كلمة نص بدل كلمة وصف
وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها
هذا فيمن يعتقد أن في كتاب الله محكما ومتشابها كما جاء في القران
فالمحكم لا نزاع فيه أما المتشابه فمذهب السلف فيه طريقتين مع اتفاقهما في تنزيه الله عن الشبيه والند والنظير لقوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
وقوله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
فاذا علمنا هذا ثم قرأنا في القران وهو القاهر فوق عباده
فالسلف يقولون فوقية لا نعلمها تليق بالله تعالى. ولا يثبتون شيئا وراء ذلك لأنهم يكلون معنى هذه الاية الى الله . وهذا هو التفويض.
ويقولون له يد تليق به.ويكلون معناها الى الله تعالى .ولا يثبتون شيئا وراء ذلك.
ولا يقولون فوقية جهة اي هو فوقنا ونحن تحته.ولا يقولون له يد حقيقية لا نعلمها (وهذا كلام متناقض)
بل لا يشبهونه بشيء .
ومع اتساع رقعة الاسلام أظهرت الزنادقة الاسلام وأبطنت الالحاد واصبحوا يتكلمون في المتشابه ليلبسوا على الناس دينهم وصاروا يسألون عن معناها.
فقيض الله العلماء لنصرة الدين. ففسروا المتشابه على ضوء المحكم مع الاستعانة بقواعد اللغة العربية وقواعد تفسير النصوص.
فقالوا يده أي قدرته ( وهذا في اللغة العربية)وقالوا فوقية قهر وعز وسلطان. ولم يقفوا عند ما وقف عليه سلفهم .
مع اتفاق الطريقتين على تنزيه الله تعالى عن الغايات والحدود والأبعاض والجهات والأماكن.
فالطريقة الأولى تفويض والثانية تأويل
فقد ورد ان من السلف من ترك الكلام في القدر وهناك من تكلم فيه مع المخالفين.
وهناك من ناظر الملاحدة وهناك من لم يتكلم معهم.
فكلا الطريقين وارد عن السلف الصالح مع اعتبار ان خلف السلف هم سلف لنا أيضا.
وهي المراد بالبيت أوله أو فوض ورم تنزيها
وهذا كلام الامام احمد بن حنبل في تفسير وجاء ربك
قال تعالى((وجاء ربك))سورة/ص/الآية((17)).
قال الإمام أحمد رضي الله عنه((جاء ثوابه))ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية((10/327))ناقلاًإياه عن البيهقي في كتاب((مناقب الإمام أحمد))الذي قال فيه:هذا إسناد لاغبارعليه.
قال أبن كثير:وكلامه أي الإمام أحمد-في نفي التشبه وترك الخوض في الكلام والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.البداية والنهاية((10327)).
وروى الخلال عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول ((احتجوا علي يوم المناظرة فقالوا تجيء يوم القيامة سورة البقرة...))الحديث.
قال:فقلت لهم إنما هو الثواب.
وهذا تأويل صريح منه رضي الله عنه ولم يقل بل يجيء هو بذاته.
وأنقل لك نص الامام الخطابي في هذا الذي هو من ائمة السلف الصالح عندنا ومن ائمة السلف الذين فسدت عقيدتهم عند المخالفين
عند حديث القدم
كلام الإمام أبو سليمان الخطابي كما نقله الإمام البيهقي في الأسماء والصفات (باب ما ذكر في القدم والرجل )
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله : فيشبه أن يكون من ذكر القدم والرجل أو ترك الإضافة إنما تركها تهيباً لها وطلباً للسلامة من خطأ التأويل فيها ، وكان أبو عبيد وهو أحد أئمة أهل العلم يقول : نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني ، قال أبو سليمان : ونحن أحرى بأن لا نتقدم فيما تأخر عنه من هو أكثر علماً وأقدم زماناً وسناً ، ولكن الزمان الذي نحن فيه قد صار اهله حزبين : منكر لما يروى من نوع هذه الأحاديث رأساً ومكذب به أصلاً ، وفي ذلك تكذيب العلماء الذين رووا هذه الأحاديث وهم أئمة الدين ونقلة السنن ، والواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والطائفة الأخرى فيها ذاهبة في تحقيق الظاهر منها مذهباً يكاد يفضي بهم إلى القول بالتشبيه ، ونحن نرغب عن الأمرين معاً ، ولا نرضى بواحد منهما مذهباً ، فيحق علينا أن نطلب لما يرد من هذه الأحاديث إذا صحت من طريق النقل والسند ، تأويلاً يخرج على معاني أصول الدين ، ومذاهب العلماء ، ولا نبطل الرواية فيها أصلا إذا كانت طرقها مرضية ونقلتها عدولاً ،.
الأسماء والصفات ص 350-351 من طبعة دار إحياء التراث العربي
وأنقل أيضا كلام ابن الجوزي حول التفويض والتأويل . وهو مضطرب العقيدة أيضا عند من خالفه
من كتابه صيد الخاطر باب فصل في التلبيس على الامة ما نصه :-
واستدلوا على انه على العرش بذاته بقول النبي عليه الصلاة والسلام ( ذكر حديث النزول ) قالوا لا ينزل الا من هو فوق وهؤلاء حملوا نزوله على الامر الحسي الذي يوصف به الاجسام , و هؤلاء المشبهة الذين حملوا الصفات على مقتضى الحس - الى ان قال - ويسمع في الحديث انه يدني عبده المؤمن اليه فيتخيال القرب الذاتي كما يجالس الجنس وهذا كله جهل بالموصوف ومن الناس من يقول لله وجه وهو صفة زائدة على صفة ذاته لقوله عز و جل (( ويبقى وجه ربك )) وله يد وله اصبع لقوله (( يضع السماوات على اصبع )) وله قدم الى غير ذلك مما تضمنته الاخبار وهذا كله انما استخرجوه من مفهوم الحس وما يؤمن هؤلاء ان يكون المراد بالوجه الذات لا انه صفة زائدة وعلى هذا فسر الاية المحققون فقالوا ويبقى ربك , وقالوا - اي المحققين- في قوله يريدون وجهه يريدونه , وما يؤمنهم ان يكون اراد بقوله (( حديث الاصبع )) ان الاصبع لما كانت هي المقبلة للشيء , وان ما بين الاصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء ذكر ذلك لا ان ثم صفة زائدة.
ثم قال رحمه الله تعالى ما يؤكد تفويض المعنى : والذي اراه السكوت عن هذا التفسير ايضا الا انه يجوز ان يكون مرادا ولا يجوز ان يكون ثم ذات تقبل التجزؤ والانقسام . انتهى
وقال رحمه الله في كتابه تلبيس ابليس فصل من اراء الخوارج ما نصه :- وكان ابو حسن الاشعري على مذهب الجبائي ثم انفرد عنه الى مثبتي الصفات , ثم اخذ بعض مثبتي الصفات التشبيه واثبات الانتقال في النزول والله الهادي لما يشاء. انتهى
فابن الجوزي كان يرى السكوت عن تفسير اليد بالقدرة ويجوزه فيمن يقوله.ولا يفهم منها يد حقيقية او صفة زائدة على الذات
فهو كان مفوضا كما ترى . وهذا التفويض هو ما نقول به أيضا.
فمن فوض أو أول من العلماء لم يخرج عن نهج السلف الصالح
ومقولة ان متقدمي الاشاعرة مفوضة ومتأخريهم مؤولة هي مقولة غير صحيحة
أما من يقول لا يستقيم ايمان عبد ولا يكون مقبولا الا اذا فهم من قوله تعالى في السماء أي على السماء .فهذا هو التنطع في الدين وفيه تشديد على عوام المسلمين الذين يؤمنون بالله وبرسوله وبالقران ايمانا مصاحبا لعد فهم لكثير من النصوص.فمتى تنكب السلف الصالح هذا؟