أخواني أبناء عقيدة التوحيد... أسألكم بالله ترفعوا عن المجارة بالتي هي أسوء..
وتذكروا أن هذا الحوار هو من باب الدعوه الى الله فإلتزام الأدب والخُلق فيه هو إحترام لشعيرة الدعوه الى الله وهو مايجب على الجميع الإلتزام به سواءً كانوا من السنه أو من الشيعه ... وهذا كلام طيب من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى .. يتطرق فيه فضيلته بما على الداعي الى الله الإلتزام به..... فأقرأوه وترفعوا جميعاً رفع الله قدركم.....
............................................
الله عز وجل قد بين طريق الدعوة، وماذا ينبغي للداعي، فقال سبحانه وتعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي))..
فالداعي إلى الله يجب أن يكون على علم وبصيرة بما يدعو إليه، وفيما ينهى عنه، حتى لا يقول على الله بغير علم، ويجب الإخلاص لله في ذلك، لا إلى مذهب، ولا إلى رأي فلان أو فلان . ولكنه يدعو إلى الله يريد ثوابه ومغفرته، ويريد صلاح الناس، فلا بد أن يكون على إخلاص وعلى علم، وقال عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، فهذا بيان كيفية الدعوة، وأنها تكون بالحكمة أي بالعلم (قال الله، وقال الرسول) سمي العلم بالحكمة؛ لأنه يردع عن الباطل، ويعين على اتباع الحق . ويكون مع العلم موعظة حسنة، وجدال بالتي هي أحسن، عند الحاجة إلى ذلك؛ لأن بعض الناس قد يكفيه بيان الحق بأدلته، لكونه يطلب الحق فمتى ظهر له قبله، فلا يكون في حاجة إلى الموعظة، وبعض الناس يكون عنده بعض التوقف وبعض الجفاء، فيحتاج إلى الموعظة الحسنة . فالداعي إلى الله يعظ ويذكر بالله متى احتاج إلى ذلك مع الجهال والغافلين، ومع المتساهلين حتى يقتنعوا ويلتزموا بالحق، وقد يكون المدعو عنده بعض الشبهات، فيجادل في ذلك، ويريد كشف الشبهة، فالداعي إلى الله يوضح الحق بأدلته، ويجادله بالتي هي أحسن؛ لإزاحة الشبهة بالأدلة الشرعية، لكن بكلام طيب، وأسلوب حسن، ورفق، لا بعنف وشدة، حتى لا ينفر المدعو من الحق، ويصر على الباطل، قال الله عز وجل: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، وقال الله لما بعث موسى وهارون إلى فرعون: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)) ويقول صلى الله عليه وسلم : ((من يُحرم الرفق يُحرم الخير كله)).
فالداعي إلى الله عز وجل عليه أن يتحرى الحق، ويرفق بالمدعو، ويجتهد في الإخلاص لله، وعلاج الأمور بالطريقة التي رسمها الله وهي الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وأن يكون في هذا كله على علم وبصيرة حتى يقنع الطالب للحق، وحتى يزيح الشبهة لمن عنده شبهة، وحتى يلين القلوب لمن عنده جفاء وإعراض وقسوة، فإن القلوب تلين بالدعوة إلى الله، والموعظة الحسنة وبيان ما عند الله من الخير لمن قبل الحق، وما عليه من الخطر، إذا رد الدعوة التي جاءت بالحق، إلى غير هذا من وجوه الموعظة .
وأما أصحاب الحسبة وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فعليهم أن يلتزموا بالآداب الشرعية، ويخلصوا لله في عملهم، ويتخلقوا بما يتخلق به الدعاة إلى الله من حيث الرفق وعدم العنف، إلا إذا دعت الحاجة إلى غير ذلك من الظلمة والمكابرين والمعاندين فحينئذ تستعمل معهم القوة الرادعة لقول الله سبحانه : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) خرجه مسلم في صحيحه.
أما غيرهم فيعامل في إنكار المنكر والدعوة إلى المعروف بمثل ما يفعل الداعي: ينكر المنكر بالرفق والحكمة، ويقيم الحجة على ذلك حتى يلتزم صاحب المنكر بالحق، وينتهي عما هو عليه من الباطل، وذلك على حسب الاستطاعة، كما قال الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : ((من رأى منكم منكرا الحديث)).
ومن الآيات الجامعة في ذلك قول الله عز وجل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، وقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، وقد توعد الله سبحانه من ترك ذلك، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم، حيث قال في كتابه الكريم في سورة المائدة: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ))..