العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-03, 06:50 PM   رقم المشاركة : 1
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


كنوز السيرة للشيخ عثمان الخميس - 4

وهكذا يجب على الداعية إلى الله تبارك وتعالى أن ينظر إلى العصاة وإلى الصادين النادين عن أمر الله تبارك وتعالى نظرة المشفق عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا،ً وسلاه الله تبارك وتعالى بأمر آخر وهو أنه خلال إقامته بعث الله إليه نفراً من الجن والجن كالإنس مكلفون مأمورون بالإيمان منهيون عن الكفر من أطاع منهم دخل الجنة ومن عصى دخل النار فبعث الله إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جماعة من الجن ذكرهم الله تبارك وتعالى فقال "وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم" هكذا أرسل الله تبارك وتعالى نفراً من الجن كأنه يقول لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن كان أحزنك كفر أهل مكة وكفر أهل الطائف. إيذاؤهم لك فقد أرسل الله تبارك وتعالى إليك من آمن بك من الجن وهذه لا شك تفرح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتسعده وسار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
>حتى إذا دنى من مكة مكث بحراء وبعث رجلاً من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره يعني يريد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الآن أن يدخل إلى مكة ولكن يريد الجوار يريد أحداً يدافع عنه حتى لا يؤذى بعد وفاة عمه أبي طالب فقال الأخنس بن شريق أنا حليف أي لست من أهل مكة والحليف لا يجير فبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى سهيل بن عمرو يطلب منه الجوار فقال سهيل إن بني عامر لا تجير على بني كعب أي لا أستطيع أن أجيرك عن كل أهل مكة فبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المطعم بن عدي فقال المطعم نعم يعني قبل أن يجير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ تسلّح ودعا بنيه وقومه فقال البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمداً ثمّ بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ادخل فدخل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى يا معشر قريش إنّي قد أجرت محمدا فلا يهجه منكم أحد وانتهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين ثمّ انصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وأولاده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته وقام أبو جهل إلى المطعم بن عدي فقال أمجير أنت أم متابع يعني أنت مجير لمحمد أم دخلت في دينه قال بل مجير فقال أبو جهل قد أجرنا من أجرت. هذا التصرف من المطعم بن عدي يظهر لنا أمراً مهماً يجب علينا أن نقف عنده قليلاً. إن الله تبارك وتعالى لما بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما بعثه من العرب وما الحكمة التي من أجلها اختار العرب دون غيرهم من سائر البشر ؟ ذكر أهل العلم في ذلك حكماً كثيرة فمن أعظم هذه الحكم أن العرب لهم من الصفات ما ليس لغيرهم فنجد أن العربيّ كريم بل ويضرب في كرمه المثل وشجاع لا يهاب شيئاً ثم كذلك نراه في قضية الجيرة يحافظ على حق الجار ألم يقل عنترة ذاك الجاهلي:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ،،،،،،،،،، حتى يواري جارتي مثواها
ثم كذلك هم أهل صدق باللسان وسيأتينا في قصة أبي سفيان مع هرقل قول أبي سفيان والله لولا أن العرب تحسب عليّ كذبة لكذبت يقول هذا وهو في جاهليته، ثمّ عندهم كذلك الجوار هذا الذي قام به المطعم بن عدي وعندهم الأنفة وعندهم الأخوة وعندهم الأمانة يموت الرجل في سبيل أن يدافع عن أمانته و قصة السموئل مع امرؤ القيس مشهورة جداً لما جعل عنده ابنته أمانة مات في سبيل الدفاع عنها، وصفات أخرى كذلك للعرب لأجلها جميعاً ولغير ذلك من الحكم اختار الله تبارك وتعالى العرب دون غيرهم. فهذا المطعم بن عدي على الشرك متابع لقومه معاد للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبغض دينه قاطع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع من قاطع مع هذا كله يأتيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجرني حتى أدخل إلى بلدي فيقول نعم ثمّ ماذا يفعل؟ يأمر أولاده أن يتسلحوا دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه أجاره فيدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جوار المطعم بن عدي ثمّ هذا أبو جهل يسأل المطعم بن عدي أمجير أم متابع؟ قال بل مجير ماذا قال أبو جهل؟ قال قد أجرنا من أجرت كما قال ابن خلدون رحمه الله تبارك وتعالى إن العرب قد اجتمعت فيهم صفات كثيرة من الحسن (بضم الحاء) وإنما كانوا يحتاجون إلى دين يربطهم ويقوم من سلوكهم أ.هـ.

فبعث الله تبارك وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذه الشريعة السمحة وبهذا الدين القيم فلما اختارت العرب هذا الدين كيف نصر الله بهم الدين ونشره في المعمورة وحق (بضم الحاء) لهم ذلك. إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما نسي هذا للمطعم بن عدي في غزوة بدر كما سيأتي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قضية الأسرى لما خيّر (بضم الخاء) بين القتل والمنّ والفداء قال لو كان المطعم بن عدي حياً ثمّ سألني أولئك النتنى لأعطيتهم إياه أو لتركتهم له. دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى بلده مرة ثانية إلى مكة إلى بكة إلى البيت الحرام إلى مصدر النور الذي ابتدأه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى حيث قومه ودعوته في ابتدائها رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مكة فلما جاء موسم الحج في السنة الحادية عشرة من النبوة مر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمنى فسمع أصوات رجال من الحجاج وكانوا ستة نفر من أهل يثرب (أهل المدينة) وكلهم من الخزرج وهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ورافع بن مالك وقطبة بن عامر وعقبة بن عامر وجابر بن عبدالله وكان من سعادتهم أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من اليهود أن نبياً مبعوث في هذا الزمان كانت اليهود دائماً تقول للأنصار (الأوس والخزرج وهم في المدينة) هذا أوان خروج نبي وسنتابعه ونقتلكم شر قتلة (بكسر القاف) وهكذا يهددونهم ويخوفونهم بهذا النبي فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: من أنتم؟ قالوا: من الخزرج قال: من موالي اليهود؟ (يعني بينكم وبين اليهود حلف) قالوا: نعم قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى فجلسوا معه فذكر لهم دعوته والدين الذي يدعو إليه وقرأ عليهم بعض آيات من كتاب الله تبارك وتعالى فقال بعضهم لبعض تعلمون والله يا قوم إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنّكم إليه فأسرعوا إلى إجابته وأسلموا فأسلموا وتابعوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وفي هذه السنة تزوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها ابنة أبي بكر واختلف أهل العلم في سودة فقيل تزوجها قبل عائشة وقيل بعد عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنهما جميعاً.







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» الرأي والرأي الآخر متى يكون حقاً ؟
»» كنوز من سيرة المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم 1
»» بعض كبار الصوفية الذين هداهم الله للطريق القويم
»» الشيخ محمد بن عبدالوهاب يناصح الصوفية في موضوع التوكل ويرد عليهم بقوله تعالى
»» الأجوبة الدمشقية المسكتة للرافضة في مناظرات المستقلة .. الحلقة (3)
 
قديم 07-04-03, 06:52 PM   رقم المشاركة : 2
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


قصة الإسراء والمعراج:


ثمّ بعد ذلك قيل في السنة الثانية عشر من البعثة وقيل غير ذلك ولكن هذا هو المشهور أنه قبل هجرته بسنة وشهرين يعني في السنة ثانية عشر من النبوة وقع الإسراء والمعرج وذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول قال صلوات الله وسلامه عليه مبيناً حادثة الإسراء التي وقعت له أنه بينما كان نائماً في الحطيم بين النائم واليقضان عند البيت (والحطيم هو الحجر(بكسر الحاء)) إذ سمع قائلاً أحد الثلاثة بين الرجلين وذلك بعدما صلى لأصحابه صلاة العتمة (الليل) بمكة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا جبريل وهو أقرب الناس شبهاً بدحية بن خليفة الكلبي فأخذوني وانطلقوا بي إلى زمزم فلم يكلموني حتى وضعوني عند بئر زمزم وأتاني جبريل ففرج صدري (أي شقه) فشق ما بين هذه إلى هذه (يعني من ثغرة نحره إلى شعرته (بكسر الشين وتسكين العين)) إلى مراقي البطن (أي إلى آخر البطن) حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله بماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أتيت (بضم الألف) بطست من ذهب فيه تور من ذهب (يعني إناء من ذهب) مملوءة حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري فغسل قلبي ثمّ حشا به صدري ولغاديدي، (اللغاديد ما بين الحنك إلى العنق)، ثمّ أطبقه وقال قلب وكيع (يعني شديد) فيه أذنان سميعتان وعينان بصيرتان محمد رسول الله المقفّي الحاشر، خلقك قيّم ولسانك صادق ونفسك مطمئنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ أتيت بالبراق (وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل) يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته (بكسر الكاف) حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ثمّ دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثمّ أخذ بيدي (يعني جبريل) فانطلق بي حتى أتى السماء الدنيا فضرب باباً من أبوابها فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريل؟ قيل من معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل وقد أرسل (بضم الألف) إليه؟ قال: نعم، قيل مرحباً به وأهلاً به فنعم المجيء جاء يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم (بضم الياء وكسر اللام) ففتح لنا (بضم الفاء الثانية) فلما خلصت علوت من السماء الدنيا فإذا فيها آدم رجل قاعد على يمينه أسودة (بكسر الواو) وعلى يساره أسودة (يعني مجموعة) إذا نظر قبل (بكسر القاف) يمينه ضحك وإذا نظر قبل يساره بكى قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم صلى الله عليه وسلم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم (بفتح النون) بنيه (يعني أرواح بنيه) فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فسلّم عليه فسلمت عليه فرد السلام فقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح نعم الابن أنت ودعا لي بخير ثمّ صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فقال لخادمها: افتح فقالت الملائكة له مثل ما قالت له في السماء الأولى يعني من أنت؟ من معك؟ أوقد أرسل إليه؟ وهكذا فلما خلصت يعني إلى السماء الثانية إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا خالة وذلك أن مريم عليها السلام وأم يحيى زوجة زكريا أختان فقلت: من هذا؟ قال: هذا يحيى وعيسى فسلّم عليهما فسلّمت عليهما فردا السلام ثمّ قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعوا لي بخير ثمّ صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح فقالوا له مثل ما قالوا في الأولى والثانية فلما خلصت إذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم وإذا هو قد أُعطي (بضم الألف) شطر الحسن (أي نصف الجمال وهذا هو مصداق قول الله تبارك وتعالى "فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم") فقال لي: هذا يوسف فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد السلام ثمّ قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعا لي بخير ثمّ صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فلما خلصت إذا إدريس قلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد عليّ ثمّ قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعا لي بخير قال الله تعالى " ورفعناه مكاناً علياً " (يعني إدريس صلى الله عليه وسلم) ثمّ صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فلما خلصت فإذا أنا بهارون صلى الله عليه وسلم قال: هذا هارون فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد ثمّ قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعا لي بخير قال ثمّ صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فلما خلصت فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم وذلك بتفضيل كلام الله له فقال موسى رب لم أظن أن يرفع علي أحد قلت: من هذا؟ قال: موسى فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد ثمّ قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعا لي بخير فلما تجاوزت بكى قيل له: ما يبكيك قال: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي (وهذا يبين لنا أن كل نبي حريص على أمته) ثمّ صعد بي حتى أتى السماء السابعة فاستفتح فقالوا له مثل ذلك فلما خلصت فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور (والبيت المعمور هذا في السماء السابعة لو سقط لسقط على بيت الله الحرام أي الكعبة) شيخ جليل مهيب قلت: من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم صلى الله عليه وسلم فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد السلام ثمّ قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح ثمّ رفع لي البيت المعمور في السماء السابعة والذي يقال له الضراح (بضم الضاء) وهو بحيال الكعبة فوقها حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور يدخله كل يوم يصلي فيه سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه أبدا (وهذا يدلنا على أن عدد الملائكة عظيم جداً سبعون ألف ملك كل يوم يخلقهم الله تعالى يطوفون في البيت المعمور وذلك حتى تقوم الساعة) ثمّ علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله عز وجل حتى جاء سدرة المنتهى قال ثمّ رفعت لي سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج (بضم الياء) به من الأرض فيقبض (بضم الياء) منها وإليها ينتهي ما يهبط (بضم الياء) به من فوقها فيقبض منها (بضم الياء) فإذا نبقها مثل قلال هجر، (النبق هو ثمر السدر، والقلال هي القلة (بضم القاف) التي يحمل فيها الماء) وإذا ورقها مثل آذان الفيلة يسير الراكب في ظل الفنن منها، (والفنن هو الغصن)، مائة سنة يستظل بالفنن منها مائة راكب، فقال: هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار تخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذان يا جبريل قال أما النهران الباطنان فنهران في الجنة وأما النهران الظاهران فالنيل والفرات ثمّ أتيت (بضم الألف) بإناء من خمر وإناء من لبن وأناء من عسل فأخذت اللبن فقال أصبت أصاب الله بك الفطرة التي أنت عليها وأمتك ثمّ أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ (يعني قبب من اللؤلؤ) وإذا ترابها المسك فسمع من جانبها وجساً (الوجس هو الصوت الخفي) قال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا بلال قال: فسمعت خشفة (والخشفة هي الحركة الخفيفة) فقلت: ما هذه الخشفة؟ فقيل هذه الرميصاء بنت ملحان امرأة أبي طلحة قال: بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بقصر أبيض فقلت: لمن هذا يا جبريل؟ ورجوت أن يكون لي فقال: لعمر بن الخطاب ثمّ سرت هنيهة فرأيت قصراً هو أحسن من القصر الأول من ذهب مربع يسمع فيه ضوضاء بفنائه جارية تتوضأ إلى جانب القصر فقلت: لمن هذا القصر يا جبريل؟ ورجوت أن يكون لي فقال: هو لرجل من أمة محمد قلت: فأنا محمد لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من العرب قلت: أنا عربي لمن هذا القصر؟ قالوا: لشاب من قريش قال: فظنت أني أنا هو فقلت: أنا قرشي لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب وإذا فيه من الحور العين فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرته فوليت مدبرا (أي تركته). وإذا بنهر أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فضرب بيده فإذا طينه مسك أذفر (أي طيب الرائحة) فضربت بيدي إلى تربته في مجرى الماء فإذا مسكة مدّفرة فإذا حصاه لؤلؤ ومّر برائحة طيبة فقال: ما هذه الرائحة يا جبريل؟ قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل وما شأنها؟ قال: بينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقطت المدرى من يدها (والمدرى مثل المشط) فقالت: بسم الله فقالت لها بنت فرعون: أبي؟ (لأن فرعون كان يدعي أنه هو الله) فقالت لها الماشطة: لا، ولكن ربي وربك ورب أبيك قالت: أولك رب غير أبي؟ قالت: نعم ربي وربك ورب أبيك الله قالت: أقول له إذاً قالت: قولي له فدعاها فقال لها: يا فلانة أولك رب غيري؟ قالت: نعم ربي وربك الله عز وجل الذي في السماء قال جبريل: فأمر ببقرة من نحاس (أي مصنوعة من النحاس) فأحميت (بضم الألف) ثمّ أمر (بضم الألف) بها لتلقى هي وأولادها فيها فقالت له الماشطة: إن لي إليك حاجة قال: وما هي؟ قالت: أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد وتدفننا قال: ذلك لك علينا لما لك علينا من الحق فأمر بأولادها فألقوا في البقرة بين يديها واحداً واحدا إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع (بفتح الضاء) (أي رضيع) وكأنها تقاعست من أجله (يعني خافت عليه) فتكلم الرضيع بإذن الله تبارك وتعالى وقال لها: يا أمه قعي ولا تقاعسي اصبري فإنك على الحق اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ثم ألقيت مع ولدها. (فكان هذا من الأربعة الذين تكلموا وهم صبيان وهم عيسى عليه الصلاة والسلام، وابن ماشطة بنت فرعون، وصاحب جريج الذي تكلم في المهد، وولد المرأة التي ألقيت في الأخدود في قصة أصحاب الأخدود)، فنظر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النار فإذا قوم يأكلون الجيف (بفتح الياء) فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ورأى رجلاً أحمر أزرق جعداً شعثاً إذا رأيته قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا عاقر الناقة أي ناقة صالح عليه الصلاة والسلام، ولمّا عرج (بضم العين) بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة أسري به مرّ على قوم تقرض (بضم التاء) شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمّتك الذين يقولون ما لا يفعلون الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لمّا عرج بي ربي عزّ وجل مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم وقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ورأى صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجنّة والنّار ووعد الآخرة أجمع ثمّ عرج (بضم العين) حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ومررت بالملأ الأعلى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى فلمّا غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها عليها السندس والإستبرق وغشيها الملائكة فراش من ذهب وتحولت ياقوتاً أو زمرداً أو نحو ذلك وألوان ما أدري ما هي؟ ثمّ فرضت عليً الصلاة خمسين صلاةً كل يوم فأوحى الله إلي ما أوحى ثم رفع جبريل رأسه ورأيته في خلقه الذي خلق (بضم الخاء) عليه عند سدرة المنتهى في صورته (أي حقيقية) له ستمائة جناح في حلة (بضم الحاء) من رفرف قد سدّ الأفق ينفض من ريشه من التهاويل والدرّ والياقوت ما الله به عليم. (هذا خلق الله تبارك وتعالى) ووجد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اسمه مكتوباً في السماء محمد رسول الله قال: فنزلت أي من السماء السابعة فرجعت فمررت على موسى صلى الله عليه وسلم فاحتبسه موسى فقال: يا محمد بما أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة في اليوم والليلة فقال له موسى صلى الله عليه وسلم: إنّي عالجت بني إسرائيل قبلك وإن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة في اليوم والليلة (أي لا تؤديها) وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فالتفت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك (يعني أرجع أو لا أرجع) فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت فرجع به جبريل إلى ربه تبارك وتعالى فقلت: يا رب خفف على أمتي فإن أمتي لا تستطيع فحطّ عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت: حطّ عني خمسا فقال موسى: إن أمتك لا تستطيع فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف وما زال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين ربه وموسى حتى أمره الله تبارك وتعالى بخمس صلوات قال: فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم قال: يا محمد قال لبيك وسعديك إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر (أي من الحسنات) فذلك خمسون صلاة هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لديّ. (وهنا لابد أن نقف فلو نظرنا الآن إلى أحوال المسلمين وكيف أنهم يتثاقلون عن هذه الصلوات الخمس كيف لو كان الأمر كما كان في أوله؟ كيف لو كانت خمسين صلاة؟ من سيؤديها؟ من سيحرص عليها؟ لاشك أن موسى صلوات الله وسلامه عليه كان حكيماً عندما أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف، وكان الله تبارك وتعالى يعلم أن موسى سيطلب من محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يرجع إلى ربه ولذلك فإن الله تبارك وتعالى لرحمته جعلها خمساً في العمل ولكنه أبقى الأجر على خمسين فلله الحمد والمنة). وقال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت خفف عنّا أعطانا بكل حسنة عشرة أمثالها أمرت (بضم الألف) بخمس صلوات كل يوم فقال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فقلت: سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وجعلت الحسنة بعشرة أمثالها ثمّ نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من السماء إلى الأرض بعد ذلك يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ أتيت (بضم الألف) بدابة دون البغل وفوق الحمار الذي هو البراق مسرجاً ملجماً لأركبه يسخر (بضم الياء) للأنبياء قبلي فاستصعب حين أراد أن يركبه فقال له جبريل: ما يحملك على هذا؟ أبمحمد تفعل هذا؟ فوالله ما ركبك أحد قط أكرم على الله عز وجل منه فارفض عرقاً (أي صار تصبب عرقاً) قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فحملت عليه حتى أتينا أرضاً ذات نخل فأنزلني فقال صل فصليت ثمّ ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم قال: صليت بيثرب صليت بطيبة وإليها المهاجر (بفتح الجيم) فانطلقت تهوي بنا (أي البراق) يقع حافرها حيث أدرك طرفها (بسكون الراء) يقع الحافر يعني خطوتها بامتداد نظرها حتى بلغنا أرضاً فقال أنزل فنزلت ثمّ قال: صل فصليت ثمّ ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم قال: صليت عند شجرة موسى عليه السلام حيث كلّم الله موسى قال ثمّ انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها فقال: انزل فنزلت ثمّ قال: صل فصليت ثمّ ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام فركبته فسار حيث أتيت بيت المقدس فقال جبريل بإصبعه فخرق بها الحجر وشدّ به البراق فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ثمّ دخلت المسجد حيث وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء من بيت المقدس فرأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى بن عمران عليه السلام قائم يصلي فإذا رجل آدم (يعني أسمر) طوال أسحم (يعني أسمر) كثير الشعر شديد الخلق (بفتح الخاء وسكون اللام) كأنه من رجال شنوءة (قبيلة من العرب) وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي فإذا ربعة أحمر (الربعة الذي هو لا طويل ولا قصير) مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط (بفتح السين وسكون الباء) الرأس (يعني ناعم) كأنه خرج من ديماس (سكون الياء) (أي من مكان الاستحمام) أقرب الناس شبهاً به عروة بن مسعود الثقفي وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم يعني نفسه صلوات الله وسلامه عليه فقال له أن إبراهيم يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء أرضها واسعة وأنها قيعان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (واجتماع الأنبياء مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هنا الله أعلم كيف كان ولكننا نؤمن به وليس ذلك على الله بعزيز) قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فحانت الصلاة فأذن مؤذن فأممتهم فتقدمت إلى القبلة فصليت فيه ركعتين فالتفت فإذا النبيون أجمعون يصلون فلما فرغت من الصلاة رأيت من حائط بيت المقدس الشرقي جهنم في الوادي الذي بالمدينة ورأيت ملكاً يقلب جمراً كالقطف (بكسر القاف وسكون الطاء) وإذا جهنم تنكشف مثل الزرابي قال جبريل: يا محمد هذا مالك صاحب النار فسلّم عليه فالتفت إليه فإذا رجل عابس يعرف (بضم الياء) الغضب في وجهه فبدأني بالسلام فسلمت عليه فأري (بضم الألف وكسر الراء) مالكاً خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه ورأى الدجال في صورته ليس رؤيا منام ولكنها رؤيا عين فيلمانياً (والفيلماني هو عظيم الجثة) ضخم أقمر حجاناً (يعني أبيض) إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دريّ كأن شعر رأسه أغصان شجرة وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورأيت عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة قلت: ما تحملون؟ قالوا: هذا عمود الإسلام أمرنا أن نضعه بالشام قال: ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فشربت اللبن فقال لي جبريل: اخترت الفطرة التي هداك الله تبارك وتعالى إليها أما إنك لو أخذت الخمرة غوت أمتك ثم انصرف بي فمررنا بعير (بكسر الباء والعين) لقريش بمكان كذا وكذا فنفرت (أي بعض عيرهم) فقالوا: يا هؤلاء ما هذا؟ (أي مر عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسرعة من فوق البراق خطوه بمد النظر) قالوا: ما نرى شيئاً إلا ريحاً فأضلوا بعيراً لهم فجمعه فلان. فهذه قصة الإسراء والمعراج أما الإسراء فكان من مكة إلى بيت المقدس وأما المعراج فهو من بيت المقدس إلى السماء صلوات الله وسلامه عليه. والمعراج من العروج وهو الصعود والإسراء وهو السري وهو المشي ليلاً.

فلما أصبح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مكة فضع (بضم الفاء) بأمره يعني اشتد عليه الأمر كيف يخبرهم وكيف سيصدقونه، وارتد ناس مما كانوا آمنوا به وصدقوه بعد أن سمعوا أخبار إسرائه ومعراجه صلوات الله وسلامه عليه وسعى الناس بذلك إلى أبي بكر فقالوا له هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس وما ذكر لهم أنه عرج به إلى السماء ذكر لهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أسري به فاستكبروا ذلك واستعظموه فقال لهم أبو بكر أو (بفتح الواو) قال ذلك؟ يعني أخشى أنكم تكذبون عليه ، قالوا: نعم. قال: لئن كان قد قال ذلك فقد صدق قالوا: أتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. وقعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معتزلاً حزيناً فمرّ به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزء هل كان من شيء؟ فقال له صلوات الله وسلامه عليه: نعم. قال أبو جهل: وما هو؟ فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إني أسري بي الليلة قال أبو جهل: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس قال أبو جهل: ثم أصبحت بين ظهرانينا قال: نعم. فقال أبو جهل وكأنه يرى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يكذبه بعد ذلك وخاف أن يجحده فقال: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: نعم. فقال أبو جهل: هيا يا معشر بني كعب بن لؤي هلم (أي اجتمعوا) فانتفضت إليه المجالس وجاؤا حتى جلسوا إليهما (أي إلى أبي جهل وسيده وسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فقال أبو جهل لرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: حدّث قومك بما حدثتني فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إني أسري بي الليلة فقالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال نعم فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجباً قالوا: وتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ (أراد أهل مكة أن يختبروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذلك أن بعض أهل مكة قد وصلوا إلى بيت المقدس ورأوه والنبي يعلمون أنه ما سافر إلى بيت المقدس أبداً فأرادوا أن يتأكدوا من صدقه صلوات الله وسلامه عليه) فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فلما كذبتني قريش ذهبت أنعت لهم فما زلت أنعت حتى سألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها يعني وصفت لهم بيت المقدس ولكن صاروا يسألون عن أشياء دقيقة ما انتبهت إليها خلال مسراي فكربت كربة ما كربت مثلها قط يعني اشتد الأمر علي فأثنيت على ربي وسألته أن يمثل لي بيت المقدس (وهنا المؤمن إذا اشتد به الأمر لا ملجأ إليه إلا إلى الله لجأ إلى الله جلّ وعلا فماذا فعل الله به) قال: فجلّى الله لي بيت المقدس (فكان الله معه وهكذا المؤمن إذا التجأ إلى الله تبارك وتعالى في صدق فإن الله لا يضيعه أبداً سبحانه وتعالى) فرفّعه إليّ أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل يعني قريباً جداً أراه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه فقال القوم أما النعت فوالله لقد أصاب (يعني الوصف دقيق جداً) فقال لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهم وإن من آيتي (أي من علامة صدقي فيما أقول لكم) أني مررت بعير لكم (والعير هي القافلة) بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم جمعه فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا (هذا أيضاً دليل على صدقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان فلما كان اليوم الذي أشرف فيه الناس ينتظرون حتى كان قريباً من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ناس نحن لا نصدق محمداً بما فارتدوا كفاراً فضرب الله رقابهم مع أبي جهل (وهذا يبين لنا أنهم معاندون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلا بعد هذا الوصف الدقيق من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد هذا كله يصرون على استكبارهم وعلى ضلالهم والعياذ بالله). وهذا الإسراء الذي وقع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له حكم كثيرة فمن حكمه:

1) أن الله تبارك وتعالى أتاح لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الاطلاع على المظاهر الكبرى بقدرته سبحانه وتعالى حتى يزداد ثقة بالله تبارك وتعالى.

2) وكذلك في قصة الإسراء والمعراج تظهر أواصر القربى بين الأنبياء إذ أن الأنبياء جميعاً دينهم واحد كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنّا معاشر الأنبياء إخوة لعلاّت أبونا واحد وأمهاتنا شتى. يعني الدين واحد لكن الشرائع هي التي تختلف. إن الأنبياء بينهم من المودة الشيء العظيم وهذا ما وقع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع إخوانه الأنبياء، في كل سماء يأتيها يرحب به أنبياء السماء ف ون له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح أو مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلاّ وضعت هذه اللبنة حتى يكتمل البناء ؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين. وهذا الحديث متفق عليه.

3) وكذلك في الإسراء تحقق أن هذا الدين هو دين الفطرة كقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاخترت اللبن فقيل لي اخترت الفطرة.



انشقاق القمر:

ثمّ بعد هذه الحادثة وقعت حادثة أخرى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي حادثة عجيبة ذكرت بالتواتر ألا وهي انشقاق القمر وذلك أن قريشاً طلبت من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علامة أو دلالة على صدقه صلوات الله وسلامه عليه وكأنه ما أتاهم بشيء من ذلك فطلبوا منه صلوات الله سلامه عليه أن يشق القمر نصفين فقال أرأيتم لو شق الله لكم القمر نصفين أتؤمنون؟ قالوا وما لنا لا نؤمن فدعى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه تبارك وتعالى فشق الله لهم القمر نصفين فلما نظروا إلى القمر وهو نصفين بينهما أي بين الشقين جبل أبي قبيس قالوا لقد جاء بسحر فقال قائل منهم إن كان قد سحركم فلا يستطيع أن يسحر الناس جميعاً فانتظروا السفّار (بضم السين) إذا جاؤا فلما جاء السفّارة أي المسافرون قالوا لهم ما أعجب ما رأيتم قالوا في ليلة كذا رأينا القمر فلقتين قالوا لقد جاء بسحر عظيم سحر الناس أجمعين. وهذا مصداق قول الله تبارك وتعالى في سورة القمر "اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يقولوا سحر مستمر" أي سحر قوي.

بعد هاتين الحادثتين حادثة الإسراء وحادثة انشقاق القمر استمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو إلى الله تبارك وتعالى.







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» الدورة العلمية بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية بالرياض
»» بعض كبار الصوفية الذين هداهم الله للطريق القويم
»» السيد المليفي مع المهاجر00وجهاً لوجه00عن مهدينا المنتظر (نُشر تحت خطوط الرقابة)
»» هداية الشيخ جعفر إدريس من الطريقة الصوفية إلى الطريقة السنية
»» هل السيستاني تعرض لمحاولة اغتيال؟! أحد الروافض يجيبك بتكذيب الخبر
 
قديم 07-04-03, 06:54 PM   رقم المشاركة : 3
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


بيعة العقبة الأولى:


قد مرّ بنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا بعض أهل المدينة وأنهم آمنوا به وتابعوه صلوات الله وسلامه عليه فلما كان في الموسم الثاني وهو موسم الحج وذلك في السنة الثانية عشرة من بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاء الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبايعوه والذين بايعوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هم معاذ بن الحارث وابن عبد القيس وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة والعباس بن عبادة وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة، أبو الهيثم وعويم من الأوس والبقية كلهم من الخزرج بايعوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيعة النساء (وبيعة النساء هي التي ذكرها الله تبارك وتعالى في قوله جل وعلا "يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله". هكذا كان يبايع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجال) قال عبادة بن الصامت: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان لتفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه قال فبايعناه على ذلك هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه. ثم بعد ذلك أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مصعب بن عمير يدعوهم إلى الإسلام ونجح مصعب بن عمير نجاحاً باهراً في دعوتهم إلى الله تبارك وتعالى.

وهاتان قصتان لرجلين أسلما على يد مصعب بن عمير فكان في إسلامهما خير عظيم لهذا الدين العظيم. وذلك أن أسعد بن زرارة خرج يوماً مع مصعب بن عمير يريد دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر (بضم الظاء) فدخلا في حائط من حوائط بني ظفر وجلسا على بئر يقال لها بئر مرق واجتمع إليهما رجال من المسلمين. وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير كانا سيدي قومهما من بني عبد الأشهل وكانا على الشرك فلما سمعا بذلك قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير اذهب إلى هذين، يعني أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير، الذين قد أتيا يسفهان ضعفاءنا فازجرهما وأنههما عن أن يأتيا دارنا فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ولولا ذلك لكفيتك هذا. فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه قال مصعب إن يجلس أكلمه فجاء أسيد فوقف عليهما متشتماً (أي يسبهما) وقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كفّ (بضم الكاف) عنك ما تكره فقال أنصفت ثمّ ركز حربته وجلس فكلمه مصعب وتلا عليه القرآن وبيّن له دين الله تبارك وتعالى وكيف أن الله تبارك وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور من عبادة الأصنام إلى عبادة رب العباد سبحانه وتعالى فوالله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم وذلك في إشراقه وتهلله ثمّ قال لهم أسيد ما أحسن ذلك وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قال له: اغتسل وطهر ثوبك ثمّ تشهّد شهادة الحق ثمّ تصلي ركعتين فقام واغتسل وطهّر ثوبه وتشهد وصلى ركعتين ثمّ قال إن ورائي رجلا إن تبعكما لم يتخلف أحد من قومه (يعني سعد بن معاذ) ثمّ أخذ حربته وانصرف إلى سعد في قومه وهم جلوس فقال سعد احلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف أسيد على قومه قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلّمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأساً وقد نهيتهما فقالا: نفعل إن أحببت وقد حدثت (بضم الحاء) أن بني حارث خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، (بنو حارثة لن يقتلوا أسعد بن زرارة ولكن هكذا تصرف أسيد بن حضير رضي الله عنه ليثير سعد بن معاذ يقوم ويدافع عن ابن خالته أسعد بن زرارة) فقام سعد مغضباً للذي ذكر له فأخذ حربته وخرج إليهما فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيداً إنما أراد منه أن يسمع منهما كما عرف أنه لا أحد سيقتل أسعد ولا شيء فوقف عليهما متشتماً أي كما فعل أسيد بن حضير ثمّ قال: لأسعد بن زرارة والله يا أبا أمامة لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت (بضم الراء) هذا مني تغشانا في دارنا بما نكره! قال مصعب لسعد بن معاذ: أو تقعد فتسمع إن رضيت أمراً قبلته و إن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال أنصفت ثمّ ركز حربته وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن، قال: فعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم ثم قال: كيف تصنعون إذا أسلمتم؟ فقالا له كما قالا لأسيد ففعل كما فعل أسيد، فلما رجع إلى قومه قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علىّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله فما أمسى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلم ومسلمة إلا رجل واحد يقال له الأصيرم وهو قد أسلم يوم أحد. وقام مصعب في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون.



بيعة العقبة الثانية(الكبرى):


ثم كانت بيعة العقبة الثانية وذلك في السنة الثالثة عشرة من بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحج من المسلمين من أهل المدينة بضع وسبعون نفساً من المسلمين ضمن حجاج قومهم من المشركين لأن المدينة مازال إلى الآن فيها مشركون وفيها مسلمون، وكان المسلمون يقولون حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يطرد في جبال مكة ويخوف صلوات الله وسلامه عليه. قال كعب بن مالك: خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق (أي في الثاني عشر من ذي الحجة) وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها ومعنا عبدالله بن عمرو بن حرام سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا (وهذا والد جابر بن عبدالله الصحابي) أخذناه معنا وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا (أي لا نظهر لهم أننا مسلمون أو أننا مواعدون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فكلمنا عبدالله بن عمرو بن حرام وقلنا له يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنّا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غدا ثمّ دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بموعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً من النقباء. قال كعب فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نتسلل تسلل القطا مستخفين (والقطا هي طير الحمام)، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان من نسائنا نسيبة بنت كعب وهي أم عمارة وأسماء بنت عمرو من بني سلمة فاجتمعنا ننتظر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب والعباس يومئذ على دين قومه إلا إنه عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأراد أن يعرف ماذا هم صانعون بابن أخيه، فلما اجتمع بهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أول المتكلمين عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج (قال الخزرج لأن عددهم أكثر من الأوس والعرب كانت تسمي الأوس والخزرج بالخزرج لكثرتهم) قال: إن محمداً منّا حيث قد علمتم (أي من النسب والمكانة والمحبة) وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه (يعني من الكفر) فهو في عزَ من قومه ومنعة في بلده وإنه قد أبى إلا الانحياز لكم واللحوق بكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده (يعني يريد أن يطمئن على ما سيكون لابن أخيه صلوات الله وسلامه عليه) فقال كعب: قلنا له قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تبايعوني فقالوا: يا رسول الله نبايعك على ماذا؟ قال: على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقوموا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة. قال كعب: وتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام ثمّ قام البراء بن معرور فأخذ بيده ثمّ قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعنّك مما نمنع أزرنا (بضم أول حرفين) منه فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة (أي السلاح) ورثناها كابراً عن كابر فقام أبو الهيثم ابن التيّهان قال: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً (يعني اليهود عهود بيننا وبينهم) وإنّا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك؟ ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا (يعني ترجع إلى مكة وتدعنا) فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم وفي رواية أن جابراً قال: فقمنا نبايع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذ بيده أسعد بن زرارة فقال رويداً يا أهل يثرب إنّا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله وأنّ إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة وفيه قتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإن أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله وإمّا أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله (يريد أسعد بن زرارة أن يثير فيهم محبتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فقالوا: يا أسعد أمط عنّا يدك فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. فبايعهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصافحهم إلا المرأتين (فإنه ما صافح امرأة قط صلوات الله وسلامه عليه). ثمّ جعل عليهم اثني عشر نقيباً تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس أما نقباء الخزرج فأسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وعبدالله بن رواحة ورافع بن مالك والبراء بن معرور وعبدالله بن عمرو بن حرام وعبادة بن الصامت وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأما نقباء الأوس فأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر.

بعد أن تمت هذه البيعة بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمسلمين الذين بايعوه صاح الشيطان وقال يا أهل الأخاشب (يعني يا أهل المنازل) هل لكم في محمد والصباة (بضم الصاد) قد اجتمعوا على حربكم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا أزب (بفتح الألف) العقبة (يعني الشيطان) أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك ثمّ أمرهم أن يرجعوا إلى رحالهم. لمـاّ سمعت قريش هذا الصوت جاءت إلى أهل يثرب فقالت لهم يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا من أن ننشب معه الحرب منكم فقام مشركو أهل يثرب فقالوا والله ما وقع شيء من هذا ولا تمّ شيء من هذا وصاروا يحلفون بالله ما وقع شيء من هذا فأتى الناس عبدالله بن أبيّ بن سلول كان سيدا من سادات الخزرج فجعل يقول هذا باطل وما كان هذا وما كان قومي يفعلوا مثل هذا إلا وأخبروني فاستمرت قريش تبحث وتستقصي الأخبار حتى تأكد لديهم إن الخبر صحيح والبيعة قد تمت فلما نفر الحجيج سارع فرسانهم إلى أهل يثرب ولكن بعد فوات الأوان ولكنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو فطاردوهما وفرّ منهم وأعجزهم المنذر وأمسكوا سعد بن عبادة فربطوا يديه إلى عنقه وجعلوا يضربونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب فخلصاه من أيديهم وذلك أن سعد بن عبادة من سادات أهل المدينة.







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» خصائص أهل السنة في السلوك
»» هل تريد أن تتعرف على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ... إذا أردت فتفضل!!
»» قالـــــــــــــــــوا000
»» دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة كثيرة في الذين اتبعوا شيئاً من الزهد والعبادة / الصوفي
»» تحليلات لأرباب الخمس والمعارضة الرافضية تحليل يقوم به كاتب رافضي
 
قديم 07-04-03, 06:55 PM   رقم المشاركة : 4
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


هجرة أبي سلمة رضي الله تبارك وتعالى عنه:


بدأ المسلمون يهاجرون وحاول المشركون صدهم عن الهجرة وكان أول المهاجرين أبو سلمة هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما ذكره ابن إسحاق وغيره وأخذ معه زوجته وابنه (أي أخذ أم سلمة وولدهما سلمة) فجاءه أصهاره (أي أهل زوجته) فقالوا له: أما نفسك فلا نستطيعها أرأيت صاحبتنا هذه على ما نتركك تسير بها في البلاد فوالله لا ندعها معك فأخذوا منه زوجته ومن الطبيعي جداً أن ولده سلمة الصغير رجع مع أمه فغضب آل أبي سلمة كيف تأخذون من الرجل زوجته فقالوا إذا فعلتم ذلك فنحن نأخذ ابننا فأخذوا سلمة من أمه فتشتت أمر هذه العائلة الصغيرة أبو سلمة هاجر وأم سلمة أخذها قومها وسلمة أخذه قوم أبيه. وهاجر أبو سلمة وحده إلى المدينة وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها وأخذ ابنها منها تخرج إلى الأبطح تبكي حتى تمسي واستمرت على ذلك الأمر سنة كاملة وهي تبكي فراق ابنها وزوجها فرقّ لها أحد ذويها وقال ألا تخرجون هذه المسكينة فرّقتم بنها وبين زوجها وولدها فقالوا لها الحقي بزوجك إن شئت فذهبت إلى أهل زوجها فأعطوها ولدها ثمّ هاجرت خلف زوجها إلى المدينة ولكنها لما خرجت لم يكن معها أحد فلقيها في الطريق عثمان بن طلحة وبعد أن عرف حالها شيعها (أي تابعها وسار معها) يجاريها في السير حتى وصل بها إلى المدينة وهو على الشرك ولكنها أخلاق العرب فلما وصل إلى المدينة قال زوجك في هذه القرية ادخليها على بركة الله ثمّ انصرف إلى مكة. هذه صورة من صور المهاجرين وكيف عانوا عند خروجهم من مكة إلى المدينة.


هجرة صهيب بن سنان الرومي (أبي يحي) رضي الله تبارك وتعالى عنه:


وذلك أنه لما أراد الهجرة جاءه كفار مكة وقالوا أتيتنا صعلوكاً فقيراً فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت (أي من الغنى) ثمّ تريد أن تخرج بمالك ونفسك والله لا يكون ذلك، (سبحان الله ما سرق مالهم ولا غشهم ولا راباهم وإنما اشتغل بعرق جبينه ومع هذا قالوا له ما تخرج أنت ومالك أبداً) فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلّون سبيلي؟ قالوا: نعم. قال: فإني قد جعلت لكم مالي فبلغ هذا الأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ربح البيع ربح البيع. وذكر بعض أهل العلم أن قول الله تبارك وتعالى "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد" أنها نزلت في صهيب الرومي رضي الله عنه وأرضاه.


هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

وفي شهر صفر من السنة الرابعة عشرة من مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اجتمع أهل مكة على أمر عظيم ما اجتمعوا على مثله قط وذلك أنهم اجتمعوا في دار الندوة وتعاقدوا على قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا الرأي كان رأي أبي جهل رأس قريش في ذلك الوقت فقال أبو جهل والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا وما هو يا أبا الحكم قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شاباً جلداً نسيباً وسيطاً فينا ثمّ نعطي كل فتىً منهم سيفاً صارماً ثم يعمدوا إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيضربونه بها ضربة رجل واحد فيقتلونه ونستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً فلم يقد بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً فيرضون منّا بالعقل فعقلناه لهم (أي ندفع الدية بعد ذلك)، بعد هذا الاجتماع الخطير أرسل الله تبارك وتعالى جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله تبارك وتعالى يأمره بالهجرة فذهب النبي في الهاجرة (أي قبيل الظهر) إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليبرم معه مراحل الهجرة تقول عائشة بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم متقنعاً وذلك في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر (أي إلا أمر مهم) فجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي بكر أخرج من عندك (يعني أريد أن أخبرك بأمر مهم سري لا يجوز أن يطلع عليه كل أحد) فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند ذلك إني قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم فبقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى عتمة الليل وإذا كفار مكة عند باب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ساهرون يريدون قتله وفيه أنزل الله تبارك وتعالى "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" هذا مكرهم وهو أن اجتمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن يقتله شباب أقوياء فيتفرق دم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في القبائل فيقبل بنو عبد مناف الدية ولننظر إلى مكر الله تبارك وتعالى كيف صنع الله بهم كما قال جل وعلا "ويكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا " قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسجّى ببردي فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم وهذا تطمين من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي رضي الله عنه وقد أبقى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علياً في مكة حتى يرد الأمانات التي عنده لأهل مكة. ونريد أن ننبه إلى أمرين اثنين نرى إنهما من أهم الأمور:

أولهما: هو أن كفار مكة كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذب ساحر شاعر مجنون وغير ذلك من الصفات التي اتهموه بها وهم في هذا كاذبون فهم لا يصدقون ما يقولون ولذلك كانوا يضعون أماناتهم عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهل يجوز أن يعطي عاقل الأمانة إلى رجل يرى أنه كذاب أو مجنون وأنه ساحر أو شاعر هذا لا يمكن أبدا فدل هذا على أنهم لا يكذبونه كما قال الله تبارك وتعالى "فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " وأما الأمر الثاني فهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أميناً لما أرادوا قتله ما قال أنا آخذ أموالهم لأنهم يريدون قتلي فأنا استحقها أبداً ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك (أي وإن خان هو فأنت لا تخون المؤمن لا يخون أبداً) فتبقى أخلاق المؤمن شامخة عالية ظاهرة وإن غدر من غدر من الكافرين. إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما عزم على الخروج من مكة أو لنقل من بيته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأولئك الشبان الأقوياء المسلحون ينتظرون عند باب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يريدون خروجه ليقتلوه ألقى الله تبارك وتعالى عليهم النوم جميعاً وخرج إليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخذ حفنة من البطحاء (يعني من الرمال) فجعل يذره على رؤوسهم







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» مقدمة الجولات الصحفية مع الدكتور رحمه الله مُجاهد الصوفية
»» % الإجابات الْجَلِـيَّـة عن الشُّـبُهات الرافضية %
»» بين الحياة والموت على أرض الملعب يسقط فلا ينسى أن يتشهد قصة لاعب موحد
»» أنا جعفري تفضل هنا للحوار الهادئ العقلاني
»» كلمة قصيرة حول الأوضاع الحالية في المنطقة للشيخ عثمان الخميس حفظه الله
 
قديم 07-04-03, 06:56 PM   رقم المشاركة : 5
المنهج
عضو مميز





المنهج غير متصل

المنهج is on a distinguished road


http://www.almanhaj.net/almanhaj/see...ticle.php?ID=5

وإلى الجزء الخامس من هذه السيرة المباركة..







التوقيع :
يعلن (المنهج) توقفه عن الكتابة لأجل غير مسمى نظراً لعدم التفرغ

ومقالاتي كلها ملك لمن ينقلها، على أن يشير لهذه الشبكة المباركة .. سائلاً الله أن ينفع بها ..

مُحبكم
أبو عمر الدوسري
من مواضيعي في المنتدى
»» إمام أهل السنة أحمد بن حنبل وحوار مع الجهمية في بيان ما أنكرت أن يكون الله على العرش
»» هذا رأي العلامة الدكتور عبد الله الفقيه الشنقيطي في الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب
»» أن أهل الأهواء والمذاهب الباطلة لا ينقلون مذهبهم بصورته الحقيقية
»» الصوفية وضلالهم في سجودهم لمشايخهم
»» يا قاتل الحسين!!! {والجروح قصـــــــــاص} والله لقاتل الحسين بالمرصاد
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "