هل نحــــــــن من هولاء

[ابو اسيف]

أخي الملتزم .. أختي الملتزمة .. هل أنتَِ من هؤلاء ؟؟

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله جميعًا إخواني الأفاضل الكرام ، وحياكن جميعًا أخواتي الفاضلات الكريمات ، ومتعكم الله بدوام الصحة والعافية ، ووفقني الله وإياكم لما فيه صلاح قلوبنا ونفوسنا وصلاح أمتنا الإسلامية المباركة ..

إخواني بارك الله فيكم ، كلنا يعلم ولله الحمد ، أن هناك تزايدا كبيرًا في صفوف الملتزمين والملتزمات ، وهذا من فضل الله تعالى ومَنِّه وكرمه أولاً ، ثم من حسنات هذه الصحوة الإسلامية السامية ، التي نسأل الله تعالى أن يديمها ، ويجعلها بركةً ونفعًا وخيرًا على الإسلام والمسلمين ..

ولكن من المؤسف جدا أن تتلقى هذه الصحوة المباركة ضربة قاضية تنسف بكل جهودها ، وتعيق تقدمها وحركتها ، بظهور جرثومة خبيثة استشرت في شريان أمتنا الإسلامية ، تنهش فيها نهشًا يؤدي بها إلى العودة مرة أخرى إلى حال ما قبل الصحوة ، إن لم يكن الأمر أخطر من ذلك .. !

نعم أيها الإخوة الكرام ، إنه ذلك الداء العضال الفتاك ، الذي انتشر انتشار النار في الهشيم ، بين كثير من الإخوة والأخوات ، المنتسبين إلى الإلتزام والإستقامة ، والذين هم بمثابة شريانٍ لهذه الأمة الميمونة .. !

إنها ظاهرة تشكل خطرًا كبيرًا على الفرد والمجتمع والأمة قاطبة .. !
وأكيد تعلمون جيدا الذي أقصده بعد تلك المقدمة المتواضعة .. !
نعم إنها ظاهرة الإلتزام الأجوف .. !
إنها ظاهرة الشكلية والمظهرية التي لا روح فيها .. !
إنها ظاهرة الإعتناء بالمظهر ، دون المخبر والجوهر .. !

فكم وكم نرى أو نسمع أن فلانا الملتحي .. نصاب .. ! وفلان صاحب الثوب القصير سارق .. ! وآخر كذاب .. ! وفلان لا يصلي الصلوات في وقتها فضلاً عن قيامه لصلاة الفجر .. ! وفلان يستدرج الاخوات الملتزمات في المنتديات والغرف الصوتية ..! وفلان يحب المِراء والجدال .. ! وفلان لا يغض بصره في الطرقات والشوارع .. ! وآخر همه فقط المال والمأكل والمشرب والمنكح وكثرة النوم والضحك واللعب والمزاح .. ! وآخر يتكلم في دين الله بغير علم ، ويطعن في المشايخ والعلماء والدعاة .. ! وآخر إذا خلى بمحارم الله انتهكها .. ! وآخر يأكل الربا .. ! وآخر يطبق عمليا على زوجته فنون القتال التي تعلمها بالنادي من لطمات ولكمات وركلات ووو ... ! وآخر .. ! وآخر .. ! وآخر .......!!! ..
وكم نرى أو نسمع أن فلانة صاحبة النقاب ... تغتاب الناس .. ! وأخرى تمشي بين الناس بالنميمة .. ! وأخرى تخضع بالقول في ردودها وترقق العبارات بذلك المنتدى او تلك الغرفة ...!! وفلانة تنغص على زوجها حياته بسوء خلقها وكثرة عقوقها .. ! وأخرى تخرج بغير إذن بعلها .. ! وأخرى لا تصل رحمها .. ! وفلانة تفعل كذا .. وعلانة كذا .. وآخرى كذا ... !!!

نسأل الله السلامة والعافية ..

يعني الله المستعان .. تَمَّ حصر مفهوم الإلتزام في حلقة ضيقة جدا جدا جدا .. الان الشخص لما يلتحي .. ويقصر ثوبه .. ويضع في جيبه سواك فيه متر ونصف .. ويحمل معه قارورة عطر ( فارس او سندس او مسك مكة ... ) بهذا يعني هو الان صار ماشاء الله عليه ملتزم ومستقيم ..!
لا تستغربوا نعم هذا هو المفهوم للإلتزام اليوم عند كثير من الشباب مع شديد الأسف .. تم حصره في تلك الأمور المذكورة لكم آنفا وماشابهها والله المستعان .. أنا والله ما أقلل من شأن اللحية .. ولا السواك ولا غير ذلك .. لكن والله الذي يؤلمني أن يحصر البعض التزامه في هذه الأمور الظاهرية .. فيغفل عن إصلاح قلبه وباطنه .. ويغفل عن تربية نفسه تربية إيمانية على المنهج الصحيح القويم .. ويغفل عن تحسين أخلاقه ومعاملاته مع الناس .. ويغفل عن تزكية نفسه بالصيام والقيام والإكثار من النوافل والطاعات وترك المحرمات .. ويغفل عن طلب العلم وتصحيح عقيدته وتعلم ما يحتاجه من فقه في عباداته ومعاملاته .. ويغفل عن العمل لهذا الدين والدعوة إليه على علم وهدى وبصيرة .. ويغفل عن كثير من الأمور التي هي من أولويات ومهمات هذا الدين ، والتي هي من أصول الإلتزام الحقيقي .. !! ثم مع هذا يظن أنه ملتزم .. ؟! أليس هذا إخواني الكرام عين الهزل والسخافة .. ؟! أليس هذا الشخص يضحك على نفسه ليس إلا .. ؟! أليس هذا يوهم نفسه أنه على شيء وهو لاشيء أصلا .. ؟!

نعم إخواني الافاضل وأخواتي الفضليات كل هذه الأمور تعرفونها جيدا ولا تخفى على أحد منكم ، وما ذكرته لكم ليس من نسج الخيال والمحال ، وإنما هي أمثلة موجودة بواقعنا الذي نحياه ، ونراها في كثير من الأحيان ، وهي ظاهرة عامة في كل البلاد الإسلامية وغير الإسلامية .. ونشأتها لها أسباب .. كما أن لها حلول وعلاج ودواء .. فما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه الشفاء كما أخبرنا بذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ...

و الكلام في هذا الموضوع يطول جدا ، وهناك كثيرًا مما أريد قوله ، ولكن رأيت أنني أطلت عليكم أكثر من اللازم ، لذلك أحببت أن أترك الجانب الحساس من هذا الموضوع لأهل العلم والتخصص .. حفظهم الله ورعاهم ونفع بجهودهم المباركة ..
فأتمنى أن تستفيدوا مما سوف أختاره لكم من مقالاتهم ومحاضراتهم القيمة النافعة ، التي سوف تجدون فيها بإذن الله تعالى ذكرهم لأسباب هذه الظاهرة الخطيرة ، وذكرهم للعلاج الناجع والحلول المناسبة للتخلص منها والحد من تزايدها وتفاقمها ..

كما أتمنى أن تعذروني إن كان في كلامي نوع من الشدة ، فأنا والله فعلا أتكلم بحرقة شديدة ، لأن الفئة المعنية بالموضوع قد شوهت المعنى الصحيح للإلتزام ، ورسمت صورة سيئة عن الملتزمين .. وهذا أضر بشكل كبير بالملتزمين الحقيقيين الصالحين ، الذين ضربوا أمثلة رائعة ومشرقة في معنى الإلتزام الحقيقي ، بأخلاقهم الطيبة ، وهممهم العالية التي تناطح السحاب والثريا ، ونجاحهم في تحقيق معنى العبودية لله تعالى ، بجدهم واجتهادهم في العمل والبذل لخدمة الدين والدعوة ، فهؤلاء والله الذين نفخر بهم ونعتز بهم ، ونحسب جميع إخواننا وأخواتنا بهذا المنتدى المبارك من هؤلاء الثلثة الصالحة المباركة نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا ، نسأل الله لنا وللجميع الثبات والتوفيق والسداد ..

وليكن في علم الجميع أن من أسباب طرحي لهذا الموضوع هو فقط تذكيرٌ لي ثم لإخواني وأخواتي ، وتنبيهٌ لي ثم لهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة والوقائية من هذا الداء العضال ، وترغيبٌ لهم في بذل النصح والإرشاد لمن أصيبوا به ، وحثٌّ لهم على الأخذ بأيدي الإخوة والأخوات الذين التزموا حديثا إلى الطريق الصحيح والتقرب منهم وتوعيتهم ..

وإنني لأرجو من الجميع أن يعذروني إن لم أُوَفق في طرح الموضوع كما ينبغي له أن يُطرح ، فالكمال لله وحده والتوفيق منه وحده ، ومنكم نستفيد ونتعلم بإذن الله تعالى ..

ما سيتم إدراجه بإذن الله من مقالات أو محاضرات هاام جدا ولا يستغني عنه أحد يريد لنفسه الخير والصلاح ..





- كتاب قصة الإلتزام والتخلص من رواسب الجاهلية للشيخ محمد يعقوب من أجمل ما قرأت في هذا الباب فهو فعلا كتاب قيم ونافع وماتع يستحق القراءة أنصح الجميع باقتنائه والإستفادة منه وكذلك كتاب الجدية في الإلتزام للشيخ محمد يعقوب أيضا كلاهما مطبوعان ومتوفران بالمكتبات ..


هذا ما تيسر جمعه حاليا وسأحاول إن شاء الله تعالى إضافة كل ماهو جديد ومفيد مما يتعلق بهذا الموضوع المهم أسأل الله التيسير والتوفيق والسداد والثبات لي ولكم ولا تنسوني من دعواتكم الكريمة المباركة ..