كتاب قصص الانبياء
للجزائري الفارسي
ص420
(تفسير) علي بن ابراهيم
: وذلك ان سليمان عليه السلام كان يحب الخيل ويستعرضها فعرضت عليه يوما الى ان غابت الشمس وفاته صلاة، العصر، فاغتم من ذلك ودعا الله ان يرد عليه الشمس حتى يصلي العصر ؟ فردها عليه الى وقت العصر فصلاها، واقبل يضرب اعناق الخيل ويسوقها بالسيف حتى قتلها كلها. وهو قوله عز اسمه: (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق * ولقد فتنا سليمان) وذلك ان سليمان عليه السلام لما تزوج بالبائنة ولد له منها ابن وكان يحبه فنزل ملك الموت على سليمان، وكان كثير ما ينزل عليه، فنظر الى ابنه نظرا حديدا، ففزع سليمان من ذلك وقال لامه: ان ملك الموت نظر الى ابني نظرة اظنه امر بقبض روحه. فقال للجن والشياطين: هل لكم ان تفروه من الموت ؟ فقال واحد انا اضعه تحت عين الشمس في المشرق فقال سليمان عليه السلام ان ملك الموت يخرج ما بين المشرق والمغرب، فقال واحد منهم انا اضعه في الأرضين السابعة فقال ان ملك الموت يبلغ، فقال آخر انا اضعه في السحاب والهواء، فرفعه و وضعه في السحاب. فجاء ملك الموت فقبض روحه في السحاب، فوقع ميتا على كرسي سليمان، فعلم انه قد أخطأ. فحكى الله ذلك في قوله: (و القينا على كرسيه جسدا ثم اناب...) الآيات وقال الصادق عليه السلام: جعل الله عز وجل ملك سليمان في خاتمه فكان إذا لبسه حضرته الجن والانس والشياطين وجميع الطير والوحوش، فأطاعوه، فيقعد على كرسيه، ويبعث الله عز وجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير والدواب والانس والخيل، فتمر بها في الهواء الى موضع يريده سليمان، وكان يصلي الغداة بالشام والظهر بفارس، وكان يأمر الشياطين ان يحملوا الحجارة من فارس ويبنوها بالشام فلما قتل الخيل سلبه الله ملكه، وكان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه الى بعض من يخدمه. فجاء شيطان فخدع خادمه واخذ منه الخاتم ولبسه، فحشرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش، وخرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب ومر على ساحل البحر. وانكرت بنو اسرائيل الشياطين الذين تصوروا في صورة سليمان، وصاروا الى امه، فقالوا لها اتنكرين من سليمان شيئا ؟ فقالت: كان ابر الناس بي وهو اليوم يعصيني، وصاروا الى جواريه ونسائه وقالوا اتنكرون من سليمان شيئا ؟ قلن: لم يكن يأتينا في الحيض وهو يأتينا في الحيض. فلما خاف الشيطان ان يفطنوا به القى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان. فبقى بنو اسرائيل يطلبون سليمان اربعين يوما. وكان سليمان يمر على ساحل البحر تائبا الى الله مما كان منه. فلما كان بعد اربعين يوما مر بصياد يصيد السمكة، فقال له: اعينك على ان تعطيني من السمك شيئا ؟ قال نعم، فأعانه سليمان. فلما إصطاد دفع الى سليمان سمكة فأخذها وشق بطنها، فوجد الخاتم في بطنها فلبسه، وخرت عليه الشياطين والجن والانس ورجع الى مكانه، وطلب ذلك الشيطان وجنوده فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخر بأسامي الله فهم محبوسون معذبون الى يوم القيامة. فلما رجع سليمان الى ملكة قال لآصف، وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده من علم الكتاب: قد عذرت الناس بجهالتهم، فكيف اعذرك ؟ قال: لا تعذرني فلقد عرفت الشيطان الذي اخذ خاتمك وأباه وامه وخاله، و لقد قال لي اكتب لي، فقلت له: ان العلم لا يجري بالجور، فقال اجلس ولا تكتب، فكنت اجلس ولا اكتب شيئا، ولكن اخبرني عنك صرت تحب الهدهد وهو اخس الطير منتنا واخبثه ريحا، قال انه يبصر الماء من وراء الصفاء الاصم، فقال وكيف يبصر الماء من وراء الصفاء الأصم ؟ وانما يوارى عنه القمح بكف من التراب يأخذ رقبته، فقال سليمان: قف يا وقاف فانه إذا جاء القدر حال دون البصر. أقول(والكلام للجزائري الفارسي): هذه الرواية موافقة للعامة، فهي محمولة على التقية.
لم يجد هذا الفارسي المجرم وسيلة ليبرر بها طعنهم في نبي الله
سليمان عليه السلام الا أن يرمي بهذه الفحش على أهل السنة