بسم الله الرحمن الرحيم و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
إن مما لا شك فيه أن ظاهر ما حدث في مصر و تونس و ما يحدث الآن في ليبيا و البحرين و ربما الأردن في القادم و غيرها ظاهره الخير و إنكار منكر و دفع ظلم واقع حقيقة
فلا يدعي أحد أن مملكة البحرين نال شعبها ما يرمي إليه فلم لم تقبل ثورته؟؟؟؟؟ قد يقول البعض إن من نادى بها عملاء لإيران أو يمثلون المشروع الصفوي من الروافض و لا شك هم حاقدون فهل تعلمون من قام بالثورة في تونس و مصر و ليبيا هل هم أهل السنة الداعين لإقامة شرع الله و تحكيم الله و رسوله صلى الله عليه و سلم في مناحي الحياة؟؟؟؟
فلماذا لنفس المطالب مرة تشنعون و مرة تصفقون؟؟؟؟
إن رحيل بن علي أو مبارك أو القذافي أو بوتفليقة قد يكون نهاية لشرور كثيرة و دفع مظالم عدة لكن هل تحصل المصلحة بذهابهم في مثل تلك الظروف؟؟ و بتلك الطرق؟؟؟
و لماذا نقول لا للسعودية أي لا نريد أن يحدث فيها مثل ما حدث في تونس أو مصر فهل ليس في حكمهم اي ظلم أو حيدة عن الحق أم أنهم معصومون؟؟؟؟
هل الفارق الوحيد بين السعودية و بقية البلدان هي إقامة الدين؟؟ فهل كانت المطالبة بإقامة الدين أم تغيير الحكام فقط؟؟؟؟
ظهر الشيخ الحويني بالأمس حفظه الله على التلفزيون (قناة الحافظ) و قد اشار إلى ملاحظة جد مهمة و هي قوله لا تنقلوا عني إلا قولي مشيرا أنه لم يجزم بحكم حول ما حصل لعدم وجود سلف ثابت أو مثال سابق فينتظر حتى ينجلي الغبار و الضباب لكنه اشار في نفس الوقت إلى كون "الثورة" لم تكن إلا "فورة" إذ لا رأس لها و لا مطالب محددة معينة تبين مسار المطلوب بل مجرد صراخ و بمقابل الصراخ لا يجب الصراخ بل ينظر في الأمر و بما أن ما حدث ليس له رأس يعرف منه حق أو باطل فكيف يصح حكم أو يكون مبنيا على حقائق إلا مجرد اجتهاد قاب للصواب كما هو قابل للخطأ
فالذي يرى أن ما حصل هو الخير كله ليس عليه أن يخطئ من يرى فيه الزيغ و مجانبة الصواب إذ كل يرى ما يراه عن اجتهاد و ليس أحد منهما يحكم باليقين التام الذي لا مرية فيه
فكيف يحق له أن يخون الواحد الآخر و خاصة ممن لا يرى خيرا فيما حصل و هو يعلم أنه ليس ممن استفادوا من النظام السابق أو كان من المطبلين له بل ربما كان من أكبر المتضررين فهل يسهل التخوين في مثل هذه الحال؟؟؟؟
إني أرى أن التسرع في التخوين و خاصة من غير دليل دليل على جهل مدقع أو حقد دفين و لا علاقة له بما يحدث في البلدان فكأني بما يحدث هو محل إجماع للمسلمين أو لهم به من الله سلطان مبين فكيف يحق لأحدنا أن يرى في الآخر عميلا و خائنا و ربما ينفي عنه كل خير و ليت الأمر يعتمد على سابق عهد أو معرفة بأن الآخر لم يصدر منه إلا ما يدل على الخيانة فكيف بقول واحد و في أمر ليس عليه إجماع يصبح عميلا أو عدوا للدين أو منافقا و كأني اصبحنا بدل تقديم صكوك الغفران نقدم صكوك التخوين
إن ما أطلبه ليس رفضا أو قبولا بل مجرد تفكير و تريث و تدبر فليس كل ما ظاهره خير يكون للمسلمين خير و ليس كل ما يرى منه شر يكون للمسلمين شر فتنبهوا و لا تتسرعوا بالأحكام و ستنجلي الحقيقة يوما و سيعرف المحق من المخطئ و حينها لن يندم من تمالك لسانه و دفع عنه الطعن في غيره على غير وجه حق و لا وجه اليقين بل مجرد نظرة عابرة و إعادة لأقوال الغير بدون دليل عليها
أردت بهذه الكلمات أن أنبه الإخوان أن الأمر ليس فيه يقين ليخون به أحدا لمجرد رأيه المخالف فيه بل انتظروا و سينجلي الغبار و يظهر ما فيه إن كان خيرا فالحمد لله و إن كان شرا فعلى الأقل نتجنب منه الندم و الحسرة على ما قدمنا فيه
و أخيرا لست أطلب منكم موافقتي فلكل منا عقل يفكر به و يتدبر فمن وجد في قولي حقا فليتقبله مني و من وجده باطلا فعليه بالدليل بدل التخوين أو الوصف بما لا يليق فلسنا نتكلم عن ثابت من الدين يلزم منه التكفير أو التخوين و من كان له نصح فعلى الرأس و العين
و الله من وراء القصد
و السلام عليكم و رحمة الله و بكراته