وهكذا يجب على الداعية إلى الله تبارك وتعالى أن ينظر إلى العصاة وإلى الصادين النادين عن أمر الله تبارك وتعالى نظرة المشفق عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا،ً وسلاه الله تبارك وتعالى بأمر آخر وهو أنه خلال إقامته بعث الله إليه نفراً من الجن والجن كالإنس مكلفون مأمورون بالإيمان منهيون عن الكفر من أطاع منهم دخل الجنة ومن عصى دخل النار فبعث الله إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جماعة من الجن ذكرهم الله تبارك وتعالى فقال "وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم" هكذا أرسل الله تبارك وتعالى نفراً من الجن كأنه يقول لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن كان أحزنك كفر أهل مكة وكفر أهل الطائف. إيذاؤهم لك فقد أرسل الله تبارك وتعالى إليك من آمن بك من الجن وهذه لا شك تفرح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتسعده وسار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
>حتى إذا دنى من مكة مكث بحراء وبعث رجلاً من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره يعني يريد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الآن أن يدخل إلى مكة ولكن يريد الجوار يريد أحداً يدافع عنه حتى لا يؤذى بعد وفاة عمه أبي طالب فقال الأخنس بن شريق أنا حليف أي لست من أهل مكة والحليف لا يجير فبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى سهيل بن عمرو يطلب منه الجوار فقال سهيل إن بني عامر لا تجير على بني كعب أي لا أستطيع أن أجيرك عن كل أهل مكة فبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المطعم بن عدي فقال المطعم نعم يعني قبل أن يجير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثمّ تسلّح ودعا بنيه وقومه فقال البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمداً ثمّ بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ادخل فدخل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى يا معشر قريش إنّي قد أجرت محمدا فلا يهجه منكم أحد وانتهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين ثمّ انصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وأولاده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته وقام أبو جهل إلى المطعم بن عدي فقال أمجير أنت أم متابع يعني أنت مجير لمحمد أم دخلت في دينه قال بل مجير فقال أبو جهل قد أجرنا من أجرت. هذا التصرف من المطعم بن عدي يظهر لنا أمراً مهماً يجب علينا أن نقف عنده قليلاً. إن الله تبارك وتعالى لما بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما بعثه من العرب وما الحكمة التي من أجلها اختار العرب دون غيرهم من سائر البشر ؟ ذكر أهل العلم في ذلك حكماً كثيرة فمن أعظم هذه الحكم أن العرب لهم من الصفات ما ليس لغيرهم فنجد أن العربيّ كريم بل ويضرب في كرمه المثل وشجاع لا يهاب شيئاً ثم كذلك نراه في قضية الجيرة يحافظ على حق الجار ألم يقل عنترة ذاك الجاهلي:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ،،،،،،،،،، حتى يواري جارتي مثواها
ثم كذلك هم أهل صدق باللسان وسيأتينا في قصة أبي سفيان مع هرقل قول أبي سفيان والله لولا أن العرب تحسب عليّ كذبة لكذبت يقول هذا وهو في جاهليته، ثمّ عندهم كذلك الجوار هذا الذي قام به المطعم بن عدي وعندهم الأنفة وعندهم الأخوة وعندهم الأمانة يموت الرجل في سبيل أن يدافع عن أمانته و قصة السموئل مع امرؤ القيس مشهورة جداً لما جعل عنده ابنته أمانة مات في سبيل الدفاع عنها، وصفات أخرى كذلك للعرب لأجلها جميعاً ولغير ذلك من الحكم اختار الله تبارك وتعالى العرب دون غيرهم. فهذا المطعم بن عدي على الشرك متابع لقومه معاد للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبغض دينه قاطع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع من قاطع مع هذا كله يأتيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجرني حتى أدخل إلى بلدي فيقول نعم ثمّ ماذا يفعل؟ يأمر أولاده أن يتسلحوا دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه أجاره فيدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جوار المطعم بن عدي ثمّ هذا أبو جهل يسأل المطعم بن عدي أمجير أم متابع؟ قال بل مجير ماذا قال أبو جهل؟ قال قد أجرنا من أجرت كما قال ابن خلدون رحمه الله تبارك وتعالى إن العرب قد اجتمعت فيهم صفات كثيرة من الحسن (بضم الحاء) وإنما كانوا يحتاجون إلى دين يربطهم ويقوم من سلوكهم أ.هـ.
فبعث الله تبارك وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذه الشريعة السمحة وبهذا الدين القيم فلما اختارت العرب هذا الدين كيف نصر الله بهم الدين ونشره في المعمورة وحق (بضم الحاء) لهم ذلك. إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما نسي هذا للمطعم بن عدي في غزوة بدر كما سيأتي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قضية الأسرى لما خيّر (بضم الخاء) بين القتل والمنّ والفداء قال لو كان المطعم بن عدي حياً ثمّ سألني أولئك النتنى لأعطيتهم إياه أو لتركتهم له. دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى بلده مرة ثانية إلى مكة إلى بكة إلى البيت الحرام إلى مصدر النور الذي ابتدأه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى حيث قومه ودعوته في ابتدائها رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مكة فلما جاء موسم الحج في السنة الحادية عشرة من النبوة مر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمنى فسمع أصوات رجال من الحجاج وكانوا ستة نفر من أهل يثرب (أهل المدينة) وكلهم من الخزرج وهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ورافع بن مالك وقطبة بن عامر وعقبة بن عامر وجابر بن عبدالله وكان من سعادتهم أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من اليهود أن نبياً مبعوث في هذا الزمان كانت اليهود دائماً تقول للأنصار (الأوس والخزرج وهم في المدينة) هذا أوان خروج نبي وسنتابعه ونقتلكم شر قتلة (بكسر القاف) وهكذا يهددونهم ويخوفونهم بهذا النبي فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: من أنتم؟ قالوا: من الخزرج قال: من موالي اليهود؟ (يعني بينكم وبين اليهود حلف) قالوا: نعم قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى فجلسوا معه فذكر لهم دعوته والدين الذي يدعو إليه وقرأ عليهم بعض آيات من كتاب الله تبارك وتعالى فقال بعضهم لبعض تعلمون والله يا قوم إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنّكم إليه فأسرعوا إلى إجابته وأسلموا فأسلموا وتابعوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وفي هذه السنة تزوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها ابنة أبي بكر واختلف أهل العلم في سودة فقيل تزوجها قبل عائشة وقيل بعد عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنهما جميعاً.