العودة   شبكة الدفاع عن السنة > منتدى الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم > الدفاع عن الآل والصحب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-10, 01:11 AM   رقم المشاركة : 1
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road


الفاروق لكَ القلبْ يَامَالكُه


الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه

دَعُونَا نَتَّفِقُ أوَّلاً أنَّ اسْمهُ مُحَرِّضَاً للدخُولِ

ضَوْعَُ طيُوبٍ يَمْلأُ رِئَةَ التَارْيخُ الإسلاميْ بِالمِسْكِ وَالأذْفَرِ وَالرَّيْحَان
وَسِرَاجٌ مِنْ نُورٍ شَقَّ الأُفُقِ بِسُنَنِ الشّمُوخِ وَالإبَاءِ وَالعزّةِ وَالغِيِرة
الَّذِي لا يَكُون إلاَّ فِي فَارَسُ عَرَبيَّ جَامِح لا يَطَأ الوِهَاد
إلاَّ إذَا دَكَّت العِمَاد

[... الفَاروْق ...]
دِيمَةُ مَطَرٍ قَوَامِهَا أيَّامٍ وَربمْا سَاعَات تَزُخُّ وَابِلاً صَيِّبَاً
علَى ربُوعِ شَبكةِ الذَودِ عَنْ السُنة سُقْيَا كَوثَر وَعَقيِدْة



فَانْهَلُوا مِن مَعِينِ سِيرتُهُ وَسُلافِ فِكْرِهِ وَتَارِيخه
عَذْبُ الرَّشفَاتِ هَنِيئَاً مَرِيئَاً إلَى الإنتهاء




حَسَب الْقَوَافِي وَحَسْبِي حِيْن الْقَيُّهَا
أَنِّي إِلَى سَاحَة الْفَارُوْق أُهْدِيْهَا
قَد نَازَعَتْنِي نَفْسِي أَن أَوَفَّيْهَا
وَلَيْس فِي طَوْق مِثْلِي أَن يُوَفِّيَهَا
مَوْلَى الْمُغِيْرَة لَا جَادَتْك غَادِيّة
مِن رَحْمَة الْلَّه مَا جَادَت غَوَادِيهَا
مَزَّقَت مِنْه أَدِيْمَا حَشْوُه هِمَم
فِي ذِمَّة الْلَّه عَالِيَهَا وَمَا ضِيُّهَا
طُعِنَت خَاصِرَة الْفَارُوْق مُنْتَقِمَا
مِن الْحَنِيْفِيَّة فِي أَعْلَى مَجَالِيَهَا
فَأَصْبَحَت دَوْلَة الْإِسْلَام حَائِرَة
تَشْكُو الْوَجِيعَة لَمَّا مَات آَسِيْهَا
وَاهْا عَلَى دَوْلَة بِالْأَمْن قَد مَلَأْت
جَوَانِب الْشَرْق رَغَدَا مِن أَيَّادِيْهَا

أَسْلَم قَوِيّا ، و هَاجَر قَوِيّا ، و قَتْل قَوِيّا
شَمَّر قَمِيْصَه فِي الْيَقَظَة فَجَرُّه فِي الْمَنَام
ارَاد - صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم - ان يَدْخُل قَصْرِه فِي الْجَنَّة
فَذَكَر غَيْرَتَه فَلَم يَدْخُل .

انْتَقَل مِن عُمَيْر الَى عُمَر ، الَى الْفَارُوْق ، الَى امِيْر الْمُؤْمِنِيْن .

اسْلَامَه فَتَح هَز مَكَّة ، وَوَقَف الْنَصْر عَلَى بَوَّابَة مَدِيْنَة الْاسْلَام مُنَادِيا
( ادْخُلُوْهَا بِسَلَام آمِنِيْن )

و هِجْرَتُه نَصْر لِانَّه هَاجَر مُتَحَدِّيا شَامِخَا ظَاهِرا
و خِلَافَتِه رَحْمَة لِانَّه اوَّل الْجَائِعِين و الْمَسَاكِيْن و الْزَّاهِدِيْن .

شُكْرَا لِذَاك الْفَذ لَيْت حَيَاتِه
طَالَت و لَيْت سِنِّيَّنَّه احْقَابا

وُضِع يَمِيْنِه فِي يَمِيْن الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم
فِي دَار الارْقُم ابْن ابِي الارْقُم ، فَعَز الْاسْلَام
وَارْتَفَعَت الاعْلام ، و انْهَزَمَت الْاصْنَام
و انْدَك الْبَاطِل ، و سَحْق الْزَّيْف ، و قَمَع الْضَّلال
و غَرَبَت شَمْس الْزُّوْر .

و ضَعْهَا فِي يَمِيْن ابِي بَكْر فِي سَقِيْفَة بَنِي سَاعِدَة
فَسَاد الْامْن ، و تَوَطَّدَت الْخِلَافَة ، و حُسِمَت الْفِتْنَة
كَسَر بِسَيْف الْشَّرْع ظَهَر كِسْرَى ، و قَصِّر بِالْحَق آَمَال قَيْصَر
و ارْهَق بِكَتَائِب الْلَّه هِرَقْل .


اذَا سَمِع الْبَاطِل ازّبد و ارْعَد ، و تُهَدِّد ، و قَام و قَعَد
و انْجِز مَا تُوْعَد ، و اذَا سَمِع الْقُرْآَن بَكَى و شَكَى
و تَمَلْمُل و تُزَلْزِل .

كَان عُمَر فِي جَبْيِن الدَّهْر دُرَّة
لِانَّه قَرْع الْظُّلْم بِالْدِّرَّة ، فَلِلَّه دَرُّه .

حَلَف الْزَّمَان لَيَأْتِيَن بِمِثْلِه
حَنِثْت يَمِيْنُك يَا زَمَان فَكَفِّر

خَاف مِنْه الْشَّيْطَان و ارْتَعَد لِرُؤْيَتِه الْهُرْمُزَان
و انْتَهَت بِه دَوْلَة آَل سَاسَان .

أَيّا عُمَر الْفَارُوْق هَل لَك عَوْدَة
فَان جُيُوْش الْرُّوْم تَنْهَى و تَأَمَّر
تُنَادِيْك مِن شَوْق مَآذِن مَكَّة
و تَبْكِيَك بَدْر يَا حَبِيْب و خَيْبَر

دُرَّتَه لِلَّه دَرَّهَا ، و مَا ادْرَاك مَا هِي :
دُرَّة عُمَر لِخَفْق رُؤُوْس الْضَّلال ، و ضَرَب اكْتَاف الْظُّلْمَة الْجُهَّال
و تَادِيب الْعُمَّال .

قَمِيْص عُمَر مُرَقَّع تَغَيَّر لَوْنُه بِدَم عُمَر يَوْم طُعِن
فَصَاح لِسَان حَال عُمَر : اذْهَبُوْا بِقَمِيْصِي
و ائْتُوْنِي بِكَفِّن فَقَد مَلِلِت الْحَيَاة .

طَاش عَقَل صَبِيغ بْن عَسَل بِالتُّرَّهَات و فَاش ، فَاحْضِر عُمَر الدُّرَّة
و خَفْقَه حَتَّى فَقْد وَعْيُه ثُم ايقظَه و قَال : كَيْف تَجِدُك ؟
فَصَاح : اصْبَحْنَا و اصْبَح الْمَلِك لِلَّه .


تُشْفَى بِسَيْفِك دَاء الْنَّاكِثِين لَه
و تَجْعَل الْرُّمْح تَاج الْفَارِس الْبَطَل

طَعَن فِي الصَّلَاة ، و مَات فِي الْمِحْرَاب ، و دُفِن فِي الْرَّوْضَة :


بِنَفْسِي ذَاك الْرُّبُع مَا احْسَن الْرُّبَى
و مَا احْسَن الْمُصْطَاف و الْمُتَرْبَعا

هُدِّمَت بِه قُصُوْر فَارِس لِان بَيْتِه مِن طِيْن
و كَسَرْت بِه سُيُوْف رُسْتُم لِان فِي يَدِه دُرَّة
و خُلِعَت بِه تِيْجَان آَل كِسْرَى لِان قَمِيْصَه مُرَقَّع.
لَه ثَلَاث وَقَفَات ، و ثَلَاث رُؤَى ،و ثَلَاث كَلِمَات
و طَعَن بِثَلَاث طَعْنَات .

و قِفَة يَوْم اسْلَم و يَوْم هَاجَر و يَوْم بَايَع الْصِّدِّيق
و رُؤْيَا الْقَمِيْص يَجُرُّه فِي الْمَنَام
و رُؤْيَا قَصْرِه فِي الْجَنَّة ، و طَعْنَة الْشَّهَادَة
و الْبطُوْبة و الِانْتِصَار .

تَعْرِض لِلْمَوْت فِي كُل مَكَان ، فَمَا وَجَدَه الَا فِي الْمِحْرَاب
دَوَّخ مُلُوْك الْعَالَم فَقَتَلَه عَبْد
قُتِل سَاجِدا لِان قَاتَلَه لَم يَسْجُد ابَدَا
خَرَج الْلَبَن الَّذِي شُرْبِه يَوْم طُعِن
لِانَّه اكْتَفَى بِفَضْل مَا شَرِبَه مِن لَبَن الْرَّسُوْل
صَلَّى الْلَّه عَلَيْه و سَلَّم .

فِي عُرُوْق الْحُب يَسْرِي دَافِقِا
مِن دِمَاء الْجُرْح او دَمِع الْحَبِيْب

يَقُوْل و هُو يَتَنَهَّد : يَا لَيْتَنِي كُنْت شَجَرَة فَأَعْضِد
فَنَال الْشَّهَادَة فِي الْمَسْجِد :

وَفَاة قَامَت الْدُّنْيَا تُعَزِّي
و نَاح الْدَّهْر و اهْتَز الْزَّمَان

وَافَق الْوَحْي ، و خَالِف الْهَوَى ، و تَابِع الْمَعْصُوْم
و تَلَا الْصِّدِّيق ، و سَبَق الْمُلُوْك ، و صَحْب الْعَدْل
وُجِد فِي الْامْر ، و عَزْم عَلَى الرُّشْد .

فِي الصَّلَاة بَاكِيَا ، فِي الْمَعْرَكَة غَاضِبَا
مَن الْدُّنْيَا وَاجَعا ، الَى الْآَخِرَة ضَاحِكا ، الَى الْرَّعِيَّة قَرِيْبا

عُمَر كَالْطَّائِر الْحَذَر لَا يُصَاد بِالْشُبّاك
و لَا يَقَع فِي الْاشْرَاك ، و لَا يَهْبِط عَلَى الْاشْوَاك .

لَمَّاح يَقِظ نَبِيِّه ، جَاءَتْه كُنُوْز فَارِس و الْرُّوْم
فَوَزَّعَهَا عَلَى الْقَوْم ، رَفَض الْدِّيْبَاج لِانَّه عَلَى مِنْهَاج
لَا يُرَى لَبِس الْحَرِيْر ، و لَا الْجُلُوْس عَلَى الْسَّرِيْر
و لَا اكَل الْطَّرِيْر ، لِانَّه تِلْمِيْذ الْبَشِيْر الْنَّذِيْر
ان وَجَد ضَالا نُصْحَه ، و ان عَانَد مُكَابِر بَطَحَه
و ان انْتَشَر ضَلَال فَضَحَه .

سَمِع الْوَحْي فَقَال : الْلَّه اكْبَر
و قَرْقَر بَطْنِه مِن الْجُوْع فَقَال : قَرْقَر او لَا تُقَرْقِر
فَبَقَر فِي سَبِيِل الْلَّه بِالْخَنْجَر ، طَالَت هِمَّتِه فَقَصَّر أَمَلُه
و كَبِرَت نِيَّتِه فَصُغُرِّت نَفْسِه ، و اتَّسَع فَهِمَه فَضَاق وَهُمُّه
و كَان لِلْظُّلْم بِالْمِرْصَاد ، فَكَم مِن ظَالم قَد صَاد
ظَنَّه يَقِيْن ، لِانَّه صَحِب الْامِيْن ، و رَدَد وَرَاءَه آَمِيْن .

قِيَل لَه الْرُّوْم بِالْجُيُوْش رَمَوْك ، فَقَال الْمَوْعِد الْيَرْمُوك
اطْلِق كِسْرَى الْرَّصَاص ، فَكَتَب عَلَيْه الْقِصَاص
و ارْسَل لَه سَعْد بْن ابِي وَقَّاص :

رَمَى بِك الْلَّه رُكْنَيْهَا فَحَطَّمَهَا
وَلَو رَمَى بِك غَيْر الْلَّه لَم يُصِب

جَاع يَوْم الْرَّمَادَة حَتَّى شَبِعْت الْرَّعِيَّة
و لَبِس الْمُرَقَّع حَتَّى تَوَشَّح الْنَّاس بَالاقَبِيّة
و قَتْل حَتَّى تَحْيَا الْمِلَّة ، فَلَا تَمُوْت ابَدَا.

جَزَى الْلَّه خَيْرَا مِن امَام و بِارَكْت
يَد الْلَّه فِي ذَاك الْادِيم الْمُمَزَّق

هُو بَاب دُوْن الْفِتْنَة كَسَر ، فَدَخَلْت مِنْه الْطَّوَائِف
كُلَّمَا دَخَلَت مِنْه امَّة فَاقَت فِي الْشَّر اخْتَهَا
ارَاد اهْل الْضَّلال الْعَبَث فِي الْكِتَابَة ، فَضُرِب بَيْنَهُم بِسُوَر لَّه بَاب
خَرَج مِن الْدُّنْيَا فَاطَلت بِرَأْسِهَا الْخَوَارِج
و رَفْض الْعَيْش فَاقْبَلَت الْرَّافِضَة ، و لَقِي قَدْرِه فَعَشْعِشت الْقَدَرِيَّة
افْتُرِس فَارِس بِسَعْد الْفَوْارِس ، و رَمْي الْرُّوْم بِخَالِد فَطَاش رَامِيْهَا
و بَعْثَر سِجِسْتَان بِالْنُّعْمَان ، و ارْغِم هِرَقْل و أَنُو شِرْوَان
و جَبَى خَزَائنْهُما ، يَخْرُج مِنْهُمَا الْلُّؤْلُؤ و الْمَرْجَان .

قَتْل عُمَر و لَكِنَّه عَاش ، و ارْتَّحَل لَكِنَّه اقَام
هُو فِيْنَا فِي ضَمَائِرِنَا ، فِي عُرُوْقِنَا ، فِي دِمَائِنَا
فِي قُلُوْبِنَا ، فِي عُيُوْنِنَا ، فِي الْابْطَال
فِي الْرِّجَال ، فِي الَاطْفَال .

فَكَيْف تُذْهِب يَا مَن حُبُّه ابَدَا
فِي كُل قَلْب و هَل لِلْحُب مِن اجْل

عُمَر :
الْحَزْم عِنْد وُرُوْد الْقَلَق ، و الْعَزْم مَع طَائِف الْتَّرَدُّد
و اقْتِنَاص الْفُرْصَة قَبْل ان تَدَبُّر ، قَوِي حَتَّى تُضْعِف صَوْلَة الْبَاطِل
شَدِيْد حَتَّى تَلَيَّن قَنَاة الْزُّوْر ، صَعْب حَتَّى تَسْهُل طَرِيْق الْنَّجَاح
هَمُّه تَحْقِيْق الْعَدْل ، و رُسُوْخ الْمُسَاوَاة ، و حَفِظ لِحُقُوْق
و كَسْر انْف الانَفَة ، و قَمَع جَوْلَة الْجَبَرُوْت ، عِنْدَه حِكْمَة لِلْقُلُوْب
و دُرّة لِلاكْتَاف ، و سَيْف لِلْرِقِاب
طِبْت يَا عُمَر حَيّا و طِبْت مَيِّتَا
د. عَائِض الْقَرْنِي










التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» Jurer par autre qu’Allah
»» أسْلاَفُنَا فِيْ رَمَضَانْ
»» الأخوة والأخوات أسود السُنة
»» الحملة العالمية لتثقيف الشيعة
»» الْبومَ صَوْر
 
قديم 08-07-10, 01:13 AM   رقم المشاركة : 2
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




هل قرأتم من قبل في سيرته .؟
وهل إعتراكم مااعتراني من رجفةٍ عند ذكر مواقفه في الإسلام .؟
من هو ؟ ولماذا هو دون غيره ؟ ومالذي جعل الشيطان يفرق منه ؟


كيف أسلم ، ومتى هاجر ، وماذا قالوا عنه ؟

ابقوا معي فوالله ماوجدتني أكثر رجفاً مني حين
أكتب عن هذا العملاق التاريخي ..






التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» الغلو في التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية
»» مَكْتَبَة المَحَجة السَلَفيّة
»» شيعي جاب في الرافضة المطمة الكبرى
»» The Absolute Truth About Muhammad in the Bible
»» للهِ دَرُكَ مِن شَيخُ فاضِلْ
 
قديم 08-07-10, 01:20 AM   رقم المشاركة : 3
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road





عُمَر بْن الْخَطَّاب بْن نُفَيْل بْن عَبْد الْعُزَّى الْقُرَشِي الْعَدَوِي
قَوِيّا غَلِيْظَا شُجَاعَا ذُو قُوَّة فَائِقَة
و كَان قَبْل إِسْلَامَة أَشَد عَدَاوَة لِدِيْن الْلَّه و كَان مِن أَشَد الْنَّاس عَدَاوَة
لِرَسُوْل الَّلَه و لَم يَرِق قَلَبَة لِلْإِسْلَام أَبَدا
و فِى يَوْم مِن الْأَيَّام قَرَّر عُمَر بْن الْخَطَّاب
قُتِل سَيِّدِنَا مُحَمَّد عَلَيْه الْسَّلَام فَسُن سَيْفَة و ذَهَب لِقَتْلِه
و فِى الْطَّرِيْق وَجَد رَجُلا مِن صَحَابَة رَسُوْل الْلَّه
و كَان خَافِيّا لإِسَّلامّة فَقَال لَه الْصَحَابَى إِلَى أَيْن يَا عُمَر ؟
قَال عُمَر ذَاهِب لَأَقْتُل مُحَمَّدا , فَقَال لَه الْصَحَابَى
وَهَل تَتْرُكُك بَنِى عَبْد الْمُطَّلِب ؟ قَال عُمَر لِلصْحَابِى الْجَلِيْل
أَرَاك اتَّبَعْت مُحَمَّدا ؟!
قَال الْصَحَابَى لَا و لَكِن أَعْلَم يَا عُمَر
(( قَبْل أَن تَذْهَب إِلَى مُحَمَّد لِتَقْتُلَه فَأَبْدَأ بِآَل بَيْتِك أَوَّلَا ))
فَقَال عُمَر مَن ؟ قَال لَه الْصَحَابَى : أُخْتُك فَاطِمَة و زَوْجُهَا
إِتَّبِعُوا مُحَمَّدا , فَقَال عُمَر أَو قَد فَعَلْت ؟
فَقَال الْصَحَابَى : نَعَم , فَأَنْطَلِق عُمَر مُسْرِعَا غَاضِبَا
إِلَى دَار سَعِيْد بْن زَيْد زَوَّج أُخْتَه فَاطِمَة , فَطَرَق الْبَاب
و كَان خَبَّاب بْن الْأَرَت يَعْلَم فَاطِمَة و سَعِيْد بْن زَيْد الْقُرْأَن
فَعِنْدَمَا طُرُق عُمَر الْبَاب فَتَح سَعِيْد بْن زَيْد الْبَاب فَأَمُسّكّة عُمَر
و قَال لَه : أَرَاك صَبَأْت ؟ فَقَال سَعِيْد يَا عُمَر: أَرَأَيْت إِن كَان الْحَق
فِى غَيْر دِيْنِك ؟ فَضَرَبَه عُمَر وَأَمْسَك أُخْتِه فَقَال لَهَا : أَرَاك صَبَّأَتَّى ؟
فَقَالَت يَا عُمَر:أَرَأَيْت إِن كَان الْحَق فِى غَيْر دِيْنِك ؟
فَضَرَبَهَا ضَرْبَة شَقّت وَجْهِهَا , فَسَقَطَت مِن يَدِهَا صَحِيْفَة (قُرْآَن)
فَقَال لَهَا نَاوِلِيَنِى هَذّة الْصَّحِيْفَة!
فَقَالَت لَه فَاطِمَة رَضِى الْلَّه عَنْهَا :أَنْت مُشْرِك نَجِس إِذْهَب فَتَوَضَّأ ثُم إِقْرَأْهَا
فَتَوَضَّأ عُمَر ثُم قَرَأ الْصَّحَيِفَة وَكَان فِيْهَا
{ طَه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآَن لِتَشْقَى (2)
إِلَّا تَذْكِرَة لِّمَن يَخْشَى (3) تَنْزِيَلا مِّمَّن خَلَق الْأَرْض وَالْسَّمَاوَات الْعُلَى (4)
الْرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى (5)
لَه مَا فِي الْسَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا
وَمَا تَحْت الْثَّرَى (6)} سُوْرَة طـه

فَأَهْتز عُمَر و قَال مَا هَذَا بِكَلَام بَشِّر !
ثُم قَال أَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه و أَن مُحَمَّدا رَسُوْل الْلَّه
وَقَال دُلُّونِى عَلَى مُحَمَّد , فَقَام لَه خَبَّاب بْن الْأَرَت
و قَال أَنَا ادُلُّك عَلَيْه فَذَهَب بِه خَبَّاب إِلَى دَار الْأَرْقَم بْن أَبِى الْأَرْقَم
فَطَرَق الْبَاب عُمَر بْن الْخَطَّاب
فَقَال الْصَّحَابَة : مِن ؟ قَال : عُمَر
فَخَاف الْصَّحَابَة وَاخْتَبَؤا فَقَام حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب
و قَال يَا رَسُوْل الْلَّه دَعْه لِى , فَقَال الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
أَتْرُكَه يَا حَمْزَة , فَدَخَل عُمَر فَأَمْسَك بِه رَسُوْل الْلَّه
و قَال لَه: أَمَا آَن الْأَوَان يَا بْن الْخَطَّاب ؟
فَقَال عُمَر إِنِّى أُشْهِد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه و أَنَّك رَسُوْل الْلَّه
فَكَبِّر الْصَّحَابَة تَكْبِيْرَا عَظِيْمَا سَمِعْتُة مَكَّة كُلَهَاوأَرْتَجَت لَه

فَكَان إِسْلَام عُمَر نَصْر لِلْمُسْلِمِيْن و عِزَّة لِلْإِسْلَام
و كَان رَسُوْل الْلَّه يَدْعُوَا لَه دَائِمَّا و يَقُوْل
(( الْلَّهُم أَعِز الْإِسْلَام بِأَحَد الْعُمَرَيْن))
و هُمَا ( عُمَر بْن الْخَطَّاب أَو عَمْرو بْن هِشَام )
و مِن هُنَا بَادِر سَيِّدِنَا عُمَر بْن الْخَطَّاب بِشَجَاعَتِه
و قَام و قَال لِرَسُوْل الْلَّه : يَا رَسُوْل الْلَّه : أَلَسْنَا عَلَى الْحَق ؟
قَال الْرَّسُوْل نَعَم , قَال عُمَر أَلَيْسُوا عَلَى الْبَاطِل ؟
قَال رَسُوْل الْلَّه : نَعَم , فَقَال عُمَر بْن الْخَطَّاب :
فَفِيْمَا الإِخْتِفَاء ؟ قَال رَسُوْل الْلَّه : فَمَا تَرَى يَا عُمَر ؟
قَال عُمَر:نُخْرِج فَنَطُوف بِالْكَعْبَة , فَقَال لَه رَسُوْل الْلَّه :نَعَم يَا عُمَر
فَخَرَج الْمُسْلِمُوْن لِأَوَّل مَرَّة يَكْبَرُوا و يُهَلِّلُوا فِى صِفِّيْن
صَف عَلَى رَأَسَة عُمَر بْن الْخَطَّاب و صَف عَلَى رَأَسَة حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب

يَالِلِه !
يَالِلِه!
يَالِلِه!
تَخَيَّلُوْا بِالْلَّه الْمَنْظَر !
صَف الْفَارُوْق ، وَصَف أَسَد الْلَّه
وَمِن بَيْنَهُمَا .؟

و بَيْنَهُمَا رَسُوْل الْلَّه يَقُوْلُوْن:

الْلَّه أَكْبَر و لِلَّه الْحَمْد حَتَّى طَافُوا بِالْكَعْبَة
فَخَافَت قُرَيْش

و دَخَلَت بُيُوْتِهَا خَوْفا مِن إِسْلَام عُمَر و مَن الْرَّسُوْل

و صَحَابَتِه رِضَى الْلَّه عَنْهُم












التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» زهد وورع الفاروق رضي الله عنه
»» فيلم الزحف الأسود يافضيحتاه يالشيعة
»» لِمثلُ هَذَا تَضّطْرِبُ القُلُوبْ
»» نحَروْك يَاوطني بإسم الحضارة
»» اغتصاب مقتدى الصدر والسيستاني يأمره بالصبر / صورة موثقة
 
قديم 08-07-10, 01:28 AM   رقم المشاركة : 4
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




قيمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التاريخ الإسلامي والعالمي:
إنَّ حياة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه صفحة مُشْرقة من التاريخ الإسلامي، الذي بهر كل تاريخ وفَاقَه، والذي لم يحو تاريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله... (عمر بن الخطاب د/ علي الصلابي)
إن حياة الفاروق عمر رضي الله عنه إنما هي قدوة للدعاة، والعلماء، والساسة، ورجال الفكر، وقادة الجيوش، وحكام الأمة، وطلاب العلم، وعامة الناس، لعلهم يستفيدون بها في حياتهم، ويقتدون بها في أعمالهم، فيكرمهم الله بالفوز في الدارَيْن....
صاحبنا اليوم- كما قيل عنه- (كان طويلًا جسيمَا أصلع صلعة عرف بها، فكان يقال له: أصلع قريش أو الأصيلع. شديد الحمرة.... كان يَفْرَع الناسَ طولًا كأنَّه على دابة. ويصفه ابنه عبد الله فيقول: كان أبي أبيض لا يتزوج النساء لشهوة إلا لطلب الولد، أعسر يعمل بكلتا يديه، كأنَّه من رجال بني سَدُوس....
وإذا ذهب إنسان مع خياله مُجسدًا هذه الأوصاف، تراءت له صورة من أجمل صور الرجال ملاحةً ومَهابةً وجلالًا....) (شهيد المحراب عمر بن الخطاب أ / عمر التلمساني ص 47)
إنّ حياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تُمثل نموذجًا في غاية الروعة لمن يريد أن يصنع مَجدا، أو يحقق هدفا، أو يغيّر من حياته إلى الأحسن، ونحن إذ نعيش دقائق من حياتنا مع هذا العملاق العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يجدر بنا أن نضع نصب أعيينا هدفا واضحا نحاول تحقيقه، بل وننتقل من حياة الترف والبذخ والتنافس في الدون؛ إلى حياة الجد والاجتهاد والتسابق إلى النعيم الدائم، والعيش الرغد " فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدٍ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ".


التعريف به رضي الله عنه

ولا تقتصر الاستفادة من تاريخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المسلمين فحسب، بل تعم الفائدة الجميع، مسلمين وغير مسلمين، ولا ننس أن نقول: إنه رضي الله عنه صاحب الفضل في ابتكار الكثير من الوسائل التي ما زال الناس ينتفعون بها إلي اليوم فهو:
* " أول من دوّن الديوان وعمل فيه؛ والديوان سِجِل أو كتاب تُدوّن فيه وتُسجَّل أسماء أفراد الجيش والذين يُعطَون والعمال... " (تاريخ دمشق جزء 57 ص 404)
* " وهو أول من اتخذ الدِّرة.
* وهو أول من سُمِّي أمير المؤمنين... " (أسد الغابة جزء 1 ص832)
* " وهو أول من جمع القرآن في الصحف.
* وهو أول من سَنِّ قيام شهر رمضان، وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة.
* وهو أول من ضرب في الخَمْر.
* وهو أول من فتح الفتوح وهي الأرضون والكور التي فيها الخراج والفيء، فتح العراق كله السواد والجبال، وأذربيجان، وكور البصرة وأرضها، وكور الأهواز، وفارس، وكور الشام ما خلا أجنادين فإنها فتحت في خلافة أبي بكر الصديق رحمه الله، وفتح عمر كور الجزيرة، والموصل، ومصر، والإسكندرية، وقتل رحمه الله وخيله على الرَّي وقد فتحوا عامَّتها.
* وهو أول من مسح السواد وأرض الجبل، ووضع الخراج على الأرضين، والجزية على جماجم أهل الذمة فيما فتح من البلدان، فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى الوسط أربعة وعشرين درهمَا، وعلى الفقير اثني عشر درهمًا، وقال: لا يعوز رجلا منهم درهم في شهر. فبلغ خراج السواد والجبل على عهد عمر رحمه الله مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف درهم ودانقين ونصف.
* وهو أول من مصّر الأمصار: الكوفة، والبصرة، والجزيرة، والشام، ومصر، والموصل وأنزلها العرب، وخَطَّ الكوفة والبصرة خططا للقبائل.
* وهو أول من استقضى القضاة في الأمصار.
* وهو أول من كتب الناس على قبائلهم، وفرض لهم الأعطية من الفيء، وقسم القسوم في الناس، وفرض لأهل بدر وفضّلهم على غيرهم، وفرض للمسلمين على أقدارهم وتقدمهم في الإسلام.
* وهو أول من حمل الطعام في السفن من مصر في البحر حتى ورد البحر ثم حمل من الجار إلى المدينة... " (الطبقات الكبرى جزء 3 صفحة 281، 282)
نسبه وقبيلته
عمر بن الخطاب في عداد أشراف مكة نسبًا، ومن أرفعها قدرًا، وأعلاها منزلة، فهو عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي القرشي.
" وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة. فعلى هذا تكون أخت أبي جهل وعلى الأول تكون ابنة عمه، قال أبو عمر: ومن قال ذلك- يعني بنت هشام- فقد أخطأ ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل والحارث ابني هشام، وليس كذلك وإنما هي ابنة عمهما؛ لأن هشامًا وهاشمًا ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة وهشام والد الحارث وأبي جهل.
وكان يقال لهاشم جد عمر: ذو الرمحين.
وقال ابن منده: أم عمر أخت أبي جهل. وقال أبو نعيم: هي بنت هشام أخت أبي جهل وأبو جهل خاله... " (أسد الغابة جزء 1 صفحة 814)
مولده
وُلد رضي الله عنه في السنة الثالثة عشرة من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة، وذلك بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له
روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَى اللَّهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. "
لماذا أحد هذين الرجلين؟
كان أهل الإسلام يجتمعون في بدء الإسلام سرًّا، في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، لقلة عددهم، وشدة قريش عليهم.
وكان ممن عرف بالشدة على المسلمين عمر بن الخطاب، وأبو جهل، وكان لهما من المكانة الشيء الكبير، وفي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوقع خيرًا للإسلام والمسلمين، بإسلام أحد هذين الرجلين.
أما عمر بن الخطاب، فكان من أشراف قريش، لا من الأشراف اللاهين العابثين تفاهة وانغماسا في الملذات، فما كانت أيام شبابه لهوًا وعبثًا، ولكن كان يأخذ نفسه بمعالي الأمور ويدع سفاسفها، لا يرضى الدنية، دقيق الحس فصيح اللسان، قوي العارضة، عرفت قريش عنه كل ما يشرفها، ويجعله في الصدارة مع إخوانه فأعطته المكانة التي شرفت بتقلده إياها فإن عمر كان سفير قريش في الجاهلية، وما أعلى السفارة قدرا عند ذوي الفصاحة والحجى، وكانت قريش أفصح العرب وبلغتها نزل القرآن فأين عمر وهو سفيرها في هذا المجال ! وهل أرضى للمرء عند نفسه، وأكرم عند قومه من أن يكون المقدم إذا حق اللقاء، والمفوه المنشود إذا كان المجال الحجة والكلام؟ (شهيد المحراب عمر بن الخطاب أ / عمر التلمساني ص 48)
ولعل أبا جهل كان يتصف بصفات عديدة من قوةِ جسدٍ، وثروة كبيرة وعائلة عريقة، غير أن كليهما يشترك في صفة عزيزة الوجود في الرجال، في حين كان الإسلام في حاجة شديدة إليها، ألا وهي صفة القيادة، ولعل هذا كان سر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أن يعز الله الإسلام بأحدهما.
" فبالرغم من الحرب العنيفة التي يشنّها الرجلان على الإسلام، لم تكن تخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقومات الزعامة والقيادة فيهما، وأن وجود أحدهما في الصف الإسلامي يعني قوة هذا الصف واعتزازه، وإن وراء الكفر المتبجح قلوبا لم تصطدم بعدُ بتيار الإسلام القوي، ولم تصل لها القوة الكهربية الضخمة. إنها حين تكون الصدمة قوية قد تغير الكيان كله، وهذا ما وقع في قدر الله، ودفع إلى إسلام عظيم الرجال عمر بن الخطاب... " (المنهج الحركي للسيرة النبوية أ/ منير الغضبان)
ولا ننس هذه الرواية التي معنا وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لعمر خاصة بأن يسلم فيروي ابن ماجه بسنده عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَاصَّةً. (المقدمة باب فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حديث رقم 102)
وقد استجاب الحق تبارك وتعالى لتلك الدعوة النبوية، فقر الإسلام بالفاروق، وعز به أهل الإسلام.
ولقد بلغ عمرأوجًا شاهقًا في محراب الإيمان والتقوى، والتبتل والتخشع، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرى رؤيا عجيبة ورؤيا الأنبياء حق فيقول: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهُمْ مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمْرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدِّينُ.
وفي رواية ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ ". وفي لفظ آخر: " أَقْوَاهُمْ فِي اللَّهِ عُمَرُ ".
وقال صلى الله عليه وسلم في مدحه للفاروق وعدم حبه للباطل: " هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، هَذَا رَجُلٌ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ ".
(مسند أحمد حديث رقم 15033)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ نَبِيٌّ بَعْدِي لَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ". (الترمذي 3619)
وقال ابن حجر العسقلاني: السبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الموافقات التي نزل القرآن الكريم مطابقًا لها، ووقع له بعد النبي صلى الله عليه وسلم عدة إصابات.
الرسول صلى الله عليه وسلم يشهد بعبقرية الفاروق رضي الله عنه
روى البخاري بسنده عمن سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ ". (البخاري- حديث رقم 3391)
معاني بعض الكلمات:
استحالت غربا: تحولت إلى دلو كبيرة كناية عن قوة أخذه وعمله.
ضرب الناس بعطن: أي رووا ورويت إبلهم فأقامت على الماء.
من أطاعه رشد
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَدْ أَرْشَدُوا ".
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح (صحيح ابن حبان جزء 15 ص327)
ويدعو له بالشهادة
ويروي ابن ماجه بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمٍيصًا أَبْيَضَ، فَقَالَ: ثَوْبُكُ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟ قَالَ: لَا بَلْ غَسِيلٌ. قَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمِتْ شَهِيدًا " (سنن ابن ماجه، كتاب اللباس، باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبا جديدا، حديث رقم 3548)
ولله در علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما أبلغه عندما قال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر.


أقوال الصحابة رضي الله عنهم في الفاروق:

1- عائشة أم المؤمنين
عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: من رأى ابن الخطاب، علم أنه غناء للإسلام، كان والله أحوذيًا. نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها. وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا ذكرتم عمر طاب المجلس.
2- سعيد بن زيد.
روى عن سعيد بن زيد أنه بكى عند موت عمر فقيل له ما يبكيك؟ فقال: على الإسلام، إن موت عمر ثلم الإسلام ثلمة لا تُرتق إلى يوم القيامة.
3- أبو طلحة الأنصاري.
والله ما من أهل بيت من المسلمين إلا وقد دخل عليهم في موت عمر نقص في دينهم وفي دنياهم.
4- حذيفة بن اليمان.
إنما كان مثل الإسلام أيام عمر مثل مقبل لم يزل في إقبال فلما قتل أدبر فلم يزل في إدبار.
5- عبد الله بن سلام.
جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه بعد أن صلى على عمر رضي الله عنه فقال: إن كنتم سبقتموني بالصلاة عليه، فلن تسبقوني بالثناء عليه، ثم قال: نعم أخو الإسلام كنت يا عمر، جوادًا بالحق، بخيلًا بالباطل، ترضى من الرضا، وتسخط من السخط، لم تكن مداحًا ولا معيابًا، طيب العرف، عفيف الطرف.
6-العباس بن عبد المطلب..
كنت جارًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. فما رأيت أحدًا من الناس كان أفضل من عمر، إن ليله صلاة، ونهاره صيام، وفي حاجات الناس.
7- علي بن الحسين.
عن ابن أبي حازم عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ومنزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كمنزلتهما اليوم، وهما ضجيعاه.


آراء بعض المستشرقين في عمر الفاروق

1- قال موير في كتابه (الخلافة): كانت البساطة والقيام بالواجب من أهم مبادئ عمر وأظهر ما اتصفت به إدارته عدم التحيز والتقيد، وكان يقدر المسئولية حق قدرها، وكان شعوره بالعدل قويًا، ولم يحارب أحدًا في اختيار عماله، ومع أنه كان يحمل عصاه ويعاقب المذنب في الحال، حتى قيل إن درة عمر أشد من سيف غيره، إلا أنه كان رقيق القلب، وكانت له أعمال سجلت له شفقته، ومن ذلك شفقته على الأرامل والأيتام.
2- وقالت عنه دائرة المعارف البريطانية: كان عمر حاكمًا عاقلًا، بعيد النظر، وقد أدى للإسلام خدمة عظيمة.
3- وقال الأستاذ واشنجتون إيرفنج في كتابه (محمد وخلفاؤه): إن حياة عمر من أولها إلى آخرها تدل على أنه كان رجلًا ذا مواهب عقلية عظيمة، وكان شديد التمسك بالاستقامة والعدالة، وهو الذي وضع أساس الدولة الإسلامية، ونفذ رغبات النبي صلى الله عليه وسلم وثبتها، وآزر أبا بكر بنصائحه في أثناء خلافته القصيرة، ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع البلدان التي فتحها المسلمون، وإن اليد القوية التي وضعها على أعظم قواده المحبوبين لدى الجيش في البلاد النائية وقت انتصارهم لَأكَبر دليل على كفاءته الخارقة لإدارة الحكم، وكان ببساطة أخلاقه، واحتقاره للأبهة والترف، مقتديًا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقد سار على أَثَرهما في كتبه وتعليماته للقواد.
الإسلام هو الذي صنع من عمر الفاروق
الجاهلية والإسلام في حياة عمر وجها لوجه
" إن الإنسان هذا الكائن العجيب، يعتبر سيدا لعناصر الكون كلها، يوازن أعتاها وأقساها فيرجحه ويربو عليه، يوم يكون شخصًا فاضلًا، ولكنه يلعن في الأرض والسماء ويَرْجَحه الذر والهباء يوم يكون شخصًا ساقطًا " (محمد الغزالي/ خلق المسلم).
هذا ما حدث تماما مع عمر بن الخطاب، بون شاسع وفرق كبير بين عمر بن الخطاب قبل إسلامه، وأبي حفص عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه بعد إسلامه.
مشاهد من حياته في الجاهلية
كان يدافع عن كل ما أَلِفته قريش من عادات وعبادات ونظم وكانت له طبيعة مخلصة تجعله يتفانى في الدفاع عما يؤمن به، وبهذه الطبيعة التي جعلته يشتد في الدفاع عما يؤمن به قاوم عمر الإسلام في اللحظات الأولى، ووقف بالمرصاد أمام الدعوة في بدايتها، وخشى عمر أن يهز هذا الدين النظام المكي الذي استقر، والذي يجعل لمكة بين العرب مكانة، والذي أعطى لمكة ثروتها الروحية، وثروتها المادية، فهو سبب ازدهارها وغنى سراتها؛ ولذلك قاوم سراة مكة هذا الدين، وبطشوا بالمستضعفين من معتنقيه وكان عمر من أشد أهل مكة بهؤلاء الضعفاء.
ولقد ظل يضرب جارية أسلمت، حتى عيت يده، ووقع السوط من يده، فتوقف إعياءً، ومر أبو بكر فرآه يعذب الجارية فاشتراها منه وأعتقها.
وفي الجاهلية كان له صنم يعبده، فعندما جاع أكله ـ ويبدو أن الجوع كافر كما يقولون ـ كيف يأكل العابد معبوده! إنه لسفه عظيم، وضلال مبين.
ها هو الفاروق الذي كان يعبد الأصنام، ويتصدى لكل من يحاول إهانة هذه الأحجار ويصب العذاب صبًا في وجه من يحاول تنزيلها عن مكانتها العالية في ظنه.
ومع ذلك كان رجلًا بليغا، حصيفًا، قويا، حليمًا، شريفًا، قوي الحجة، واضح البيان، مما أهّلهُ لأن يكون سفيرًا لقريش، ومفاخرًا ومنافرًا لها مع القبائل، قال ابن الجوزي: كانت السفارة إلى عمر بن الخطاب، إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرًا، أو نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافرًا ومفاخرًا، ورضوا به متحدثا بلسانهم وهم أفصح الناس، وسفيرا لهم وهم أعرق الناس نسبا وأعظمهم جاها...
وكما نرى في هذه المشاهد التي توحي لنا بتناقض غريب وعجيب خلّفته الجاهلية بغبارها وركامها في هذا التاريخ العمري، نرى صفات إيجابية وأخرى سلبية، ولا شك أن كل إنسان يحمل بين جنبيه ألوانًا متعددة من الصفات والخصائص منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، ولكن عمر بن الخطاب به من الإيجابيات الكثير الذي يميزه عن غيره من الناس، وقد استفاد الإسلام بشكل واضح من أخلاق عمر الإيجابية وأكّد عليها ونمّاها بشكل أوضح.
فمن الصفات الإيجابية البارزة لدى عمر بن الخطاب صفة القيادة، وما زال الإسلام ينمي فيه هذه الصفة ويؤكد عليها إلى أن وصل بعمر أن يكون يوما ما أميرًا للمؤمنين، وخليفة للصديق أبي بكر رضي الله عنهما.
وقد استفاد الإسلام أيضا من صفة الشدة عند عمر وجعلها بمثابة الدرع الواقي الذي يحمي هيبة الإسلام أمام من تُسول له نفسه المساس بقدسية هذا الصرح العظيم- الإسلام- ففي كثير من المواقف نجد الفاروق يشهر سيفه قائلا: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله.
لقد عاش عمر في الجاهلية وعرف حقيقتها، وتقاليدها، وأعرافها، ودافع عنها بكل ما يملك من قوة، ولذلك عندما دخل الإسلام عرف جماله وحقيقته وتيقن الفرق الهائل بين الهدى والضلال، والكفر والإيمان، والحق والباطل، ولذلك قال قولته المشهورة: إِنَّمَا تُنْقَصُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، إِذَا نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَاهِلِيَّةَ.
وهذه هي شهادة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الإسلام وعزته: إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ.
رغم السيادة التي كان فيها عمر في جاهليته من قيامه بأمر السفارة في قريش، ومكانته المرموقة بين القوم، إلا أنه أدرك بعد إسلامه البون الشاسع بين من يؤمن بالله وبين من يعبد الأحجار والأوثان والأنصاب والأزلام التي لا تنفع ولا تضر.
يخاف الفاروق رضي الله عنه من ربه خوفًا صادقًا، أدى به إلى الاجتهاد في عبادة الله عز وجل، والتفاني في مرضاته.
وهذا هو الخوف الإيجابي الذي يعين المرء على المزيد من طاعة الله، فليس الخائف من يبكي وتسيل دموعه، ثم يمضي قدمًا في معاصي الله، وإنما الخائف هو من يترك معصية الله خوفا منه.
هذا هو الفاروق الذي ملك إمارة المسلمين وورث كسرى وقيصر، يخاف من الدنيا ومن غرورها، ومن المال وفتنته يقول المِسْور بن مَخْرمة رضي الله عنه: أُتِي بمال فوُضع في المسجد، فخرج عمر إليه ليتصفحه وينظر إليه، ثم هملت عيناه.
فما أحرانا أن نقتدي بالفاروق في البكاء من خشية الله تعالى.
فماذا عساه أن يكون عمر لو لم يدخل في هذا الدين العظيم، كان سيمحى من ذاكرة التاريخ والإنسانية، ويتساوى مع أساطين الكفر، وأئمة الضلالة كأبي جهل بن هشام، وأُبي بن خلف، وأبي لهب بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة، ولكنه بإسلامه سطر اسمه في سجل العظماء الذين نصروا الله في كل المواطن التي شهدوها، ,هكذا ينصر الحق تبارك وتعالى من يقوم بنصره، ومن يتحمل المتاعب من أجل الدعوة ومن أجل الدفاع عن الحق.
لقد تبوأ عمر بالإسلام مكانة لم ينلها إلا عدد قليل ممن اصطفاه الله في هذه الحياة الدنيا، مكانة سامقة، تجعل الرجل علامة بارزة في جبين الإنسانية، وكفى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ نَبِيٌّ بَعْدِي لَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. " ( (حسن)انظر حديث رقم‏: 5284 في صحيح الجامع)
لقد كان الفاروق رجلًا ربانيًّا بحق، لا يخشى إلا الله عز وجل فكان دائمًا الحق على لسانه وقلبه، ودائمًا الصواب معه، والرأي الراجح له، إنهم رجال رباهم الرسول عليه الصلاة والسلام على مبادئ الإسلام العالية، فكانوا رجالًا كما وصفهم الله في كتابه العزيز: [مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا] {الأحزاب: 23}.


لماذا لم يتول الخلافة قبل أبي بكر مع قوته وعلمه؟

الصفات والفضائل والأعمال التي انفرد بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي ذلك تروي السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: " لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بَلَالٌ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ". (‏ (‏صحيح‏)‏ انظر حديث رقم‏: 5866 في صحيح الجامع‏.) ‏
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَّى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ. قَالَ: إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لِأُصِيبُ مِنْكِ خَيْرًا.
تَقُولُ عَائِشَةُ: لَقَدْ رَاجَعْتُهُ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى مَرَاجَعَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا.
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا ـ: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ وَالْآخَرُ عَلِيٌّ، وَرِجْلَاهُ يَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ. فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَجَلَسَ عَلَى يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ.
قال ابن حبان رحمه الله هذا الخبر فيه دليل على أن الخليفة بعد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
ويدل هذا الخبر على فضل أبي بكر على جميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن مناقب الصديق رضي الله عنه إعلام الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين أنهم يأبون عقد الخلافة لغير أبي بكر. فتروي عائشة رضي الله عنها " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: ادْعِ لِي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكَ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ. "
ففي الحديث إخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المسلمين لا يرضون بغير أبي بكر خليفة لهم.
ومن الأحاديث التي تدل على حب الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر هذا الحديث يرويه لنا عمرو بن العاص رضي الله عنه فيقول: " بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النِّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَائِشَةُ. قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُوهَا. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عُمَرُ. فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.
أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ عَائِشَةُ وَمِنَ الرِّجَالِ أَبُوهَا. (‏ (‏صحيح‏)‏ انظر حديث رقم‏: 177 في صحيح الجامع‏).
وفي هذا الحديث نرى مكانة أبي بكر وابنته عائشة رضي الله عنهما، وبيان فضل عمر رضي الله عنه إذ تأتي منزلته بعد منزلة الصديق رضي الله عنهم جميعا.
وأي منزلة تلك التي وصل إليها أبو بكر الصديق وعندها تتضاءل كل منازل الدنيا، فإن من أحبه النبي صلى الله عليه وسلم أحبه الله تعالى ومن أحبه الله تعالى فقد فاز بالدنيا والآخرة، وذلك هو الفوز المبين.
ومن فضائل الصديق رضي الله عنه:
دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة أن تقتدي بالصديق، وإن شاركه عمر بن الخطاب إلا أنه ذكر بعده، فقد ذُكر أبو بكر أولًا لفضله وعلمه.
يروي حذيفة بن الميان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ".
وفي رواية أخرى: " إِنِّي لَا أَدْرِي كَمْ قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ".
وفيه ذكر لفضائل عمر ولكن بعد الصديق رضي الله عنه.
وأبو بكر أفضل من عمر رضي الله عنهما بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم وبشهادة عمر نفسه وبما نرى من مواقف كثيرة تؤيد هذا الأمر
" وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي وُزِنْتُ بِأُمَّتِي فَرَجَحْتُ، ثُمَّ وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَرَجَحَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَرَجَحَ. " وفي هذا بيان واضح في فضله على عمر. وقال عمر رضي الله عنه: مَا سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي شَعَرَةٌ فِي صَدْرِ أَبِي بَكْرٍ... " (الاستيعاب جزء 1 صفحة 356).
مكانته في الآخرة
روى البخاري بسنده أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ. (البخاري- حديث رقم 6505)








التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» "The particulars of entering the Religion of Islâm"
»» علي ابن الحسين يطير إلى ينبع
»» Rajab:::fatwas
»» جميع الوثائق التي تدين الشيعة من كتبهم وبلسان علمائهم وتحريفهم القرءان وسب الصحابة
»» خلفيّات لسطح المُكتبْ وللتصميمْ ( الصحابة )
 
قديم 08-07-10, 01:35 AM   رقم المشاركة : 5
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




فقه عمر
قد يتبادر إلى ذهن البعض أن المقصود بفقه عمر معرفته بجوانب من فقه العبادات كالطهارة وغيرها، ولكن المقصود هنا هو الفقه بمعناه الواسع، أي دقة الفهم المراد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ " أي يرزقه فهما صحيحا يدرك به حقائق الشريعة، وأصول الأحكام، وقد رزق الله عمر هذا النوع من الفقه.
من فضائل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أوتي الدين، والفقه، والشيء العظيم من العلم، عمر رضي الله عنه كان رجلًا ملهمًا، ربانيًا، وهذا لا يأتي إلا من الإخلاص مع الله عز وجل في السرائر والعلن، وأن يعبد الإنسان ربه كأنه يراه وخير من يتصف بهذه الصفات هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
هذا العبقري الفذ أوتي ذكاءً مبدعًا متوقدًا، أفاضه عليه ربه سبحانه فكانت الحكمة تخرج من نواحيه، وارتفع الفاروق رضي الله عنه إلى أعلى مستويات الذكاء الإنساني وشجاعة التفكير، وحسن التعليل، فالتقت في عبقريته أعمق رؤى البصيرة وأدق أسرار الشريعة.


الرسول والصحابة يشهدون له بالعلم والفقه

ولقد أشاد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه النعمة التي حباها الله عمر، ونبه الصحابة على ما عنده لينهلوا منها، فقال: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْعِلْمُ. " (البخاري كتاب العلم، باب فضل العلم، حديث رقم 8).
قال عبد الله بن مسعود: لو أن علم عمر بن الخطاب وضع في كفة الميزان، ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم عمر، وقال أيضًا: إني لأحسب عُمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم.
فقد كان رضي الله عنه حريصًا على حضور مجالس العلم بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم لا يترك واحدة منها تفوته.
قال عمر: " كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئت بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.
وهاهو يحث غيره على الفقه:
عن سفيان قال: قال الأحنف: قال لنا عمر بن الخطاب: " تفقهوا قبل أن تسودوا ". قال سفيان: لأن الرجل إذا أفقه لم يطلب السؤدد... (صفة الصفوة جزء 2 صفحة 236)
ولم يكن عمر بالذي يحفظ العلم دونما فقه، ويحمله داخل عقله فتاوى جامدة، بل كان يتمتع بنظر ثاقب، وفهم سديد، يتحرك في كل الجهات يعرف لكل موقف ما يناسبه، وقد وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها في ذلك فقالت: " كان والله أحوذيًا، نسيج وحده، فقد أعد للأمور أقرانها ".
وذكاء عمر واسع عميم، ونظراته الثاقبة تجلي كل غامض، وتدخل الحنايا فتكشف الخفايا، وتنفذ إلى غور الأمور، وكان عليمًا بأحداث الدنيا وأسرار الحياة.
وكان عمر رضي الله عنه ذا فقه عظيم بطبائع النفوس، لا تغره المظاهر، ولا يكتفي بالنظرة العابرة لتكوين أحكام على الآخرين فهو يقضي بذكائه لا بعواطفه، ولا يرضى بأحكام جزئية ممزقة، بل تتراحب أبعاد فكره الوقاد، لإيجاد الحلول الناجحة للمشاكل الواقعة.
يروي أبو وائل شقيق بن سلمة فيقول: حدثني الصبي بن معبد- وكان رجلًا من بني تغلب- قال: إن رجلا كان نصرانيا يقال له الصبي بن معبد أسلم فأراد الجهاد فقيل له ابدأ بالحج فأتى الأشعري فأمره أن يهل بالحج والعمرة جميعا ففعل فبينما هو يلبي إذ مر يزيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فقال أحدهما لصاحبه: لهذا أضل من بعير أهله فسمعها الصبي فكبر ذلك عليه فلما قدم أتى عمر فذكر ذلك له فقال له عمر رضي الله عنه: " هديت لسنة نبيك ". قال: وسمعته مرة أخرى يقول: " وفقت لسنة نبيك ". وفي رواية فأقبل عمر عليهما، فلامهما ثم أقبل عليّ فقال. فذكره. فمن سنة النبي صلى الله عليه وسلم القران بين الحج والعمرة، وهو الجمع بينهما، فكأن من اعترض على ذلك لم يكن له العلم بالمسألة، أو ظن أنها من الأحكام المنسوخة.
ويستشعر المرء من كلمات الفاروق رضي الله عنه الحرص على اتباع السنة، وتعليماتها.
فإن قلت: كان عمر رضي الله عنه يمنع من الجمع، فكيف قرره على ذلك بأحسن تقرير؟
قلت: كأن عمر رضي الله عنه يرى جواز ذلك لبعض المصالح، ويرى أنه جوز النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فكأنه كان يرى أن من عرض له مصلحة اقتضت الجمع في صفة، فالجمع في حقه سنة، والله أعلم. وهذا فيه ما فيه من الفقه العميق لعمر رضي الله عنه.
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يخطب ويقول:
" إني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقويه، وإني لأحسب الشيطان يفرق من عمر، أن يحدث حدثًا فيرده ".
قيل: يغفر الله لك أنت أحق، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ويحك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ يَقُولُ بِهِ.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال عمر بن الخطاب، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر.
وكان علي رضي الله عنه يقول: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه.
وفي رواية أخرى: لقد كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه.


العوامل التي ساعدت عمر على تحصيل العلم

لقد بذل الفاروق جهدا مضنيا حتى يحصل هذا الكم الكبير من العلوم وقد كان رضي الله عنه على علم بأسباب النزول
حفظ عمر القرآن كله. في الفترة التي بدأت بإسلامه، وانتهت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حفظه مع أسباب التنزيل إلا ما سبق نزوله قبل إسلامه، فذلك مما جمعه جملة، ولا مبالغة إذا قلنا إن عمر كان على علم كثير بأسباب النزول، لشدة اتصاله بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هو قد حفظ منه ما فاته، فأن يُلم بأسباب النزول والقرآن بكر التنزيل، والحوادث لا تزال تترى فذلك أمر يسير.
وقد كان عمر سببًا في التنزيل لأكثر من آية بعضها متفق على مكيته وبعضها مدني، بل كان بعض الآيات يحظى من عمر بمعرفة زمانه ومكانه على وجه دقيق قال عن هذه الآية [اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] {المائدة: 3}.
قال الفاروق عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشية عرفة في يوم جمعة.
ولا ننس ونحن في سياق الكلام عن تميز عمر بن الخطاب بكثرة العلم أنه كان أحد سبعة عشر رجلا في قريش يعرفون القراءة والكتابة مما جعله مؤهلا لحمل هذا الكم الكبير من العلوم والمعارف.
ولم يتمتع عمر رضي الله عنه بالعلم والفقه إلا بعد أن كابد في سبيل هذا العلم والفقه، وتجرع آلام تحصيله، وترك فراش نومه كثيرًا، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا، فلا ينال العلم إلا من مصاحبة العلماء، وخير من تميز بهذه الصفة هو الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لازم الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، وكان يشاركه الآراء، ومما ساعده أيضا على تحصيل العلم:
1ـ حبه للنبي صلى الله عليه وسلم
أول الأشياء التي تدل على أن صاحبها يريد العلم النافع هي حب الرسول صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه بكل ما يملك، ويجود بنفسه رخيصة ولا يشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة بسيطة.
والمواقف والأحداث تشير إلى حبه العميم، والمتدفق، فلا يكاد يشم رائحة إهانة النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويشهر سيفه (دعني أقطع عنقه يا رسول الله) ويهدئ الرسول صلى الله عليه وسلم من روع عمر، ويطلب إليه الهدوء، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن ما حمل عمر على هذا التصرف إلا أنه يحب رسوله أشد ما يكون الحب.
لقد كان من بين أسرى بدر العباس بن عبد المطلب عم المعصوم صلى الله عليه وسلم وحرص عمر رضي الله عنه على هدايته، وقال له: أسلم يا عباس، فوالله لأن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب. ولذلك لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك.
ومن شدة حب عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تظهر منه بعض المواقف التي تبين شدة هذا الحب وعمقه وتغلغله في نفس هذا الصحابي الجليل وليفصح لنا أبو هريرة عن هذا الأمر العجيب
يقول أبو هريرة رضي الله عنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب فقال: إن رجالًا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات. ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.
ويقول أبو هريرة: وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى في ناحية البيت عليه بردة حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدًا.
ثم رد الصديق البرد على وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج على الناس وقرأ قول الحق تبارك وتعالى: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ] {آل عمران: 144}. فقال عمر: فو الله ما هو إلا أن سمعت أن أبا بكر تلاها فعقرت، حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.)صفة الصفوة جزء 1- صفحة 284)
عن عبد الله بن عباس قال: كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان فلما وافي الميزاب صب ماء بدم الفرخين، فأصاب عمر، فأمر عمر بقلعه، ثم رجع عمر فطرح ثيابه ولبس ثيابا غير ثيابه، ثم جاء فصلى بالناس فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر للعباس: وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففعل ذلك العباس. رواه أحمد.
فقد لازم الفاروق رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة بعد إسلامه، كما لازمه كذلك في المدينة المنورة ـ حيث سكن العوالي ـ وهي ضاحية من ضواحي المدينة وفي هذه الضاحية نظم عمر نفسه، وحرص على أن يتعلم في مدرسة النبوة في فروع شتى من المعارف والعلوم على يدي معلم البشرية وهاديها، وقد كان لا يفوته علم من قرآن أو حديث، أو أمر أو حدث أو توجيه، قال عمر: " كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد- وهي من عوالي المدينة- وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئت بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك ".
وهذا الخبر يوقفنا على الينبوع المتدفق، الذي استمد منه عمر علمه وتربيته، وثقافته، وهو كتاب الله الحكيم، الذي كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم منجمًا على حسب الوقائع والأحداث، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأه على أصحابه الذين وقفوا على معانيه وتعمقوا في فهمه، وتأثروا بمبادئه، وكان له عميق الأثر في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم، وكان عمر من هؤلاء الذين تأثروا بالمنهج القرآني في التربية والتعليم، وعلى كل دارس ومحب لتاريخ عمر رضي الله عنه أن يقف وقفة متأملة أمام هذا الفيض الرباني الصافي، الذي غذّى المواهب وفجر العبقريات.
وقد حرص الفاروق منذ إسلامه على حفظ القرآن الكريم وفهمه وتأمله وظل ملازمًا للرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى عنه ما أنزل عليه، حتى تم له حفظ جميع آياته وسوره وقد أقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم بعضه وحرص على الرواية التي أقرأه بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لعمر كثير من الأوقات فضل السبق إلى سماع بعض آياته فور نزوله.
2ـ الأخلاق والتواضع
ثاني الأشياء التي جعلت الفاروق عمر بن الخطاب يصل إلى هذه الدرجة من العلم والفقه هي إخلاصه رضي الله عنه وابتغاؤه بهذا العلم وجه الله عز وجل. وهذا هو السبب الأول الذي جعله يرتقي إلى هذه الدرجة العالية من العلم.
يقول رب العزة تبارك وتعالى: [وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] {البقرة: 282}.
فمن طلب العلم لله بارك الله فيه، ونفعه به، ونفع به المسلمين، وعمر رضي الله عنه لم يطلب العلم كي يجاري به العلماء ويماري به السفهاء، ولكن طلب العلم تقربًا إلى الله عز وجل؛ لأنه القائل في كتابه العزيز: [ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ] {فاطر: 28}. فأشد الناس خشية لله هم العلماء.
وكانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتاب العزيز: [ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا] {طه: 114}. لأن العلم يرفع من درجات الإنسان في الدنيا والآخرة، ويرفع الحق تبارك وتعالى بالعلم أقوامًا ويضع به آخرين. ولا بد لهذا العلم أن يتوج بالأخلاق لأن العلم وحده لا ينفع ما لم تزينه الأخلاق فعلم بلا أخلاق كشجرة بلا ثمر.
لَا تَحَسَبَنَّ الْعِلْمَ يَنْفَعُ وَحْدَهُ مَا لَمْ يُتَوَّجُ رَبُّهُ بِخَلَاقِ
وقال الشاعر.
إِنَّمَا الْأُمَمُ الْأَخْلَاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا
لم تمنع المنزلة العالية التي وصل إليها عمر رضي الله عنه في الفقه والعلم من التواضع لله عز وجل، ولين الجانب لإخوانه، وحسن المعاملة، وعدم التعالي بهذا العلم. ففي يوم من الأيام يقف عمر على المنبر، ويخطب في الناس أن رفقًا بالشباب، ودعا الناس إلى التخفيف في المهور، وعدم تحميل الشباب فوق طاقاتهم، فتقوم امرأة وتقول: يا عمر، يقول رب العزة تبارك وتعالى: [وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا] {النساء: 20}.
وهنا يقف عمر مع نفسه، ويفكر في الأمر، ولا تمنعه مكانته من إمارة المؤمنين ومكانته المرموقة بين المسلمين إلا أن يقول: " صدقت امرأة وأخطأ عمر ".
(هذه الرواية في تفسير القرطبي ج 5 ص 95، وذكرها الآمدي في الإحكام ج 4 ص 193).


أمثلة من فقه عمر

فقه الطهارة
من فقه عمر في الطهارة، أنه يكفي في خروج المذي: غسل الفرج، والوضوء.
يروي أبو عثمان النهدي رحمه الله أن سليمان بن ربيعة تزوج امرأة من عقيل، فرآها فلاعبها. قال: فخرج منه ما يخرج من الرجل. قال سليمان: أو قال: المذي. قال: فاغتسلت، ثم أتيت عمر، فقال: ليس عليك في ذلك غسل، ذلك أيسر.
وفي رواية عن عمر رضي الله عنه فقال: ليس عليك في ذلك غسل، ذلك أيسر.
فقه الصلاة
جمع الناس على إمام واحد في صلاة قيام رمضان، وكانوا يصلون متفرقين على أكثر من قارئ.
يروي عبد الرحمن بن القاري أنه خرج مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط.
فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، فجمعهم على أُبي بن كعب. قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.
سجود التلاوة
من فقه عمر رضي الله عنه أن سجود التلاوة ليس بواجب فلا إثم على تاركه، وإن كان ثواب فاعله عظيمًا.
يقول ربيعة بن عبد الله التميمي رحمه الله: قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة على المنبر سورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال:
" أيها الناس، إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، إن الله لم يفرض السجود، إلا أن نشاء. ولم يسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفي الخبر من الفوائد: أن للخطيب أن يقرأ القرآن في الخطبة وأنه إذا مر بآية سجدة ينزل إلى الأرض ليسجد بها إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر، وأن ذلك لا يقطع الخطبة ووجه ذلك فعل عمر مع حضور الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم.
وهنا نرى الفقه المتوازن الذي يفرق بين الفرض والنفل، ثم التعليم الرائع في كونه لم يسجد في المرة الثانية مع فضل السجود لكي يثبت للناس عدم فرضيته.
فقه الإمام والمأموم
قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن الحارث بن معاوية الكندي، أنه ركب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأله عن ثلاث خلال قال: فقدم المدينة، فسأله عمر رضي الله عنه: ما أقدمك؟ قال: لأسألك عن ثلاث خلال. قال: وما هن؟ قال: ربما كنت أنا والمرأة في بناء ضيق فتحضر الصلاة، فإن صليت أنا وهي كانت بحذائي وإن صلت خلفي خرجت من البناء؟ فقال عمر: تستر بينك وبينها بثوب، ثم تصلي بحذائك إن شئت. وعن الركعتين بعد العصر؟ فقال: نهاني عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وعن القصص؟ فإنهم أرادوني على القصص. فقال: ما شئت. كأنه كره أن يمنعه. قال: إنما أردت أن أنتهي إلى قولك. قال: أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم بمنزلة الثريا، فيضعك الله تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك. (حديث رقم 106)
الواقع يفرض أحكامًا جديدة
لقد كان الاجتهاد في أمور الشريعة هو دأب الفاروق عمر رضي الله عنه، يريد الوصول إلى الرأي الصواب، يريد تقديم الحلول التي تجلب المنفعة للمسلمين والتخفيف عنهم، والتقرب إلى الله عز وجل، فها هو عمر رضي الله عنه يرى أن من الفقه إعطاء المؤلفة قلوبهم في حال الضعف وعدم إعطائهم في حال القوة، فلم يُعطهم، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، ولم يفعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن عمر رضي الله عنه رأى أن الإسلام ليس بحاجة إلى هؤلاء المؤلفة قلوبهم، فقد غدا الإسلام قويًا، يُخشى بأسه، وتُسمع كلمته في العالم كله.
يقول تعالى في سورة التوبة: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] {التوبة: 60}.
فقد ذكرت الآية الكريمة الأنواع التي تجب فيها الزكاة، ثمانية أنواع ومنهم المؤلفة قلوبهم.
ولكن عمر رضي الله عنه رأى أن ذلك يكون عندما يكون الإسلام ضعيفًا يحتاج إلى من يزيد قوته، ولكن الإسلام زمان عمر قد أصبح القوة الأولى في العالم.
لم يعد الإسلام. بحاجة إلى المؤلفة قلوبهم، فهم عبء على الإسلام وأهله، فاجتهد عمر رضي الله عنه وأبطل سهم المؤلفة قلوبهم ولم ينكر أحد من الصحابة فعله هذا.
حد السرقة وعام الرمادة
ومعلوم من سيرة عمر في عام الرمادة أنه لم يقطع سارقا كما في (المنتقى شرح موطأ مالك)
ومن فقهه رضي الله عنه كما في غريب الحديث لابن سلام (جزء 3 صفحة 194) حديث عمر أنه أخّر الصدقة عام الرمادة فلما أحيا الناس في العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين.
وهكذا نرى عمر رضي الله عنه يجول بفكره في القضايا المعاصرة التي تطرأ على الدولة الإسلامية إبان خلافته، يقارن ويرجح ويبحث حتى يصل إلى الرأي الصواب الذي يعود بالخير والإيمان على أمة الإسلام.
فرحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.


موافقات عمر

لقد نزل القرآن الكريم في الكثير من آياته موافقًا لرأي الفاروق عمر رضي الله عنه، فلقد كان الحق على لسان عمر وقلبه، فقد كان رجلًا ربانيًّا راقب ربه في كل أموره، حتى غدا يعبد الله كأنه يراه.
" عن ابن عمر مرفوعا: ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر" (الصواعق المحرقة جزء 1، صفحة 287).
وإليك طرفًا من موافقات القرآن الكريم لآراء الفاروق عمر رضي الله عنه.
1- أسرى غزوة بدر
شارك عمر رضي الله عنه في غزوة بدر، وعندما استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بعد المعركة في شأن الأسرى، وقد كان رأي الصديق والرسول صلى الله عليه وسلم فداء الأسرى بالأموال، وتعليم المسلمين القراءة والكتابة، وكان من رأي الفاروق عمر رضي الله عنه قتل هؤلاء الأسرى.
ونزل القرآن الكريم موافقًا لرأي الفاروق عمر بن الخطاب.
قال تعالى: [مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {الأنفال: 67}.
2- رأيه في الحجاب
كان من رأي الفاروق عمر هو وجوب التزام نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب لدخول كثير من الصحابة عليهن يستفتون الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {الأحزاب: 59}.
" حديث عمر رضي الله تعالى عنه: قلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن. فنزلت آية الحجاب " (عمدة القاري جزء 2- ص 284).
3- الصلاة في مقام إبراهيم
كان من رأي الفاروق رضي الله عنه الصلاة في مقام إبراهيم، ونزل القرآن الكريم مؤيدًا لرأيه رضي الله عنه: [ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ] {البقرة: 125}.
أخرج الشيخان عن عمر قال: "وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى، فَنَزَلَتْ: [ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ] {البقرة: 125}. وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ يَحْتَجِبْنَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجِابِ. وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ فِي الْغِيرَةِ، فَقُلْتُ: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَقَكُنِّ أَنْ يًبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ " (الصواعق المحرقة جزء 1، صفحة 287)
4- استئذان الأطفال
كان من رأي الفاروق رضي الله عنه استئذان الأطفال قبل الدخول، عند بلوغ الأطفال مرحلة الحلم، فنزل القرآن الكريم موافقًا لرأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
" يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب ظهيرة ليدعوه فوجده نائما قد أغلق عليه الباب فدق عليه الغلام الباب فناداه ودخل فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء فقال عمر: وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآية قد أنزلت فخر ساجدا شكرا لله.
قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] {النور: 58}. (تفسير القرطبي جزء 12 ص 276).
5- موافقته في ترك الصلاة على المنافقين
قال عمر: لَمَّا تُوُفِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَتَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَلَى عَدُّوِ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا- يُعِدُّ أَيَّامَهُ- قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ، حَتَّى إِذَا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، قَدْ قِيلَ لِي: [اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {التوبة: 80}. لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ. قَالَ: ثُمَّ صَلَّي عَلَيْهِ، وَمَشَى مَعَهُ، فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ. قَالَ: فَعَجَبْتُ لِي وَجَرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: [وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ] {التوبة: 84}.
فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
6- عمر وتحريم الخمر
قال عمر: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ] {البقرة: 219}. قَالَ فَدُعِيَ عُمَرُ: فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى] {النساء: 43}. فَكَانَ مُنادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ نَادَى أَلَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ. فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا بَلَغَ: [فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ] {المائدة: 91}. قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا، انْتَهَيْنَا. وهكذا خضع تحريم الخمر لسنة التدرج، وفي قوله: [فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ] {المائدة: 91}؟ فهم عمر من الاستفهام الاستنكاري أن المراد به التحريم، لأن هذا الاستفهام أقوى وأقطع في التحريم من النهي العادي، ففي ألفاظ الآية وتركيبها وصياغتها تهديد رهيب واضح كالشمس في التحريم.


جمع القرآن الكريم

كان من بين شهداء المسلمين في حرب اليمامة الكثير من حفظة القرآن الكريم، وقد نتج عن ذلك أن قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن، حيث جُمع من الرقاع والعظام والسعف ومن صدور الرجال.
" لقي زيد بن ثابت عمر بن الخطاب فقال له: إن هذا القرآن هو الجامع لديننا فإن ذهب القرآن ذهب ديننا، وقد عزمت على أن أجمع القرآن في كتاب. فقال له: انتظر حتى نسأل أبا بكر. فمضيا إلى أبي بكر فأخبراه بذلك، فقال: لا تعجل حتى أشاور المسلمين. ثم قام خطيبا في الناس فأخبرهم بذلك فقالوا: أصبت.
فجمعوا القرآن، وأمر أبو بكر مناديا فنادى في الناس: من كان عنده من القرآن شيء فليجئ به. قالت حفصة: إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبروني:
[حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ] {البقرة: 238}. فلما بلغوا إليها قالت: اكتبوا والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر. فقال لها عمر: ألك بهذا بينة؟ قالت: لا. قال: فوالله لا نُدخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا إقامة بينة ". (الدر المنثور جزء 1، ص 723)







التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» ● ورقة من تاريخ الصفوية ●
»» شبهة إنكار صفات الله
»» الخميني يصدر فتوى بقبول تحول الجنسين / صوت وصورة
»» وَإسْلامَاه وَاضَيْعَةَ كَرَامَتَاه !!
»» الدرُّ الثمين في سيَرِ أمهاتِ المُؤمنين
 
قديم 08-07-10, 01:38 AM   رقم المشاركة : 6
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




قوة عمر

إن القوة الحقيقية ليست قوة البدن كما يتبادر إلي ذهن الكثير من الناس عندما يسمع كلمة القوة، وإنما القوة بمعناها الشامل تنطوي على عدة أنواع أظهرها وليس أقواها: قوة البدن، ومن أنواع القوة أيضا القوة النفسية، والقوة الإيمانية.
وصاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه آتاه الله عز وجل كل هذه الأنواع من القوة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من خلقه.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مدار القوة ليس هو البدن فحسب وإنما يدخل معه أيضا القوة النفسية الناتجة عن تحمل الغير وكظم الغيظ. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ " (‏ (‏صحيح‏)‏ انظر حديث رقم‏: 5375 في صحيح الجامع) ‏.


أولا: القوة البدنية:

لا شك أن البيئة التي تربى فيها عمر بن الخطاب بما فيها من خشونة في العيش، وضيق في ذات اليد لها أثر كبير في تكوينه الجسدي، فليس من ينشأ في النعيم والظل والحرير كمن ينشأ تحت لظى الشمس الحارقة في جو مكة، وفي بيت الخطاب بن نفيل.
ولد عمر رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وفي رحاب مكة وجَوّها القائظ، وريحها اللافحة، وصحرائها القاحلة، وأبوه الخطاب بن نفيل العدوي، كان شديد البأس، قوي الشكيمة، مما أورثه بعضا من صفات القوة.
ووصف الفاروقَ من رآه رضي الله عنه بأنه رجل آدم، أعسر، أيسر يعمل بكلتا يديه، أصلع، أضخم، مفرط الطول، يفوق الناس طولًا، إذا كان فيهم بدا كأنه راكب على دابة والناس يمشون، جسيم، كأنه من رجال سدوس، كبير الشارب، إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، يصارع الفتيان في سوق عكاظ فيصرعهم، وبلغ من فروسيته وشدة بنيانه أنه كان يأخذ بأذن الفرس بيد وبأذنه بيده الأخرى، ثم يثب على الفرس. فهو قوي حتى في مظهره الخارجي.


ثانيا: القوة النفسية:

الصراحة دليل القوة النفسية
بقراءة سيرة الفاروق رضي الله عنه يظهر لنا حبه الشديد، وعاطفته الفياضة للرسول صلى الله عليه وسلم، فحين يسمع رسول الله صلى الله عليهوسلم يقول: " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكَونُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ حَتَّى نَفْسِهِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ ". فَيَقُولُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ إَلَّا نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبِي. فقال الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَا عُمَرُ ". فرجع الفاروق إلى نفسه وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ مَالِي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ حَتَّى نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبِي. فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْآنَ يَا عُمَرُ ". أي الآن اكتمل إيمانك يا عمر، أعلن عمر رضي الله عنه صراحةً في بادئ الأمر أن حبه للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أي شيء إلا نفسه وهذه الصراحة دليل على قوته النفسية.
والشجاعة أيضا دليل على القوة النفسية
انظروا إلى شجاعة عمر رضي الله عنه.
عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أفشى للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فخرج إليه وأنا أتبع أثره، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه فقال: يا جميل إني قد أسلمت. فقال: فوالله ما رد عليه كلمة، حتى قام عامدًا إلى المسجد، فنادى أندية قريش فقال: يا معشر قريش إن ابن الخطاب قد صبأ. فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت وآمنت بالله وصدقت رسوله. فثاوروه فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رءوسهم، حتى فتر عمر، وجلس فقال: افعلوا ما بدا لكم، فو الله لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم. فبينا هم كذلك قيام إذ جاء رجل عليه حلة حرير، وقميص موشى، فقال: ما لكم؟ فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ. قال: فمه، امرؤ اختار دينًا لنفسه، أتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم؟ قال: فكأنما كانوا ثوبًا انكمش عنه. فقلت له بعدُ بالمدينة: يا أبت، من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ؟ قال: يا بني، ذاك العاص بن وائل.
هذا هو الفاروق عمر بن الخطاب يعلن إسلامه علانية أمام أئمة الكفر وأساطين الضلالة دون خوف أو جبن من العقاب والإيذاء الذي سوف يناله من كفرهم وعنادهم، لقد سطع نور الإسلام في قلب عمر وأراد لهذا الدين أن يسود، وأن يكون لصاحبه حق الإعلان عن ولائه لهذا الدين، وأن تكفل له حقوق إبداء الرأي وممارسة شعائر دينه.
وقصة إسلام عمر تدل على شجاعته وقوته، فهو يريد قتل خاتم الأنبياء، ويتوشح سيفه عند الهاجرة، ولكن إرادة الله عز وجل تجعل نعيم بن عبد الله يقابله، ويخبره عن إسلام أخته وزوجها، فيتحول إلى بيتها، ويعلو على زوجها، ويشج وجه أخته، وتسيل الدماء. فيرق قلب عمر، وينطق بالشهادة.
" قال عبد الله بن مسعود: كَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ فَتْحًا، وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ نَصْرًا، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ رَحْمَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى تَرَكُونَا فَصَلَّيْنَا. " (أسد الغابة جزء 1، صفحة 818).


ثالثًا: القوة الإيمانية:

" العقيدة المكينة، معين لا ينضب للنشاط الموصول، والحماسة المدخورة، واحتمال الصعاب، ومواجهة الأخطار، بل هي سائق حثيث يدفع إلى لقاء الموت دون تهيب، إن لم يكن لقاء محب مشتاق، تلك طبيعة الإيمان إذا تغلغل واستمكن، إنه يضفي على صاحبه قوة تنطبع في سلوكه كله، فإذا تكلم كان واثقا من قوله، وإذا اشتغل كان راسخا في عمله، وإذا اتجه كان واضحا في اتجاهه، وما دام مطمئنا إلى الفكرة التي تملأ عقله، وإلى العاطفة التي تغمر قلبه، فقلما يعرف التردد سبيلا إلى نفسه، وقلما تزحزحه العواصف العاتية عن موقفه " (خلق المسلم محمد الغزالي ص 86)
وعمر الذي كان بين الصحابة متفردًا بالصرامة والصراحة والقوة في الحق، والشدة في دين الله. هو نفسه عمر الأواه الأواب الخاشع الضارع المخبت المنيب، الذي ذلت له نفسه في الله، بل ذل له شيطانه الذي لم يجرؤ أن يسير في طريق يسلكه عمر وإذا رآه ولى مدبرًا، وما أفصح وأدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرى عمر داخلًا عليه ذات يوم فيقول: " إِيِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ. إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ ". ولت الشياطين الدبر فَرَقًا وخَوْفًا من هذا المؤمن المُؤَيد بنصرة الله، ويئست منه أن تصرفه عن عزائم الأمور، أو الوسوسة له بالشر، فليس هذا من شأنها معه.
ويكفي المرء في معرفة قدر الفاروق عمر رضي الله عنه أن يتعرف على وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للفاروق بالشدة في دينه والقوة في أمر الله تعالى، يروي أنس بن مالك عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ ".
وقال صهيب رضي الله عنه: لما أسلم عمر بن الخطاب ظهر الإسلام ودُعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقًا، واتنصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه.
إنه عمر وما أدراك ما عمر
أَعْنِي بِهِ الْفَارُوقَ فَرَّقَ عُنْوَةً بِالسَّيْفِ بَيْنِ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ
هُوَ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ خَفَائِهِ وَمَحَا الظَّلَامَ وَبَاحَ بِالْكِتْمَانِ


هجرة الفاروق عمر رضي الله عنه

لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَبَى إلا أن يكون إسلامه علانية، وإيمانه مشتهرًا يتسامع به الناس، كذا لما أراد الهجرة أبى إلا أن تكون علانية.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما علمت أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب.
فإنه لما هم بالهجرة، تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا، ثم أتى المقام، فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة، واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو يوتم ولده، أو يرمل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي.
قال ابن الجوزي: قويت شدة عمر في الدين فصلبت عزائمه، فلما حانت الهجرة، تسللوا تسلل القطا، واختال عمر في مشيته، فقال: عند خروجه ها أنا أخرج إلى الهجرة، فمن أراد لقائي فليلقني في بطن هذا الوادي.
ولنا وقفة مع هذا المشهد العمري، إذ كيف يهاجر عمر بن الخطاب جهرا، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم سرا.
إن عمر لا يمثل القدوة للمسلمين؛ وإنما القدوة الأولى هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي المسلمين من هو ضعيف ومن هو قوي، وعدم اعتراض النبي صلى الله عليه وسلم على خروج عمر جهرا فيه دلالة واضحة على أن من استطاع من المسلمين أن يخرج في قوة وجهر حال كونه قادرا على ذلك فليفعل، ومن استطاع من المسلمين الأقوياء أن يظهر معالم الإسلام في مجتمع تسود فيه الجاهلية فليفعل وفي عمر قدوة له، ولكن ليس على الضعفاء حرج.


هيبة عمر رضي الله عنه

اتصف الفاروق رضي الله عنه بالهيبة لما كان عليه من قوة الدين، والحرص على أمر الله، والوقوف عند حدوده.
ومن هيبة الفاروق رضي الله عنه أن هناك جارية نذرت أن تضرب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم إن رده سالمًا، فلما أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوفاء بما نذرت فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه هيبة له رضي الله عنه.
ومن هيبة الفاروق، أنه كان للإسلام حصنًا فقمع الكافرين وكبت المنافقين وعلت في خلافته راية الموحدين.
رجل لا تأخذه في الله لومة لائم
يروي طارق بن شهاب رحمه الله أن حذيفة رضي الله عنه خطبهم فقال:
والله ما أعرف رجلًا لا تأخذه في الله لومة لائم غير هذا الرجل: عمر بن الخطاب فكيف أنتم لو قد فارقكم؟ !
ألا يدعونا ذلك إلى التأسي بالفاروق رضي الله عنه بألا تأخذنا في الله لومة لائم؟
ألا نقتدي بعمر فنقدم مرضاة الله تعالى على الخلق أجمعين.
هذا ما نرجوه، وهذا ما نتمناه.


الشيطان يفر من عمر رضي الله عنه

من مناقب عمر بن الخطاب التي عُرف بها بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان كان يفر منه، ويسلك طريقًا غير طريقه.
يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ، وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمْ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ بَادَرْنَ الْحِجَابَ. فَقَال عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ: أَيْ عَدُّوَاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِيِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ.
أضحك الله سنك: لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك، بل لازمه، وهو السرور أو نفي ضد لازمه وهو الحزن.
إيه: بالكسر والتنوين معناها حدثنا ما شئت وبغير التنوين زدنا مما حدثنا.
وقال النووي هذا الحديث محمول على ظاهره، أن الشيطان متى رأى عمر سالكًا فجًا هرب هيبة من عمر، وفارق ذلك الفج، وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئًا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ ".
وعن تلك المنقبة التي ثبتت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يحدثنا ابن مسعود فيقول: خرج رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلقى الشيطان فاشتجرا فاصطرعا، فصرعه الذي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الشيطان: أرسلني أحدثك عجيبًا يعجبك.
قال: فأرسله. قال: فحدثني. قال: لا.
قال: فاشتجرا الثانية، واصطرعا، فصرعه الذي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: أرسلني فلأحدثك حديثاًَ يعجبك. فأرسله.
فقال: حدثني. فقال: لا.
فاشتجرا الثالثة. فصرعه الذي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم جلس على صدره، وأخذ بإبهامه يلوكها، فقال: أرسلني.
قال: لا أرسلك حتى تحدثني.
قال: سورة البقرة، فإنه ليس منها آية تقرأ في وسط الشياطين إلا تفرقوا ولا تقرأ في بيت، فيدخل ذلك البيت شيطان.
قالوا: يا أبا عبد الرحمن، فمن ذلك الرجل.
قال: فمن ترونه إلا عمر بن الخطاب.
ومن المواقف التي تتجلى فيها قوة عمر وفضل إيمانه مما جعل الشياطين تخشاه ما رواه الترمذي قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي. فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ لِي: أَمَا شَبِعْتِ، أَمَا شَبِعْتِ. قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا. لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ عُمَرُ، قَالَتْ: فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ. قَالَتْ: فَرَجَعْتُ. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
(الترمذي- كتاب المناقب- باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه- حديث رقم 3624)
ويروي بريدة: يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي، وَإِلَّا فَلَا. فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ.
وقال طارق بن شهاب رحمه الله: كنا نتحدث أن عمر بن الخطاب ينطق على لسان ملك. ويروي علينا قول ابن مسعود رضي الله عنه: إني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حديثًا فيرده، وإني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقومه.
فالحق يدور مع الفاروق حيث دار، والصدق يكون حيث كان، فالسكينة تنطق على لسانه، والحق وضع في قلبه، وهو المحدَّث الذي أُلقي الخير في روعه، وكثرت في آيات القرآن الكريم موافقاته.
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله تعالى هو صاحب الفضل العظيم.
يقول البراء بن عازب رضي الله عنه: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكَانُوا يُقْرِئُونَ النَّاسَ، قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.
وهكذا ظل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حريصًا على إعزاز الإسلام في أفعاله، ويعمل جاهدًا على إعانة من أراد الهجرة حتى خرج ومعه هذا الوفد الكبير من أقاربه وحلفائه.
فما أروع عمر بن الخطاب في إسلامه، وما أروعه في هجرته رضي الله عنه.
" ولما هاجر عمر رضي الله عنه أصبح وزير صدق للنبي صلى الله عليه وسلم وآخى بينه وبين عويمر بن ساعدة، وقيل بينه وبين عتبان بن مالك، وقيل بينه وبين معاذ بن عفراء، وقد علق ابن عبد الهادي على ذلك وقال: لا تناقض بين الأحاديث ويكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخى بينه وبين كل أولئك في أوقات متعددة.







التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» لا أريد الرجوع ..!
»» من يبرر السستاني من هذه الورطه يا أنصاره
»» أخيراً / الكونجرس يقول كلمة حق
»» فِي ظِلاَلِ آيَة
»» هَل تسمعونَ وَجعيْ ..!!
 
قديم 08-07-10, 01:42 AM   رقم المشاركة : 7
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road


تواضع عمر
ما أعظم التواضع لو كان من عظيم حقيقي العظمة.
التواضع من مكارم الأخلاق التي اتصف بها الفاروق رضي الله عنه وأورثته محبة الآخرين.
فالعبد المتواضع يجعل الناس يحبون معاملته، ويودون مجالسته، ويتمنون لقاءه، ويستأنسون بكلامه، ويتفانون في خدمته.
فالتواضع يعني قبول الحق ممن كان، وخفض الجناح ولين الجانب، وعدم شعور النفس بأن لها فضلًا على الآخرين.
وما أجمل قول الشاعر:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْمِ لَاحَ لِنَاظِرٍ عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهْوَ رَفِيعُ
وَلَا تَكُ كَالدُّخَانِ يَعْلُو بِنَفْسِهِ إِلَى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهْوَ وَضِيعُ
وهذا الشافعي رحمه الله يقول: " التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام " ويقول: " أرفع الناس قدرا من لا يَرَى قدره، وأكثر الناس فضلا من لا يَرَى فضله ". (تاريخ دمشق جزء 51- صفحة 413)


عمر يعطي الناس قدرهم

ولنصغ بقلوبنا إلى هذه الرواية، فقد أورد المتقي الهندي في (كنز العمال جزء 1- صفحة 5)
عن شرحبيل بن مسلم الخولاني أن الأسود بن قيس بن ذي الخمار تنبأ باليمن فبعث إلى أبي مسلم الخولاني فأتاه فقال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع. قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. فأمر بنار عظيمة ثم ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره. فقيل للأسود بن قيس: إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك. فأمره بالرحيل، فقدم المدينة، وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر، فأناخ راحلته بباب المسجد ودخل يصلي إلى سارية فبصر به عمر بن الخطاب، فقام إليه فقال: ممن الرجل؟ فقال: من أهل اليمن. فقال: ما فعل الذي حرقه الكذاب؟ (زاد في المنتخب: بالنار) قال: ذاك عبد الله بن ثوب. قال: فنشدتك بالله، أنت هو؟ قال: اللهم نعم. فاعتنقه عمر، وبكى ثم ذهب به وأجلسه فيما بينه وبين أبي بكر الصديق، فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من صُنع به كما صُنع بإبراهيم خليل الرحمن فلم تضره النار.
ومن تواضع عمر ورقته ومن عجيب أمره، أنه مع هيبة الناس له، كان إذا غضب فقرأ أحد عليه آيات الرحمن، أو ذكّره بالله ذهب عنه غضبه؛ يقول ابن عباس رضي الله عنهما: قدم عيينة بن حصن على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يُدْنِيهم عمر رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاوريه ـ كهولًا كانوا أو شبابًا ـ فقال عيينة لابن أخيه الحر بن قيس: هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فاستأذن الحر لعيينة، فلما دخل عليه قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بالعدل، قال فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يقع عليه، فقال الحر: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه: [خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ] {الأعراف: 199}. قال: فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها، وكان وقافًا عند كتاب الله.


يعرف نفسه جيدًا

يروي أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول:
سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومًا، وخرجت معه، حتى دخل حائطًا، فسمعته يقول، وبيني وبينه حائط، وهو في جوف الحائط:
عمر بن الخطاب.. أمير المؤمنين.. بخ بخ، والله لتتقين الله يا ابن الخطاب، أو ليعذبنك ".
وقدم على عمر بن الخطاب وفد من العراق فيهم الأحنف بن قيس في يوم صائف شديد الحر، وعمر معتجر (معمم بعباءة), يهنأ بعيرًا من إبل الصدقة (أى يطليه بالقطران) فقال: يا أحنف ضع ثيابك، وهلم، فأعن أمير المؤمنين على هذا البعير فإنه إبل الصدقة، فيه حق اليتيم، والأرملة، والمسكين، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، فهلًا تأمر عبدا من عبيد الصدقة فيكفيك؟ فقال عمر: وأي عبد هو أعبد منى، ومن الأحنف؟ إنه من ولى أمر المسلمين يجب عليه لهم ما يجب على العبد لسيده في النصيحة، وأداء الأمانة.
وعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء فقلت: يا أمير المؤمنين، لا ينبغى لك هذا، فقال: لما أتاني الوفود سامعين مطيعين، دخلت نفسي نخوة؛ فأردت أن أكسرها.
وعن جبير بن نفير: أن نفرا قالوا لعمر بن الخطاب: ما رأينا رجلا أقضى بالقسط، ولا أقول للحق ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين، فأنت خير الناس بعد رسول الله. فقال عوف بن مالك: كذبتم والله، لقد رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: من هو؟ فقال: أبو بكر. فقال عمر: صدق عوف وكذبتم، والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك، وأنا أضل من بعير أهلي. يعنى قبل أن يسلم؛ لأن أبا بكر أسلم قبله بست سنين.
وهذا يدل على تواضع عمر وتقديره للفضلاء ولا يقتصر على الأحياء منهم، ولكنه يعم منهم الموتي كذلك، فلا يرضى أن ينكر فضلهم أو يغفل ذكرهم، ويظل يذكرهم بالخير في كل موقف، ويحمل الناس على احترام هذا المعنى النبيل، وعدم نسيان ما قدموه من جلائل الأعمال، فيبقى العمل النافع متواصل الحلقات يحمله رجال من رجال إلى رجال، فلا ينسى العمل الطيب بغياب صاحبه أو وفاته وفي هذا وفاء وفيه إيمان.
ونجد من شمائل الفاروق رضي الله عنه خوفه من الله عز وجل، ونرى ذلك الخوف واضحًا جليًا في أفعاله وأقواله، كان يبكي رضي الله عنه ويكثر البكاء، ويذهب إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول له: أستحلفك بالله، أأنا من المنافقين؟ ويقول ابن عباس رضي الله عنه: دخلت على عمر حين طعن، فقلت أبشر يا أمير المؤمنين، والله لقد مصر الله بك الأمصار، وأوسع بك الرزق، واظهر بك الحق، ودفع بك النفاق. فقال عمر: أفي الإمارة تثنى عليّ يا ابن عباس؟ ! قال: نعم يا أمير المؤمنين وفي غيرها.
قال: فوالذي نفسي بيده، لوددت أني أنجو منها كفافًا، لا أوجر ولا أوزر، والله لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها، لا أجر ولا وزر،
فوالله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع.
وقال له ابن عباس مثنيًا عليه: أبشر بالجنة، صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلت صحبته، ووليت أمر المؤمنين فقويت، وأديت الامانة.
فقال عمر: أما تبشيرك إياي بالجنة، فو الله الذي لا إله إلا هو لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم الخبر. وأما قولك في إمرة المؤمنين فوالله لوددت أن ذلك كفافًا لا لي ولا عليّ. وأما ما ذكرت من صحبة نبي الله صلى الله عليه وسلم فذلك.
وقد كان الفاروق رضي الله عنه واحدًا من المتواضعين فحاز كمال الإيمان ونال رضا رب العالمين.
فهذا موقف من مواقف تواضع الفاروق رضي الله عنه يرويه لنا طارق بن شهاب (رحمه الله) فيقول:
لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره ونزع خفيه، ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة، فقال أبو عبيدة بن الجراح:
لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلًا عظيمًا عند أهل الأرض، نزعت خفيك وقدمت راحلتك، وخضت المخاضة.
قال: فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة وقال:
أوه.. لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة!
أنتم كنتم أقل الناس، وأذل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله تعالى.
ما أروعها من كلمات.
وما أعظمه من موقف.
فالفاروق لا يرى العز والشرف إلا في نعمة الإسلام، ومن اعتز بأي عرض من أعراض الدنيا من مال وجاه، أو غيرهما أذله الله.
والمتأمل في الموقف يشاهد تواضع الفاروق رضي الله عنه في عبوره المخاضة، وعدم اكتراثه لنظرات الناس إليه.
فالمتواضع لا يبحث عن السمعة والرياء، ولا يأنف من السير على أقدامه، أو خوض مخاضة، ولو كان أمير المؤمنين.
حتى عندما لقب بأمير المؤمنين تعجب الفاروق المتواضع من هذا اللقب، وخشي أن يعني التزكية، وطلب من قائله إبراء نفسه مما قال؛ يروي الزهري رحمه الله يقول: إن عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة: لأي شيء كان يكتب: من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ثم كان عمر يكتب أولا: من خليفة أبي بكر، فمن أول من كتب: من أمير المؤمنين؟
فقال: حدثتني الشفاء ـ وكانت من المهاجرات الأول ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عامل العراق بأن يبعث إليه رجلين جلدين، يسألهما عن العراق وأهله، فبعث عامل العراق بلبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فلما قدما المدينة أناخا راحلتهما بفناء المسجد ثم دخلا المسجد، فإذا هما بعمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين.
فقال عمرو: أنتما أصبتما اسمه، هو الأمير، ونحن المؤمنون، ووثب عمرو فدخل على عمر أمير المؤمنين، فقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فقال عمر: ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟ ! ربي يعلم، لتخرجن مما قلت؟ قال: إن لبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم قد أناخا راحلتهما بفناء المسجد، ثم دخلا عليّ فقالا لي: استأذن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين. فهما والله قد أصابا اسمك، ونحن المؤمنون، وأنت أميرنا.
قال فمضى به الكتاب من يومئذ، وكانت الشفاء جدة أبي بكر بن سليمان.


ويدعو غيره إلى التواضع

وكان الفاروق رضي الله عنه مع تواضعه الجم يدعو غيره إلى التواضع، وهذا هو التواضع الإيجابي.
يقول سليم بن حنظلة البكري: كنا جلوسًا حول أُبَي بن كعب نسائله، فقام، فاتبعناه.
فرفع إلى عمر بن الخطاب، فعلاه بالدرة فقال أُبَي: مهلًا يا أمير المؤمنين، ما تصنع؟ فقال: إنها فتنة للمتبوع، ومذلة للتابع.
وهذه دعوة من الفاروق إلى التواضع، وتحذير من الوقوع في الكبر، فمن صفات المتواضعين: أنهم لا يحبون أن يمشي وراءهم أحد، ولذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون أن يسير الناس وراءهم.
وما أروع الفاروق، وهو يعاتب نفسه على شيء يسير حدثته به، وفي ذلك أبلغ الدروس والعبر.
يروي محمد بن عمر المخزومي عن أبيه أن قال: نادى عمر بن الخطاب بالصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس وكبروا صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: أيها الناس. لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم، فيقبضن لي قبضة من التمر، أو الزبيب، فأظل يومي، وأي يوم؟ !
ثم نزل عن المنبر، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين، ما زدت على أن قمّأت نفسك ـ يعني عبت ـ فقال: ويحك يا ابن عوف !!
إني خلوت فحدثتني نفسي، قالت: أنت أمير المؤمنين، فمن ذا أفضل منك؟ فأردت أن أعرفها نفسها.
ومن المواقف الرائعة والتي يتجلى من خلالها تواضع الفاروق الجم، ما رواه الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى فقال: كنت مع عمر بن الخطاب فلقيه رجل فقال: يا أمير المؤمنين انطلق معي فأعدني على فلان فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال: تَدَعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني.
قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر، قال: عَلَيَّ الرجل. فألقى إليه المخفقة وقال: امتثل. فقال: لا والله ولكن أدعها لله ولك. قال: ليس هكذا إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي فأعلم ذلك. قال: أدعها لله. قال: فانصرف. ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله وكنت ضالا فهداك الله وكنت ذليلا فأعزك الله ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غدا إذا أتيته، قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض.
والتواضع لا يزيد العبد إلا عزًا ورفعة، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ ".
من تواضعه نزوله عن رأيه في قتال المرتدين.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. عَصَمَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ بِهِ عَلَى اللَّهِ ". قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا، كانوا يؤدونه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها.
قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله عز وجل شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
وعندما اقترح بعض الصحابة على أبي بكر بأن يبقي جيش أسامة، حتى تهدأ الأمور. وقال عمر رضي الله عنه: إن معه وجوه المسلمين وجلتهم، ولا آمن على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يتخطفهم المشركون، ولكن أبا بكر خالف ذلك، وأصر على أن تستمر الحملة العسكرية في تحركها نحو الشام مهما كانت الظروف والأحوال والنتائج.
لقد طلب الأنصار رجلًا أقدم سنًا من أسامة بن زيد رضي الله عنهما، فوثب أبو بكر رضي الله عنه وكان جالسًا، وأخذ بلحية عمر رضي الله عنه وقال: ثكلتك أمك ياابن الخطاب، استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأمرني أن أعزله. فخرج عمر إلى الناس فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم، ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن الحسن البصري قال: خرج عمر رضي الله عنه في يوم حار واضعًا رداءه على رأسه، فمر به غلام على حمار، فقال: يا غلام، احملني معك، فوثب الغلام عن الحمار، وقال: اركب يا أمير المؤمنين، قال: لا، اركب، وأركب أنا خلفك تريد أن تحملني على المكان الواطئ، وتركب أنت على الموضع الخشن. فركب خلف الغلام، فدخل المدينة وهو خلفه، والناس ينظرون إليه.


ويقبل النصح من الجميع

خرج عمر بن الخطاب من المسجد والجارود العبدي معه، فبينما هما خارجان إذ بامرأة على ظهر الطريق، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام، ثم قالت: رويدك يا عمر حتى أكلمك كلمات قليلة. قال لها: قولي. قالت: يا عمر عهدي بك وأنت تسمي عميرًا في سوق عكاظ تصارع الفتيان، فلم تذهب الأيام حتى تسمى عمرًا، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الموت خشي الفوت، فقال الجارود: هيه، قد اجترأت على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها، أما تعرف هذه يا جارود؟ هذه خولة بنت حكيم التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر أحرى أن يسمع كلامها.
أراد بذلك قوله تعالى: [قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ] {المجادلة: 1}.
يسمع كلام حذيفة.
قال حذيفة: دخلت على عمر رضي الله عنه فرأيته مهمومًا حزينًا، فقلت له: ما يهمك يا أمير المؤمنين؟
فقال: إني أخاف أن أقع في منكر فلا ينهاني أحد منكم تعظيمًا لي.
فقال حذيفة: والله لو رأيناك خرجت عن الحق لنهيناك.
ففرح عمر وقال: الحمد لله الذي جعل لي أصحابًا يقومونني إذا اعوججت.
عمر يعترف بصواب رأي امرأة.
قال عبد الله بن مصعب خطب عمر رضوان الله عليه فقال: لا تزيدوا مهور النساء على أربعين أوقية، وإن كانت بنت ذي فضة، يعني يزيد ين الحصين الحارثي، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال.
فقامت امرأة من صف النساء طويلة في أنفها فطس فقالت: ما ذاك لك؟ قال: ولم؟ قالت: لأن الله يقول: [وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا] {النساء: 20}.
فقال عمر رضي الله عنه: امرأة أصابت، ورجل أخطأ.
وهذا مما يدل على جم تواضعه رضي الله عنه.








التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» ( الأسئلة اليامية عن العقيدة الإسماعيلية )
»» قائمة المُمهدونْ للمِدْ الرافضيْ في مصر
»» الحملة العالمية لتثقيف الشيعة
»» مواعظ ودرر منثورة من دروس الشيخ محمد الشنقيطي حفظه الله
»» حصرياً كِتابْ فرقة الباطنية الإسماعيلية البهرة
 
قديم 08-07-10, 01:47 AM   رقم المشاركة : 8
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road



إدارة عمر
إن الإدارة الصحيحة والقويمة لأي عمل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا تحتاج إلى حكمة؛ لأن الإدارة تتعامل مع بشر وليس مع مجموعة من التروس والآلات، فرب كلمة صغيرة فعلت فعل السحر في نفس سامعها فدفعته إلى الأمام، وأيضًا رب كلمة فعلت في نفس سامعها فعل السحر فألقت به إلى الهاوية. والإدارة " فن قيادة الرجال " والرجال لهم مشارب شتى، ولا يستطيع أحد مهما أوتي من قوة أن يقودهم إلا بالحكمة، والحكمة أن تضع كل شيء في مكانه، الغضب والحزم والشدة في المواضع التي تحتاج إلى ذلك، واللين والتسامح والرحمة أيضًا في المواقف التي تتطلب ذلك. (موقع مفكرة الإسلام)
وقد كان عمر رضي الله عنه حكيما بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، مما جعله مؤهلا لحمل هذه الأمانة العظيمة؛ وهي إدارة الدولة الإسلامية في هذا الوقت من التاريخ الإسلامي العظيم.
" وفي عصر الفاروق رضي الله عنه شهد النظام الإداري نقلة حضارية كبرى تمثلت في مدى اهتمام الخليفة وعنايته الفائقة بالنظم الإدارية، ففي عهده رسخت التقاليد الإدارية الإسلامية. يقول الطبري: في هذه السنة (15 هـ 636 م) فرض عمر للمسلمين الفروض ودَوَّن الدواوين، وأعطى العطايا على السابقة. وهذا يؤكد مرونة العقلية الإسلامية وقبولها لتطوير نفسها، وتمثل هذا في اهتمام الفاروق رضي الله عنه بتنظيم الدولة الإسلامية إداريا، وخاصة أن الفتوحات الإسلامية قد أدت إلى امتداد رقعة الدولة الإسلامية في عهده، ففصل السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية، وأكد استقلال القضاء، كما اهتم بأمر الأمصار والأقاليم، ووطد العلاقة بين العاصمة المركزية والولاة والعمال في أجزاء الدولة الإسلامية.
وكان عمر رضي الله عنه شديدا مع عمال الدولة الإسلامية، كان يوصيهم بأهالي الأقاليم خيرا، فيروي الطبري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس يوم الجمعة فقال: اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار، إني إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم، وأن يقسموا فيهم فيئهم، وأن يعدلوا، فإن أشكل عليهم شيء رفعوه إلي. وقد حفظ لنا يحيى بن آدم (ثقة حافظ فاضل من كبار التاسعة مات سنة ثلاث ومائتين [ تقريب التهذيب جزء 1- صفحة 587]) وصية الفاروق رضي الله عنه للخليفة من بعده، تلك الوصية التي تلخص حرص إمام المسلمين على صالح الرعية، يقول:
(أوصي الخليفة من بعدي بأهل الأمصار خيرا فإنهم حياة المال، وغيظ العدو، وردء المسلمين، وأن يقسم بينهم فيئهم بالعدل، وألا يحمل من عندهم فضل إلا بطيب أنفسهم).
وكان رضي الله عنه إذا استعمل العمال على الأقاليم خرج معهم يشيعهم ويوصيهم فيقول: إني لم أستعملكم على أشعارهم ولا على أبشارهم، وإنما استعملتكم عليهم لتقيموا بهم الصلاة، وتقضوا بينهم بالحق، وتقسموا بالعدل، وإني لم أسلطكم على أبشارهم ولا أشعارهم، ولا تجلدوا العرب فتذلوها، ولا تجمروها فتفتنوها، ولا تغفلوا عنها فتحرموها، جردوا القرآن، وأقلوا من رواية محمد صلى الله عليه وسلم... وأنا شريككم.
وكان يقتص من عماله، فإذا شكا إليه عامل له جمع بينه وبين من شكاه فإن صح عليه أمر يجب أَخْذه به أَخَذه به.
وروى الطبري أن الفاروق رضي الله عنه خطب الناس فقال: أيها الناس، إني والله ما أرسل عمالا ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكني أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفس عمر بيده لأقتصن منه، فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين أرأيتك إن كان رجل من أمراء المسلمين على رعيته فأدب بعض رعيته، إنك لتقصه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده إذا لأقصنه منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه.
وكان رضي الله عنه إذا استعمل عاملا كتب له عهدا وأشهد عليه رهطا من المهاجرين والأنصار، واشترط عليه ألا يركب برذوانا، ولا يأكل نقيا، ولا يلبس رقيقا، ولا يتخذ بابا دون حاجات الناس.
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من وضع التأريخ وكتبه وذلك في العام السادس عشر للهجرة، كما أنه أول من وضع تقليدا بتأريخ الكتب والرسائل وختم بالطين. وهو أول من جمع الناس على إمام لصلاة التراويح في شهر رمضان وكتب بذلك إلى البلدان، وكان في العام الرابع عشر، وكان أول من حمل الدرة وضرب بها تأديبا، ومن ذلك ما فعله مع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكان الفاروق يوزع مالا آتاه بين المسلمين، فرأى سعد يزاحم الناس حتى خلص إليه، فعلاه عمر بالدرة وقال: إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض، فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لا يهابك.
وشهد عصره بالإضافة إلى ذلك تنظيمات إدارية متنوعة فوضع أساس بيت المال ونظم أموره، وكان يعس ليلا، ويرتاد منازل المسلمين، ويتفقد أحوالهم بيديه، وكان يراقب المدينة ويحرصها من اللصوص والسراق، كما كان يراقب أسواق المدينة ويقضي بين الناس حيث أدركه الخصوم، وهو في هذا كله يتأسى بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد كان يقول: القوة في العمل ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد، والأمانة ألا تخالف سريرة علانية، واتقو الله عز وجل فإنما التقوى بالتوقي ومن يتق الله يقه. (تاريخ النظم والحضارة الإسلامية د/ فتحية النبراوي)
وهكذا نرى هذه العقلية الإدارية الفذة والتي تعلمت الإدارة عمليًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس سيدنا عمر رضي الله عنه ممن يحبون الكلام وكثرته، بل إن شغلهم الشاغل إنما هو العمل النافع والتطبيق العملي واستثمار كل الطاقات البشرية الموجودة لديه في خدمة الإسلام وفي خدمة البشرية أيضا.


أقاليم الدولة الإسلامية في عهد عمر رضي الله عنه

يعتبر تقسيم الولايات في عهد الفاروق امتدادا في بعض نواحيه لما كانت عليه في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إقليميا مع وجود بعض التغيرات في المناصب القيادية لهذه الولايات في كثير من الأحيان.
1- مكة المكرمة
2- المدينة المنورة
3- الطائف
4- اليمن
5- البحرين
6- ولايات الشام
7- ولايات العراق وفارس (البصرة- الكوفة- المدائن – أذربيجان)
(عمر بن الخطاب د / علي الصلابي)


الدواوين في عهد عمر رضي الله عنه

نشأت الدواوين في عهد الفاروق رضي الله عنه، وكان ذلك نتيجة لاتساع الدولة الإسلامية، واتصال المسلمين الفاتحين عن قرب بالأنظمة الفارسية والبيزنطية في الأقاليم والتعرف على حضارتها، فانتقوا من بين ذالك ما وجدوه ملائما للاقتباس، كما أبقوا على الكثير من الأنظمة الإدارية التي ثبت لهم صلاحيتها لتلك البلاد.
وقد اخْتُلف في تحديد نشأة الديوان؛ فيحدده الطبري بالعام الخامس عشر للهجرة، بينما يذكره الماوردي في الأحكام السلطانية في العام العشرين
(تاريخ النظم والحضارة الإسلامية فتحية النبراوي)
ومن الدواوين التي أوجدها عمر
1- ديوان العطاء
لما أراد الفاروق وضع الديوان فقد وضع أسسا للمفاضلة بين المسلمين في العطاء انطلاقا من أن من قاتل وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس كمن لم يقاتل أو تأخر، وفرض لأهل السوابق والقدم في الإسلام
(تاريخ النظم والحضارة الإسلامية د/ فتحية النبراوي)
ويذكر ابن سلام أن عمر حين أراد تدوين الدواوين قال: بمن نبدأ؟
قالوا: ابدأ بنفسك.
قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامنا، فبرهطه نبدأ ثم الأقرب فالأقرب، وكان هذا بعد أن فتح الله على المسلمين العراق والشام وجنى خراجها فقال: إني رأيت أن أفرض العطاء لأهله الذين افتتحوه (كتاب الأموال)








التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» العائدون إلى الله
»» alhouda
»» الشيخ العريفي عن القبور والاضرحه
»» 12 سُؤالٌ عَجِزَ الشِيعة الإجَابْةِ عَليهَا
»» تصريح واضح من الشيعة بقتل الملك عبد الله / وثائقي
 
قديم 08-07-10, 01:54 AM   رقم المشاركة : 9
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




أما الأسس التي وضعها الفاروق رضي الله عنه لترتيب أسماء الناس في الديوان فهي:
1- درجة النسب المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- السبق في الإسلام.
3- جهاده الأعداء، ومن كان من أهل بدر يتصدرون قائمة العطاء، ويليهم في المكانة من شهد المواقع إلى الحديبية، ثم من الحديبية إلى القضاء على المرتدين.
4- جعل أهل الفترة الواحدة طبقة واحدة في العطاء، بمعنى أن من شهد المواقع إلى الحديبية مثلا طبقة واحدة.
5- فضل أهل الحرب على قدر براعتهم في القتال.
6- البعد والقرب عن أرض العدو وفضل من قربت داره عن من بعدت داره عن العدو.
2- ديوان الجيش
ارتبطت نشأة ديوان الجيش بتدوين الدواوين، أو تسجيل أسماء الجنود وذلك لمواجهة الزيادة التي طرأت على عدد الجنود، وضرورة إحصائهم، وترتيب أمورهم، وتوفير أعطياتهم، ومن أجل ذلك كان لا بد من تخصيص ديوان للجيش.
وهناك شروط لهذا الديوان:
أ- الوصف:
1- البلوغ. 2- الحرية. 3- الإسلام.
4- السلامة من الآفات. 5- الإقدام على الحروب ومعرفة القتال.
ب- النسب والسبق في الإسلام:
يقوم بترتيب الأسماء في هذا الديوان على حسب القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ترتيبهم الواحد بعد الواحد وفقا لسبقهم في الإسلام، وإن تكافئوا فبالدين، فإن تكافئوا فبالسن فإن تقاربوا فبالشجاعة في الحروب.
جـ- الكفاية:
وهو تقدير العطاء بالكفاية، والكفاية كما قول الماوردي لها أسس:
1- عدد من يعول من الذراري.
2- عدد ما يرتبطه من الخيل والظهر.
3- الموضع الذي يحله من الغلاء والرخص.
3- ديوان الاستيفاء
الأصل في نشأة هذا الديوان هو حاجة الدولة إلى إحصاء خراج البلاد المفتوحة، وتنظيم الإنفاق في الوجوه التي يجب الإنفاق فيها، وقد وضحت أهمية هذا الديوان في الدولة الإسلامية، حين تعددت مصادر الدخل وزادت ثروة الدولة وتشعبت وجوه الإنفاق.
(تاريخ النظم والحضارة الإسلامية د/ فتحية النبراوي)
كاتب الديوان
وكاتب الديوان هو صاحب زمامه، يجب أن تتوفر فيه العدالة والكفاية وأما اختصاصاته فهي:
1- حفظ القوانين
2- استيفاء الحقوق.
3- إثبات الرفوع.
4- إخراج الأحوال؛ ويعني استشهاد صاحب الديوان على ما يثبت فيه من قوانين وحقوق.
5- تصفح الظلامات.
(الأحكام السلطانية للماوردي)



فقه عمر الإداري

من دلائل فقهه الإداري أنه كان يستفيد من كل الطاقات ويؤهلها لخدمة الإسلام:
فعن أسق قال: كنت عبدا نصرانيا لعمر، فقال: أسلم حتى نستعين بك على بعض أمور المسلمين، لأنه لا ينبغى لنا أن نستعين على أمورهم بمن ليس منهم، فأعتقني لما حضرته الوفاة وقال: اذهب حيث شئت.
من فقهه الإداري رضي الله عنه تطبيق مبدأ الشورى
كان عمر رضي الله عنه يستشير الرجال، وكان أيضا يستشير النساء، فقد كان يقدم الشفاء بنت عبد الله العدوية في الرأي، فماذا بقى بعد ذلك للمرأة حتى تبحث عنه في غير الإسلام، إذا كان أمير المؤمنين يستشيرها في أمور الدولة، ويرضى عن رأيها، وكان رضي الله عنه يعتبر نفسه أبا العيال فيمشي إلى المغيبات اللواتي غاب أزواجهن، فيقف على أبوابهن ويقول: ألكن حاجة؟ وأيتكن تريد أن تشتري شيئًا؟ فإني أكره أن تخدعن في البيع والشراء، فيرسلن معه بجواريهن، فيدخل السوق، ووراءه من جواري النساء وغلمانهن ما لا يحصى، فيشتري لهن حوائجهن ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده، وإذا قدم يقول: أزواجكن في سبيل الله، وأنتن في بلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كان عندكن من يقرأ، وإلا فاقربن من الأبواب حتى اقرأ لَكُنَّ... ويقول لهن : هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب، حتى اكتب لَكُنّ، ويمر إلى المغيبات، فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.
من سمات وخصائص الجانب الإداري عند سيدنا عمر بن الخطاب أنه كان دقيق المتابعة للولاة، والمتابعة هي عنصر هام جدا في نجاح أي خطة، وهكذا كان عمر رضي الله عنه.


نماذج للمتابعة الجيدة

" عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما زلت أسمع حديث عمر بن الخطاب أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة عليها بابها وهي تقول:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ تَسْرِي كَوَاكِبُهُ وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا ضَجِيعٌ أُلَاعِبُهُ
أُلَاعِبُهُ طَوْرًا وَطَوْرًا كَأَنَّمَا بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهُ
يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ لَطِيفُ الْحَشَا لَا تَحْتَوِيهِ أَقَارِبُهُ
فَواللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرَهَ لَنُفِضَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهُ
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلًا... بَأَنْفُسِنَا لَا يُفَتِرُّ الدَّهْرُ كَاتِبُهُ
ثم تنفست الصعداء وقالت: لهان على عمر بن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني. وعمر واقف يستمع قولها، فقال لها: يرحمك الله، يرحمك الله، ثم وجه إليها بكسوة، ونفقة، وكتب في أن يقدم عليها زوجها. (ذم الهوى جزء 1- صفحة 283)
إذن فهو رضي الله عنه يسن القوانين بعد التعايش الحقيقي مع المجتمع، ومعرفة مشاكله وهمومه من خلال التعامل مع الواقع مباشرة، وليس عن طريق التقارير التي ترد إليه فحسب، ولو كان فعل ذلك ما لامه أحد لحسن اختياره للولاة، ومع ذلك فهو لم يعتمد على ما يرد إليه من تقارير فحسب، بل كان كما نرى يتابع الأمور بنفسه.
عمر رضي الله عنه يتابع الأمور بنفسه.
لم يكن عمر يكتفي بأن يحسن اختيار عماله، بل كان يبذل أقصى الجهد لمتابعتهم بعد أن يتولوا أعمالهم ليطمئن على حسن سيرتهم ومخافة أن تنحرف بهم نفوسهم، وكان شعاره لهم: خير لي أن أعزل كل يوم واليا من أن أبقي ظالمًا ساعة نهار. وقال: أيما عامل لى ظلم أحدا فبلغنى مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته. وقال يوما لمن حوله: أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت ما علي؟ فقالوا: نعم. قال: لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا؟ وقد سار رضي الله عنه بحزم في رقابته الإدارية لعماله وتابعهم بدقة، وكانت طريقة عمر في الإدارة إطلاق الحرية للعامل في الشئون المحلية، وتقييده في المسائل العامة، ومراقبته في سلوكه وتصرفاته، وكان له جهاز سرى مربوط به لمراقبة أحوال الولاة والرعية، وقد بينت لنا المصادر التاريخية أنه يشبه اليوم (المخابرات) ويمكن هنا أن نقول: إن المخابرات في عهد عمر بن الخطاب كان هدفها الأول والأخير توفير الأمن والحماية للدولة الإسلامية، وليس التجسس على عورات الناس وبث الرعب في نفوسهم كما هو الحاصل في كثير من الأنظمة التي تحكم الناس اليوم، ومن أهدافها أيضا المتابعة الدقيقة للولاة فقد كان علمه بمن نأى عنه من عماله كمن بات معه في مهاد واحد، وعلى وساد واحد، فلم يكن في قطر من الأقطار ولا ناحية من النواحي عامل أو أمير جيش إلا وعليه عين لا يفارقه، فكانت ألفاظ من بالمشرق والمغرب عنده في كل ممس ومصبح، وأنت ترى ذلك في كتبه إلى عماله حتى كان العامل منهم ليتهم أقرب الناس إليه وأخصهم، وكانت وسائل عمر في متابعته لعماله متعددة ومنها:


طلبه من الولاة دخول المدينة نهارًا:

كان رضي الله عنه يطلب من ولاته دخول المدينة نهارًا، ولا يدخلوها بالليل حتى يظهر ما يكون قد جاءوا به من أموال ومغانم فيسهل السؤال والحساب.
طلب الوفود من الولاة.
كان عمر يطلب من الولاة أن يرسلوا وفدًا من أهل البلاد ليسألهم عن بلادهم، عن الخراج المفروض عليهم ليـتأكد بذلك من عدم ظلمهم، ويطلب شهادتهم فكان يخرج إليه مع خراج الكوفة عشرة من أهلها، ومع خراج البصرة مثلهم، فإذا حضروا أمامه شهدوا بالله أنه مال طيب ما فيه ظلم مسلم ولامعاهد وكان هذا الإجراء كفيلًا بمنع الولاة من ظلم الناس إذ لو حدث هذا لرفعه هؤلاء الموفدون إلى أمير المؤمنين وأخبروه به، كما أن عمر في الغالب كان يقوم بمناقشة هؤلاء الموفدين وسؤالهم عن بلادهم، وعن ولاتهم وسلوكهم معهم.
رسائل البريد.
كان عمر رضي الله عنه يرسل البريد إلى الولاة في الأمصار فقد كان يأمر عامل البريد العودة إلى المدينة أن ينادى في الناس من الذي يريد إرسال رسالة إلى أمير المؤمنين؟ حتى يحملها إليه دون تدخل من والى البلد، وكان صاحب البريد نفسه لا يعلم شيئًا من هذه الرسائل، وبالتالي يكون المجال مفتوحًا أمام الناس لرفع أي شكوى أو مظلمة إلى عمر نفسه دون أن يعلم الوالي أو رجاله بذلك، وحينما يصل حامل الرسائل إلى عمر ينثر ما معه من صحف، ويقرأها عمر ويرى ما فيها.
المفتش (محمد بن مسلمة)
وكان الفاروق رضي الله عنه يستعين بمحمد بن مسلمة الأنصاري في متابعة الولاة، ومحاسبتهم، والتأكد من الشكاوي التي تأتي ضدهم، فكان موقع محمد بن مسلمة كالمفتش العام في دولة الخلافة.
موسم الحج..
كان موسم الحج فرصة لعمر ليستقي أخبار رعيته وولاته، فجعله موسمًا للمراجعة والمحاسبة، واستطلاع آراء الرعية في ولاتهم، فيجتمع فيه أصحاب الشكايات والمظالم، والرقباء الذي كان عمر يبثهم في أرجاء دولته لمراقبة العمال والولاة، ويأتي العمال أنفسهم لتقديم كشف الحساب عن أعمالهم، فكان موسم الحج ( جمعية عمومية ) كأرقى ما تكون الجمعيات العمومية في عصر من العصور.
جولة تفتيشية حول الأقاليم.
كان تفكير عمر قبل مقتله أن يجول على الولايات شخصيًا لمراقبة العمال، لتفقد أحوال الرعية، والاطمئنان على أحوال الدولة المترامية الأطراف، وقال: لئن عشت إن شاء الله لأسيرن في الرعية حولًا، فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع دوني، أما عمالهم فلا يرفعونها إليّ، وأما هم فلا يصلون إليّ، فأسير إلى الشام فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى الجزيرة فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى الكوفة فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى البصرة فأقيم بها شهرين، ثم والله لنعم الحول هذا.
ولم يكتف الفاروق بالمراقبة عن طريق هذه الزيارات، بل عمد إلى طريقة أخرى، وهي إرسال كميات من الأموال إلى الولاة، وإرسال من يراقبهم حتى يعرف كيف تصرفوا فيها.


سياسة عمر مع الولاة

سياسة عمر في عزل الولاة
سعد بن أبي وقاص
اجتمع نفر من أهل الكوفة بزعامة الجراح بن سنان الأسدي فشكوا أميرهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى أمير المؤمنين عمر، وذلك في حال اجتماع المجوس في نهاوند لغزو المسلمين، فلم يشغلهم ما داهم المسلمين في ذلك، ولقد كان سعد عادلًا رحيمًا بالرعية، قويًا حازمًا على أهل الباطل والشقاق، عطوفًا على أهل الحق والطاعة، ومع ذلك شكاه هؤلاء القوم ممن لا يطيقون حكم الحق، ويريدون أن يحققوا شيئًا من أهوائهم، وقد وقتوا لشكواهم وقتًا رأوا أنه أدعى لسماع أمير المؤمنين منهم حيث إن المسلمين مُقْبلون على معركة مصيرية تستدعي اتفاق الكلمة.
وقد استجاب أمير المؤمنين لطلبهم في التحقيق في أمر شكواهم مع علمه بأنهم أهل هوى وشر، فبعث عمر رضي الله عنه محمد بن مسلمة ليتأكد من دعاوي الشاكين، وفي هذا بيان لمنهج الصحابة رضي الله عنه في التحقيق في قضايا الخلاف التي تجري بين المسؤلين ومن تحت ولايتهم.
وعزل عمر رضي الله عنه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه درءًا للفتن وإماتتها وهي في مهدها قبل أن تستفحل، فتسبب الشقاق والفرقة وربما القتال.
هذا وقد استبقى عمر سعدًا رضي الله عنه في المدينة وأقر من استخلفه سعد على الكوفة بعده، وصار سعدًا من مستشاري عمر في المدينة، ثم جعله من الستة المرشحين للخلافة حين طعن، ثم أوصى الخليفة من بعده بأن يستعمل سعدًا وقال: فإني لم أعزله عن سوء، وقد خشيت أن يلحقه من ذلك.
عزل خالد بن الوليد
وجد أعداء الإسلام في سعة خيالهم وشدة حقدهم مجالًا واسعًا لتصيد الروايات التي تظهر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مظهرمشين، فإذا لم يجدوا شفاء نفوسهم، اختلقوا ما ظنوه يجوز على عقول القارئين، لكي يصبح أساسًا ثابتًا لما يتناقله الرواة، وتسطره كتب المؤلفين، وقد تعرض عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما لمفتريات أعداء الإسلام، الذين حاولوا تشويه صفحات تاريخنا المجيد، ووقفوا كثيرًا عند أسباب عزل عمر لخالد بن الوليد رضي الله عنهما وألصقوا التهم الباطلة بالرجلين العظيمين، وأتوا بروايات لا تقوم على أساس عند المناقشة، ولا تقوم على برهان أمام التحقيق العلمي النزيه.
عزل عمر رضي الله عنه خالدًا في المرة الأولى عن القيادة العامة، وإمارة الأمراء في الشام، وكانت هذه المرة في السنة الثالثة عشرة من الهجرة غداة تولي عمر الخلافة بعد وفاة أبي بكرالصديق رضي الله عنه.
وفي " قنسرين " من قرى بلاد شمال الشام جاء العزل الثاني لخالد وذلك في السنة السابعة عشرة من الهجرة، ومجمل أسباب العزل فيما يلي:
أ- حماية التوحيد:
ففي قول عمر رضي الله عنه: ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به. يظهر خشية عمر رضي الله عنه من فتنة الناس بخالد، وظنهم أن النصر يسير في ركاب خالد، فيضعف اليقين أن النصر من عند الله، سواء أكان خالدًا على رأس الجيش أم لا.
وعن ذلك يقول حافظ إبراهيم: في تخوف عمر:
وَقِيلَ خَالَفْتَ يَا فَارُوقُ صَاحِبَنَا فِيهِ وَقَدْ كَانَ أَعْطَى الْقَوْسَ بَارِيهَا
فَقَدْ خِفْتَ افْتِتَانَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَفِتْنَةُ النَّفْسِ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا
ب- اختلاف النظر في صرف المال.
كان عمر رضي الله عنه يرى أن فترة تأليف القلوب، وإغراء ضعاف العقيدة بالمال والعطاء قد انتهت، وصار الإسلام في غير حاجة إلى هؤلاء، وأنه يجب أن يوكل الناس إلى إيمانهم.
بينما يرى خالد بن الوليد أن من معه من ذوي البأس والمجاهدين في ميدانه، ممن لم تخلص نياتهم لمحض ثواب الله، أمثال هؤلاء في حاجة إلى من يقوي عزيمتهم، ويثير حماستهم من هذا المال.
ولا شك أن عمر وخالدًا اجتهدا فيما ذهبا إليه ولكن عمر أدرك أمورًا لم يدركها خالد رضي الله عنهما.
جـ اختلاف منهج عمر عن منهج خالد في السياسة العامة.
فقد كان عمر يصر على أن يستأذن الولاة منه في كل صغيرة وكبيرة، بينما يرى خالد أن من حقه أن يعطي الحرية كاملة من غير الرجوع لأحد في الميدان الجهادي، وتطلق يده في كل التصرفات إيمانًا منه بأن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
ولعل من الأسباب التي دعت عمر إلى عزل خالد أيضًا، إفساح المجال لطلائع جديدة من القيادات.
حتى تتوافر في المسلمين نماذج كثيرة أمثال خالد، والمثنى وعمرو بن العاص، ثم ليدرك الناس أن النصر ليس رهنًا برجل واحد مهما كان هذا الرجل.


شروط عمر في الولاة

لم يكن ينظر إلى صلاح الرجل في ذاته، ولكن إلى صلاحه للولاية، لذلك كان يولي أناسًا وأمامه من هو أتقى منهم وأكثر علمًا. وأشد عبادة، وكان يقول: إني لأتحرج أن استعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه. وكان يستعمل رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، ويدع من هو أفضل منهم مثل عثمان بن عفان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، ونظرائهم لقوة أولئك على العمل والبصر به، ولإشراف عمر عليهم وهيبتهم له.
قال عمر يوما لأصحابه:
دلوني على رجل استعمله على أمر قد أهمني. قالوا: فلان.
قال: لا حاجة لنا فيه، قالوا: من تريد؟ قال: أريد رجلًا إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإن كان أميرهم كان كأنه رجل منهم.
قالوا: ما نعرف هذه الصفة إلا في الربيع بن زياد الحارثي.
قال: صدقتم. فولاه.
من لا يرحم لا يرحم.
أمر عمر رضي الله عنه بكتابة عهد لرجل قد ولاه، فبينما الكاتب يكتب جاء صبي فجلس في حجر عمر فلاطفه، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين لي عشرة من الأبناء ما دنا أحد منهم مني قال عمر: فما ذنبي إن كان الله عز وجل نزع الرحمة من قلبك، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، ثم قال: مزق الكتاب، فإنه إذا لم يرحم أولاده فكيف يرحم الرعية.
قواعد عمر في تعينن الولاة وشروطه عليهم
1- القوة والأمانة.
وقد طبق الفاروق رضي الله عنه هذه القاعدة، ورجح الأقوى من الرجال على القوي، فقد عزل عمرُ شرحبيلَ بن حسنة وعيّن بدله معاوية،
فقال له شرحبيل: أمن سخطة عزلتني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، ولكني أريد رجلًا أقوى من رجل.
ومن أجمل ما أُثر عن عمر في هذا المعنى قوله: اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة.
2- مقام العلم في التولية
وقد جرى عمر الفاروق رضي الله عنه على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تولية أمراء الجيوش خاصة. قال الطبري: إن أمير المؤمنين كان إذا اجتمع إليه جيش من أهل الإيمان أمّر عليهم رجلًا من أهل الفقه والعلم.
وكان عمر يستعمل قومًا ويدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل، وكان التفضيل هنا إنما يعني أن أولئك الذين تركهم عمر كانوا أفضل دينًا، وأكثر ورعًا، وأكرم أخلاقًا ولكن خبرتهم في تصريف الأمور أقل من غيرهم، فليس من الضروري أن يجتمع الأمران كلاهما معًا، وهذه القاعدة التي وضعها عمر، ما زالت متبعة حتى اليوم في أرقى الدول، ذلك بأن المتدين الورع الخلوق إذا لم تكن له بصيرة في شئون الحكم، قد يكون عرضة لخديعة أصحاب الأهواء المضللين، أما المحنك المجرب، فإنه يعرف من النظرة السريعة، معاني الألفاظ وما وراء الألفاظ من معان، وهذا هو السبب الذي دعا عمر بن الخطاب لاستبعاد رجل لا يعرف الشر، فقد سأل عن رجل أراد أن يوليه عملًا فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنه لا يعرف الشر. فقال عمر لمخاطبه: ويحك ذلك أدنى أن يقع فيه. وهذا لا يعني أن يكون العامل غير متصف بالقوة والأمانة والعلم والكفاية وغيرها من الصفات التي يستلزمها منطق الحكم والإدارة، وإنما يقع التفاضل بين هذه الصفات، ويكون الرجحان لما سماه عمر بن الخطاب: البصر بالعمل.
3- أهل الوبر وأهل المدر.
جعل الوالى من القوم.
من الملاحظ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في كثير من الأحيان يولى بعض الناس على قومهم، إذا رأى في ذلك مصلحة، ورأى الرجل جديرا بالولاية، ومن ذلك توليته جابر بن عبد الله البجلي على قومه بجيلة، حينما وجههم إلى العراق، وكذلك تولية سلمان الفارسى على المدائن، وتولية نافع بن الحارث على مكة، وعثمان بن أبى العاص على الطائف، ولعله كان يرمي من وراء ذلك إلى أهداف معينة يستطيع تحقيقها ذلك الشخص أكثر من غيره.
فكان عمر ينظر حين يعيّن أحد عماله، إلى بعض الخصائص والطباع والعادات، والأعراف، فلقد عُرف أنه كان ينهي عن استعمال رجل من أهل الوبر على أهل المدر، وأهل الوبر هم ساكنوا الخيام، وأهل المدر هم ساكنوا المدن، وهذه نظرة دقيقة في اختيار الموظفين، فلكل من أهل الوبر والمدر خصائص وأخلاق وعادات وأعراف مختلفة، ومن الطبيعي أن يكون الوالي عارفًا بنفسية الرعية، وليس من العدل أن يتولى أمرها رجل جاهل بها، فقد يرى العرف نكرًا، وقد يرى الطبيعي غريبًا، فيؤدي ذلك إلى غير ما يتوخاه المجتمع من أهداف يسعى إلى تحقيقها.
4- الرحمة والشفقة على الرعية.
كان عمر رضي الله عنه يتوخى في ولاته الرحمة والشفقة على الرعية، وكم من مرة أمر قادته في الجهاد ألا يغزو بالمسلمين، ولا ينزلوهم منزل هلكة
وخطب عمر ولاته فقال: اعلموا أنه لا حلم أحب إلى الله تعالى، ولا أعم من حلم إمام ورفيقه، وأنه ليس أبغض إلى الله ولا أعم من جهل إمام وخرقه، واعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن بين ظهرانيه يرزق العافية فيمن هو دونه.
5- لا يولي أحدًا من أقاربه.
كان عمر رضي الله عنه حريصًا على أن لا يولي أحدًا من أقاربه رغم كفاية بعضهم، وسبقه إلى الإسلام مثل سعيد بن زيد ابن عمه، وعبد الله بن عمر ابنه، وقد سمعه رجل من أصحابه يشكو إعضال أهل الكوفة به في أمر ولاتهم، ويقول عمر: لوددت أني وجدت رجلًا قويًا، أمينًا مسلمًا استعمله عليهم، فقال الرجل: أنا والله أدلك عليه، عبد الله بن عمر، فقال عمر: قاتلك الله، والله ما أردت الله بهذا. ويقول: من استعمل رجلًا لمودة أو قرابة لا يشغله إلا ذلك فقد خان الله ورسوله.
6- لا يعطي من طلبها.
كان لا يولي عملًا لرجل يطلبه، وأراد أن يستعمل رجلًا فبدر الرجل بطلب العمل، فقال له: قد كنا أردناك لذلك، ولكن من طلب هذا الأمر لم يعن عليه.
وقد سار على هذا النهج اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
7- منع العمال من مزاولة التجارة، وإحصاء ثرواتهم عند تعيينهم:
كان عمر رضي الله عنه يمنع عماله وولاته من الدخول في الصفقات العامة سواء أكانوا بائعين أو مشترين، وكان عمر رضي الله عنه يحصي أموال العمال والولاة ليحاسبهم على ما زادوه بعد الولاية مما لا يدخل في عداد الزيادة المعقولة، ومن تعلل منهم بالتجارة لم يقبل منه دعواه وكان يقول لهم: إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارًا. وروى أن عاملًا لعمر بن الخطاب اسمه الحارث بن كعب بن وهب، ظهر عليه الثراء، فسأله عمر عن مصدر ثرائه فأجاب: خرجت بنفقة معي فاتجرت بها، فقال عمر: أما والله ما بعثناكم لتتّجروا، وأخذ منه ما حصل عليه من ربح.
8- شروط عمر على عماله..
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استعمل عاملًا كتب عليه كتابًا، وأشهد عليه رهطًا من الأنصار: أن لا يركب برذونًا، ولا يأكل نقيًا، ولا يغلق بابه دون حاجات المسلمين، ثم يقول: اللهم فاشهد.
وهذه الشروط تعني الالتزام بحياة الزهد، والتواضع للناس، هي خطوة أولى في إصلاح الأمة بحملها على التوسط في المعيشة، واللباس والمركب فهذه الحياة التي تقوم على الاعتدال حتى تستقيم أمورها، وهي خطة حكيمة، فإن عمر لا يستطيع أن يلزم جميع أفراد الأمة بأمر لا يعتبر واجبا في الإسلام، ولكنه يستطيع أن يلزم بذلك الولاة والقادة، وإذا التزموا فإنهم القدوة الأولى في المجتمع وهي خطة ناجحة في إصلاح المجتمع وحمايته من أسباب الانهيار.
المشورة في اختيار الولاة
كان اختيار الولاة يتم بعد مشاورة الخليفة لكبار الصحابة، استشار عمر رضي الله عنه الصحابة فيمن يولى على الكوفة فقال لهم:
من يعذرني من أهل الكوفة من تجنيهم على أمرائهم إن استعملت عليهم لينًا استضعفوه، وإن استعملت عليهم شديدًا شكوه، ثم قال: يا أيها الناس ماتقولون في رجل ضعيف غير أنه مسلم تقي، وآخر قوي مشدد أيهما الأصلح للإمارة؟ فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا أمير المؤمنين إن الضعيف المسلم إسلامه لنفسه وضعفه عليك وعلى المسلمين، والقوى المشدد فشداده على نفسه وقوته لك وللمسلمين فأعمل في ذلك رأيك، فقال عمر: صدقت يا مغيرة، ثم ولاه الكوفة وقال له: انظر أن تكون ممن يأمنه الأبرار ويخافه الفجار، فقال المغيرة: أفعل ذلك يا أمير المؤمنين.


اختبار العمال قبل التولية

كان عمر رضي الله عنه يختبرعماله قبل أن يوليهم، وقد يطول هذا الاختبار كما يوضحه الأحنف بن قيس حين قال: قدمت على عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، فاحتبسني عنده حولًا فقال: يا أحنف قد بلوتك وخبرتك، فرأيت أن علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم. ثم قال له عمر: أتدرى لم احتبستك؟ وبين له أنه أراد اختباره ثم ولاّه، ومن نصائح عمر للأحنف: يا أحنف، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شىء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
المرسوم الخلافي
وقد اشتهر عن عمر رضي الله عنه أنه حينما كان حين ينتهي من اختيار الوالى واستشارة المستشارين يكتب للوالى كتابا يسمى عهد التعيين أو الاستعمال عند كثير من المؤرخين ويمكننا أن نسميه مجازًا (المرسوم الخلافى) في تعيين العامل أو الأمير، وقد وردت العديد من نصوص التعيين لعمال عمر، ولكن المؤرخين يكادون يتفقون على أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا استعمل عاملًا كتب له كتابا وأشهد عليه رهطا من المهاجرين والأ نصار، واشترط عليه شروطا في الكتاب، وقد يكون الشخص المرشح للولاية غائبا، فيكتب له عمر عهدا يأمره فيه بالتوجه إلى ولايته، ومثال ذلك كتابه إلى العلاء الحضرمى عامله على البحرين أمره بالتوجه إلى البصرة لولايتها بعد عتبة بن غزوان، وفي حال عزل أمير وتعيين آخر مكانه، فإن الوالى الجديد كان يحمل خطابا يتضمن عزل الأول وتعيينه مكانه، وذلك مثل كتاب عمر مع أبى موسى الأ شعرى حين عزل المغيرة بن شعبة عن ولاية البصرة وعيّن أبا موسى مكانه.


الاجتهاد والإدارة

يقول الدكتور أحمد شلبي.
" وكان الاجتهاد من أبرز الجوانب في حياة عمر خلال حقبة خلافته الحافلة بالأحداث، فحفظ الدين، ورفع راية الجهاد، وفتح البلاد، ونشر العدل بين العباد، وأنشأ أول وزارة مالية في الإسلام، وكون جيشًا نظاميًا للدفاع وحماية الحدود، ونظم المرتبات والأرزاق، ودوّن الدواوين، وعيّن الولاة والعمال والقضاة، وأقر النقود للتداول الحياتي، ورتب البريد، وأنشأ نظام الحسبة، وثبت التأريخ الهجري، وأبقى الأرض المفتوحة دون قسمة، وخطط المدن الإسلامية وبناها، فهو بحق أمير المؤمنين، وباني الدولة الإسلامية ".
ويقول المستشار علي علي منصور.
إن رسالة عمر في القضاء إلى أبي موسى الأشعري قبل أربعة عشر قرنًا من الزمن دستور للقضاء والمتقاضين، وهي أكمل ما وصلت إليه قوانين المرافعات الوضعية، وقوانين استقلال القضاة.
اجتهاد عمر في التشريع
جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أبي بكر الصديق، وواصلت جيوش المسلمين زحفها، ففتحت بلاد فارس والشام ومصر من بلاد الروم، وكثرت الغنائم وواجه عمر مشكلات جديدة في إرسال الجيوش، وإمدادها وتنظيم الجند وحكم البلاد التي تفتح بحكم الله، وكلما أمعن المسلمون في الغزو وأبعدوا في الأرض كثرت المشكلات التي تواجههم، وقد وُفّق الفاروق لحل هذه المشكلات وتدبير أمور الدولة في حكم الأقطار البعيدة عنه، والقريبة منه توفيقًا كبيرا، وظلت حياة المسلمين مستقيمة في حياة عمر استقامتها في حياة أبي بكر الصديق، فكلاهما ساس الناس كما كان يسوسهم الرسول صلى الله عليه وسلم، والتزم الفاروق بالقرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أبي بكر ومشورة الصحابة في حل ما عرض له من مشكلات التي نشأت عن طريق الفتوح، فكلما طرأت له مشكلة وجد حلها في كتاب الله عز وجل، فإن لم يجد ففي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد ففي سيرة أبي بكر الصديق، فإن لم يجد دعا أولي الأمر والرأي من المهاجرين والأنصار فشاورهم حتى يجد الحل للمشكلة، أو المشكلات التي عرضت له.
من يستشعر المسئولية لا ينام
" عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن له وقت ينام فيه فكان ينعس وهو قاعد فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ فقال: كيف أنام إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل " (صفة الصفوة جزء 2- صفحة 382).








التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
»» لِمثلُ هَذَا تَضّطْرِبُ القُلُوبْ
»» فضيحة محمد الحسيني الشيرازي / صورة
»» الشيعة مُطالبون بالتبرير لا الفرار
»» Jurer par autre qu’Allah
 
قديم 08-07-10, 01:56 AM   رقم المشاركة : 10
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road




للحديثِ عن حبيبي بقية







التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» islam-links
»» عَلِّمْنِي دُعَاءً ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ
»» "The particulars of entering the Religion of Islâm"
»» أكثر من 20 صورة فاضحة حسين جان حسين جان
»» رسول الله .. لا تبالي
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:17 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "