بغض النظر عن كون معاوية خال المؤمنين أم لا .. كان الرجل قائداً سياسياً من الطراز الأول .. ماذا نريد من الحاكم أكثر من هذا ؟!
المسعودي الشيعي يروي لنا يوماً من أيام حكم معاوية :- (راجع/ مروج الذهب للمسعودي (مؤرخ شيعي معروف) / من الإنترنيت ، ص 361 ) ، يقول المسعودي (بإيجاز) :-
كان معاوية إذا صلى الفجر جلس للقاصِّ (قارئ القصص) حتى يفرغ من قصصه .. ثم يدخل فيؤتى بمصحفه فيقرأ جزأه .. ثم يدخل منزله .. ثم يصلي أربع ركعات .. ثم يخرج فيأذن لخاصة الخاصة (المسؤولين الكبار) .. ثم يدخل منزله ..
ثم يخرج إلى المسجد ويجلس على الكرسي ،، فيتقدم إليه (ذوو الحاجات) الضعيف والأعرابي والصبي والمرأة ومن لا أحد له، فيقول: ظُلِمت (ظلموني) ، فيقول: أعِزُّوهُ، ويقول: عُدِي علي (تعرضت لإعتداء)، فيقول: أبعثوا معه، ويقول: صُنِع بي (آذوني) ، فيقول : انظروا في أمره، حتى إذا لم يبقى أحد دخل فجلس على السرير،
ثم يقول لأشراف القوم :-ارفعوا إلينا حوائج مَنْ لا يصل إلينا، فيقوم الرجل فيقول: استشهد فلان، فيقول: افرضوا(أعطوا) لولده، ويقول آخر: غاب فلان عن أهله، فيقول: تعاهدوهم، أعطوهم، اقضوا حوائجهم، اخدموهم ..
ثم يؤتى بالغداء، ويحضر الكاتب فيقوم عند رأسه، ويقدم الرجل (ذو الحاجة) فيقول له: اجلس على المائدة، فيجلس، فيمد يده فيأكل لقمتين أو ثلاثاً والكاتب يقرأ كتابه (ما يريده الرجل من معاوية) فيأمر فيه بأمره، فيقال: يا عبد الله أعقبْ (أترك المجال لغيرك)، فيقوم ويتقدم آخر، حتى يأتي على أصحاب الحوائج كلهم، وربما قدم عليه من أصحاب الحوائج أربعون أو نحوهم على قدر الغداء، ثم يرفع الغداء ، ويُقال للناس: أجيزوا ، فينصرون ..
فيدخل منزله .. فيخرج فيصلي ثم يدخل فيصلي أربع ركعات .. ثم يجلس فيأذن لخاصة الخاصة (كبار المسؤولين) ،، ويجلس إلى العصر،
ثم يخرج فيصلي العصر، ثم يدخل إلى منزله فلا يطمع فيه طامع (فترة إستراحة مع أهله) ، حتى إذا كان في آخر أوقات العصر خرج فجلس على سريره ، ويُؤْذَنُ للناس على منازلهم (مناصبهم) ، فيؤتى بالعشاء فيفرغ منه مقدار ما ينادى بالمغرب ،، فيخرج فيصليها ،
ثم يصلي بعدها أربع ركعات يقرأ في كل ركعة خمسين آية يجهر تارة ويخافت أخرى .. ثم يدخل منزله فلا يطمع فيه طامع (فترة إستراحة أخرى) حتى ينادي بالعشاء الآخرة، فيخرج كي يصلي، ثم يؤذن للخاصة وخاصة الخاصة والوزراء والحاشية ..
ويستمر إلى ثلث الليل في أخبار العرب وأيامها والعجم وملوكها وسياستها لرعيتها وسِيَر ملوك الأمم وحروبها ومكايدها وسياستها لرعيتها، وغير ذلك من أخبار الأمم السالفة، ثم تأتيه الطرَفُ الغريبة (الأكلات المميزة) من عند نسائه من الحلوى وغيرها من المآكل اللطيفة، ثم يدخل فينام ثلث الليل،
ثم يقوم فيقعد، فيستمع إلى سير الملوك وأخبارها والحروب والمكايد .. ثم يخرج فيصلي الصبح، ثم يعود فيفعل ما وصفنا في كل يوم.
( وقد حاول بعض الخلفاء تقليده ) فلم يُدركوا حلمه، ولا إتقانه للسياسة، ولا التأني للأمور، ولا مداراته للناس على منازلهم، ورفقه بهم على طبقاتهم (مروج الذهب للمسعودي (شيعي) / من الإنترنيت ، ص 361 ) .