الحمد لله رب العالمين
لا يصح إطلاق الأحكام بهذه الطريقة أخي الكريم , حيث إن المنهال بن عمر وثقه جمعٌ من أهل العلم , ولا يصح الإعتماد كلياً على تراجم الرافضة لأهل السنة , فقد ترجم الرافضة لكثير من الرواة عند أهل السنة والجماعة , وترجموا لمن هم في الصحيحن , فلا يطلق عليهم بالضعف بهذه الطريقة , والمنهال بن عمرو وثقه جمعٌ من أهل العلم , وقالوا بتوثيقه , ولم يكن المنهال بن عمرو من الدعاة إلي البدعة أخي الكريم .
قضية الابتداع قضية شائكة؛ لأننا، أو لأنهم اشترطوا في الرواي أن يكون عدلا، والابتداع في بادئ الأمر ينافي العدالة، ولكن الإنصاف مطلوب، ويعني التعامل مع الواقع يختلف عن الأمور النظرية؛ ولهذا -يعني- هذا في أمور كثيرة جدا جدا، فأنت قد تنظر، وفي الفقه مثلا قد تنظر، وكذا لكن لو تبتلي بالقضاء ربما نظراتك وأحكامك الأولى ربما يجري عليها تعديل، أن تعيد النظر في آرائك وفي أحكامك أو تبتلى مثلا بالتصدي للفتوى، أو نحو ذلك -يعني- يختلف التنظير عن التطبيق، فمسألة الابتداع هذه قضية شائكة، ما أطيل في أسباب الابتداع، وفي أنواع الابتداع وفي… لكن الكلام الذي ذكره ابن كثير ذكر عددا من المذاهب، أو من الأقوال في رد حكم رواية المبتدع، أنها ترد مطلقا واستبعده ابن كثير -رحمه الله- وقال هذا لا يمكن؛ لأننا من الناحية العملية نرى يقولون:
فلان كان يرى القدر، فلان كان يرى الإرجاء، فلان شيعي جلد، فلان كذا -يعني- مروي ببعض أنواع الابتداع فلان فيه نص+، أنواع الابتداع كما تعرفون البلاد الإسلامية ابتليت بهذا مثلا، البصرة كثر فيها القدر والكوفة كثر فيها التشيع وكثر فيها الإرجاء والشام كثر فيه النص، وشباب نشئوا على هذا الشيء نشأ أهل الكوفة على التشيع لعلي، ونشأ أهل البصرة أن بعضهم على القدر، ويعني كذلك في المدينة قدر وفي الشام أيضا قدرية. نشئوا على هذه مسألة التنشئة هذه والبيئة -يعني- لا يصح إغفالها في قضية المعتقدات، المهم أئمة السنة وازنوا في قضية المصالح والمفاسد.
هل المصلحة في رد رواية المبتدعة من أجل ابتداعهم، أو في قبول حديثهم إذا كانوا ثقات ضابطين، وازنوا بين هذا، وهذا، فيقول ابن الصلاح: إن هذا بعيد أن نرد، أو أن نقول بأن رواية المبتدعة مردودة بإطلاقه هكذا، وذكر قولين، أو ذكر ما هو الراجح عنده أنه إن كان المبتدع داعيا لبدعته، فإن حديثه يرد أو لا يقبل حديثه، وإن كان مبتدعا في نفسه، ولا يدعو إلى بدعته، فإن حديثه مقبول، ويعني: يقول: الدليل على هذا أن في الصحيحين أنه أخرج…
وللعلماء كلام أيضا في قبول أحاديث مبتدعة، ليسوا بدعاة، لكن الذي أحب -يعني- أن أعلق عليه بالنسبة لهذا أن قضية التفريق بين كون هذا داعية، وهذا ليس بداعية -يعني- قد ما يتهيأ دائما، وأحيانا تكون الدعوة إلى البدعة، أحيانا تكون ليس بالكلام … ربما تكون بالسلوك، عبد الرزاق -رحمه الله- قيل له: إن -يعني- شيوخك سنة معمر والثوري، وفيه تشيع هو من أين جاءك هذا؟ فيه نوع من التشيع -يعني- لكنه من تشيع الأئمة الذي هو التشيع الخفيف الذي هو -يعني- لا يتكلم في أبي بكر وعمر، وإنما يفضل عليا على عثمان -يعني- هذا هو التشيع الخفيف.
فقال -رحمه الله-: إنه قدم علينا جعفر بن سليمان الضبعي، فرأيته، أو فرأيت سلوكه، أو رأيت مثلما تقول أخلاقه، أو سلوكه حسنا، فأخذت هذا عنه.
وهذا يرشدك إلى قضية السلوك في الدعوة ربما يكون الداعية -يعني- مثلا.. كثير من البلاد الإسلامية كيف دخلها الإسلام؟ عن طريق ماذا دخلها الإسلام؟ عن طريق التجار أناس عاديون، ولكنهم تجار صادقون في معاملاتهم أحبهم الناس، فانتشر الإسلام في بعض البلاد، وأصبح الآن أصبحت بلاد إسلامية.
فإذا قضية الدعوة هذه، فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن العبرة بصدق الراوي وضبطه لحديثه، ويتكلمون في بدعته يقولون: فلان يرى القدر فلان كذا وكذا، ويثنون عليه في حديثه ثبت ثقة ضابط، يثنون عليه بثناء عاطر جدا، ويذكرون عنه أنه كان مبتدعا، فالمهم أنه يظهر لي، أن قضية التفريق بين الداعية وغيره من الناحية العملية، قد أقول: قد لا تتهيأ كما ينبغي.
فالذي يظهر أن العبرة بصدق الراوي وضبطه لحديثه وبدعته عليه كما قال يحيى القطان، وجماعة من الأئمة في تعليلهم قبول حديث المبتدع؛ لأنهم وازنوا كما ذكرت يقولون: لو تركنا حديث أهل البصرة للقدر، وحديث الكوفة للتشيع وحديث الشام للنص، وحديث كذا لم يبق عندنا سنة، ابتلوا بهذا الشيء، ويعني: قد يكونون معذورين متأولين، فيهم -أيضا- أئمة -رحمهم الله- وفيهم الزهاد والعباد، ومع ذلك ابتلوا بهذا الشيء لا -يعني- ليس هذا -يعني- بأسباب كثيرة، فالمقصود أن هذا ما يتعلق بموضوع الابتداع هو موضوع دقيق، فكأن العلماء -رحمهم الله تعالى- فصلوا بين ابتداع الراوي، ويبن قبول روايته إذا وثقوا بها، وهذا هو -يعني- خلاصة الموضوع في الابتداع نعم , ولهذا يا أيها الفاضل عليك التأني دون إطلاق أحكام التضعيف فقط لأن الرافضة ترجموا له وهذا خطأ فتأمل .
والله أعلم بالصواب