العودة   شبكة الدفاع عن السنة > منتدى الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم > الدفاع عن الآل والصحب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-05-15, 10:13 PM   رقم المشاركة : 61
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(هرقل الروم)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام:
1- فبعث إلى كسرى: عبد الله بن حذافة فمزق الكتاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مزق الله ملكه )، فسلط الله عليه ابنه شيرويه فقتله.

2- وبعث إلى النجاشي كتابه فسلمه إليه جعفر بن ابي طالب وكان جعفر إذ ذاك في الحبشة وكان حامل الكتاب: عمرو بن أمية الضمري، فأسلم النجاشي رضي الله عنه.

3- وبعث إلى المنذر بن ساوى والي البحرين: العلاءَ بن الحضرمي يدعوه إلى الإسلام، أو الجزية فأسلم المنذر والعربُ كلهم – وكانت البحرين تابعة للفرس – وصالح اليهودُ والنصارى والمجوسُ ودفعوا الجزية.

4- وبعث إلى هوذة بن علي: سليطَ بن عمرو يدعوه إلى الإسلام وكان هوذة نصرانياً، فأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفداً فيهم مجّاعة بن مرارة والرجّال بن عنفوة يقول له: إن جعل له من الأمر من بعده أسلم وسار إليه ونصره، وإلا قصد حربه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ولا كرامة، اللهم اكفنيه )، فمات بعد قليل.

5- وبعث إلى الحارث بن أبي شمَّر الغساني: شجاع بن وهب، فلما قرأ كتابه عليهم قال: من ينزع مني ملكي؟! أنا سائر إليه، فلما بلغ قولُه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادَ ملكه ).

6- وبعث إلى المقوقس بمصر: حاطب بن أبي بلتعة، فقبَّل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأهدى إليه جواريَ منهن مارية أمُّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانت رسائله عام ثمانٍ للهجرة.

أما رسالته إلى هرقل ملك الروم فقد حملها دِحية الكلبي ،فلما وصلته قبَّلها وجعلها على صدره، وكتب إلى رئيس أساقفته في القسطنطينية يخبره شأنه: فكتب إليه هذا: إنه النبي الذي كنا ننتظره لا شك فيه، فاتّبعه وصدِّقهُ، فجمع هرقل بطارقة الروم في صومعة له في حمص، وغلَّق أبوابها ثم طلع عليهم من عِليّةٍ خائفاً على نفسه منهم، وقال لهم: قد أتاني كتاب هذا الرجل "محمد" يدعوني إلى دينه، وإنه والله النبي الذي نجده في كتابنا، فهلم فلنتبعه ونصدقه، فتسلمَ لنا دنيانا وآخرتنا ونفوز بهما معاً.
فنخروا نخرة رجل واحد استقباحاً لما قاله، ثم ابتدروا الأبواب ليخرجوا فيثوروا ويؤلبوا العامّة والجيشَ عليه فقال: ردّوهم عليّ فردّوهم، فقال لهم: إنما قلت لكم ما قلت لأنظر كيف صلابتكم في دينكم؟ وقد رأيت منكم ما سرَّني، فسجدوا تعظيماً له.
ثم إن هرقل قال لدحية: إني لأعلم أن صاحبك نبيّ مرسل، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى الأسقف الأعظم في القسطنطينية واذكر له أمر صاحبك، وانظر ما يقول لك، فجاء دحية وأخبره بما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال له: والله إن صاحبك نبيٌّ مرسل، نعرفه بصفته ونجده في كتابنا، ثم أخذ عصاه وتوجه إلى البطارقة والقساوسة فقال: يا معشر الروم، قد جاءنا كتاب من أحمد، يدعونا إلى الله، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فوثبوا عليه فقتلوه رحمه الله.
فرجع دِحية إلى هرقل وأخبره بالخبر قال: قد قلت إننا نخافهم على أنفسنا.
ولو أن هرقل ترك الملك وآمن، وفعل كما فعل غيره مما قصَصْتُ عن مَلِك من ملوك بني إسرائيل في كتابي- قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم - لكان من سعداء الآخرة، ولكنه آثر الدنيا العاجلة على الآخرة الآجلة

قال قيصر مخاطباً مَلأَه من البطاركة وقادة الجند والوجهاء:
هلمُّوا نعطيه الجزية فأبوا، فقال: نعطيه أرض سوريا الشام، ونصالحُه، فأبوا واستدعى هرقل أبا سفيان، وكان تاجراً إلى الشام في الهدنة (صلح الحديبية) فحضر عنده ومعه جماعة من قريش أجلسهم هرقل خلف ابي سفيانَ، وقال: إني سائله، فإن كذب فكذّبوه، فقال أبو سفيان: لولا أن يؤثر عني الكذب لكذبت.
فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان: صغّرت من شأنه فلم يأبه لقولي.
قال هرقل: كيف نسبه فيكم؟
قال أبو سفيان: هو أفضلنا نسباً.
قال هرقل: هل كان من أهل بيته من يقول مثل قوله؟
قال أبو سفيان: لا.
قال هرقل: فهل له فيكم مُلْكٌ سلبتموه إياه؟
قال أبو سفيان: لا.
قال هرقل: فمن اتبعه منكم؟
قال أبو سفيان: الضعفاءُ والمساكين، والأحداثُ من الغلمان والنساء.
قال هرقل: فهل يحبه من يتبعه ويلزمه أو يَقليه ويفارقه؟
قال أبو سفيان: ما تبعه رجل ففارقه، فأخلاقه تَسَع الجميع.
قال هرقل: فكيف الحرب بينكم وبينه؟
قال أبو سفيان: الحربُ سجال يوم له ويوم لنا.
قال هرقل: هل يغدِر؟
قال أبو سفيان: لا، ونحن منه هدنة (صلح الحديبية) لا نأمن غدره، وكان أبو سفيان في هذا يريد النيل من النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يأبه هرقل لقوله.
قال هرقل: سألتك عن نسبه، فزعمت أنه من أكرم الناس نسباً، وكذلك الأنبياء.
وسألتك: هل قال أحدٌ من أهل بيته مثلَ قوله فهو يتشبه به قلت: لا.
وسألتك: هل سلبتموه ملكه، فجاء بهذا لتردوا عليه ملكه فقلتَ: لا.
وسألتك: عن أتباعه فزعمت أنهم من الضعفاء والمساكين وكذلك أتباع الرسل.
وسألتك: عمن يتبعه أيحبه أم يفارقه؟ فزعمت أنهم يحبونه، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلباً فتخرج منه.
وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أنه لا.
ولئن صدقتَني ليغلبَنَّ على ما تحت قدميَّ هاتين ،ولوددت أني عنده فأغسل قدميه. انطلق لشأنك..
فخرج أبو سفيان وهو متعجب مندهشٌ لما سمعه من هرقل، وقال وهو يضرب إحدى يديه بالأخرى: يا أيها الناس، لقد عظُم أمر محمد حتى باتت الملوك تهابه!
إن هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هيبة الله تعالى، ولكن الغافلين عن هذا الغارقين في أوحال الدنيا لا يدركون ذلك.
قال أبو سفيان مثل هذا في فتح مكة للعباس: لقد بلغ مُلكُ ابن أخيك شأواً عظيماً، فردّ عليه العباس رضي الله عنه: إنها النبوَّةُ يا أبا سفيان، أما آن لك أن تعي هذا؟!
وللدعاة هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فهذا سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله يرى من مجلسه العرضَ العسكريَّ الذي سار فيه السلطان أيوب ملك مصر، ورآه في رَكبه منتفخاً، منتفجاً، فاستحضر العزُّ هيبة الله في نفسه ،وسأله العون على سلّ هذه السخيمة من نفس أيوب، فناداه وهو جالسٌ: يا أيوب! لم يناده بلقب الملك والسلطنة.
فما كان من السلطان إلا أن أوقف العرض ونزل عن مركبته ،وسعى إلى العزّ بن عبد السلام، يقول له: ما الذي تريده يا شيخنا الجليل؟
قال العزّ: ما تقول لله تعالى وقد ولّاك على عباده إذا وقفت بين يديه وسألك عن الخمارة في مكان كذا؟
قال السلطان أيوب: إنها بنيت على عهد والدي.
قال العزّ: أأنت من الذين قالوا: { إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } ؟ّ!
قال السلطان أيوب: لا يا مولانا .وأمَرَ لتوه بهدمها، واستأذن الشيخ وعاد إلى موكبه.
قيل لسلطان العلماء العزّ بن عبد السلام: لقد كان مستعظماً في نفسه وهو في موكبه، أما خفت على نفسك من بطشه؟
قال العزّ رحمه الله: استحضرت هيبة الله في نفسي فوجدته كالفأر بين يدي الهِرِّ.

صلى الله على رسوله الكريم، وجزاه خير ما جزى نبياً عن أمته، ورحم الله علماء الأمة العاملين الوقّافين على حدود الله، الذين لا يخافون في الله لومة لائم.

الكامل في التاريخ الجزء الثاني ص 143

يتبع






 
قديم 01-06-15, 12:41 PM   رقم المشاركة : 62
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(هو من أهل النار)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:
شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر، فكان رجل ممّن يدعي الإسلام قاتل قتالاً قلَّ نظيره، ويفتك باليهود فتكاً يريح النفس، فكنت أتعجب لقوته وشجاعته وصبره، فذكرت للرسول صلى الله عليه وسلم تنكيله بالمشركين فقال:
( هو من أهل النار
فتعجبت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله انظر ماذا يفعل وكيف يقاتل؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً ما قاله آنفاً:
( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ).
وتعجب رجل من المسلمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفعل ذلك الرجل الذي يحارب بشدة، فقال: لأتبَعَنَّ هذا الرجل ولأريَنّ نهايته.
كثرت الجراح بذلك الرجل فوقع على الأرض لا يستطيع حراكاً، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه ،واتكأ عليه فخرج السيف من بين كتفيه، فانتحر.
فأقبل ذلك الرجل الذي اتبعه إلى النبي مسرعاً، فقال: أشهد أنك رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حق ما تقوله يا رجل، ولكن ما الذي دعاك إلى قولها الآن؟).
قال: يا رسول الله، ذكرتَ آنفاً مشيراً إلى رجل كان شديد القتال: ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ) فتعجبت، ثم تبعتُه ليطمئن قلبي يا رسول الله، وكان ما قلتَه يا رسول الله، وحدِّثه بما رأى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قم يا بلال، وقل بأعلى صوتك: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ).

كثيرٌ من الناس ترى له فعلاً حسناً، بَيْدَ أنه على غير ملة التوحيد ،فله في دنياه ما يناسب فعله، ولا يقبل الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.

البخاري جزء 7 ص212







 
قديم 16-11-15, 01:00 PM   رقم المشاركة : 63
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصص رواها الصحابة / د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(كن نبيهاً ذكياً)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يشحذ هممنا كما يشحذ المسَنُّ السكين، ويرفع من معنوياتنا ويشجعنا على التفكير واغتنام الفرص.
فبينا نحن جلوس عنده وهو عليه الصلاة والسلام يربينا ويأخذ بأيدينا إلى الطريق القويم قال:
عُرضت عليَّ الأمم – من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة – وكأنها تمشي أمام منصة سيد الأنبياء ذي القدر العلي، والعزم الجليّ .. كل نبي يمشي، ووراءه من اتبعه، فقد تجد نبياً يمشي وحده، إذ جحده قومه، وكذّبوه، فلم يؤمن به أحد، فأخرجوه من بينهم، وقد يقتلونه، ويظنّون أنهم تخلصوا منه، فتحلُّ عليهم نقمة الله وعذابه فيُستأصلون، أو يُرمَون بداهية تجعل حياتهم جحيماً، فمنهم من أرسِل عليه حاصبٌ، ومنهم من أغرق، ومنهم من أرسلت عليهم ريحٌ صرصرٌ عاتية جعلتهم كجذوع النخل المبتورة.. جزاء على كفرهم وقتلهم أنبياءهم الكرام.وقد تجد نبياً لم يؤمن معه سوى الرجلِ أو الرجلين.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن أمته كثيرة، فحين مرّت أمّةٌ كثيرة العدد ملأت مكان العرض واتسع محيطها ظنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أمة المسلمين، فشعر بالسعادة، فقيل له: هذا موسى وقومه، فظنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليهود أكثر من المسلمين.. وتأثَّر، ولم يطل تأثره عليه الصلاة والسلام بذلك، فقد قال له الملك: انظر إلى الأفق، فينظر عليه الصلاة والسلام، فإذا سواد عظيم ملأ الخافقين، جموع المسلمين الممتدة أمام منصة سيد الأنبياء تتوارد، وأمامها رجال كالشموس تلألؤاً.. مَنْ هؤلاء الوضيئون؟! قال له مرافقه: هؤلاء سبعون ألفاً من أمتك يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.. الله... اللهَ، ما أعظم أن يكون الرجل من بين هؤلاء الرجال العظام.

ونهض رسول الله صلى اله عليه وسلم ، فدخل منزله.. فخاض الناس في صفات هؤلاء النفر الذين يتجاوز الله عنهم ويكتبهم في عليين، لا يحاسبون..
قال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا أوّل مَنْ أسلم، شاركوه السرّاء والضرّاء، وعلى أكتافهم قامت دولة الإسلام؟
وقال بعضهم: فلعلّهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئاً، ورضعوا لبان التوحيد، وشربوا الإيمان وكانوا جنود الرحمن؟
وكثر الحديث في هؤلاء وتعدد التعليل وذهبت الظنون فيهم كلَّ مذهب.
وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم على حالهم التي تركهم عليها، وسمعهم يتداولون الحديث، ويتعاورون التحليل، ويقلبون الأمور، فسألهم قائلاً:
( ما الذي تخوضون فيه؟ ) فأخبروه، فوضح لهم حينئذ صفاتهم ،فهم:
أولاً: لا يطلبون الرُّقْية، ولا يرقُون أحدا (والرقية: تعويذة تكتب فيلبَسها من يطلبها، ليست من الإسلام في شيء إلا أن تكون مما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن يقول:
( باسم الله أرقيك، والله يشفيك ) .
ثانيا: لا يتطيرون، ولا يتشاءمون، فالتشاؤم ليس من الإسلام، لأن المسلم حين يكون إيمانه قويا، يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعتقد أن الله لا يصيبه إلا بما كتبه له، والمتشائم متردد، خوَّاف، يضيّع الفرص، ويكون أثره في مجتمعه سلبياً.
ثالثاً: إيمانه القوي بالله، وصلته المتينة به – سبحانه – تجعله يُسلِمُ الأمور إليه، ويتوكل عليه، فلا يخشى في الله أحداً، ومن كانت هذه صفاته أفاد أمته وأرضى ربّه، وكان على نور منه جلّ شأنه.
يا الله! ما أروع أن يكون أحدنا من هؤلاء،
وكان عكّاشة بن مِحصَن بين الحاضرين، فلمعت في ذهنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب النابهين ذوي البديهة السريعة الذين يغتنمون الفرص ويقتنصونها، ولعله يفوز بدعاء منه – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم؟
قال عليه الصلاة والسلام: ( أنت منهم ) ، كافأه على نباهته وسرعة بديهته.
ويسأله آخر أن يكون منهم، فماذا كان جواب المعلم الأول؟!!
نبهه الرسول المعلم أنه ضيّع على نفسه المبادرة حين تأخّر عن عكاشة، وكان عليه أن يسبقه، فالنجاح حليف المتنبهين اليقظين، الذين لا يفوّتون الفرص..
وهكذا نجح رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثارة الحوافز، والدفع إلى التنافس .

رياض الصالحين: باب اليقين والتوكل / الحديث /49/

يتبع






 
قديم 16-11-15, 01:01 PM   رقم المشاركة : 64
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصص رواها الصحابة / د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(لا تغرنك المظاهر)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


جلس المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه أمام مسجده صلى الله عليه وسلم ، فمرَّ رجل من أشراف الناس، فسلم، فرد الرسول الكريم السلام بأحسن منه، كان الرجل يلبس غلالة رقيقة جديدة تشف عما تحتها من ثوب جميل، كان يملأ العين وينبئ عن نعمة يتقلب فيها، فنظر إليه رجل من المسلمين نظرة تنِمُّ عن إعجاب ورغبة في أن يكون مثله غنياً، موسراً، وأن يكون في مثل مكانته شرفاً وسؤدداً..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتابع نظرات هذا الرجل ومتابعته للمارِّ حتى جاوزهم، وغاب عن أنظارهم، فالتفت إلى الرجل فقال له: (( ما رأيك في هذا؟ )).
لقد تبعَتْ نظراتُ الرجل ونفسهُ ذاك الذي مرَّ، وتمنى أن يكون مثله جاهاً وثراء، فرأيه إذاً معروف، وإجابته لن تكون سوى الإطراء والمديح.. وهكذا كان فقد قال المسؤول للنبي الكريم ما يحس به ويعتقده: هذا والله لجدير أن يجاب طلبه في كل مايريد، فإن خطب إلى قوم كان لهم الشرف أن يزوِّجوه، وهل يجدون خيراً منه محتداً، وأكثر أموالاً وأشرف مكانة؟!! إنهم يرتفعون مكانة إنْ أصهر إليهم، فقربهم إليه.
وهو جدير أيضاً إن سار في حاجة أن تُقضى، فإن منزلته كبيرة وجاهه عظيم، ولا ينبغي أن يرد، وهل يرد أمثاله عن الشفاعة؟
لم يحِرْ رسول الله صلى الله عليه وسلم جواباً، ولم يعلق على رأي المسؤول، فهو صلى الله عليه وسلم لا يحب الجدال والمراء، فالله تعالى كفل للمبتعدين عن الجدال – ولو كانوا أصحاب حق – قصراً رائعاً في منتصف الجنة وأعلاها مكاناً، والجدال يورث في النفس الألم، وفي القلب الكمد، ويتعب صاحبه دون طائل..
ومر رجل آخر مشيته على الأرض خفيفة، ليس فيها تصنع ولا خيلاء، ثيابه بسيطة لكنها نظيفة – فالمسلم نظيف – هيئته تدل على فقر مستور ينأى بصاحبه أن يمد يده للناس، يتخذ من العفاف سمتاً، يحسبه الناس غنياً من التعفف..
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من سأله آنفاً، فقال: (( ما رأيك في هذا؟ ))،
لم يملأ عينَه كما فعل الرجل السابق، فكانت نظراته إليه تختلف عن الآخر، بل إنها كانت عن النقيض منها! فقال: هذا رجل من فقراء المسلمين!! مغمور لا يهتم به أحد، ولا يلقى إليه بالاً، وأي فائدة يجنيها المرء إن صاحبه وخالطه؟
هذا جدير إن خطب أن يرد، فلا يُزوّج، فزوجته ستعيش معه في حال سيئة، وضنك واضح، لا جاه له يحتمي به الآخرون، ولا مكانة تشفع له عندهم، ولن يسمع أحد قوله أو ينصت إليه..
حكم على الرجلين أحكاماً تتسم بالسطحية، والنظرة المادية، أُخِذ بظاهر الأول وعاف حالَ الثاني، ونسي أن الله لا ينظر إلى صور الناس وأجسادهم، بل إلى قلوبهم وأعمالهم، ونسي أيضاً أن الفخر والخيلاء صفة المتكبرين الفارغين، الذين يرون لأنفسهم ما لا يرونه للآخرين، ونسي كذلك أنه كم من أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرَّه، قوّام، صوّام .. يرى الدنيا فانية، والحياة إلى زوال.
وكثير من الناس تغرهم البهارج، وتسحرهم الأعراض، فيغفلون عن الجوهر، وينساقون وراء كل ما يلمع، ويبرق، يشدهم سرابها، ويستهويهم خُلّبُها..
وهنا يعيد الرسول الكريم الأمور إلى نصابها، ويقوِّم الأحكام الخاطئة، وينبه الضائعين عن النهج السليم، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، فيقول:
(( إن هذا الفقير الذي أنفت أن تكون مثله في تواضعه وتقواه وصفاته الحميدة التي لم تتبدّ لك لقصر نظرتك خير من ملء الأرض مثل ذلك الرجل الذي أخذ عليك لبّك فأعماك عن الحقيقة )).
فالإنسان يحكم بعين بصيرته على الأمور لا بعين بصره.

رياض الصالحين: باب فضل ضعفة المسلمين الحديث/181/ رواه البخاري

يتبع






 
قديم 17-11-15, 03:25 AM   رقم المشاركة : 65
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاكم الله خيرا







 
قديم 20-11-15, 10:57 PM   رقم المشاركة : 66
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصص رواها الصحابة / د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

أوَيسٌ القُرَنِيِّ

الدكتور عثمان قدري مكانسي


يا أمير المؤمنين، هذا مدد من المسلمين قادم إلى المدينة من اليمن يريدون القتال في سبيل الله، وقد جهَّزوا أنفسهم للسفر إلى العراق، ليكونوا في الجند الذين استعدوا لفتح إيران وما وراء النهرين، وهم ينتظرون الإذن منك للسفر.

قال الفاروق عمر: دعهم ينتظرون قليلاً كي أودعهم، ثم إني أريد أن أسألهم عن أويس بن عامر.

يا أمير المؤمنين، إنني لفي عجب مما تصنع، أفكلما جاء مدد من اليمن سألتهم عن أويس بن عامر هذا! فما شأنه يرحمك الله.

سترى ذلك – إن شاء الله – حين أراه وأكلمه وأعرف خبره.

قال عبد الله بن عمر لصاحب أبيه: تلَبَّث يسيراً حتى ينقضي عجبك، فأمير المؤمنين لا يفعل أمراً إلا إذا كان مهماً، أو له فيه الخير والبركة.

قال الرجل لعبد الله: أوتعرف أنت يا عبد الله، لمَ يسأل أمير المؤمنين عن هذا الرجل كلما جاء مدد من اليمن.

قال عبد الله: لا، ولِمَ أسأل والدي عن الأمر، فهو إن أراد أن يذكره لي ذكره دون أن أسأله إياه، ولعلنا ندرك السبب إن رأى بغيَته وحدَّثه..

وانطلق الثلاثة إلى معسكر المسلمين من أهل اليمن خارج المدينة، وسلَّم أمير المؤمنين على جمع المجاهدين، وذكّرهم بالجهاد، وحضّهم عليه وبيّنَ أنه ذروة سنام الإسلام، وبه يعلو شأنه، ثم نادى: أفيكم أويس بن عامر؟

قال أحدهم: - وكان شاباً – لبيك يا أمير المؤمنين.

قال عمر: أأنت هو؟

قال: نعم يا أمير المؤمنين، أنا من هتفت باسمه.

قال عمر: أانت من قبيلة مراد؟

قال: أجل، من قبيلة مراد.

قال عمر: أمن بطن قَرَن؟

قال: من بطن قَرَن يا أمير المؤمنين.

قال عمر: أكان بك بَرَصٌ فبرأتَ منه إلا موضعَ درهم؟

قال: قد كان بي برصٌ فشفاني الله منه إلا موضع درهم لم يزل في جسمي يذكّرني بفضل الله عليّ ومنّته إذْ أذهب عني الأذى وعافاني وجمَّلني في أعين الناس ،فله الحمد والشكر على نعمائه يا أمير المؤمنين.

قال عمر: ألك والدة لا تزال حيّة ترزق وأنت بها بارٌّ؟

قال: نعم، أسأل الله أن يطيل عمرها ويحسِّن عملها، ويكتب لي ثواب البر بها، فتحت قدميها جنتي.

قال عمر: أنت يا أويس على خير عميم وفضل عظيم.

قال: بشَّرك الله بالخير – يا أمير المؤمنين – فمن دلّك عليَّ وعرَّفك بي فسألتَ عني، واجتهدتَ أن تراني؟

قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

( يأتي عليكم أويس بن عامر، مع أمداد أهل اليمن، من مرادٍ، ثم من قَرَن، كان به برص، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة، هو بها برُّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ).

سمعَ الجمع هذا الحديث، فضج المكان بالتهليل والتكبير، والصلاة على سيدهم وحبيبهم محمد عليه الصلاة والسلام.

يا الله، ما أروع حبَّ النبي الكريم أمّتَه! وما أسعدهم بانتمائهم إليه! إنهم يشعرون بوجوده، وهو في جوار ربه، ويعيشون معه بأرواحهم وقلوبهم، ويرون في كل آنٍ ولحظةٍ عظيمَ فضله، وجلال قربه.

قال أويس: والله إني لأحب الله ورسوله، وأتمنى لقاءَهما.

قال عمر: صدقتَ يا أويس، وما حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا إلا لعلمه بذاك وأنك من أهل الله وخاصته، وقد مدحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
( إن خير التابعين رجلٌ يقال له: أويس، وله والدة، وكان به بياض، فمُروه فليستغفر لكم ).

قال أويس: وكيف أستغفر لك يا أمير المؤمنين، وأنت أفضل مني، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أوائل العشرة المبشرين بالجنة. أنت الصاحب، وأنا التابع، فما استغفاري لك يرحمك الله؟!

قال عمر: رحمك الله يا أويس، فمن يدّعي أنه خير من إخوانه؟! ومن يزعم أن المستغفر، أو الداعي، أفضل من المستغفَر له أو المدعوِّ له؟

إنني استأذنت رسول الله في العمرة، فأذن لي وقال: ( لا تنسنا يا أخيَّ من دعائك ) فقال كلمة ما يسرُّني أن لي بها الدنيا.

قال أويس – وقد اغرورقت عيناه بالدموع لهذا الفضل العظيم الذي حباه إياه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى -: وما فائدة دعائي يا أمير المؤمنين؟!

قال عمر: هذا إرشاد لنا – يا أويس – إلى الازدياد من الخير واغتنام دعاء مَنْ تُرجى إجابته، وأنت مستجاب الدعوة، فلا تحرمنا دعاءك يا أخي.

رفع أويس يديه إلى السماء، وتوجّه بوجهه وقلبه إلى مالك الملك وملك الملوك، وسكب العبرات أمامه وتذلل أمام عتباته، ونادى بلسان الحال والمقام ربّه، واستغفر لعمر وللمسلمين..

يا رب، يا عظيماً بنفسه، يا كريماً بعطائه، يا رحيماً بخلقه، إليك نشكو ضعفنا، وقلّة حيلتنا، وهواننا على الناس، أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا لذنا بجنابك، ولجأنا إلى رحابك، فلا ترّدنا خائبين، يا رب العالمين..

إذا كان أمير المؤمنين عمر الفاروق خليفة المسلمين الذي أذلّ الروم، ومرّغ رؤوس الفرس، ونشر الإسلام شرقا وغربا يحتاج إلى الاستغفار ويسأل الصالحين أن يستغفروا له!، فماذا يقول معشر الغثاء الذين هانوا وذلوا أمام أعدائهم، وأضاعوا كرامتهم وقبلوا الدنيَّة في حياتهم؟ رحماك يارب، هيِّء لنا من أمرنا رشدا ..

قال له عمر: أين تريد؟

قال أويس: أريد الكوفة

قال عمر: ألا أكتب لك إلى عاملها فيكرم وفادتك، ويكفيك مؤونتك؟

قال أويس: لأن أكون في عامة الناس أحبُّ إلي من أن أكون سريَّاً يشار إليه بالبنان. وانطلق أويس مع اليمانيين إلى الكوفة حامياً للثغور، مجاهداً في سبيل الله، يحيا حياة المساكين ويرضى من الدنيا الفانية بما يسُدُّ الرمق، فهو يريد أن يخرج منها خفيفاً، لا له ولا عليه.

ومرت سنوات على هذا اللقاء، وجاء موسم الحج، فوفد أهل الكوفة على عمر رضي الله عنه، وفيه رجل كان غنياً موسراً، يرى من أويس عزلة عن الناس، ورضىً بالكفاف من الحياة – ينشغل بنفسه عن تفاهات الحياة – فكان هذا الرجل يسخر من أويس ويبخسه حقّه.

فقال عمر: هل هنا أحد من القرنيين؟

قال الرجل: أجل يا أمير المؤمنين، أنا منهم.

فسأل عمر عن أويس، فكان ردُّ الرجل ردَّ مَنْ يجهل مكانة الصالحين ولا يأبه إلا للوجهاء من الناس أصحابِ المال الوافر، والغنى الظاهر، فأعاده عمر إلى صوابه وردَّدَ على مسامعه وصفَ الرسول الكريم صلوات الله عليه لأويس، وأمره إن عاد إلى الكوفة أن يلتمس استغفار أويس له..

وعاد الرجل إلى الكوفة والتمس أويساً فلقيه، واعتذر إليه عما بدر منه وقال له: استغفر لي يا أخي.

قال أويس: أنت أحدث عهداً بسفر صالحٍ، فقد رجعت من الحج وعُدتَ مغفورا لك دون ذنوب كيومَ ولدتك أمك، فأنت أحق أن تستغفر لي.

فأبى الرجل أن يفارق أويساً إلا أن يستغفر له.

قال أويس حين رأى تحوّلا في نظرةِ الرجل إليه: ألقيت عمر أمير المؤمنين فأخبرك بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ؟

قال الرجل: نعم..

فاستغفر أويس له، ودعا له خيراً.

وفطن الناس إلى مكانة أويس، وقد جهد أن لا يفطَنوا إلى ذلك، فخرج عنهم كي لا ينشغل بهم عن خالقه سبحانه.

روى عبد الله بن مسلم قال:
غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب، ومعنا أويس القرني، فلما رجعنا مرض علينا، فحملناه، فلم يستمسك، فمات، فنزلنا، فإذا قبر محفور، وماء مسكوب، وكفنٌ وحنوط، فغسلناه، وكفنّاه وصلينا عليه، ودفناه، فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا، فعلَّمنا قبره، فإذا لا قبر ولا أثر.

رياض الصالحين: باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلبِ زيارتهم، والدعاءِ منهم، وزيارة المواضع الفاضلة

يتبع






 
قديم 24-11-15, 07:25 PM   رقم المشاركة : 67
مخمد14
مشترك جديد






مخمد14 غير متصل

مخمد14 is on a distinguished road


بارك الله فيك

و جزاك خيرا كثيرا







 
قديم 25-11-15, 02:26 AM   رقم المشاركة : 68
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاكم الله خيرا







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "