العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-06-03, 04:09 PM   رقم المشاركة : 1
احمد الافغاني
مشترك جديد






احمد الافغاني غير متصل

احمد الافغاني


الصحابة رضي الله عنهم و النص

الصحابة رضي الله عنهم و النص:


وقبل الشروع في ذكر أحوال بقية الأئمة وأصحابهم ،

أجد لزاما أن أذكر نتفا قليلة من شأن صحابة رسول الله مع النص على أمير المؤمنين رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين

، هؤلاء الذين لزموا النبي منذ بدء الدعوة وجلسوا إليه وسافروا معه وشاركوه الحروب والغزوات وتزوجوا بناته وصاهرهم ، ولم يدع من أمر الدين شيئا مما يقربهم إلى الله إلا وأخبرهم به ولا أمرا مما يدخلهم النار إلا وقد نهاهم عنه


، حتى بين لهم أي رجل يقدمون عند دخولهم الخلاء وبأيٍ يخرجون ، فضلا عن أركان الإسلام والإيمان ، ناهيك عن أعظمها وعلة فرض غيرها . وهي الإمامة بزعم القوم .



ومثل هذا الأمر لا يمكن أن بخفى على من لازموه كظله ، وكيف يخفى وقد روى القوم عن الباقر في قوله تعالى: {ذلك بأنهم إتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} [محمد 28] ، قال: كرهوا عليا وكان أمر الله بولايته يوم بدر وحنين ويوم بطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة ، نزلت فيه خمس عشر آية في الحجة التي صد فيها رسول الله عن المسجد بالجحفة وخم[2] .



وعنه أيضا في قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة 3] ، فقال: إن رسول الله أخذ لعلي بما أمر أصحابه وعقد له عليهم الخلافة في عشرة مواطن ثم أنزل عليه: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} ، يعني التي عقدت عليهم لعلي أمير المؤمنين [3] .



ولاشك أن القول بغياب النص عنهم مع كل هذا الذي أوردناه سواء الروايتين السابقتين أو الباب كله منتفٍ وبعيد جدا ، ولكن ما أورده القوم في شأنهم يختلف تماما إلا مع موقف الأئمة من النص كما سبق ذكره وسيأتي ايضاً .



فهاهن أزواجه ورضى الله عنهن أجمعين ، أقرب الناس إليه ملازمة ، يروي القوم عنهن ما يدل على المقصود ، ألا وهو غياب النص

، هذا إن وجد النص أصلا ، فقد ذكر القوم أن جبرئيل عليه السلام قال لمحمد: قد دنا يا محمد مصيرك إلى ربك وجنته وهو يأمرك أن تنصب لأمتك من بعدك علي بن أبي طالب وتعهد إليه فهو الخليفة القائم برعيتك أمتك وإن الله يأمرك أن تعلمه جميع ما علمك وتستحفظه جميع ما حفظك واستودعك فإنه الأمين المؤتمن


، يا محمد إني اخترتك من عبادي نبيا واخترته لك وصيا ، فدعا عليا يوما فخلا به يومه ذلك وليلته واستودعه العلم والحكمة التي آتاها وعرفه ما قال جبرئيل وكان ذلك يوم عائشة ، فقالت: يا رسول الله لقد طال استخلاؤك بعلي منذ اليوم

، فأعرض عنها ، فقالت: لم تعرض عني يا رسول الله بأمر لعله يكون لي صلاحا ، فقال: صدقت وأيم الله إنه لأمر صلاح لمن أسعده الله بقبوله والإيمان به وقد أمرني بدعاء الناس جميعا إليه وستعلمين ذلك إذا أنا قمت به في الناس ، قالت:


يا رسول الله ولم لا تخبرني به الآن لأتقدم العمل به والأخذ بما فيه الصلاح ، قال: سأخبرك به فاحفظيه إلى أن أؤمر بالقيام به في الناس جميعا ، فإنك إن حفظتيه حفظك الله في العاجلة والآجلة جميعا ، وكانت لك الفضيلة للأسبقية والمسارعة إلى الإيمان بالله ورسوله - إلى أن قال - إن الله أخبرني أن عمري قد انقضى وأمرني أن أنصب عليا للناس وأجعله فيهم إماما وأستخلفه كما استخلف الأنبياء من قبلي أوصياءهم [4] .



ويستشعر القارئ من الرواية تأخرها إلى أيامه الأخيرة ، ورغم ذلك ترى كل هذا التضارب في النص وتجد فيها بطلان ما ورد من نصوص قبل ذلك وهو أمر غدا لك واضحا مع كل رواية جديدة يغنينا عن التعليق عليها جميعا .



وكذا شأن أم سلمة رضي الله عنها ، حيث قالوا إن النبي دفع إليها كتابا فقال: من طلب هذا الكتاب منك ممن يقوم بعدي فادفعيه إليه ثم ذكرت قيام أبي بكر وعمر وعثمان وانهم ما طلبوه ، ثم قالت: فلما بويع علي نزل عن المنبر ومر وقال لي: يا أم سلمة هاتي الكتاب الذي دفعة إليك رسول الله فقالت: أنت صاحبه ؟ فقال: نعم ، فدفعته إليه ، قيل: ما كان في الكتاب ؟ قالت: كل شيء دون قيام الساعة [5]



وفي رواية: قالت: أعطاني رسول الله كتابا قال أمسكي هذا فإذا رأيت أمير المؤمنين صعد المنبر فجاء يطلب هذا الكتاب فادفعيه إليه فلما قبض رسول الله صعد أبو بكر المنبر فانتظرته فلم يسألها فلما مات صعد عمر المنبر فانتظرته فلم يسألها فلما مات عمر صعد عثمان فانتظرته فلم يسألها ... الرواية [6] ، وغيرها [7] . ؟



وكذا حال خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه الذي خدمه منذ هجرته إلى المدينة حتى وفاته ، فقد روى القوم عنه أنه قال: كان رسول الله في بيت أم حبيبة بنت أبي سفيان فقال: يا أم حبيبة اعتزلينا فأنا على حاجة ،


ثم دعا بوضوء فأحسن الوضوء ثم قال: إن أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد العرب وخير الوصيين و أولى الناس بالناس ، فقال انس: فجعلت أقول: اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، قال: فدخل علي وجاء يمشي حتى جلس إلى جنب رسول الله فجعل رسول الله يمسح وجهه بيده ثم مسح بها وجه علي بن أبي طالب فقال علي: وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: إنك تبلغ رسالتي من بعدي وتؤدي عني وتسمع الناس صوتي وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون [8] .



وفي رواية: من هذا يا أنس ؟ فقلت: علي ، فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق علي بوجهه فقال علي: صنعت شيئا ما صنعت بي قبل هذا ، قال: وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمع صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي [9] .



فهذه القصة لا أقل من افتراض حدوثها في أواخر السنة السابعة من الهجرة أو بعدها ؛ وذلك أن قدوم أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها إلى المدينة إنما كان في ذي الحجة من السنة المذكورة ، حيث كانت مهاجرة إلى الحبشة مع زوجها عبيدالله بن جحش الذي ارتد عن الإسلام وتنصر ، ثم بعث الرسول إلى النجاشي ليخطبها ... إلى آخر القصة [10] .



فموضع الشاهد في القصة هو جهل أنس بن مالك بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه رغم مرور أكثر من سبعة أعوام من خدمته للرسول ، حتى دعا ربه أن يجعله رجلا من قومه ، والعجيب قول الرسول لعلي: إنك تبلغ رسالتي من بعدي وتؤدي عني ، مما يوحي بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان جاهلا به حتى ذاك الوقت.



ولا يرد على هذا بأن معرفته بإمرة المؤمنين كانت واقعة وأن مقولة الرسول له إنما هي استزادة مسؤوليات ، وذلك أن الإمامة كما يراها القوم تستلزم تبليغ رسالة النبي والأداء عنه وتعليم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون مما يستقبح تكراره وصدوره عنه للناس فضلا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأعجب من هذا كله ، الإبهام في ذكر اسم أمير المؤمنين ، فلا يخلو الأمر من أنه كان عالما به ، حيث يكون الأولى به أن يقول: إن أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، أو يكون جاهلا به وهذا الأخير يشهد له قوله لأنس كما في الرواية الأخرى: من هذا يا أنس ؟ رغم قوله إن أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين .



وهذا ابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ، فقد روى القوم أنه دخل على النبي والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول: اللهم وال من والاهما وعاد من عاداهما ، ثم قال

: يا ابن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه ، يدعو فلا يجاب ، ويستنصر فلا ينصر ، قلت: فمن يفعل ذلك يا رسول الله ؟ قال: شرار أمتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ، ثم قال: يا ابن عباس من زاره عارفا بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة ، ألا ومن زاره فكأنما قد زارني ، ومن زارني فكأنما زار الله


، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار ، وإن الإجابة تحت قبته ، والشفاء في تربته والأئمة من ولده . قلت: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟

قال: بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل ، قلت: يا رسول الله فكم كانوا ؟ قال: كانوا اثني عشر ، والأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين ، فإذا انقضى الحسين فابنه علي

فإذا مضى علي فابنه محمد ، فإذا انقضى محمد فابنه جعفر ، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى ، فإذا انقضى موسى فابنه علي ، فإذا انقضى علي فابنه محمد ، فإذا انقضى محمد فابنه علي ، فإذا انقضى علي فابنه الحسن ، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجة0 قال ابن عباس: قلت: يا رسول الله أسامي ما اسمع بهم قط ، قال لي: يا ابن عباس: هم الأئمة بعدي [11] .



فابن عباس رضي الله عنهما كان مولده بشعب بني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين ، وانتقل إلى دار الهجرة بعد فتح مكة والتي كانت في رمضان من السنة الثامنة من للهجرة ، وهذا يعني أنه صحب النبي نحوا من ثلاثين شهرا ، فلا شك إذا في أن هذه الرواية يفترض حصولها في أحد أيام هذه الشهور الأخيرة ، رغم ذلك تأمل عدم علم ابن عباس رضي الله عنهما بمسألة الإمامة والأئمة واستغرابه هذه الأسماء التي لم يسمع بها قط وهو من هو من قرابته من رسول الله .



بل و نراه يسأل النبي في مرض موته بزعم القوم: إذا كان ما نعوذ بالله منه فإلى من ؟ فأشار إلى علي رضي الله عنه فقال: إلى هذا فإنه مع الحق والحق معه ثم يكون من بعده أحد عشر إماما مفترضة طاعتهم كطاعتي [12] . وكتب القوم مليئة بالروايات الشبيهة عنه رضي الله عنه [13] .



وكذا شأن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وهو من السابقين الأولين ، بل ومن أوائل الذين أسلموا مما يستحيل معه أن يخفى عليه من شأن الإمامة شيء ، نراه لا يختلف عن سابقيه في هذا الشأن ، فتأمل مثلا رواية القوم هذه ، وحصولها لا شك أنه بعد عشرين سنة من مبعثه ، إذ توحي عباراتها بقرب أجله ، تقول الرواية إن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله لما رجع من حجة الوداع: يابن مسعود قد قرب الأجل ونعيت إلى نفسي فمن لك بعدي ؟ فأقبلت أعد عليه رجلا رجلا فبكى ثم قال: ثكلتك الثواكل فأين أنت من علي بن أبي طالب لم تقدمه على الخلق أجمعين[14] .



وفي رواية: قال لي رسول الله: يا بن مسعود نعيت إلى نفسي ، فقلت: استخلف يا رسول الله ، قال: من ؟ قلت: أبا بكر ، فأعرض عني ثم قال: يا بن مسعود نعيت إلى نفسي ، فقلت: استخلف ، قال: من ؟ قلت: عمر فأعرض عني ، قال: يا بن مسعود نعيت إلى نفسي ، قلت: استخلف ، قال: من ؟ قلت: عليا ، قال: أما إن أطاعوه دخلوا الجنة أجمعون أكتعون [15] .



وروى القوم عنه أيضا رضي الله عنه قال: قلت للنبي : يا رسول الله من يغسلك إذا مت ؟ فقال: يغسل كل نبي وصيه ، قلت: فمن وصيك يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب [16] .



وهذا صحابي آخر ، وهو جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه ، وزيادة عما أوردناه عنه في أول الباب نورد هنا رواية أخرى يرويها القوم عنه: قال رسول الله عن ربه أنه قال: من لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد أن محمدا عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته وان سألني حرمته وان ناداني لم اسمع نداءه وان دعاني لم اسمع دعاءه وان رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلام للعبيد ، فقام جابر بن عبدالله فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟ والرواية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة [17] .



وهذا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه يقول: كنا ذات يوم عند رسول الله في مسجد قبا ونحن نفر من أصحابه إذ قال: معاشر أصحابي إنه يطلع عليكم من هذا الباب رجل هو أمير المؤمنين وإمام المسلمين ، قال: فنظروا وكنت فيمن نظر فإذا نحن بعلي بن أبي طالب قد طلع ، فقام النبي فقال: هذا إمامكم من بعدي [18] .



وذكر مسجد قبا يؤكد لك تاريخ الرواية ، وأنها بعد الهجرة ، وأبوذر رضي الله عنه من أوائل من أسلموا ، حتى روي عنه أنه قال: كنت ربع الإسلام ، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع ، فاستمع إليه بعد ثلاثة عشر سنة من إسلامه وهو يقول وكنت فيمن نظر ، ليرى مع أصحابه من يكون أمير المؤمنين هذا ، وعن انس رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلاة الفجر ثم أقبل علينا وقال: معاشر أصحابي من أحب أهل بيتي حشر معنا ، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى ، فقام إليه أبوذر الغفاري فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل ، فقال: كلهم من أهل بيتك ؟ قال: كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين والمهدي تاسعهم [19] .



وفي رواية أخرى أوردها القوم عنه قال: دخلت على رسول الله في مرضه الذي توفي فيه - والرواية طويلة - وفيها أن أباذر رضي الله عنه قال لرسول الله : يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل [20] .



وتذكرني هذه الرواية بالمثل القائل: كلام الليل يمحوه النهار ، حيث أظهر القوم صاحبنا كمن نسي أسئلة الفجر التي في الرواية السابقة ، ولكن لا تنس عزيزي القارئ أن الرواية الأخيرة كانت في مرض موته ، لتعرف مدى تأخرها .



و هذا سلمان الفارسي رضي الله عنه ، يروي القوم ، أنه سأل رسول الله : يا نبي الله إن لكل نبي وصيا فمن وصيك ؟ قال: فسكت عني فلما كان بعد رآني من بعيد فقال يا سلمان: قلت: لبيك وأسرعت إليه ، فقال: تعلم من كان وصي موسى ؟ قلت: يوشع بن نون ، فقال: ذاك لأنه يومئذ خيرهم وأعلمهم ، ثم قال: و إني اشهد اليوم أن عليا خيرهم و أفضلهم وهو وليي ووصيي ووارثي [21] .



وفي رواية أخرى: يا رسول الله إنك قلت من مات وليس عليه إمام مات ميته جاهلية ، من هذا الإمام ؟ قال: من أوصيائي يا سلمان [22] .



ولا أدري كيف سمع سلمان الفارسي رضي الله عنه هذا الحديث ، وكيف كان الصحابة رضوان الله عليهم يتداولونه رغم خطورته ، مع عدم معرفة الإمام ، ثم تنقلب الآية ، فيروي القوم أن الرسول هو الذي سأل سلمان رضي الله عنه: يا سلمان إن الله لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا ، قال: قلت: يا رسول الله قد عرفت هذا من الكتابين - التوراة والإنجيل - قال: يا سلمان فهل علمت نقبائي الاثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي ؟ فقلت: الله ورسوله اعلم [23] .



لا أدري كيف وهو يؤكد ورود هذه العقيدة في كتب الأولين ، ثم يبقي على جهله بهم حتى يسأله الرسول عن ذلك ويرد بقوله: الله ورسوله اعلم ، ألم يخش أن يموت ميته جاهلية ؟



وعلى ذكر قول سلمان: عرفت هذا من الكتابين – التوراة والإنجيل – فقد أورد القوم الكثير من الروايات في بيان ورود مسألة الإمامة والأئمة في الكتب السماوية ، ومن أراد تفصيل ذلك فعليه بطلبها من مظانها ، ولكن نذكر هنا رواية واحدة تقول أن أسماء الأئمة وردت في التوراة وهي: تقوبيت ، قيذوا ، دبيرا ، مفسورا ، مسموعا ، دوموه ، مثبو ، هذار ، يثمو ، بطور ، نوقس وقيدموا [24] .



رجعنا إلى ذكر سلمان الفارسي وغياب النص عنه ، وكما أوردنا في الرواية السابقة عنه قوله: عرفت هذا من الكتابين ، نورد الرواية التالية والتي تنسجم معها ، فعن علي رضي الله عنه قال: كنت عند النبي في بيت أم سلمة إذ دخل عليه جماعة من أصحابه منهم سلمان وأبو ذر والمقداد عبدالرحمن بن عوف فقال سلمان


: يا رسول الله إن لكل نبي وصيا وسبطين فمن وصيك وسبطاك ؟ فأطرق ساعة ثم قال: يا سلمان إن الله بعث أربعة آلاف نبي وكان لهم أربعة آلاف وصي وثمانية آلاف سبط ، فوالذي نفسي بيده لأنا خير الأنبياء ووصيي خير الأوصياء وسبطاي خير الأسباط


، ثم قال: يا سلمان أتعرف من كان وصي آدم ؟ فقال: الله ورسوله اعلم ، فقال : إني أعرفك يا أباعبدالله فأنت منا أهل البيت ، إن آدم أوصى إلى ابنه شيث ، و أوصى شيث إلى ابنه شبان – ثم ذكر بقية سلسلة الأنبياء والأوصياء إلى أن قال – وأنا ادفعها إلى علي بن أبي طالب ، فقال علي: فقلت: يا رسول الله فهل بينهم أنبياء وأوصياء أخر


؟ قال: نعم أكثر من أن تحصي ، ثم قال: وأنا ادفعها إليك يا علي وأنت تدفهعا إلى ابنك الحسن والحسن يدفعها إلى أخيه الحسين - ثم ذكر بقية الأئمة - ثم التفت إلينا رسول الله فقال رافعا صوته: الحذر الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي ، قال علي: فقلت: يا رسول الله فما يكون في هذه الغيبة حاله ؟ والرواية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة[25] .



والرواية كما ترى تدور أحداثها في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، وهي قد تزوجها الرسول في شوال من السنة الرابعة من الهجرة ، فكيف يستقيم أن أمرا من الخطورة بمكان أوردنا فيه في المقدمة ما أوردناه ، لم يكن شائعا بين الصحابة حتى السنة السابعة عشر من البعثة


، ولم يستوجب سؤال سلمان عنه رغم مرور ما لا يقل عن أربعة أعوام على إسلامه الذي كان بعد الهجرة ، ونحن نعلم بالضرورة عدم سؤاله رضي الله عنه عن عدد ركعات صلاة المغرب ، أو في أي من الأشهر يكون الصيام ، لان ذلك من ضروريات الدين وأركانه ، ولكن لا نعلم علة جهله بأهم الأركان والذي ما عرج النبي إلى السماء في المائة والعشرين مرة كما يزعم القوم ، إلا و أوصى بالإمامة أكثر من وصيته بالأركان الأخرى .



كذلك لا يفوتك في الرواية تساؤلات علي بن أبي طالب رضي الله عنه سواء عمن سبقوه أو عن حال الخامس من ولد السابع وغيرهما .



ثم هاهو ينسى كل ذلك حيث نراه يسأل الرسول : من الخليفة بعدك حتى نعلمه ؟ فقال: يا سلمان ادخل على أبي ذر وافهموا عني أن علي بن أبي طالب وصيي ووارثي وقاضي ديني وعداتي [26] .



والغريب أن هذه الرواية أيضا دارت أحداثها في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، وهو كما عرفت مما سبق تاريخ وقوعها ، وأبطالها هم أبطال القصة السابقة ، أي سلمان وأبوذر والمقداد وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين ، وتتكرر القصة.

ثم إنني لم أقف على مغزى استدعاء هؤلاء النفر من الصحابة دون غيرهم ولا العلة من هذه السرية في تبيين ما لولاه لما خلق الله شيئا ، ألم يكن يغني قوله : الخليفة من بعدي علي بن أبي طالب عن كل هذا ؟ ولعلي ألتمس العذر لجهل هؤلاء الصحابة سواء الذين استدعاهم ، أو الذين لم يستدعهم بخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى تاريخ هذه الرواية لسريتها كما يزعم القوم في هذه الرواية .



نعود إلى ما كنا فيه من ذكر غياب النص عن الصحابة رضي الله عنهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي وأبي بكر وعمر والفضل بن العباس وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين فأخذه النبي وقال



: يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة ، تسعة من ولدك أئمة أبرار، فقال له عبدالله بن مسعود: ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين ؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: يا عبدالله سألت عظيما ولكني أخبرك أن ابني هذا

– ووضع يده على كتف الحسين – يخرج من صلبه ولد مبارك سمي جده علي يسمى العابد ونور الزهاد ، ويخرج الله من علي ولدا اسمه اسمي وأشبه الناس بي يبقر العلم بقرا وينطق بالحق ويأمر بالصواب ، ويخرج الله من صلبه كلمة الحق ولسان الصدق ، فقال له ابن مسعود: فما اسمه يا رسول الله


؟ قال: يقال له جعفر ، صادق في قوله وفعله ، الطاعن عليه كالطاعن علي ، والراد عليه كالراد علي ، ثم دخل حسان بن ثابت وأنشد في رسول الله شعرا وانقطع الحديث . فلما كان من الغد صلى بنا رسول الله ثم دخل بيت عائشة ودخلنا معه أنا وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس ، وكان من دأبه إذا سئل أجاب وإذا لم يسأل ابتدأ ، فقلت له

: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين قال: نعم يا أبا هريرة – ثم ذكر بقية الأئمة – فقال له علي بن أبي طالب: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكرتهم ؟ قال يا علي: أسامي الأوصياء من بعدك والعترة الطاهرة ، والذرية المباركة ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا عبد الله ألف عام ثم ألف عام ما بين الركن و المقام ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبه الله في النار كائنا من كان [27] .



هذه الرواية وإن كان الأنسب إيرادها عند حديثنا عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أو ابن مسعود رضي الله عنه ، إلا أن الغاية واحدة ، أقول هذه الرواية منسوبة إلى أبي هريرة رضي الله عنه ، الصدوق عند متقدمي القوم والكذوب عند متأخريهم لحاجة في نفس يعقوب ليس هذا الكتاب محل بيانه . وأبوهريرة رضي الله عنه قدم على النبي بعد فتح خيبر أي في السنة السابعة من الهجرة ، أي بعد عشرين سنة من البعثة ، فإذا علمت هذا فتأمل قول ابن مسعود: من هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين ؟ ، وقول علي: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكرتهم ؟ فلا يحتاج إلى التعليق .



وعلى أي حال حتى لا نطيل على القارئ في سيرنا على هذا المنوال بذكر صحابي صحابي ، نورد هنا بعض الروايات المشتركة ، ففيها غنى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وقبل هذا ، نذكرك برواية غزوة الخندق التي مرت بك وقول الرسول :


من يقوم إلى مبارزته - أي عمرو بن ود - وله الإمامة بعدي ؟ وعرفنا هناك أن هذه الغزوة كانت في شوال من السنة الخامسة من الهجرة ، ولكن لم نعرف أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم وكانوا 3000 في تلك الغزوة ، استدرك ذلك على الرسول أو أخبره بأنه قال لهم إن الأئمة خلقوا قبل الخلق بمليوني عام


، وكذلك شأن علي بن أبي طالب نفسه الذي أنشد في ذلك شعرا كما مر بك ، ولعل كل هذا يدلك على عدم وجود نص على علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى شوال من السنة الخامسة من الهجرة ، أي بعد مرور ثمانية عشر عاما من البعثة


، أو أن الجميع بما فيهم الرسول والأمير رضي الله عنه قد نسوا كل تلك النصوص التي مرت بك حتى الآن ، وأرى أن هذا الاحتمال قائم وذلك أن الجميع بما فيهم الرسول والأمير رضي الله عنه قد نسوا أمر الغزوة هذه وأن علي بن أبي طالب بمبارزته وقتله بن ود قد صار إماما بعد الرسول ، فقد روى القوم عن خالد بن سعيد رضي الله عنه: إن رسول الله قال لنا ونحن محتوشوه في يوم بني قريظة وقد أقبل على رجال منا ذوي قدر فقال: معاشر المهاجرين والأنصار أوصيكم بوصية فاحفظوها وإني مؤد إليكم أمرا فاقبلوه ، ألا إن عليا أميركم من بعدي وخليفتي فيكم أوصاني بذلك ربي وربكم [28] .



وقد علمت أيضا مما مضى أن هذه الغزوة كانت عقب غزوة الخندق مباشرة ، أي أن بين قوله : من يبارز بن ود فله الإمامة بعدي وبين قوله السابق ، أياما معدودات .



وتستمر تساؤلات الصحابة رضوان الله عليهم بزعم القوم في مواطن أخرى ، فكلما سمعوا بذكر الأئمة تساءلوا عنهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: خطبنا رسول الله: معاشر الناس ، من أراد أن يحيا حياتي ويموت ميتتي فليتول علي بن أبي طالب وبقية الأئمة من بعده ، فقيل: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟ [29] ، وتأخر هذه الرواية بين مما عرفت من إسلام أبي هريرة رضي الله عنه .



وعنه أيضا رضي الله عنه: دخلت على رسول الله وقد نزلت هذه الآية: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} ، فقال: أنا المنذر وعلي الهادي وهو أبو الأئمة ، فقيل: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك ؟[30] .



وعن أبي سعيد رضي الله عنه: قال رسول الله: معاشر أصحابي إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل فتمسكوا بأهل بيتي والأئمة الراشدين من ذريتي فإنكم لن تضلوا أبدا ، فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟[31] .

وعنه أيضا رضي الله عنه ، سمعت رسول الله يقول: أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، قيل: يا رسول فالأئمة بعدك من أهل بيتك ؟ [32] .

وعنه أيضا رضي الله عنه ، سمعت رسول الله يقول للحسين: يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أخو الإمام ، تسعة من ولدك أئمة أبرار ، تاسعهم قائمهم ، فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟ قال: اثنا عشر تسعة من صلب الحسين [33] .



وأضف إلى جهلهم بالأئمة بعده حتى تاريخ هذه الرواية التي يخاطب فيها الرسول الحسين رضي الله عنه ، الذي ولد في السنة الثالثة من الهجرة والذي لاشك أنه بلغ مبلغ الإدراك ، أقول: أضف إلى ذلك جهلهم بالحساب ، فتأمل .



وعن واثلة بن الاسقع رضي الله عنه قال بزعم القوم: عن رسول الله : طوبى لمن تمسك بي والأئمة الأطهار من ذريتي ، فقيل يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟ [34] .



وعنه أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله : أنزلوا أهل بيتي بمنزلة الرأس من الجسد وبمنزلة العينين من الرأس ، وإن الرأس لا يهتدي إلا بالعين ، اقتدوا بهم من بعدي لن تضلوا ، فسألنا عن الأئمة فقال: الأئمة بعدي من عترتي - أو قال من أهل بيتي - عدد نقباء بني إسرائيل [35] .



وتأمل تاريخ هذين الروايتين ، فراويهما هو ابن الأسقع الذي أسلم في السنة التاسعة من الهجرة .



وذكر القوم أن رسول الله عرف أصحابه أمير المؤمنين مرتين وذلك أنه قال لهم: أتدرون من وليكم بعدي ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: فإن الله تبارك وتعالى قد قال: {إن الله هو مولاه وجبرائيل وصالح المؤمنين} [التحريم 4] ، يعني أمير المؤمنين – وهو وليكم بعدي ؟ والمرة الثانية في غدير خم حين قال: من كنت مولاه فعلي مولاه [36] .



فالرواية فيها أن تعريف الرسول أصحابه بأمير المؤمنين مرتين ، الأولى بعد نزول سورة التحريم ، والتي نزلت - كما في بعض الروايات - في شأن عائشة وحفصة ومارية القبطية رضي الله عنهن ، ومارية أهداها المقوقس لرسول الله في السنة الثامنة من الهجرة ، فانظر متى تكون الرواية ، وموقف جميع الروايات الآنفة الذكر و القادمة من غير هاتين المرتين ، إلا أنه يسقط بها جميع ما أوردناه وما سنورده من روايات كانت أحداثها سابقة لروايتنا هذه .



كما لا يفوتك أن قول الصحابة رضي الله عنهم: الله ورسوله أعلم ، ينسجم تماما ويتفق مع ما قلناه ، فتأمل .



أما المرة الأخرى - يوم غدير خم - فلنا معها شأن آخر في كتابنا هذا تجده في محله إن شاء الله .



نبقى معك عزيزي القارئ في السنة نفسها أي الثامنة من الهجرة ، فاقرأ معي رواية القوم هذه ، وهي سواء كانت قبل سابقتها أو بعدها ، فإحداهما تسقط الأخرى وما قبلها ، تقول الرواية : قال بعض الثقات: اجتمع أصحاب رسول الله في عام فتح مكة ، فقالوا: يا رسول الله إن من شأن الأنبياء إذا استقام أمرهم أن يدلوا على وصي من بعدهم يقوم بأمرهم ، فقال: إن الله تعالى قد وعدني أن يبين لي هذه الليلة الوصي من بعدي والخليفة الذي يقوم بأمري بآية تنزل من السماء ، فلما فرغ الناس من صلاة العشاء الآخرة من تلك الليلة ودخلوا البيوت وكانت ليلة ظلماء لا قمر فيها ، فإذا نجم قد نزل من السماء بدوي عظيم وشعاع هائل حتى وقف على ذروة حجرة علي بن أبي طالب وصارت الحجرة كالنهار ، أضاءت الدور بشعاعه ، ففزع الناس وجاءوا يهرعون إلى رسول الله ويقولون: إن الآية التي وعدتنا بها قد نزلت ، وهو نجم وقد نزل على ذروة دار علي بن أبي طالب ، فقال النبي: فهو الخليفة من بعدي والقائم من بعدي والوصي من بعدي والولي بأمر الله تعالى [37] .



ولا أظن أن القارئ يحتاج مني إلى تعليق ولكن أذكره أن تاريخ رواية بعض الثقات هذه ، هو عشرون عاما بعد البعثة .



وعلى أي حال نترك مكة وقد فتحت ، ونجمة الخليفة وقد نزلت ، ونعود مع العائدين إلى المدينة لنكمل مشوارنا ، ونقترب هذه المرة من أواخر أيامه خشية الإطالة ووفاء بعهد الإيجاز الذي التزمنا به في المقدمة ، يقول القوم إن رسول الله قال لعلي رضي الله عنه حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي فإن أطعتموه رشدتم [38] .



ويقولون أنه حذر أمته بقوله - كما نسبوا رواية ذلك إلى الأمير رضي الله عنه - : ستكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى ، فقيل: يا رسول الله وما العروة الوثقى ؟ قال: ولاية سيد الوصيين ، قيل: ومن سيد الوصيين ؟ قال: أمير المؤمنين ، قيل: يا رسول الله ومن أمير المؤمنين ؟ قال: مولي المسلمين وإمامهم بعدي ، قيل: يا رسول الله من مولي المسلمين وإمامهم بعدك ؟ قال: أخي علي بن أبي طالب [39] .



ولا أدري ماذا كان موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو راوي الحديث وقد رأي إخوانه يجهلون كونه العروة الوثقي وسيد الوصيين وأمير المؤمنين ومولى المسلمين وإمامهم بعد الرسول ، وأعجب منه موقف الرسول وحلمه من هؤلاء الذين لم يعرفوا من لولاه لما خلقوا .



وأرى أن نعذرهم بضمان الرواية الآتية التي يرويها القوم عن علي بن أبي طالب أيضا حيث يقول لطلحة: يا طلحة أليس قد شهدت رسول الله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف فقال صاحبك ما قال: إن رسول الله يهجر فغضب رسول الله وتركها ؟ قال: بلى شهدته ، قال: فإنكم لما خرجتم أخبرني رسول الله بالذي أراد أن يكتب فيها ويشهد عليه العامة وإن جبرئيل أخبره بأن الله يعلم أن الأمة ستختلف وتفترق ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب بالكتف وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان الفارسي وأبا ذر والمقداد وسمى من يكون من أئمة الهدي الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم ابني هذا الحسن ثم ابني هذا الحسين ثم تسعة من ابني هذا الحسين[40]0 .



ففي الرواية دلالة على أن الأئمة لم يكونوا مسمين حتى ربيع الأول من سنة إحدى عشر من الهجرة حيث انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى ، وبذلك نتبين موقف علي بن أبي طالب من الصحابة في الحديث السابق .



وفي الرواية فوائد أخرى سنتعرض لها في حينها ، ولكن نأخذ منه الآن علة خوفه من أن تضل أمته بعده ، مما اقتضى منه أن يكتب لهم هذا الكتاب ، فنقول لا يخلو شأن أمته من أن يكون الرسول قد بين لهم الخليفة من بعده ومن ثم ليس لهذا الكتاب حاجة ، أو أنه لم يكن قد نص بعد على خليفته من بعده ، ففي الأخذ بأيهما إشكالا لا يمكن توجيهه ، ففي الأول خوف من أمر قد فرغ منه وتم تبيينه مرارا كما مر بك في هذا الفصل ، فضلا عما أوردناه في مقدمة الباب ، مما يستوجب تكرارا يستقبح صدور مثله عنه .



فإن قال قائل: لعل ذلك منه إقامة للحجة على قومه وقد علم منهم مخالفتهم له بعد موته ، فيقال له: إن من عقد العزم على مخالفة كل تلك النصوص منذ بدء الدعوة لن يثنيه أو يغيره كتاب يكتب في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة



أما الإشكال الآخر ، وهو عدم نصه ، فإن الأخذ به إسقاط لمعتقد الإمامية من أصله ، ولعل ما يؤكد هذا الإشكال رواية القوم هذه التي سنختم بها حديثنا .



فعن أبي عبدالله جعفر بن محمد عن أبيه ، عن آبائه قال: لما مرض النبي مرضه الذي قبضه الله فيه اجتمع عليه أهل بيته وأصحابه وقالوا يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك


؟ ومن القائم فينا بأمرك ؟ فلم يجبهم جوابا وسكت عنهم فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه القوم فلم يجبهم عن شيء مما سألوه ، فلما كان اليوم الثالث قالوا له: يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك ومن القائم فينا بأمرك فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي فانظروا من هو ؟ فهو خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمري ، ولم يكن فيهم أحد إلا وهو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي ، فلما كان اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم ، إذ انقض نجم من السماء قد غلب نوره على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي [41] .



فهذه الرواية لا تحتاج إلى بيان و أوجه الدلالة فيها واضحة ، فهي تسقط كل ما أورده القوم قبل هذه القصة وقد علمت تاريخها


، ولا يفوتني هنا أن أذكرك بقوله: اجتمع عليه أهل بيته وأصحابه ، وأنت خبير بأن أهل بيته عند القوم هم علي وفاطمة والحسن والحسين دون غيرهم ، وهذه الرواية لم يروها من لا يرى هذا الحصر في أهل البيت ، بل رواها الصادق عن الباقر عن آبائه رضي الله عنهم ، وبهذا لا يخلوا من أن يكون علي بن أبي طالب والزهراء والسبطين فيمن سأل الرسول في أواخر أيامه عن الخليفة بعده ، أو أن أهل البيت أعم من حصرهم في هؤلاء الأربعة ، فإن كان الأول فقد علمت نتيجته ، وإن كان الآخر فهو مأزق كبير سترى نتائجه لاحقا[42] ، هذا ما كان من شأن الرعيل الاول






[2] - البرهان ، 4/187 البحار ، 36/102 ، 159

[3] - سعد السعود ، 121 البحار ، 36/92 ، 191 إثبات الهداة ، 2/140 تأويل الآيات ، 1/144 البرهان ، 1/431 تفسير القمي ، 1/168 الصافي ، 2/5

[4] - كشف اليقين ، 137 الإقبال ، 454 البحار ، 28/96

[5] - البحار ، 40/152 الإمامة والتبصرة ، 174 البصائر ، 163

[6] - البصائر ، 168 البحار ، 26/54

[7] - انظر أيضا: أمالي الصدوق ، 229 أمالي الطوسي ، 271 كشف الغمة ، 1/85 الطرائف ، 8 المناقب ، 1/396 البحار ، 22/222 ، 38/305 ، 310 إثبات الوصي ، 17

[8] - اليقين ، 12 ، 28 ، 35 ، 128 ، 140 الإرشاد ، 30 البحار ، 37/298 ، 324 ، 327 ، 330 ، 40/15 ، 16 تأويل الآيات ، 1/181 نور الثقلين ، 3/61

[9] - اليقين ، 31 ، 92 ، 93 ، 161 ، 164 البحار ، 37/300 ، 301 ، 38/2 ، 127 ، 40/15 العياشي ، 2/262 البرهان ، 2/374 تأويل الآيات ، 1/184 وصي الرسول الأعظم ، 20

[10] - انظر إن شئت تفصيل ذلك في البحار ، 21/43

[11] - كفاية الأثر ، 3 ، 14 البحار ، 36/286 ، 321 إثبات الهداة ، 1/572 منتخب الأثر ، 99

[12] - منتخب الأثر ، 36 إعلام الورى ، 365 البحار ، 36/300

[13] - انظر أن شئت: إثبات الهداة ، 1/643 ، 647 ، 666 منتخب الأثر ، 48 كمال الدين ، 288

[14] - تفسير القمي ، 1/182 البحار ، 37/345 إثبات الهداة ، 2/140 نور الثقلين ، 1/658

[15] - أمالي الطوسي ، 313 أمالي المفيد ، 21 ، 22 المناقب ، وفي رواية عثمان البحار ، 38/117 ، 128 إثبات الهداة ، 2/41 ، 102

[16] - كمال الدين ، 17 البحار ، 13/367 ، 22/512 ، 32/280 إثبات الهداة ، 1/270 ، 2/40

[17] - كمال الدين ، 246 اليقين ، 60 ، 132 الاستنصار ، للكراجكي ، 20 ، 21 كفاية الأثر ، 19 الاحتجاج ، 42 البحار ، 36/252 ، 264 ، 27/119

[18] - إثبات الهداة ، 2/67 البحار ، 38/106

[19] - كفاية الأثر ، 10 البحار ، 36/310 إثبات الهداة ، 1/579 منتخب الأثر ، 47

[20] - كفاية الأثر ، 5 البحار ، 36/288 إثبات الهداة ، 1/575 ، 576 منتخب الأثر ، 46

[21] - البحار ، 38/18 ، 131 إثبات الهداة ، 2/83

[22] - كمال الدين ، 231 البحار ، 23/88

[23] - مقتضب الأثر ، 31 البحار ، 25/6 ، 36/223 ، 53/142

[24] - المحتضر ، 152 البحار ، 36/223 ، 224 منتخب الأثر ، 136

[25] - كفاية الأثر ، 19 البحار ، 36/335

[26] - كشف اليقين ، 188 البحار ، 36/264 منتخب الأثر ، 73

[27] - كفاية الأثر ، 11 البحار ، 36/312

[28] - الخصال ، 461 البحار ، 28/210

[29] - كفاية الأثر ، 12 البحار ، 36/314 إثبات الهداة ، 1/581 ، 670 المناقب ، 1/301 منتخب الأثر ، 47 ، 55

[30] - كفاية الأثر ، 12 البحار ، 36/316

[31] - كفاية الأثر ، 5 البحار ، 36/293 إثبات الوصية ، 31

[32] - كفاية الأثر ، 5 البحار ، 36/291 منتخب الأثر ، 65

[33] - كفاية الأثر ، 5 البحار ، 36/291

[34] - كفاية الأثر ، 15 البحار ، 36/323 إثبات الهداة ، 1/585 منتخب الأثر ، 49

[35] - كفاية الأثر ، 15 البحار ، 36/323 إثبات الهداة ، 1/585 منتخب الأثر ، 50

[36] - مجمع البيان ، 10/316 البرهان ، 14/155 ، 174 ، 189 ، 353 كشف اليقين ، 91 البحار ، 36/29 ، 37/317 إثبات الهداة ، 2/162 تأويل الآيات ، 2/572 ، 588 ، 699 فرات ، 2/490 نور الثقلين ، 5/370 الصافي ، 5/195

[37] - الفضائل ، 159 الروضة ، 30 البحار ، 35/274 البرهان ، 4/245 إثبات الهداة ، 1/287 ، 2/47

[38] - الكافي ، 1/253 البحار ، 25/83

[39] - البحار ، 36/20

[40] - غيبة النعماني ، 52 البحار ، 36/277 إثبات الهداة ، 1/657 ، 668

[41] - أمالي الصدوق ، 348 البحار ، 35/273 البرهان ، 4/244 تأويل الآيات ، 2/621 المناقب ، 2/214 إثبات الهداة ، 2/70 ، 169 ، 178 نور الثقلين ، 5/145

[42] - انظر روايات أخرى إن شئت: في شأن الصحابة رضي الله عنهم : منتخب الأثر ، 67 ، 90 ، 106 ، 107 ، 115 ، 189 ، كمال الدين ، 247 ، 263 ، 265 تأويل الآيات ، 2/758 إثبات 1/508 ، 598 ، 655 ، 667 ، 2/112 ، 118 إثبات الوصية ، 35 البحار 32/170 ، 33/18 ، 36/353 ، 40/121







التوقيع :
اللهم احشرنا مع ابى بكر و عمر وعثمان و على و سائر الصحا بة الاخيار و اهل البيت الاطهار اللهم فرزقنا حب الصحابة و اهل البيت ونجمع بين محبتهم
من مواضيعي في المنتدى
»» دستور دولة الشيعة في ايران
»» التشيع و العلمانية بالمغرب و الهجمة على السنة النبوية
»» الشيعة يكفرون أهل البيت
»» حكم الزكاة و الخمس عند الشيعة
»» اول من أحدث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه و اله وسلم
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "