العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-06-03, 03:38 PM   رقم المشاركة : 1
احمد الافغاني
مشترك جديد






احمد الافغاني غير متصل

احمد الافغاني


متى كان النص على على بن ابي طالب رضي الله عنه

الكلام في النص و إمكانية خفائه و متى كان النص على علي بن أبي طالب رضي الله عنه:



إذا علمت كل هذا ، من أن الله قد نص على خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والأئمة من بعده ، وأن رسول الله قد بلغ هذا وأظهر فرض طاعتهم كما مر بك ، استحال أن يكون النص مخفيا عليه وعلى الأئمة وعلى أصحابهم وأهل زمانهم ، كما لا يجوز أن يظهر النبي شيئا في زمانه فيخفى عمن ينشأ بعد زمانه حتى لا يعلمه إلا بنظر ثاقب واستدلال عليه ، كشأننا الآن .

بهذه التوطئة الموجزة التي يجب عليك أن تستحضرها وأنت تقرأ كتابنا هذا ، والمقدمة التي قرأتها والتي يجب أن لا تفارقها ، نشرع في المقصود .

لا شك بعد كل ما مر بك ، أنه ليس بالمستغرب أن يضع القوم روايات تتفق مع هذه العقيدة عند مولد الرسول أو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فرووا أن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب تبشره بمولد النبي فقال لها: اصبري سبتا آتيك بمثله إلا النبوة ، وقال السبت ثلاثون سنة وكان بين رسول الله وأمير المؤمنين ثلاثون سنة [1]

وفي رواية: إنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره ، وفي أخرى: أما إنك ستلدين مولودا يكون وصيه ، وفي أخرى: هو إنما يكون نبيا وأنت تلدين وزيرا بعد ثلاثين [2]

ويقولون أن الراهب المثرم بن دعيب قد أخبره بأنه سيلد وصي محمد وسيكون اسمه علي [3]

وقالوا: لما ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أول شيء فعله عند مولده أن سجد على الأرض وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا وصي محمد رسول الله وبمحمد ختم الله النبوة وبي يتم الوصية وأنا أمير المؤمنين[4]

وعندها أهبط القوم جبرئيل عليه السلام ليقول لرسول بزعمهم: يا حبيب الله ، الله يقرؤك السلام ويقول: هذا أوان ظهور نبوتك وإعلاء درجتك وكشف رسالتك إذ أيدتك بأخيك وخليفتك ومن شددت به أزرك وأعليت به ذكرك علي بن أبي طالب [5]

ثم يستمر القوم في سرد ما يناسب المقام ليضعوا رواية لعلها تبين أول لقاء بين الرسول وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مولده ليدور التالي: لما ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه خر ساجدا ثم رفع رأسه ، فأذن وأقام وشهد بالوحدانية ولمحمد بالرسالة ولنفسه بالخلافة والولاية ، ثم أشار إلى رسول الله فقال: أَقرأُ يا رسول الله ؟ فقال: نعم ، فابتدأ بصحف آدم فقرأها حتى لو حضر شيث لأقر أنه اعلم بها منه ، ثم تلا صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ، ثم تلا قد افلح المؤمنون ، فقال له النبي : نعم قد افلحوا إذ أنت إمامهم ، ثم خاطبه بما يخاطب به الأنبياء والأوصياء ثم سكت ، فقال له رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم: عد إلى طفوليتك فأمسك [6]

وفي طفوليته تلك ، كان رسول الله يسأل أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما يزعم القوم أن تضع مهده بقرب فراشه ، وكان يلي اكثر تربيته ، ويحمله على صدره ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وظهري وظهيري ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي [7]

ومرت على ذلك سنوات حتى بعث النبي ، فكان أن دعاه رضي الله عنه وخديجة رضي الله عنها في بدء الدعوة وقال كما يروي القوم عن الصادق: أن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما - إلى أن قال: يا خديجة هذا علي مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي ، قالت: صدقت يا رسول الله قد بايعته على ما قلت ، اشهد الله و أشهدك بذلك وكفى بالله شهيدا عليما [8]

ولم يشأ القوم أن يدعوا والدي الرسول بمنأى عن هذه العقيدة ، فكان أن وضعوا في شأنهما رواية تقول : إن رسول الله خرج إلى البقيع ذات ليلة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأخرج أباه من قبره وسأله من وليك يا أبه ؟ فقال: وما الولي يا بني ؟ قال: هو هذا علي ، فشهد أن عليا وليه ، ثم عدل إلى قبر أمه فصنع كما صنع عند قبر أبيه[9]



ويبدو أن واضع هذه الرواية جاهل بمواقع قبور والدي الرسول حتى جعلهم في البقيع .



وعلى أي حال لا نمل القارئ بنسجنا على هذا المنوال وإلا طال بنا المقام ، فكل ما أوردناه من روايات أو تلك التي أعرضنا عنها ، إنما وضعت لتخدم هذه العقيدة ، فهي منسجمة تماما مع ما مر بك في أول هذا الباب وتتفق معها ، باعتبار معتقد القوم ، ولا يفترض خلاف ذلك من جهل بالنص أو غيابه عن سائر الناس أو معظمهم فضلا عن صاحب الرسالة أو على من يجب أن يلي الأمر من بعده من أئمة منصوص عليهم من الله ورسوله صلى لله عليه وآله وسلم .

ولكن الحال أن الأمر يختلف تماما عن هذه الفرضية التي يجب أن نسلم بها مع القوم باعتبار كل ما مر بك ، فقد اضطرب القوم واضطربت رواياتهم بعد ذلك بشكل لا يكاد يضبط ، ولا بد ، لقوله تعالى: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } [النساء 82]



روايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتعارض مع مسألة النص:



أول ذلك حديث يوم الدار أو بدء الدعوة لما نزل قوله تعالى: { وأنذر عشيرتك الأقربين } [الشعراء 214] ، حيث روي أن رسول الله دعا بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب وكان قد أولم لهم ، وبعد أن أكلوا وشربوا قال: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني يكن أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي ؟ ، فأحجم القوم جميعا إلا عليا قال: أنا يا نبي الله . فأخذ النبي برقبته ، وقال: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا .

وسنسهب في مناقشة أسانيد القصة هذه ومتونها في حينه ، ولكن ما يعنينا من هذه الرواية الآن هو ما نحن بصدده ، ولا شك أنه قد تبادر إلى ذهنك ، وهو: كيف خفي على النبي وعلى علي رضي الله عنه وعلى كل من حضر الوليمة مسألة النص بعد كل ما مر ، حتى لم نجد أحدا منهم قد استدرك ذلك ، لا أقل من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يجد أن إمامته توشك أن تذهب إلى غيره بعرضها عليهم ، أو أبيه الذي انتظر سبتا ليرى وصي محمد وقد ولد ؟



فإن أبطلنا كل ما مر بك باعتبار هذه الرواية ، لا نلبث أن نرى أخرى تسقطها هي أيضا ، وهكذا ، وهذه الأخرى تتمثل في أن النبي ، لما أخذت الدعوة منحى عاما أخذ يعرض نفسه على القبائل ، فجاء إلى بني كلاب فقالوا: نبايعك على أن يكون لنا الأمر بعدك ، فقال: الأمر لله فإن شاء كان فيكم أو في غيركم ، فمضوا ولم يبايعوه وقالوا: لا نضرب لحربك بأسيافنا ثم تحكم علينا غيرنا [10]



فما الذي اضطره إلى هذا القول مع ما تقدم ، أليس كان عليه أن يبين أن هذا الأمر قد تم قبل أشهر حين قال لعشيرته وهو ممسك برقبة ابن عمه: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فضلا عن أن ذلك قد تم منذ مليوني عام قبل الخلق .



وقد تكرر منه القول نفسه بعد ذلك بسنين طويلة ، وذلك لما جاءه عامر بن الطفيل في وفد بني عامر بن صعصعة في السنة العاشرة من الهجرة ، و قال له: مالي إن أسلمت ؟ فقال: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ، قال: تجعل لي الأمر من بعدك ؟ قال: ليس ذلك إلي ، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء [11] .



وهكذا ، ويستمر مسلسل خفاء النص عليه ، حتى أواخر أيامه بمكة قبل الهجرة ، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج [12] ، وقد أعرضنا عن ذكر الكثير من الروايات السابقة لذلك تحاشيا للتكرار إذ إننا سنورد بعضها في حينها .



تقول رواية القوم أن النبي قال: إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته به ، فقلت: ياجبرئيل ومن وزيري ؟ فقال: علي بن أبي طالب [13]



والطريف أن القوم يروون عنه أنه قال: كنت نائما بالحجر إذ أتاني جبرئيل فحركني تحريكا لطيفا ثم قال: عفى الله عنك يا محمد قم واركب ففد إلى ربك فأتاني بالبراق فركبت – ثم ذكر ما لاقاه في مسيره إلى أن قال – فإذا أنا برجل أبيض الوجه جعد الشعر فقال لي: يا محمد احتفظ بالوصي – ثلاث مرات – علي بن أبي طالب المقرب من ربه ، قال لما جزت الرجل وانتهيت إلى بيت المقدس إذا أنا برجل أحسن الناس وجها وأتم الناس جسما وأحسن الناس بشرة فقال: يا محمد احتفظ بالوصي – ثلاث مرات – علي بن أبي طالب المقرب من ربه الأمين على حوضك صاحب شفاعة الجنة – ثم ذكر بقية القصة – وفي نهايتها قال له جبرئيل: الذين لقيتهما في الطريق وقالا لك احتفظ بالوصي ، كانا عيسى وآدم عليهما السلام [14]



أي رغم هذه التوصيات الستة منهما عليهما السلام ، لم يدرك مَنْ وزيره الذي أيده به ونصره به ، وافترض أن يكون رجلا آخر سوى علي رضي الله عنه .

والطريف أيضا ذكرهم على لسانه عشرات الروايات يقول له فيها أنه وزيره ، ولعل أقربها إليك ما أوردنا آنفا عند حديثنا عن بدء الدعوة ، وعلى أي حال لنعرج مع القوم إلى السماء وننظر ماذا حصل هناك ، قالوا: لما صعد رسول الله إلى السماء ، قالت الملائكة: نشهد انك رسول الله ، فما فعل وصيك علي ؟ قال: خلفته في أمتي ، قالوا نعم الخليفة خلفت ، أما إن الله فرض علينا طاعته ، ثم صعد إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الدنيا ، فلما صعد إلى السماء السابعة لقيه عيسى عليه السلام فسلم عليه ، وسأله عن علي ، فقال له: خلفته في أمتي ، قال: نعم الخليفة خلفت ، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته ، ثم لقيه موسى عليه السلام والنبيون نبي نبي فكلهم يقول مقالة عيسي عليه السلام [15]



وفي السماء الرابعة زعم القوم أنه رأى ديكا بدنه درة بيضاء وعيناه ياقوتتان حمراوان ورجلاه من الزبرجد الأخضر وهو ينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ولي الله ، فاطمة وولداها الحسن والحسين صفوة الله ، يا غافلين اذكروا الله ، على مبغضيهم لعنة الله [16]



وفي نفس السماء صلى بالأنبياء وكانوا مائة وأربعة وعشرين ألف نبي ، وسألهم جبريل: بم بعثتم ولم نشرتم الآن يا أنبياء الله ؟ فقالوا بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالإمامة [17]



وعندما وصل إلى السماء السابعة سأله الله : من لأمتك من بعدك ؟ فقال: الله أعلم ، قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين [18]



وكأن القوم أرادوا أن يقولوا إن صوت مائة وأربعة وعشرين ألف من الأنبياء - ولك أن تتخيل حجمه - وهم يقولون بإمامة علي بن أبي طالب ، لم يكن له هذا التأثير حيث إنه لم يتذكر ذلك بعد لحظات لما سأله الله : من لأمتك من بعدك ؟ ليقول: الله أعلم ، ولعلها غفلة استوجبت تحذير ديكنا ليقول: يا غافلين ... فتأمل .



نبقى مع القوم في السماء السابعة ، لنراهم يروون عن الرضا ، عن آبائه قال: قال رسول الله : لما عرج بي إلى السماء نوديت يا محمد ، فقلت: لبيك ربي وسعديك ، تباركت وتعاليت ، فنوديت يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فأعبد ، وعلي فتوكل ، فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي ، وحجتي على بريتي ، لك ولمن تبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي ، فقلت: يا رب ومن أوصيائي ؟ فنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي ، فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي ؟ فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي ، وحججي بعدك [19]



ويرى القوم أنه بعد قراءته للأسماء نسي أيضا أنهم أوصياؤه كما أخبره بذلك ربه ، فسأله في رواية أخرى للقوم: يا رب من هؤلاء الذي قرنتهم بي ؟ فنودي: يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك [20]



وحين سأله: يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى ؟ قال: إلهي لا علم لي ، فقال له: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا أو أخا ووصيا من بعدك ؟ فقال: إلهي ومن اتخذ ؟ تخير لي أنت فأوحى الله إليه يا محمد اختر عليا ، فقلت: إلهي ابن عمي ؟ ... الرواية [21]



ولكن هل وقف الأمر على هذا ؟ انظر إلى القوم وهم يروون - وبعد كل هذه التأكيدات والمواثيق وفي طريق العودة إلى الأرض وفي السماء الرابعة حيث ديكنا وتنبيهه للغافلين ومنهم واضع هذه الرواية - يروون أنه لما هبط النبي إلى السماء الرابعة ناداه ربه يا محمد ؟ قال: لبيك ربي ، قال: من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة ؟ قال: اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي ، فقال: اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب [22]



وعلى أي حال ، حتى لا يطول مكثنا في السماء ، نجتزئ بالإيجاز الذي أوردناه فالروايات الشبيهة الواردة في ليلة الإسراء كثيرة [23] ، وقد أوردنا بعضا منها في أول الباب أيضا ، وكل واحدة منها تناقض سابقتها وتسقطها فضلا عن إسقاطها للباب بأكمله ، وهكذا شأن جميع الروايات الآتية .



نعود إلى الأرض ، وتحديدا إلى مكة حيث لا زلنا مع القوم ورواياتهم قبل الهجرة .



روى القوم أن رسول الله قال لعلي رضي الله عنه ليلة الهجرة: أرضيت أن أُطلب فلا أُوجد وتوجد فلعله أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك ؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت أن تكون روحي لروحك فداء ونفسي لنفسك فداء [24]



لا شك أن وجه الدلالة غير خافٍ في الرواية ، فافتراض القتل هنا وفي روايات عدة - سنأتي على ذكر بعضها - لا يمكن توجيهها باعتبار أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلي الخلافة بعده فكيف يفترض أن يقتل أو يموت قبله ، والأمر واضح ولا اعتقد أنه يحتاج إلى زيادة تعليق .



فهذا يدل على خفاء النص على النبي الذي يزعمون أنه نص على إمامة علي رضي الله عنه وهو في مكه قبل الهجرة للمدينة.



أما بعد الهجرة فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنه جاعل لي من أمتي أخا ووارثا وخليفة ووصيا ، فقلت: يا رب من هو ؟ فأوحى إلى : يا محمد أنه إمام أمتك وحجتي عليها بعدك ، فقلت: يا رب من هو ؟ فأوحى إلى : يا محمد ذاك من احبه ويحبني ذاك المجاهد في سبيلي والمقاتل لناكثي عهدي والقاسطين في حكمي والمارقين من ديني ، ذاك وليي حقا زوج ابنتك وأب ولدك علي بن أبي طالب [25]



لا أقل من أن تاريخ هذه الرواية بعد السنة الثالثة للهجرة ، بدليل قوله : زوج ابنتك وأبو ولدك ، ولا شك - وباعتبار كل ما مر بك في هذا الباب - أنه سيتبادر إلى ذهنك عند قراءتك لبداية الرواية أن المقصود هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فواعجباً هل غاب ذلك عمن كان سببا في النص على إمامة علي رضي الله عنه، بل يستفصل ويسأل حتى يبين الله أوصافه ثم يذكر له إسمه؟



ثم يروى لنا القوم بعد هذا أن النبي لا يزال يسأل ربه أن يجعل عليا وصيه وخليفته من بعده ، وأن يجعل الإمامة في الحسن والحسين[26]



وحين سأله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه بزعمهم عن وصيه من بعده أمسك عنه عشرا لا يجيبه معتذرا بانتظار وحي السماء ، ثم قال له: يا جابر ألا أخبرك عما سألتني ؟ فقلت: بأبي أنت وأمي والله لقد سكت عني حتى ظننت أنك وجدت عَلَيَّ ، فقال: ما وجدت عليك يا جابر ولكن كنت انتظر ما يأتيني من السماء ، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ربك يقول: إن علي بن أبي طالب وصيك وخليفتك على أهلك وأمتك [27]



ومثلها عن سلمان الفارسي رضي الله عنه حين سأله: من وصيك من أمتك فإنه لم يُبْعث نبي إلا كان له وصي من أمته ؟ فقال رسول الله : لم يبين لي بعد ، فمكثت ما شاء الله أن أمكث ثم دخلت المسجد فناداني فقال: يا سلمان سألتني عن وصيي من أمتي فهل تدري من كان وصي موسى من أمته ؟ فقلت: يوشع بن نون فتاه ، فقال: هل تدري لم كان أوصى إليه ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم ، قال: أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده ، ووصيي وأعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب [28]



ولا تحتاج هذه الروايات إلى تعليق ، فكيف يستقيم أن يجهل الأنصاري ، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم [29] ، بما علم من الدين بالضرورة باعتقاد القوم ، حتى سألا رسول الله الذي غاب عنه هو أيضا بزعم القوم من قال عنه أن مدار قبول الأعمال على القول بإمامته ، ولولاه لما خلق الله الأكوان ، إلى آخر مامر ذكره، حتى انتظر نزول الوحي به بعد عشر ، ولا أدري أهي أيام أو شهور ، ولكن أعلم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما هو معلوم من علم الأصول .



وفي يوم الخندق ذكر القوم أن النبي قال لما انتدب عمروٌ للمبارزة وجعل يقول: هل من مبارز ؟ والمسلمون يتجاوزون عنه فركز رمحه على خيمة النبي وقال: ابرز يا محمد فقال النبي : من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي ؟ فنكل الناس عنه ، فقال: ادن مني يا علي ، فنزع عمامته السحاب من رأسه وعممه بها وأعطاه سيفه وقال: امض لشأنك ، ثم قال: اللهم أعنه . وروي أنه لما قتل عمرا أنشد أبياتا منها:



قد قال إذ عممني عمامة **** أنت الذي بعدي له الإمامة [30]



فانظر معي إلى هذه الرواية ، فرغم أن أحداثها وقعت في السنة الخامسة للهجرة حيث غزوة الخندق ، لا زال أعظم أركان الدين عند القوم غير مبيّن ، وكنت أنتظر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يستدرك الأمر ويخبر النبي بأن أمر الإمامة قد انتهى بتعينه خليفة له منذ أن نزل قوله : {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، ولكن لم يحصل ذلك ، فضلا عن الروايات التي أوردناها ، وفضلا عن مليوني عام قبل الخلق ، ويزيد من حيرتي صمت الصحابة رضوان الله عليهم وعدم استدراك أحد منهم ذلك ، وَلَعلِّي أجد عند القوم ما يذهب عني حيرتي .



نعود إلى مسألة الخوف من موت اللاحق قبل السابق ، ففي نفس الغزوة وبعد أن خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمبارزة عمرو قال رسول الله : اللهم انك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد وهذا أخي علي بن أبي طالب ، رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين [31] .

وتتكرر القضية في موطن آخر ، فقد روى القوم أن عليا خرج في سرية ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبره ولا خبر من الأرض ، وأقبلت فاطمة بالحسن والحسين تقول أوشك أن يؤتم هذين الغلامين فأسبل النبي عينيه يبكي ثم قال: معاشر الناس من يأتيني بخبر علي أبشره بالجنة وافترق الناس في الطلب لعظم ما رأوه بالنبي وخرج العواتق ، فأقبل عامر بن قتادة يبشره بعلي ، وهبط جبرئيل عليه السلام على النبي فأخبره بما كان فيه[32]



ولسائل أن يسأل القوم عن كل هذا الخوف والقلق والاضطراب الذي استدعى إعلان حالة الطوارئ وتفرق الناس في الأرض وخروج العواتق ونزول جبرئيل من أجل الخوف من موت خلف يرون سلفه ماثلا أمامهم .



وفي فتح مكة وجد متعلقا بأستار الكعبة يسأل الله العضد ، ناسيا كل ما ذكرناه من مقدمة الباب حتى الرواية السابقة ، حتى استوجب غضب جبريل عليه السلام بزعم القوم ، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله يوم فتح مكة متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: اللهم ابعث إلي من بني عمي من يعضدني فهبط جبرئيل كالمغضب فقال: يا محمد أو ليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله ؟ يعني بذلك علي بن أبي طالب [33]

ثم نراه في غدير خم وقد هبط عليه جبرئيل عليه السلام بأمر من الله بنصب علي رضي الله عنه بزعمهم ، متسائلا عن هذا الولي الذي سيكون من بعده ، حيث قالوا: إن جبرئيل عليه السلام نزل يوم غدير خم فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرهم من بعدك وأكد ذلك في كتابه فقال: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء 59] ، فقال: إي ربي ومن ولي أمرهم بعدي ؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين ولم يعبد وثنا ولا أقسم بزلم ، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين[34]



ولما قرب أجله ، روى القوم أنه قال: ما قبض الله نبيا حتى أمره أن يوصي إلى عشيرته من عصبته – وفي لفظ – إلى أفضل عشيرته من عصبته – وأمرني أن أوصي ، فقلت: إلى من يا رب ؟ فقال: أوص يا محمد إلى ابن عمك علي بن أبي طالب فإني قد أثبته في الكتب السالفة ، وكتبت فيها أنه وصيك وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي ، وأخذت مواثيقهم لي بالربوبية ولك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالولاية [35]



أقول: لا شك أن ورود إمامته في الكتب السالفة يقتضي ورود ذلك في القرآن من باب أولى ، فبذلك يكون جهله ممتنعا من هذه الجهة ، أما خلافه ففيه إسقاط للمعتقد من أصله، وسنأتي على بيان ذلك في حينه [36] و أمر آخر في الرواية وهو أن الله إن كان قد أخذ المواثيق بإمامته رضي الله عنه على الخلائق بما فيهم الأنبياء والرسل عليهم السلام فلا شك أن خير البشر على رأسهم، فكيف جهل بهذا الميثاق؟

ثم يروي لنا القوم أنه بكى عند موته فجاءه جبرئيل وقال: لم تبكي ؟ قال: لأجل أمتي ، من لهم بعدي ؟ فرجع ثم قال: إن الله تعالى يقول: أنا خليفتك في أمتك [37]



فنعم سبب البكاء ونعم الخليفة الله الذي لم يشأ أن يجمع هذه الأمة المرحومة على ضلالة. فقد كان كثيراً ما يخشى على أمر أمته من بعده كما تذكر روايات القوم، وكان يُذَكِّر الوالي بعده ويقول: أُذَكِّر الله الوالي من بعدي على أمتي ألا يرحم على جماعة المسلمين ، فاجل كبيرهم ورحم ضعيفهم ، ووقر عالمهم ، ولم يضربهم فيذلهم ، ولم يفقرهم فيكفرهم ، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ... إلى آخره ، وكان ذلك آخر كلام تكلم به رسول الله على منبره كما ذكر القوم ذلك عن الصادق [38]



وهذه النصائح إن كانت موجهة إلى الإمام المعصوم فهي عبث لا فائدة منها ، إذ أن المعصوم ليس بحاجة إلى توجيه علني على رؤوس الملأ كهذا ! أما إن كانت النصائح موجهة إلى من سيغتصب الخلافة من الإمام المعصوم - حسب معتقد القوم - فإن عبثيتها ستكون أشد ! إذ أن من تجرأ على اغتصاب الخلافة من الإمام المعصوم رغم كل ما مر من نصوص لإثباتها لن يردعه حديث أو حديثان ، فما هي الفائدة المرجوة من هذه النصائح ؟



وبهذه الروايات التي لا تخلوا من فوائد أخرى لا تخفى على القارئ اللبيب ، تسقط جميع الروايات الآنفة الذكر من مليوني سنة قبل الخلق إلى موته في السنة الحادية عشر للهجرة .



ونجتزئ بهذا القدر من الروايات في جهل أو غياب النص عنه بزعم القوم [39] لما التزمنا به في المقدمة من الاقتصار على ذكر بعض الأمثلة في كل موضوع لا حصر جميع الروايات ، ولما سنورده من روايات أخرى تجدها مبثوثة في طيات هذا الكتاب



[1] - معاني الأخبار ، 403 الكافي ، 1/452 البحار ، 15/263 ، 35/6 ، 77 ، 38/47 إثبات الهداة ، 1/153 ، 2/13

[2] - الكافي ، 1/454 ، 8/302 البحار ، 15/137 ، 273 ، 295 ، 297 ، 17/364 ، 35/6 ، 84 إثبات الهداة ، 2/20 الخرائج ، 11 ، 186

[3] - البحار ، 35/11 ، 101 روضة الواعظين ، 68 الفضائل ، 59 جامع الأخبار ، 17 إثبات الهداة ، 2/465

[4] - روضة الواعظين ، 70 الفضائل ، 57 جامع الأخبار ، 17 البحار ، 35/14 إثبات الهداة ، 2/483 ، 490

[5] - إثبات الهداة ، 2/196 ، 197 البحار ، 35/21 الروضة ، 17 روضة الواعظين ، 72

[6] - إثبات الهداة ، 2/465

[7] - البحار ، 35/9 كشف اليقين ، 6 بشائر المصطفى ، 9

[8] - البحار ، 18/232 ، 68/392 الطرف ، 4

[9] - علل الشرايع ، 70 معاني الأخبار ، 55 البحار ، 15/109 إثبات الهداة ، 1/268

[10] - البحار ، 23/74 إثبات الهداة ، 1/142 المناقب ، 1/257

[11] - إثبات الهداة ، 1/141 ، 142 وصي الرسول الأعظم ، 21 البحار ، 18/75 ، 21/372

[12] - وكان ذلك قبل الهجرة بثمانية عشرا شهرا ، وقيل بسنة وشهرين ، وقيل بسنة ، وقيل بستة اشهر ، وقيل غير ذلك - انظر البحار ، 18/302 ، 319

[13] - سبق تخريجه

[14] - كشف اليقين ، 83 البحار ، 18/390 ، 37/314

[15] - البحار ، 18/303 المحتضر ، 139

[16] - اليقين ، 141 البحار ، 37/48

[17] - البحار ، 40/42

[18] - الكافي ، 1/442 ، 443 غيبة الطوسي ، 103 الطرائف ، 43 غيبة النعماني ، 45 البحار ، 18/306 ، 383 ، 403 ، 36/262 ، 280 إثبات الهداة ، 2/12 ، 134 ، 153

[19] - علل الشرايع ، 5 عيون أخبار الرضا ، 1/238 كمال الدين ، 254 البحار ، 11/139 ، 18/345 ، 26/335 ، 52/312 ، 57/58 ، 60/303 إثبات الهداة ، 1/482 ، 584 ، 585 منتخب الأثر ، 61 تأويل الآيات ، 2/878

[20] - كفاية الأثر ، 14 البحار ، 36/321

[21] - كمال الدين ، 238 إثبات الهداة ، 1/500 البحار ، 51/69 ، 52/276

[22] - أمالي الصدوق ، 352 أمالي الطوسي ، 218 البرهان ، 4/199 كشف اليقين ، 22 البحار ، 18/341 ، 371 ، 36/160 ، 37/291 ، 38/108 ، 40/13 إثبات الهداة ، 2/70

[23] - للمزيد انظر: البحار ، 40/13 اليقين ، 22 أمالي الطوسي ، 353 ، 364 أمالي الصدوق ، 386 ، 387 ، 504 نور الثقلين ، 3/99 ، 4/470 إثبات الهداة ، 1/548 كفاية الأثر ، 15 البحار ، 36/323

[24] - إثبات الهداة ، 3/596 مدينة المعاجز ، 75 تفسير العسكري ، 466 البحار ، 19/81

[25] - أمالي الصدوق ، 327 البحار ، 38/107 إثبات الهداة ، 2/67

[26] - عيون أخبار الرضا ، 220 الكافي ، 8/309 إثبات الهداة ، 2/94 ، 122 ، 141 ، 3/84 البرهان ، 1/279 ، 2/209 ، 3/36 تأويل الآيات ، 1/106 ، 224 ، 310 البحار ، 23/221 ، 145 ، 36/80 ، 100 ، 126 ، 147 ، 38/92 ، 110 ، 140 ، 143 ، 146 ، 329 ، 39/290 ، 40/61 أمالي الصدوق ، 28 كنز الكراجكي ، 208 قرب الإسناد ، 14 المناقب ، 1/550 نور الثقلين ، 3/276

[27] - أمالي الطوسي ، 193 أمالي المفيد ، 99 البحار ، 38/114 إثبات الهداة ، 2/96

[28] - أمالي الصدوق ، 21 البحار ، 38/18 إثبات الهداة ، 2/50

[29] - انظر روايات أخرى عنهما: كمال الدين ، 246 منتخب الأثر ، 49 ، 50 ، 51 ، 59 ، 101 ، 108 ، 159 مذهب أهل البيت ، 16 وصي الرسول الأعظم ، 33 إثبات الوصية ، 15 ، 18

[30] - البحار ، 41/88

[31] - البحار ، 20/215 ، 38/300 ، 309 ، 39/3 البرهان ، 3/71 تأويل الآيات ، 1/329

[32] - الخصال ، 95 أمالي الصدوق ، 93 البحار ، 41/74

[33] - المناقب ، 2/67 البحار ، 41/61

[34] - كشف اليقين ، 131 البحار ، 37/324

[35] - أمالي الطوسي ، 102 البحار ، 15/18 ، 26/272 ، 38/111 إثبات الهداة ، 2/93 تأويل الآيات ، 2/566 البرهان ، 4/148 بشارة المصطفى ، 39

[36] - راجع باب: الإمامة والقرآن من كتابنا هذا

[37] - المناقب ، 3/268 البحار ، 39/85

[38] - الكافي ، 1/406 البحار ، 22/495 ، 27/247 ، 100/32 قرب الإسناد ، 48

[39] - للمزيد انظر: منتخب الأثر ، 29 ، 104 ، 200 البحار ، 14/207 ، 16/317 ، 17/309 ، 18/97 ، 205 ، 370 ، 23/272 ، 24/181







التوقيع :
اللهم احشرنا مع ابى بكر و عمر وعثمان و على و سائر الصحا بة الاخيار و اهل البيت الاطهار اللهم فرزقنا حب الصحابة و اهل البيت ونجمع بين محبتهم
من مواضيعي في المنتدى
»» الشيعة يكفرون كل الفرق الاسلامية
»» الفئة التي تستثنيها الشيعة من عموم اللعن و التكفير للأمة
»» مقالة قيمة بعنوان تخبط وتخليط المالكىحول مسألة عبدالرحمن بن عديس هل من اصحاب بيعة الر
»» الشيعه و أثرهم فى الادب العربي
»» طعن الرافضة على الصحا بة فى قوله تعالى (و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل )
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "