العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-04-03, 04:42 PM   رقم المشاركة : 1
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


كنوز السيرة للشيخ عثمان الخميس - 5

أن الله تبارك وتعالى يأمره بالهجرة فذهب النبي في الهاجرة (أي قبيل الظهر) إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليبرم معه مراحل الهجرة تقول عائشة بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم متقنعاً وذلك في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر (أي إلا أمر مهم) فجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي بكر أخرج من عندك (يعني أريد أن أخبرك بأمر مهم سري لا يجوز أن يطلع عليه كل أحد) فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند ذلك إني قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم فبقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى عتمة الليل وإذا كفار مكة عند باب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ساهرون يريدون قتله وفيه أنزل الله تبارك وتعالى "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" هذا مكرهم وهو أن اجتمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن يقتله شباب أقوياء فيتفرق دم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في القبائل فيقبل بنو عبد مناف الدية ولننظر إلى مكر الله تبارك وتعالى كيف صنع الله بهم كما قال جل وعلا "ويكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا " قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسجّى ببردي فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم وهذا تطمين من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي رضي الله عنه وقد أبقى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علياً في مكة حتى يرد الأمانات التي عنده لأهل مكة. ونريد أن ننبه إلى أمرين اثنين نرى إنهما من أهم الأمور:

أولهما: هو أن كفار مكة كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذب ساحر شاعر مجنون وغير ذلك من الصفات التي اتهموه بها وهم في هذا كاذبون فهم لا يصدقون ما يقولون ولذلك كانوا يضعون أماناتهم عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهل يجوز أن يعطي عاقل الأمانة إلى رجل يرى أنه كذاب أو مجنون وأنه ساحر أو شاعر هذا لا يمكن أبدا فدل هذا على أنهم لا يكذبونه كما قال الله تبارك وتعالى "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " وأما الأمر الثاني فهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أميناً لما أرادوا قتله ما قال أنا آخذ أموالهم لأنهم يريدون قتلي فأنا استحقها أبداً ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك (أي وإن خان هو فأنت لا تخون المؤمن لا يخون أبداً) فتبقى أخلاق المؤمن شامخة عالية ظاهرة وإن غدر من غدر من الكافرين. إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما عزم على الخروج من مكة أو لنقل من بيته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأولئك الشبان الأقوياء المسلحون ينتظرون عند باب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يريدون خروجه ليقتلوه ألقى الله تبارك وتعالى عليهم

النوم جميعاً وخرج إليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخذ حفنة من البطحاء (يعني من الرمال) فجعل يذره على رؤوسهم وكان الله قد أخذ أبصارهم فلا يرونه والنبي صلوات الله وسلامه عليه يتلو" وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " فلم يبق منهم رجل إلا وضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على رأسه تراباً ومضى إلى بيت أبي بكر فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلاً (والخوخة الباب الصغير) حتى لحقا بغار ثور اتجاه اليمن، هم مكروا وكيف الله جل وعلا مكر لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبقوا هكذا واقفين حتى جاءهم رجل ممن لم يكن معهم ورآهم واقفين عند الباب فقال لهم: ماذا تنتظرون؟ قالوا: محمداً قال: خبتم وخسرتم قد والله مرّ بكم وذرّ على رؤوسكم التراب وانطلق لحاجته فوضعوا أيديهم على رؤوسهم فوجدوا التراب فقاموا ينفضونه وقالوا: والله ما أبصرناه ثمّ نظروا داخل البيت فرأوا علياً قالوا: هذا والله محمد إنه نائم فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا وقام علي عن الفراش فسُقط في أيديهم وقالوا له: أين محمد؟ قال: لا علم لي ولما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أن قريشاً ستجد في الطلب وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار هو المدينة كان من ذكائه صلوات الله وسلامه عليه أن سلك طريقاً آخر يضاده تماماً وهو طريق اليمن مشى خمسة أميال في اتجاه اليمن والأنظار كلها والعقول كلها تقول إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيهاجر إلى المدينة وهكذا كان صلاة الله وسلمه عليه ولكنه أراد أن يعمّي عليهم الأمر فذهب إلى جهة اليمن ومكث في مكان يقال له جبل ثور ثلاثة أيام صلوات الله وسلامه عليه وكان يمشي متجهاً إلى غار ثور على أطراف قدميه وذلك أن الطريق كان وعراً فحفيت قدماه صلوات الله وسلامه عليه وطفق يشتد به الأمر حتى انتهى إلى الغار في قمة الجبل وهو يسمى الآن بغار ثور معروف في جهة مكة من جهة اليمن خلف منطقة العزيزية هناك ولما انتهيا إلى الغار قال: أبو بكر والله ما تدخله يا رسول الله حتى أدخله قبلك فإن كان فيه شيء أصابني دونك فدخل أبو بكر فكسحه (أي نظفه) ووجد في جانبه ثقباً فشق إزاره وسده به وبقي ثقبان آخران فألقمهما رجليه ثمّ قال لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ادخل فدخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووضع رأسه في حجر أبي بكر ونام فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر فلم يتحرك مخافة أن ينتبه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسقطت دموعه من شدة الألم على وجه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال رسول الله: له ما لك يا أبا بكر؟ قال: لدغت فداك أبي وأمي فتفل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مكان اللدغة فذهب ما يجده من ألم. وهذا أيضاً يبين لنا أمرين اثنين:

الأول: شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إنه يلدغ فلا يتحرك حتى لا يؤذي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو نائم.

الثاني: بركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكيف أنه مجرد تفل في جرحه أذهب الله جل وعلا عنه ما يجده.

النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر في غار ثور: وظلا في الغار ثلاث ليال ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد وكان عبدالله بن أبي بكر يبيت عندهما قالت عائشة وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحَر (أي في آخر الليل) فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام يعني عبدالله بن أبي بكر الصديق كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر إلى السحَر أي قريب الفجر ثمّ يرجع إلى مكة فإذا أصبح فأصبح مع الناس فيسمع كلام الناس ماذا يقولون لأن ما عندهم حديث إلا خروج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم إذا صار الليل ذهب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وأخبرهما الخبر وكان يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل (يعني أن عامر بن فهيرة يأتيهما باللبن قبل أن يناما) وكان يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي وكان يأتي إلى أثر عبدالله بن أبي بكر وهو راجع وهو ذاهب فيمشي بالغنم حتى يذهب أثره وأما قريش فقد جنّ جنونها حينما تأكد لديها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أفلت في صبيحة الليلة التي قد عزموا فيها على قتله وحاولوا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه و آذوه حتى يعلمهم مكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يعلمهم بشيء حتى إذا يأسوا منه ذهب أبو جهل إلى بيت أبي بكر الصديق فخرجت إليه أسماء بنت أبي بكر فقال لها: أين أبوك؟ قالت: لا أدري والله أين أبي فرفع أبو جهل يده فلطم خدّها لطمة طرح منها قرطها أي ما يكون في الأذن مما تتزين به النساء وجعلت قريش مكافأة قدرها مائة ناقة لكل من يدلها على مكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء كان حياً أو ميتاً وَجدّت الفرسان والمشاة وقصّاص الأثر في الطلب لأن مائة ناقة شيء عظيم وانتشروا في الجبال والوديان يبحثون عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن دون فائدة. روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما وفي لفظ ما ظنّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ولما هدأت قريش في الطلب تهيأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للخروج من الغار واتجه إلى المدينة وذلك أن عبدالله بن أبي بكر كما قلنا كان يأتيهما بالأخبار وكان مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل أجير وهو عبدالله بن أريقط وهذا كان دليلاً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر يدلهما الطريق إلى المدينة وكان كافراً ومع هذا استعان به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولذلك قال أهل العلم تجوز الاستعانة بالكافر عند الحاجة إليه وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أعطى عبدالله بن أريقط الراحلتين وواعده في غار ثور بعد ثلاث ليال والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استأمنه وهو كافر وكان من الممكن أن يخبر قريشاً بمكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر ويأخذ المائة ناقة ولكنه ما استأمنه إلا إنه كان أميناً فلما كانت ليلة الاثنين جاءهما عبدالله بن أريقط بالراحلتين وكانتا لأبي بكر فقال أبو بكر للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله خذ إحدى راحلتي هاتين يعني لك وقرّب إليه أفضلهما فقال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالثمن وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسُفرتهما (يعني الطعام) ونسيت أن تجعل لها عصاماً (يعني شيئاً تربط به) فلما ارتحلا ذهبت تعلق السُفرة فإذا ليس لها عصام فشقت نطاقها قسمين فعلقت السُفرة بأحد هذين القسمين وانتطقت بالآخر ولذلك سميت بذات النطاقين (والنطاق هو ما يُربط على البطن). روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلى الطريق لا يمر فيه أحد فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأتِ عليها الشمس فنـزلنا عندها وسويت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكاناً بيدي ينام عليه وبسطت عليه فروة وقلت: نم يا رسول الله وأنا انفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله (أي ينظر إلى الطريق) فإذا أنا براعٍ مقبل إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أردنا (يعني يريد أن ينام تحتها) فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم قلت أفتحلب؟ قال: نعم، فأخذ شاة فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقذى فحلب في كعب كثبة من لبن (يعني إناءً صغيراً) ومعي إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرتوي منها يشرب ويتوضأ فأتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكرهت أن أوقظه فوافقت حين استيقظ (يعني انتظرت حتى استيقظ) فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثمّ قال: ألم يئن الرحيل؟ قلت: بلى قال: فارتحلنا.



سُراقة بن مالك يبحث عن مكافأة:

وتابع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر رجل يقال له سُراقة بن مالك بن جعشم قال سراقة: بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إنّي رأيت آنفاً أسودة بالساحل أراهما محمداً وأصحابه قال سراقة: وعرفت أنهم هم فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا يعني غبى عليه الأمر ثمّ لبثت في المجلس ساعة ثمّ قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج فرسي وهي من وراءِ أكمة فتحبسها عليّ (يعني حتى لا يراها الناس) فأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي (يعني اختبأ حتى لا يراه أحد) فخررت عليها فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا (وهذا من جهلهم) فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام حتى إذا اقتربت من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات أي خوفاً على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أن يأتيه أحد فساخت يدا فرسي في الأرض (أي غرقت في الأرض) حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثمّ زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام مرة ثانية فخرج الذي أكره أي تقول لا تتبعهما فناديتهم بالأمان يعني ناديت أبا بكر والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأمان الأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم كيف أن فرسي امتنعت أن سيظهر أمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وعرضت عليه الزاد والمتاع فلم يرزآني (أي فلم يقبلا مني) ولم يسألاني إلى أن قال: اخفِ عنّا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي في رقعة من أدم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورجع سراقة بن مالك ووجد الناس في الطلب فجعل يقول لهم قد استبرأت لكم الخبر قد كفيتكم ما هاهنا، سبحان الله في أول الأمر يريد قتلهما ويريد مسكهما يريد الدية أو الثمن الذي جعله أهل مكة لهما وفي آخر النهار جعل يدافع عنهما ويخفي أمرهما فهذا من الله تبارك وتعالى كيف أنه يحفظ نبيه صلوات الله وسلامه عليه.

خيمة أم معبد:

ومرّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسيره ذلك حتى أتى خيمة امرأة يقال لها أم معبد فسألها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر هل عندك شيء؟ قالت: والله ما عندنا شيء ما أعوزكم وكانت سنة شهباء فنظر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى شاة في كسر الخيمة (يعني في مؤخرة الخيمة) فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم يعني (ضعيفة ما تصلح حتى أن تسير مع الغنم) فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك فقال: أتأذنين أن أحلبها قالت: نعم بأبي وأمي إن رأيت بها حلباً فاحلبها فمسح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيده ضرعها وسمى الله ودعا فتفاجت عليه ودرّت فدعى بإناء لها فحلب فيه حتى علته الرغوة (أي كثر اللبن) فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه أبا بكر وعامر وعبدالله بن أريقط حتى رووا ثمّ شرب وحلب ثانية حتى ملأ الإناء ثمّ أعطاه إياها وغادر صلوات الله وسلامه عليه بعد ذلك جاء زوج أم معبد يسوق أعنزاً عجافاً ما فيها لبن فلما رأى اللبن عجب فقال: من أين لك هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: والله إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت ومن حاله كذا وكذا فذكرت له ما وقع فقال زوجها: إني والله أرى أنه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد فوصفته بصفات فقال لها: هذا والله من يبحث عنه أهل مكة وسمعت أشعار يقال إنها للجن:

جزى الله رب العرش خير جزائه ،،،،،،،،،، رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نـزلا بالبر وارتحلا به ،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وأفلح من أمسى رفيق محمد

فيا لقصي مازوا الله عنكم ،،،،،،،،،،،،،،،،، به من فعال لا يجازى وسؤدد

ليهنا بنو كعب مكان فتاتهم ،،،،،،،،،،،،،،، ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ،،،،،،،،،،،،، فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» اتهام الرافضة لأبي جعفر محمد الباقر بصداقته للوطية؟!!!!
»» الخميني يرد على aseeralgeram في عدم توريث الأنبياء المال!!!![وثيقة]
»» معاوية بن أبي سفيان المهدي كاتب الوحي
»» شيخ الإسلام ابن تيمية يحاور دجاجلة الصوفية البطائحية
»» رأي الدكتور عمر الأشقر في موضوع الصفات وعلم الكلام
 
قديم 14-04-03, 04:42 PM   رقم المشاركة : 2
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


الوصول إلى المدينة:

وفي يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة من مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصل إلى قباء وقال عروة بن الزبير: سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحَرة (وهي مكان بين مكة والمدينة) فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم (وهو المكان المرتفع) فبصر بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب (يعني يراهم من بعيد) فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعدل بهم ذات اليمين حتى نـزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صامتاً فطفق من جاء من الأنصار ممن لم يروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجيئوا أبا بكر يظنون أنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل على نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بردائه فعرف الناس أن هذا هو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبقي علي بن أبي طالب ثلاثة أيام حتى أدى الأمانات عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ هاجر ماشياً على قدميه حتى أدرك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة أقام الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقباء أربعة أيام على المشهور الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وصلى فيه وهو أول مسجد أسس على التقوى ولما كان اليوم الخامس وهو يوم الجمعة ركب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمر الله له وأردف أبا بكر وأرسل إلى بني النجار وهم أخوال جده عبد المطلب فجاؤا متقلدين سيوفهم فسار جهة المدينة فأدركته الجمعة في قرية لبني سالم بن عوف فجمّع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي وهذه أول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة وبعد أن صلى الجمعة انطلق إلى داخل المدينة فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته هلمّ إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة فكان يقول لهم خلّوا سبيلها فإنها مأمورة فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي فبركت فلم ينـزل عنها حتى نهضت وسارت قليلاً ثمّ التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول فنـزل عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بني النجار وكان من توفيق الله لها فإنه أحب أن ينـزل على أخواله وذلك ليكرمهم بذلك وهذه من صلة الرحم. فجعل الناس يكلمون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النزول إليهم فكل واحد منهم يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقول يا رسول الله انـزل عندي، اسكن عندي، فقام أبو أيوب الأنصاري وأخذ رحل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم دخل به إلى بيته فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال المرء مع رحله فجاء أسعد بن زرارة لما رأى هذا الأمر من أبي أيوب الأنصاري فأخذ بزمام راحلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال والراحلة عندي يعني أخدمها لك فكانت عنده. وبعد أيام وصلت زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سوْدة وابنتاه فاطمة وأم كلثوم وكذلك أسامة بن زيد وأم أيمن وكل أولئك خرج معهم عبدالله بن أبي بكر ومعه كذلك أولاد أبي بكر الصديق وبقيت زينب بنت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أبي العاص بن الربيع لم تستطع أن تهاجر معه وذلك أنه كان على دين قومه. بعد أن استقر بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المقام قام ببناء المسجد النبوي في المكان الذي بركت فيه الناقة وكان المكان لغلامين يتيمين فاشتراه وبناه المسلمون وشارك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في البناء بيديه الكريمتين صلوات الله وسلامه عليه وكان يقول وهو يبني معهم اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة. فكان الأنصار يعملون مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقولون: لإن قعدنا والنبي يعمل،،،،، لذاك منا العمل المضلل. وكانت في ذلك المكان (أي الذي أراد أن يبني فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسجد) قبور للمشركين وكان فيه خِرب ونخل فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقبور فنبشت والخِرب فسويت وبالنخل فقطعت وصفت في قبلة المسجد وكانت القبلة في ذلك الوقت إلى الآن إلى بيت المقدس لم يؤمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتوجه إلى مكة وبنى بجانب هذا المسجد بيوتاً وهي الحُجر أي بيوت أزواجه صلوات الله وسلامه عليه وبعد أن تكامل البنيان انتقل صلوات الله وسلامه عليه إلى تلك البيوت ثمّ آخى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين المهاجرين والأنصار وذلك في دار أنس بن مالك وكانوا تسعين رجلاً نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار آخى بينهم على المواساة وأنهم يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام وذلك إلى أن أنـزل الله تبارك وتعالى بعد بدر "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " فرجع التوارث إلى الأقارب. ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية فلا حمية إلا للإسلام وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن فالقضية قضية تقوى واتباع. روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قدم المدينة آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع فقال سعد لعبد الرحمن بن عوف إني أكثر الأنصار مالاً فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمّها لأطلقها فإذا انقضت عدتها تزوجها فقال عبد الرحمن بن عوف بارك الله في أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من إقط وسمن ثم تابع الغدو (أي من غد) ثمّ جاء يوماً وبه أثر صُفرة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مهيم؟ (أي ما حدث) قال: تزوجت قال: كم سُقت إليها؟ قال: نواة من ذهب. وروى أيضاً البخاري عن أبي هريرة قال: قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل فقال: لا فقالوا: فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا نعم سمعنا وأطعنا وهذا يدلنا على أمرين اثنين أيضاً:

أولاً: سخاء الأنصار كما قال الله تبارك وتعالى " والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".

ثانياً: يظهر لنا كذلك موقف المهاجرين وذلك أنهم لم يستغلوا طيبة الأنصار ولذلك لم يقبل عبد الرحمن بن عوف عرض سعد بن الربيع ولم يقبل المهاجرون عرض الأنصار أن يقاسموهم نخيلهم.

وبعد ذلك عقد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المعاهدات مع اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة وهم لم يدخلوا في الإسلام فعقد معهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاهدة ترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد من المدينة بل تركهم فيها صلوات الله وسلامه عليه. في هذه الفترة أرسلت قريش إلى المسلمين تقول لا يغرنكم أنكم أفلتم منّا إلى يثرب فسنأتيكم ونستأصلكم ونبيد خُضْراءكم في عقر داركم. وذلك أنه روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سهر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني قالت: فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح (أي صوت سلاح) فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال النبي: ما جاء بك؟ فقال: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ نام وهذا من توفيق الله تبارك وتعالى له.







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب يوجه الصوفية وينصح لهم
»» موقف أئمة الدعوة السلفية .. من أهل البيت
»» مسألة مهمة في الدعاء والتوسل
»» مناقشة رسالة القارئ عبدالعزيز الأحمد 2/11
»» المصلح الكبير محمد رشيد رضا من الصوفية إلى السلفية
 
قديم 14-04-03, 04:43 PM   رقم المشاركة : 3
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


بدء السرايا:

وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحرس (بضم الياء) ليلاً حتى أنـزل الله تبارك وتعالى "والله يعصمك من الناس " فأخرج الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأسه من القبة فقال يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله عز وجل وهذا يبين شدّة اليقين بالله جل وعلا حتى أذن الله تبارك وتعالى بالقتال والدفاع بقوله جل وعلا " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير". بعد هذا الإذن من الله تبارك وتعالى بالقتال بدأت السرايا وكان من هذه السرايا سرية نخلة وذلك في السنة الثانية من الهجرة بعث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبدالله بن جحش الأسدي إلى مكان يقال له نخلة في اثني عشر رجلاً من المهاجرين كل اثنين يعتقبان على بعير (للفقر) وكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب له كتاباً وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثمّ ينظر فيه فسار عبدالله بن جحش ثمّ قرأ الكتاب بعد يومين إذا فيه إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنـزل نخلة بين مكة والطـائف فترصد بها عـير قريـش (العير هي القافلة المحملة) وتعلم لنا من أخبارهم فقال عبدالله بن جحش عندما قرأ الكتاب: سمعاً وطاعة (يحدّث نفسه بذلك) ثمّ أخبر أصحابه في ذلك أنه لا يستكرههم فمن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع وأما أنا فناهض فنهضوا كلهم ولكن في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه وسار عبدالله بن جحش حتى نـزل بنخلة فمرت عير لقريش تحمل زبيباً وهو العنب وأدماً (وهو الطعام) وتجارة وفيها عمرو بن الحضرمي وعثمان ونوفل ابنا عبدالله بن المغيرة والحكم بن كيسان فتشاور المسلمون وقالوا نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم دخلوا الحرم والأشهر الحرم أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد والثلاثة السرد هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم والواحد الفرد رجب هذه أشهر محرمة منذ أن خلق الله السماوات والأرض إلى يومنا هذا وهناك عندنا أماكن محرمة في السابق كانت مكة والآن يعني بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة فحرم المدينة كما حرّم الله تبارك وتعالى مكة فعندنا حرمان مكة والمدينة المهم أنهم وقعوا في مشكلة وذلك أنهم أدركوا هذه العير في آخر يوم من رجب ورجب من أشهر الحرم إذا أتوا إلى العير وقتلوهم وأخذوا ما عندهم من مال فقد قاتلوا في الشهر الحرام وإن تركوهم دخلوا إلى البلد الحرام (مكة) فوقعوا في مشكلة يعني هم بين ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يقاتلوهم في الشهر الحرام.

الحالة الثانية: أن يتركوهم حتى يدخلوا مكة ويقاتلونهم غداً في الأشهر الحلال ولكن في المكان الحرام.

الحالة الثالثة: وهي أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام ولا يقاتلوهم في البلد الحرام ولكن تفلت العير وتدخل إلى مكة وتنجو. وكانت مكة كما هو معلوم قد أخذت أموال المسلمين بل وأخذت كما ذكرنا نساءهم وأخذت دورهم وأخذت أبناءهم وآذت من آذت وقتلت من قتلت فكان أخذ العير نوع من رد بعض الحقوق وللإنسان أن يرد حقه ممن ظلمه ولو وصل الأمر إلى القتال. فتشاور المسلمون ثمّ اجتمعوا على اللقاء (يعني القتال) فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله وأسروا عثمان والحكم بن كيسان وأفلت منهم نوفل وقدموا بالعير والأسيرين إلى مدينة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد عزلوا من ذلك الخمس وذلك كان أول خمس (يعني في الغنيمة) وهذان كانا أول أسيرين وذاك كان أول قتيل في الإسلام. فلما وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبروه بما حدث أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما فعلوه وقال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ثمّ أوقف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أي تصرف في العير والأسيرين أما قريش فوجدت في هذه فرصة فبدأوا يتكلمون في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه وقالوا إنه أحل ما حرم الله وأكثروا في القيل والقال حتى أنـزل الله تبارك وتعالى الوحي يدافع به عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه قال الله تبارك وتعالى (( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير (أي من الكبائر) وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل…… )) الله أكبر، يقول الله تبارك وتعالى للمشركين أنتم تنكرون على المسلمين أن قتلوا رجلاً في الشهر الحرام ونحن نوافقكم هذا العمل لا يجوز ولكن أنتم يا من تعيبونهم في هذا انظروا ماذا تفعلون يقول لله تبارك وتعالى "وصد عن سبيل الله" أي الذي تفعلونه "وكفر به " أي الذي تفعلونه يا كفار مكة "والمسجد الحرام" أي وصد عن المسجد الحرام "وإخراج أهله منه " وهو طرد المسلمين من مكة وإخراجهم بالتهديد وبالتعذيب "أكبر عند الله والفتنة" أي فتنة الناس عن دينهم أكبر من قتلهم فكانت هذه الآية مما طيب الله تبارك وتعالى بها قلوب المؤمنين فكأن الله جل وعلا يقول لهم ليس هؤلاء من لهم أن يعيبوا عليكم ذلك لأن فعلهم أكبر من فعلكم بكثير. عند ذلك أطلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سراح الأسيرين وأدى الدية عن المقتول إلى أوليائه. وفي السنة الثانية من الهجرة في شهر شعبان أمر الله تبارك وتعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام بقوله "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينّك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره" فحولت القبلة والمشهور أنه حوّلت القبلة في صلاة الظهر أو في صلاة العصر والأكثر على أنها في صلاة العصر. يُذكر أنه أول من صلى إلى مكة البراء بن معرور لما خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بيعة العقبة الثانية وذلك أنهم خرجوا إلى مكة فلما وصلوا إليها أو قبل ذلك أدركتهم الصلاة فأرادوا أن يصلوا والمدينة معلوم موقعها بين مكة وبيت المقدس فمن أراد أن يصلي إلى بيت المقدس فلابد أن يعطي مكة ظهره ومن أراد أن يصلي إلى مكة لابد أن يعطي بيت المقدس ظهره فصلوا إلى بيت المقدس أما البراء بن معرور رضي الله عنه فصلى إلى مكة فاستغرب أصحابه منه فلما قضى من الصلاة قالوا: ويحك ماذا فعلت؟ قال: والله إني كرهت أن أجعل هذه البُنية في ظهري فقالوا: ويحك إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي إلى بيت المقدس قال لا أدري فتركوه فلما وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبروه فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال قد كنت على قبلة لو صبرت يعني كان المفروض أن تصلي إلى بيت المقدس لو صبرت قليلاً وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتمنى أن تكون مكة هي القبلة وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي إليها فيصلي خلف الكعبة باتجاه بيت المقدس صلوات الله وسلامه عليه.







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» قصة شيعي اهتدى للإسلام .. أخونا وائل الحجيري وفقه الله
»» ماذا تعرف عن الطريقة السمانية ؟
»» فوائد في العقيدة
»» مُختـــــــــارات من مواضيع (((المنهج)))
»» الجمــــاعة السلفية المجاهدة في العراق
 
قديم 14-04-03, 04:46 PM   رقم المشاركة : 4
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


معركة بدر الكبرى :

بعد تحويل القبلة كانت معركة بدر الكبرى وذلك أن عيراً لقريش جاءت من الشام بقيادة أبي سفيان ولما قرب رجوعها بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ليقوما باكتشاف خبرها فوصلا إلى مكان يقال له الحوراء فمكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير فأسرعا إلى المدينة وأخبرا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخبر بأن العير فعلاً قادمة بقيادة أبي سفيان وأخبراه بالعدد وأخبراه بما في هذه العير من خير عند ذلك أعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المسلمين قائلاً هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها (أي يعطيكم الله تبارك وتعالى تلك الأموال) ولم يعزم على أحد (أي ما أمر أحداً بالخروج) واستعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للخروج وخرج معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ولم يتخذوا أهبة كاملة (أي لم يستعدوا استعداداً كاملاً) ولكنهم خرج معهم فارسان بفرسين هما الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وكان معهم سبعون بعيراً كل اثنين أو ثلاثة على بعير وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد على بعير واحد كل فترة يركب أحدهم وينـزل اثنان وأعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لواء القيادة لمصعب بن عمير القرشي رضي الله تبارك وتعالى عنه وأعطى كتيبة المهاجرين أعطى علمها لعلي بن أبي طالب وأعطى كتيبة الأنصار لسعد بن معاذ وجعل قيادة الميمنة للزبير وعلى الميسرة المقداد بن عمرو والقيادة العامة بيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أبو سفيان كان يتحسس الأخبار ويخاف بعد وقعة ابن الحضرمي وأخذ الأسيرين فعلم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج لملاقاة العير فاستأجر رجلاً يقال له ضمضم بن عمرو مستصرخاً لقريش بالنفير ليمنعوه من محمد وأصحابه فخرج ضمضم إلى مكة سريعاً فصرخ ببطن الوادي وجدع أنف البعير (وهذه كانت من عاداتهم) وحوّل رحله وشق قميصه (أي كل هذه الأشياء للإثارة كانت تستخدمها العرب في السابق لكي يبين أن الأمر جلل ولذلك كانت العرب تقول أنا النذير العريان يعني أن المسألة وصلت إلى حد لا يحتمل التسامح أو لا يحتمل التراخي بل لابد من السرعة ولابد من التجهز وغير ذلك من الأمور) وقال يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث فتحفّز الناس سراعاً وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمنّ غير ذلك فكانوا بين رجلين أي أهل مكة كلهم إما خارج وإما باعث مكانه رجلاً وأوعبوا في الخروج (أي استعدوا) فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى برجل عليه دين فقال أسقط عنك ديني واخرج بدلي وحشدوا من حولهم من قبائل العرب ولم يتخلف من بطون قريش إلا بنو عدي فإنهم لم يخرجوا معهم وكان هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل معهم ستمائة فرس ولو عملنا مقارنة لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه ثلاثمائة وبضعة عشر (يعني سبعة عشر أو خمسة عشر أو ستة عشر) والمشركون ألف وثلاثمائة المسلمون معهم فرسان بقائدين المشركون ستمائة فرس فهذا عدد المسلمين وعدتهم وذاك عدد المشركين وعدتهم المسلمون خرجوا للعير الكفار خرجوا للقتال حتى الاستعداد النفسي. إذاً الآن المشركون متفوقون في ثلاثة أمور:

أولاً: العدد

ثانياً: العدة

ثالثاً: الاستعداد النفسي

وكانت قيادة المشركين لأبي جهل (عمرو بن هشام) وخرجوا من ديارهم كما قال تبارك وتعالى بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله واستطاع أبو سفيان أن ينجو بالعير وذلك أنه لما سمع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج غير طريقه عن الشام وقصة تغيير طريقه تدل على ذكائه وذلك أن أبا سفيان كان يسير على الطريق الرئيسي المعروف من الشام إلى مكة ولكنه كان حذراً متيقظاً ولما اقترب من بدر تقدم أبو سفيان حتى لقي مجدي بن عمرو وسأله عن جيش المدينة لأن هذا الرجل يعيش في ذاك المكان قال له: هل مرّ بك جيش؟ فقال مجدي بن عمرو: ما رأيت أحداً أنكره إلا إني رأيت راكبَين أناخا على هذا التل ثمّ استقيا في شن لهما (أي ماءاً) ثمّ انطلـقا فـذهب أبو سفيان إلى مكان الراحلتين وأخذ من أبعار بعيرهما (والبعر هو خروج البعير) ففته فإذا فيه النواة فقال: هذه والله علائف يثرب (يعنى النواة من تمر يثرب) فرجع وغير طريقه ونجى بالعير فأرسل إلى أهل مكة أن ارجعوا فقد نجت العير وإنكم إنما خرجتم لتحرزوا أموالكم وعيركم فإنها قد نجت فقام طاغية قريش أبو جهل فقال: والله لا نرجع حتى نرد بدراً فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا فقام الأخنس بن شريق فأمر بالرجـوع فعصـوه فقـال: أما أنا فراجع فرجع الأخنس بن شريق ورجع معه بنو زهرة وكانوا قريباً من ثلاثمائة فبقي كفار مكة بألف رجل واجتمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سمع بخروج أهل مكة بأصحابه يستشيرهم صلوات الله وسلامه عليه فقال هؤلاء أهل مكة قد خرجوا فماذا ترون فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن رضي الله عنه فقام عمر فقال وأحسن ثمّ قام المقداد فقال وأحسن وكان من مقولة المقداد بن عمرو رضي الله عنه يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إن معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (أي مكاناً في الجزيرة) لجالدنا معك مَنْ دونه حتى تبلغه فقال له الرسول: خيراً ودعا له بخير قال عبدالله بن مسعود: والله لتمنيت أن لي موقف المقداد هذا لما رأى من فرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الكلمات ولكن ما زال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد غيرها وذلك أن أبا بكر وعمر والمقداد كل هؤلاء من المهاجرين والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد كلمة من الأنصار لماذا؟ لأن الأنصار إنما بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنهم يدافعون عنه في المدينة وينصرونه في المدينة ولم يبايعوه على القتال خارج المدينة فأراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منهم كلمة هل هم موافقون وراضون؟ أو إنهم مصرون على ما هم عليه وهو أنهم يدافعون عنه في المدينة فقط؟ فقال: أشيروا علي أيها الناس فتكلم سعد بن معاذ وكان قائد الأنصار في هذه المعركة وهو صاحب اللواء فقال: كأنك تريدنا يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أجل أريدكم أن تتكلموا ولا أريد أن أجبركم على قتال ولا أريد أن أكرهكم عـليه فقـال سعد بن معاذ مقولة أفرحت وأثلجت صدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدوا غدا إنّا لصُبر في الحرب صُدُق في اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله. وفي رواية أن سعد بن معاذ قال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك فوالله لأن سرت بنا حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك فوالله لأن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. فسُرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقول سعد ونشط لذلك ثمّ قال سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن انظر إلى مصارع القوم ثمّ ارتحل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ونـزل قريباً من بدر. وهذه قصة طريفة وبعـث النـبي صـلى الله علـيه وآله وسلم علي بن أبى طالب والزبير بن عوام وسعد بن أبي وقاص في نفر إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة فقبضوا عليهما وجاؤا بهما إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فسألوا الرجلين: من أنتم؟ قالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقي لهم من الماء فكَرِه القوم ذلك ورجـوا أن يكـونا لأبي سفيان (يعني هم خرجوا للعير) وسمعوا بخروج قريش ثمّ وجدوا رجلين أخذوهما لمن أنتما؟ قالا: من أهل مكة وهم يتمنون أن يكونا لأبي سفيان حتى ينالوا العير فضربوهما حتى يعترفا أنهما لأبي سفيان ولما زاد الضرب قال الغلامان: نحن لأبي سفيان فتركوهما فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة التفت إلى أصحابه وقال: إذا صداقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش ثمّ التفت إلى الغلامين وقال: أخبراني عن قريش؟ قالا: هم وراء هذا الكثيب وأشارا إلى مكان فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كم القوم؟ (أي كم عددهم) قالا: كثير قال: ما عدتهم؟ قالا: لا ندري قال: كم ينحرون كل يوم؟ قال:ا يوماً تسعاً ويوماً عشراً (يعني من الإبل) فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف ثمّ قال لهم: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: فيهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وفيهم أبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدي والنضر وزمعة وأبو جهل وأمية بن خلف وسموا له رجالاً من مكة فأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الناس وقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها ثمّ اقترح سعد بن معاذ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون في عريش بعيداً عن المعركة حتى يكون هذا أحفظ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعدّ عندك ركائبك ثمّ نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى أي انتصرت قريش علينا جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فإنه قد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك فأثنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأيه خيراً وكان في العريش صلوات الله وسلامه عليه ثم عبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جيشه ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده صلوات الله وسلامه عليه هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان يشير إلى الأماكن التي سيقتلون فيها وبات المسلمون تلك الليلة هادئي الأنفس. قال الله تبارك وتعالى "إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماءاً ليطهركم به ويذهب عنكم رجس الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام" الأرض التي نـزل بها المسلمون كانت قاسية فأنـزل الله تبارك وتعالى عليها المطر فصارت لينة والأرض التي نـزل فيها المشركون كانت لينة فأنـزل الله عليها المطر فأصبحت قيلة (أي لا يستطيعون الوقوف عليها من الزلق) وكان ذلك في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة. واستعدت قريش للقتال واستعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقتال وأرسلت قريش عمير بن وهب يتجسس للتعرف على مدى قوة المسلمين فدار عمير بفرسه حول عسكر المسلمين ثمّ رجع إليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً ولكن أمهلوني حتى أنظر هل للقوم كمين أو مدد فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئاً فرجع إليهم فقال ما وجدت شيئاً يعني ولكن يا معشر قريش لقد رأيت البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس لهم منعة ولا لهم ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يُقتل رجل منكم أبداً فإذا أصابوا أعدادكم (يعني إذا قتلوا منكم ثلاثمائة كما أن عددهم ثلاثمائة) فما خير العيش بعد ذلك. وقامت معارضة بقيادة أبي جهل فأنكر عليه قوله وأمر الناس بالقتال والجَلَد والصبر فأطاعوا أبوجهل. وعدّل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصفوف وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب فقد كان في يده قدح يعدل به الصفوف صلى الله عليه وآله وسلم وكان السواد بن الغزية متقدماً على الصف فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضربه بالقدح على بطنه يقول له: ارجع استوِ يا سواد فقال سواد: يا رسول الله أوجعتني فأقدني (يعني النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن والأنف بالأنف والجروح قصاص أي ضربتني أضربك) فكشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه حتى يستقيد فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: استقد فقام سواد واعتنق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبّل بطنه فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما حملك على هذا يا سواد؟ فقال: يا رسول الله فقد حضر ما ترى (يعني الموت) فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. واصطف المسلمون واصطف المشركون ثلاثمائة وبضعة عشر مقابل ألف من المشركين فخرج من أهل مكة ثلاثة عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فانفصلوا من صف المشركين وطلبوا المبارزة قالوا: من يبارزنا؟ وهذا نوع من الإحماء للقتال كانت تستخدمه العرب فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار عوف ومعوّذ ابنا الحارث وعبدالله بن رواحة فلما التقوا قال المشركون عتبة وشيبة والوليد للمسلمين: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار فقالوا لهم: أكفاء كرام ما لنا بكم حاجة إنما نريد بني عمنا ثمّ نادى مناديهم يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلتقي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عبد مناف هو من أبناء المطلب بن عبد مناف والنبي من أبناء هاشم بن عبد مناف قم يا حمزة وقم يا علي فأختار أقاربه صلوات الله وسلامه عليه فلما قاموا ودنوا منهم قالوا لهم: من أنتم فأخبروهم علي وحمزة وعبيدة بن الحارث فقالوا: أنتم أكفاء كرام فتبارز عبيدة بن الحـارث مـع عتبة بن ربيعة وحمزة تبارز مع شيبة وعلي تبارز مع الوليد بن عتبة فأما حمزة فقتل صاحبه وأما علي فقتل صاحبه وأما عبيدة فاختلف هو وقرنه في ضربتين فكل واحد ضرب الثاني ضربة ثمّ كرّ علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة بن الحارث وهو مصاب وقد قطعت رجله ومات بعد ذلك بثلاثة أيام رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه وانتهت هذه المبارزة فغضبت قريش عند ذلك وكرّوا على المسلمين كرة رجل واحد فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يناشد ربه تعالى فقال: اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تُعبد، اللهم إن شئت لم تُعبد بعد اليوم أبدا وبالغ في الابتهال ورفع يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فردّه عليه أبو بكر الصديق وقال حسبك يا رسول الله ألححت على ربك عند ذلك أوحى الله تبارك وتعالى إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب وأوحى الله تبارك وتعالى إلى رسوله أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين أي أنهم ردف لكم يساعدونكم فأغفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إغفاءة واحدة فقال أبشر يا أبا بكر هذا جبريل على ثناياه النقع (أي الغبار) ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول سيهزم الجمع ويولون الدبر ثمّ أخذ حفنة من الحصباء (أي الحصى) فاستقبل بها قريشاً فقال شاهت الوجوه ورمى بها صلوات الله وسلامه عليه فما من أحد إلا وأصابه ما رماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي هذا قول الله تبارك وتعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" وشدّ المسلمون على الكفار فكان النصر. ولا بأس أن نذكر هنا بعض الحكايات منها ما وقع لعمير بن الحمام رضي الله عنه وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج إليهم وقال: والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة وكان يقول قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض فقام عمير بن الحمام فقال: يا رسول الله بخ، بخ (أي كأنه يقول طيب، طيب أو شيء جيد) فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ما يحملك على قولك بخ، بخ؟ فقال: لا والله يا رسول الله إلا رجائي أن أكون من أهلها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبشراً له: فإنك من أهلها فأخرج تمرات رضي الله عنه وأرضاه فجعل يأكل منها ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة فرمى التمرات ودخل وقاتل حتى قُتل رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه. قال ابن عباس رضي الله عنهما بينما رجل من المسلمين يشتد في اثر رجل من المشركين أمامه (يعني يجري خلفه) إذ سمع ضربة في السوط فوقه وصوت الفارس أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه(أي خر صريعاً) فجاء الأنصاري فحدّث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة وقال أبو داود المازني رضي الله عنه إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيراً والعباس خرج مع المشركين وكان كارهاً فأسر قال: يا رسول الله أسرت العباس فقال العباس: لا والله ما هذا أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهاً على فرس أبلق (أي أبيض) وما أراه في القوم فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اسكت فقد أيدك الله بملك كريم وفي نهاية المعركة وهزيمة المشركين أخذ المشركون يفرون وقتل منهم من قتل وكان ممن قتل أبو جهل. قال عبد الرحمن بن عوف إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن إذ قالا لي: يا عم أرنا أبا جهل فقال: فما تصنعان به؟ قالا: أخبرنا أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انظروا إلى الغيرة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شابان صغيران يغاران على عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال عبد الرحمن بن عوف: والذي نفسي بيده لئن رأيته لأخبرنكما فقال أحدهما: والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا فتعجبت لذلك فلم أنشب أن رأيت أبا جهل يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: هل مسحتما سيفيكما؟ فقالا: لا فنظر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى السيفين فقال: كلاكما قتله. فلما سقط أبو جهل جاءه عبد الله بن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه فقال له: قد أخزاك الله يا عدو الله قال أبو جهل: (على ما كان من كفره وعناده إلا إنه كان من شجعان العرب)قال: هل فوق رجل قتلتموه ثمّ قال أبو جهل لعبد الله بن مسعود: أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قال: لله ولرسوله فقام عبدالله بن مسعود ووضع رجله على عنق أبي جهل فقال أبو جهل لعبد الله بن مسعود: لقد ارتقيت مرتقاً صعباً يا رويعي الغنم (يعني أنت تضع قدمك علي)قال ابن مسعود فاحتززت رأسه عند ذلك ثمّ ذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أي لما رأى الرأس) قال هذا فرعون هذه الأمة. وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله تبارك وتعالى عنه صديقاً لأمية بن خلف في مكة فلما كان يوم بدر مرّ عبد الرحمن بن عوف بأمية بن خلف وهو واقف مع ابنه آخذاً بيده ومع عبد الرحمن بن عوف أدراع قد استلبها وهو يحملها فلما رآها قال: هل لك في؟ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك أي خذني أسيراً معك ما رأيتك اليـوم قط أمـا لكم حاجـة في اللبن (يريد أن من أسره يفتدي هو عن نفسه بـإبل كثـيرة) فطـرح عبد الرحمن بن عوف الأدراع وأخذهما يمشي بهما وقال أمية لعبد الرحمن: من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره؟ قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلالاً معي وكان أمية هو الذي يعذب بلال في مكة فقال بلال: رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا فقـال عبد الرحمن بن عوف: أي بلال أسيري قال: لا نجوت إن نجا ثمّ صرخ بأعلى صوته يا أنصـار الله رأس الكفـر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال عبد الرحمن بن عوف فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة وأنا أذب عنه فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط فقلت انجُ بنفسك ولا نجاء لك فوالله ما أغني عنك شيئاً قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما فكان عبد الرحمن بن عوف يقول يرحم الله بلالاً ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري وله ذلك وقد استشهد من المسلمين من هذه المعركة أربعة عشر رجلاً ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار أما كفار مكة فقتل منهم سبعون وأسر مثلهم وعامتهم من القادة والزعماء وعن أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في بئر يقال لها بدر ثم مشى صلوات الله وسلامه عليه في اليوم الثالث وجاء إلى بدر حتى قام على شفّة الركا (أي على وجه البئر) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يجيبون وهذا الحديث متفق عليه والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أحيا الله له أولئك القوم وأسمعهم كلامه وإلا فالمشهور عند أهل العلم أن الميت لا يسمع كلام الحي إلا كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله إنه ليسمع قرع نعالهم أما بعد ذلك فإنه مشغول بنفسه. قال ابن إسحاق وكان أول من قدم بمصاب قريش رجل يقـال له الحيسمان بن عبدالله الخزاعي فقـالوا له: مـا وراءك؟ فقـال: قتـل عتبـة بن ربيعـة وشيبـة بن ربيعـة وأبو الحكم بن هشام (أي أبا جهل) وأمية بن خلف في رجال من الزعماء سمّاهم فلما أخذ يعدّ أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو عند الحِجر: والله إن يعقل هذا فاسألوه عني قالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ قال: هاهو ذا جالس في الحجر قد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا. وهكذا تلقت مكة أنباء الهزيمة الساحقة في ميدان بدر ومن الطرائف أن رجلا يقال له الأسود بن المطلب أصيب ثلاثة من أبنائه يوم بدر وكان يحب أن يبكي عليهم وكان ضرير البصر فسمع ليلاً صوت نائحة فبعث غلامه وقال: انظر هل أحل النحيب؟ (يريد أن يبكي وكان عندهم ممنوع هذا الأمر حتى لا يذكّر الناس بهذه المصيبة) لَعَلّي أبكي على أبي حكيمة (يعني ابنه) فإن جوفي قد احترق فرجع الغلام فقال إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته فقال الأسود بن المطلب:

أتبكي أن يضل لها بعير،،،،،،،،، ويمنعها من النوم السهود

فلا تبكي على بكر ولكن،،،،،،، على بدر تقاصرت الجدود

على بدر سرات بني هصيص،،،،، ومخزوم ورهط أبي الوليد

وبكّي إن بكيت على عقيل،،،،، وبكّي حارثاً أسد الأسود

وبكّيهم ولا تسمي جميعاً،،،،،،، وما لأبي حكيمة من نديد

ألا قد ساد بعدهم رجال،،،،،،،، ولولا يوم بدر لم يسودوا

قال أسامة بن زيد أتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان النبي خلفني عليها مع عثمان (يعني خبر انتصار المسلمين في بدر) رضي الله عنهما من دفن رقية بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجة عثمان. ولما وصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة استشار أصحابه في الأسرى فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا فقال رسول الله صلى الله علـيه وآله وسـلم: ما تـرى يا ابن الخطاب؟ قال: قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان ذكر قريباً له فأضرب عنقه وتمكن علياً من عقيل بن أبي طالب فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنقه حتى يعلم الله تبارك وتعالى أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أي اختار) ما قال أبو بكر وأخذ منهم الفداء فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر فإذا هما يبكيان فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءاً بكيت وإن لم أجد بكاءاً تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: للذي عُرض علي من أصحابك من أخذ الفداء لقد عُرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأشار إلى شجرة قريبة وأنـزل الله جل وعلا "ما كان للنبي أي يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم" أي لكي يثخن في الأرض وأما الكتاب الذي سبق من الله تبارك وتعالى فهو قول الله جل وعلا "فإما منّاً بعد وإما فداءا ".

وذلك أن قائد الجيش إذا أسر المشركين فهو مخير بين أربعة أمور:

أولا: إما أن يقتلهم

ثانياً: وإما أن يفاديهم أي بمال أو مقابل أسرى أو ما شابه ذلك

ثالثاً: وإما أن يعفو عنهم يمن عليهم بدون مقابل

رابعاً: وإما أن يسترقهم أي يصيرون عبيداً عند المسلمين

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الفداء من بعضهم ومنّ على بعضهم صلوات الله وسلامه عليه. وفي هذه السنة أي الثانية من الهجرة فرض الله تبارك وتعالى صيام رمضان في قول الله جل وعلا "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خير فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون، شهر رمضان الذي أنـزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ففرض الله تبارك وتعالى الصيام في هذه السنة.


http://www.almanhaj.net/almanhaj/see...ticle.php?ID=6







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» موقف أئمة الدعوة السلفية .. من أهل البيت
»» عاجل!! هجمة أمنيّة على العرب السنّة في العراق !
»» && بُشراكم .. افتتاح موقع [إسلامية لا وهابية] &&
»» & نعم أنا وهابي &
»» شيعي سابق يروي خيانة شيعة السعودية ودور حسن الصفار فيها
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:54 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "