاقتتال، وكان ينبغي أن يتنبهوا للوحدة حتى لا يكون لها طريق للدخول كما حصل الآن من المآسي".
http://al-sharq.com/news/details/198...medium=twitter