اذَا سَمِع الْبَاطِل ازّبد و ارْعَد ، و تُهَدِّد ، و قَام و قَعَد
و انْجِز مَا تُوْعَد ، و اذَا سَمِع الْقُرْآَن بَكَى و شَكَى
و تَمَلْمُل و تُزَلْزِل .
كَان عُمَر فِي جَبْيِن الدَّهْر دُرَّة
لِانَّه قَرْع الْظُّلْم بِالْدِّرَّة ، فَلِلَّه دَرُّه .
حَلَف الْزَّمَان لَيَأْتِيَن بِمِثْلِه
حَنِثْت يَمِيْنُك يَا زَمَان فَكَفِّر
خَاف مِنْه الْشَّيْطَان و ارْتَعَد لِرُؤْيَتِه الْهُرْمُزَان
و انْتَهَت بِه دَوْلَة آَل سَاسَان .
أَيّا عُمَر الْفَارُوْق هَل لَك عَوْدَة
فَان جُيُوْش الْرُّوْم تَنْهَى و تَأَمَّر
تُنَادِيْك مِن شَوْق مَآذِن مَكَّة
و تَبْكِيَك بَدْر يَا حَبِيْب و خَيْبَر
دُرَّتَه لِلَّه دَرَّهَا ، و مَا ادْرَاك مَا هِي :
دُرَّة عُمَر لِخَفْق رُؤُوْس الْضَّلال ، و ضَرَب اكْتَاف الْظُّلْمَة الْجُهَّال
و تَادِيب الْعُمَّال .
قَمِيْص عُمَر مُرَقَّع تَغَيَّر لَوْنُه بِدَم عُمَر يَوْم طُعِن
فَصَاح لِسَان حَال عُمَر : اذْهَبُوْا بِقَمِيْصِي
و ائْتُوْنِي بِكَفِّن فَقَد مَلِلِت الْحَيَاة .
طَاش عَقَل صَبِيغ بْن عَسَل بِالتُّرَّهَات و فَاش ، فَاحْضِر عُمَر الدُّرَّة
و خَفْقَه حَتَّى فَقْد وَعْيُه ثُم ايقظَه و قَال : كَيْف تَجِدُك ؟
فَصَاح : اصْبَحْنَا و اصْبَح الْمَلِك لِلَّه .
تُشْفَى بِسَيْفِك دَاء الْنَّاكِثِين لَه
و تَجْعَل الْرُّمْح تَاج الْفَارِس الْبَطَل
طَعَن فِي الصَّلَاة ، و مَات فِي الْمِحْرَاب ، و دُفِن فِي الْرَّوْضَة :
بِنَفْسِي ذَاك الْرُّبُع مَا احْسَن الْرُّبَى
و مَا احْسَن الْمُصْطَاف و الْمُتَرْبَعا
هُدِّمَت بِه قُصُوْر فَارِس لِان بَيْتِه مِن طِيْن
و كَسَرْت بِه سُيُوْف رُسْتُم لِان فِي يَدِه دُرَّة
و خُلِعَت بِه تِيْجَان آَل كِسْرَى لِان قَمِيْصَه مُرَقَّع.
لَه ثَلَاث وَقَفَات ، و ثَلَاث رُؤَى ،و ثَلَاث كَلِمَات
و طَعَن بِثَلَاث طَعْنَات .
و قِفَة يَوْم اسْلَم و يَوْم هَاجَر و يَوْم بَايَع الْصِّدِّيق
و رُؤْيَا الْقَمِيْص يَجُرُّه فِي الْمَنَام
و رُؤْيَا قَصْرِه فِي الْجَنَّة ، و طَعْنَة الْشَّهَادَة
و الْبطُوْبة و الِانْتِصَار .
تَعْرِض لِلْمَوْت فِي كُل مَكَان ، فَمَا وَجَدَه الَا فِي الْمِحْرَاب
دَوَّخ مُلُوْك الْعَالَم فَقَتَلَه عَبْد
قُتِل سَاجِدا لِان قَاتَلَه لَم يَسْجُد ابَدَا
خَرَج الْلَبَن الَّذِي شُرْبِه يَوْم طُعِن
لِانَّه اكْتَفَى بِفَضْل مَا شَرِبَه مِن لَبَن الْرَّسُوْل
صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم .
فِي عُرُوْق الْحُب يَسْرِي دَافِقِا
مِن دِمَاء الْجُرْح او دَمِع الْحَبِيْب
يَقُوْل و هُو يَتَنَهَّد : يَا لَيْتَنِي كُنْت شَجَرَة فَأَعْضِد
فَنَال الْشَّهَادَة فِي الْمَسْجِد :
وَفَاة قَامَت الْدُّنْيَا تُعَزِّي
و نَاح الْدَّهْر و اهْتَز الْزَّمَان
وَافَق الْوَحْي ، و خَالِف الْهَوَى ، و تَابِع الْمَعْصُوْم
و تَلَا الْصِّدِّيق ، و سَبَق الْمُلُوْك ، و صَحْب الْعَدْل
وُجِد فِي الْامْر ، و عَزْم عَلَى الرُّشْد .
فِي الصَّلَاة بَاكِيَا ، فِي الْمَعْرَكَة غَاضِبَا
مَن الْدُّنْيَا وَاجَعا ، الَى الْآَخِرَة ضَاحِكا ، الَى الْرَّعِيَّة قَرِيْبا
عُمَر كَالْطَّائِر الْحَذَر لَا يُصَاد بِالْشُبّاك
و لَا يَقَع فِي الْاشْرَاك ، و لَا يَهْبِط عَلَى الْاشْوَاك .
لَمَّاح يَقِظ نَبِيِّه ، جَاءَتْه كُنُوْز فَارِس و الْرُّوْم
فَوَزَّعَهَا عَلَى الْقَوْم ، رَفَض الْدِّيْبَاج لِانَّه عَلَى مِنْهَاج
لَا يُرَى لَبِس الْحَرِيْر ، و لَا الْجُلُوْس عَلَى الْسَّرِيْر
و لَا اكَل الْطَّرِيْر ، لِانَّه تِلْمِيْذ الْبَشِيْر الْنَّذِيْر
ان وَجَد ضَالا نُصْحَه ، و ان عَانَد مُكَابِر بَطَحَه
و ان انْتَشَر ضَلَال فَضَحَه .
سَمِع الْوَحْي فَقَال : الْلَّه اكْبَر
و قَرْقَر بَطْنِه مِن الْجُوْع فَقَال : قَرْقَر او لَا تُقَرْقِر
فَبَقَر فِي سَبِيِل الْلَّه بِالْخَنْجَر ، طَالَت هِمَّتِه فَقَصَّر أَمَلُه
و كَبِرَت نِيَّتِه فَصُغُرِّت نَفْسِه ، و اتَّسَع فَهِمَه فَضَاق وَهُمُّه
و كَان لِلْظُّلْم بِالْمِرْصَاد ، فَكَم مِن ظَالم قَد صَاد
ظَنَّه يَقِيْن ، لِانَّه صَحِب الْامِيْن ، و رَدَد وَرَاءَه آَمِيْن .
قِيَل لَه الْرُّوْم بِالْجُيُوْش رَمَوْك ، فَقَال الْمَوْعِد الْيَرْمُوك
اطْلِق كِسْرَى الْرَّصَاص ، فَكَتَب عَلَيْه الْقِصَاص
و ارْسَل لَه سَعْد بْن ابِي وَقَّاص :
رَمَى بِك الْلَّه رُكْنَيْهَا فَحَطَّمَهَا
وَلَو رَمَى بِك غَيْر الْلَّه لَم يُصِب
جَاع يَوْم الْرَّمَادَة حَتَّى شَبِعْت الْرَّعِيَّة
و لَبِس الْمُرَقَّع حَتَّى تَوَشَّح الْنَّاس بَالاقَبِيّة
و قَتْل حَتَّى تَحْيَا الْمِلَّة ، فَلَا تَمُوْت ابَدَا.
جَزَى الْلَّه خَيْرَا مِن امَام و بِارَكْت
يَد الْلَّه فِي ذَاك الْادِيم الْمُمَزَّق
هُو بَاب دُوْن الْفِتْنَة كَسَر ، فَدَخَلْت مِنْه الْطَّوَائِف
كُلَّمَا دَخَلَت مِنْه امَّة فَاقَت فِي الْشَّر اخْتَهَا
ارَاد اهْل الْضَّلال الْعَبَث فِي الْكِتَابَة ، فَضُرِب بَيْنَهُم بِسُوَر لَّه بَاب
خَرَج مِن الْدُّنْيَا فَاطَلت بِرَأْسِهَا الْخَوَارِج
و رَفْض الْعَيْش فَاقْبَلَت الْرَّافِضَة ، و لَقِي قَدْرِه فَعَشْعِشت الْقَدَرِيَّة
افْتُرِس فَارِس بِسَعْد الْفَوْارِس ، و رَمْي الْرُّوْم بِخَالِد فَطَاش رَامِيْهَا
و بَعْثَر سِجِسْتَان بِالْنُّعْمَان ، و ارْغِم هِرَقْل و أَنُو شِرْوَان
و جَبَى خَزَائنْهُما ، يَخْرُج مِنْهُمَا الْلُّؤْلُؤ و الْمَرْجَان .
قَتْل عُمَر و لَكِنَّه عَاش ، و ارْتَّحَل لَكِنَّه اقَام
هُو فِيْنَا فِي ضَمَائِرِنَا ، فِي عُرُوْقِنَا ، فِي دِمَائِنَا
فِي قُلُوْبِنَا ، فِي عُيُوْنِنَا ، فِي الْابْطَال
فِي الْرِّجَال ، فِي الَاطْفَال .
فَكَيْف تُذْهِب يَا مَن حُبُّه ابَدَا
فِي كُل قَلْب و هَل لِلْحُب مِن اجْل