في ندوة البارحة لقناة الجزيرة عن إيران ودورها في المنطقة "لا أذكر عنوان الندوة"، حذر الدكتور النفيسي من الدور الإيراني في العراق، وأجندة تصفية أهل السنة فيه. وأن التوازن العسكري لن يتحقق في العراق دون تدخل سعودي لدعم أهل السنة هناك كونها القبلة الروحية للمسلمين، ورافعة لواء أهل السنة في مقابل إيران حاملة لواء الشيعة. وتأسف لانعدام الدعم السعودي لأهل السنة في العراق لدرجة أن الحكومة السعودية استقبلت الجعفري والصدر ولكنها امتنعت عن استقبال هيئة علماء المسلمين في العراق، وهذا الخلل في التوازن العسكري سيؤدي إلى انكفاء أهل السنة وضعف شوكتهم في العراق، وتحول العراق إلى إقليم إيراني شيعي خالص.
واتصل أحد الساسة العراقيين السنة خلال الندوة بالهاتف، وقال بأن المحتل الحقيقي للعراق إيران وليس أمريكا. وقال بأن أهل السنة يواجهون حرب إبادة منظمة، وذكر بأنه خلال ثلاث أيام تم قتل ما يقارب الثمانين شخصا من أهل السنة، لكونهم يحملون اسم عمر!!
ونشرت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في عددها الصادر يوم الأحد 2/4/2006 تقريرا من بغداد تحت عنوان
"قُتلوا من أجل أسمائهم"
التقرير أورد قصة العثور على 14 جثة لشباب عراقيين من السنة في احد مجامع القمامة في حي العدل ذي الأغلبية السنية في العاصمة العراقية بغداد, وقد وضعت على صدورهم هوياتهم الشخصية والتي تكشف بان جميع القتلى يحملون نفس الاسم "عمر". وحسب الضابط العراقي حسام البياتي – كما ورد في التقرير- فإن الضحايا من سكان حي الشعب وبغداد الجديدة وهما من الأحياء التي يغلب على سكانها الانتماء للمذهب الشيعي وقد قتلوا من اجل أسمائهم, ويشير الضابط إلى أن بعض الضحايا قد تلقوا من قبل رسائل تهديد تطلب منهم تغيير أسمائهم.
هذا الحقد الدفين الذي أشعل شرارته علماء الشيعة بجميع أشكالهم وأطيافهم من حزب الدعوة وفيلق الغدر وغيرهم فتراهم يركزون في خطاباتهم على إذكاء نار الحقد في نفوس أتباعهم ضد ما يسمونهم بالنواصب المتركزين في المثلث السني.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فان أحد خطباء هذه الحسينيات يقول وبالحرف الواحد ".. إن عمليات القتل التي تجري الآن في العراق يقوم بها من لا يحب الإمام علي عليه السلام ليقتل من يحب الإمام علي عليه السلام أي ليقتل أتباع أهل البيت..!!!"
و تبعت هذه الأصوات، أصوات كثيرة ممن أثر فيهم أفيون العمائم و الفتاوى و الخطب الرنانة و التي تركز على أن التفجيرات وعمليات تهجير الشيعة من مناطق السنة "حسب زعمهم" لأنهم أتباع آل البيت عليهم السلام.
و المحور الآخر الذي ركزت عليه هذه الخطب، هو التحذير من احتمال عودة الحكم الدكتاتوري التعسفي القمعي إذا ما خرج كرسي السلطة عن أهل العمائم، و تختم كل هذه الخطب عادة بـ "هيهات منا الذلة"، و لا أعلم أي ذلة بعد أن أصبح قائد العراق رجلاً شيعياً معمماً فارسياً يدير دفة الحكم من سرداب مظلم في النجف . و الآخر في قصر فخم في بغداد محاط بما يزيد على الألف من الحماية فضلاً عن مليشيا خاصة به. ناهيك عن الذل والتبعية العمياء للراعي الأمريكي.
أي خطيب أو رجل دين هذا الذي يدعو الناس للتقاتل على أساس محبة الإمام علي عليه السلام وهو يعرف جيدا ولكنه يتناسى أو يتغابى إن العراقيين بل المسلمين بجميع مذاهبهم وطوائفهم وقومياتهم ليس فيهم من لا يحب الإمام علي عليه السلام أو أهل البيت عليه السلام ولكن هذا الخطاب يريدون من خلاله إسقاط الشعب العراقي في دوامة التناحر الطائفي ليتمتعوا هم بالسلطة ونهب الأموال نتيجة الفساد الإداري والمالي.
ويتعجل هؤلاء المعممون تشكيل ما يسمى إقليم الوسط و الجنوب، لاسيما من رئيس و أعضاء قائمة الائتلاف العراقي الموحد، الذي بدأ يصور للعالم أجمع، و لأتباع المذهب الجعفري على وجه الخصوص، أن خلاصهم، بل و خلاص البشرية جمعاء؛ يتمثل في إقامة هذا الإقليم و أن الإمام المهدي المنتظر ينتظر إقامته.
إن المتتبع لما يجري في جنوب العراق، و بالأخص في البصرة، و الناصرية و كربلاء و النجف، يلحظ تغلغلاً و سيطرة واضحين للأحزاب و المليشيات الشيعية في أغلب – إن لم نقل كل – مفاصل الدولة، حتى أصبح القتل و الفصل من الوظيفة و التضييق مرتبطاً بكوي الجبهة، و كثرة الزيارة لمراقد الأئمة، و كبر صور المراجع التي تعلق على الحائط، فالذي يمجد أساطين المرجعية و يقبل أيادي السادة و يبدي ولاءه لأصحاب الرايات السود و يلوي لسانه على الطريقة المعروفة عند الكلام و يقلب الواو، هو ذا الشيعي المؤمن و كل ما عداه فهو معاد للمذهب، و بالتالي فدمه و ماله حلال للمليشيات.
و أيضاً لا يخفى ما تقوم به هذه المليشيات من دور فاعل في التمهيد لدولة الإمام المهدي من خلال تخميس "نفط الوسط و الجنوب" و إرساله مهرباً إلى نائبه بالحق في دولته بالحق.
يقول الكاتب الشيعي العراقي جواد الشمري "بتصرف"
إن كل هذه الدعوات هدفها واحد: هو عزل وسط و جنوب العراق إدارياً و جغرافياً عن باقي أجزاء العراق لفسح المجال واسعاً أمام الاطلاعات الإيرانية و "البسيج" لتصول و تجول. سيطرة فكرية و عقائدية تتبعها سيطرة إدارية و لم يبق إلا السيطرة الاقتصادية.
و أي سيطرة اقتصادية أكثر من ملايين البراميل التي تهرب يومياً عن طريق موانئ البصرة و طرق العمارة و الأهوار، و أي هيمنة أكثر من أن يتحكم بمصير أكثر من نصف الشعب العراقي، رجل فارسي لا يعلم من أين و كيف أتى إلى العراق و ما الثمن الذي جعله يبقى على قيد الحياة حتى سقوط النظام؟ و لم يسفر هو و أستاذه من النجف التي أقصي منها في أسبوع واحد أكثر من 15000 عائلة اتهمت بالتبعية الفارسية؟ و لم قضى أكثر من خمس سنوات في السعودية قبل دخوله العراق و أين؟
و بدأ المخطط يأخذ أبعاداً أكثر خطورة، و هو محاولة تكييف الشارع على التحدث باللغة الفارسية جنباً إلى جنب مع اللغة العربية. فالزائر لمدينة كربلاء و النجف، و التي يؤمها يومياً آلاف العراقيين، يرى بوضوح هذا الأمر، من قطع الدلالة إلى بعض الإرشادات، و الأزياء المعروضة. و كثرة المتحدثين بالفارسية.أ
أما هذا العام، فقد تميز بظهور نوع آخر من الاستغلال الاقتصادي عن طريق المواكب. فبالرغم من الخدمات الجليلة التي قدمتها هذه المواكب لزائري العتبات المقدسة، إلا أنها لا تفعل ذلك "لوجه الله"، فهي تتقاضى أجور ما تقوم بتوزيعه على شكل هبات من منظمات المجتمع المدني، ابتداءً من الطعام و انتهاء بالهويات. هذا بالإضافة إلى تبرعات الأهالي و قد اطلعت على ميزانية أحد هذه المواكب لسنة 2004 و 2005 فكانت بحدود 250 مليون دينار للسنة الواحدة.
والغريب أن هذه المواكب و خلال التطبر و التزنجل، كانت تستخدم قامات و زناجيل محلية تصنع في قبل الحرفيين العراقيين، أما هذا العام، فإن أغلب المواكب استخدمت أنواعا أخرى مكتوب عليها "ساخت إيران".
و حتى الصور التي تمثل الأئمة، فقد استبدلت تلك الصور التي كانت تطبع في العراق و لبنان بصور أخرى مطبوعة في إيران، و هي صور تسيء إلى الأئمة، لأنها على شاكلة مخنثي طهران، فالعيون ناعسات، و اللحية كأنها مسرحة بزيت "أمل"، و هناك كالعادة "كذلة" تخرج من تحت العمامة. و هناك صورة و لا أعلم كيف لم ينتبه لها من علقها، تمثل الإمام علي و بجانبه الإمام الحسن و الإمام الحسين "عليهم السلام"، و هناك حوَل واضح في عيون الصورة التي تمثل الإمام الحسين عليه السلام و مع ذلك تصر الكثير من المواكب على تعليق مثل هذه الصور.
أما الصور التي تمثل العباس عليه السلام و هو يضع ريشة كبيرة في قلنسوته فأترك التعليق عليها لمن يعلم الرابط بين المجوسية و الريش؟؟!!!
و أكثر من ذلك، رأيت الكثير من المواكب قد وضعت مجسمات تمثل رأس الحسين عليه السلام و أخرى تمثل رأس العباس عليه السلام قد وضعت في أحواض زجاجية. و من خلال استفساري أحد المواكب، علمت أن هذه المجسمات هي أيضاً "ساخت إيران" و أي "ساخت"!!! إن المجسم الواحد يكلف الموكب بحدود "750" ألف دينار. و قد علق صاحب الموكب مبرراً هذا المبلغ الضخم "يستاهل أبو علي"!!!!!!
و حتى اللطميات لم تسلم من هذه الظواهر، فقد اجتمعت كلمة أهل "البسطيات" و محلات تسجيل الأقراص و الأشرطة، على عرض مقطع واحد لإحدى المراثي تمثل صورة مشرقة من صور التعايش السلمي الإسلامي بين الشعبين، و الذي تندمج فيه اللغتان العربية و الفارسية في مرثية واحدة، حيث يظهر فيها قارئان يقرأ الأول بالعربية و الآخر بالفارسية. و الغريب أن الحاضرين يردون بالفارسية كما يردون بالعربية!!! و لا أعلم ما الخطوة التالية؟ ربما سيأتي يوم يصلي فيه أئمة الجوامع صلاة الظهر بالعربية و العصر بالفارسية.
إن هذه الأمور و غيرها ما هي – في نظري – إلا صورة مصغرة لما سيجري في إقليم الوسط و الجنوب الذي بدأ و منذ الآن يتحول إلى إقليم من أقاليم الجمهورية الإسلامية كإقليم الأهواز، و الذي تتجلى فيه العدالة الإسلامية بأبهى صورها!!!!