لم نكد نفيق من فاجعة إقالة الشيخ سعد الشثري بعد حملة صحفية ظالمة عليه ، وبعد ضوء أخضر تمادى بتوجيهاته السفهاء من رؤساء التحرير وطوابير المرتزقة وأهل الأهواء من الكتاب في العبث بالمقدس الشرعي وانتقاص العلماء حتى بمن يده - مرة أخرى - تطال هيبة المؤسسات الشرعية ، وتنال من استقلالها في اتخاذ قرارها ، وتلغي قراراً صدر من الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتكليف عدد من منسوبيها بإدارة مكاتب فروعها في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والقصيم وحائل .
وكل متابع للشأن الداخلي لا يساوره شك في أن المقصود هو الإبقاء على الدعي الغاش لدينه ووطنه أحمد بن قاسم الغامدي ليكون أداة ينفذ منها من لا يريد ببلادنا خيراً ، بعد أن رفعته صحافة السوء الى مرتبة العلماء لحاجة في نفوس أصحابها ومن استقووا به !!
هذه بادرة خطيرة تسلب مؤسسات الوطن الشرعية إرادتها ، وتصادر استقلاليتها في اتخاذ قرار يخدم مصلحة الوطن والمؤسسة نفسها ، وإن لم يتخذ معالي رئيس الهيئة قرار شخصياً يحفظ لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكانتها في الدولة ، وللرئاسة التي تقوم بهذه الولاية هيبتها ، فإن مسلسل التنازلات بدعوى تقدير المصالح سيستمر ، وسيجني الوطن ثمرته مرةً وعلقماً .
يا معالي رئيس الهيئة : لقد اتخذت قراراً برأت فيه ذمتك ، ونصحت فيه لله والوطن ، وشفيت صدور قوم مؤمنين ، فلأجل الله والوطن قدم استقالتك لولي الأمر، فلا يصح أن تكون مسؤولاً مسلوب الإرادة .
إن القضية الآن ليست قضية وصاية عليك في قرار متعلق بشخص دعي محسوب على الهيئة ، وإنما هي أكبر من ذلك ، هي قضية تلاعب بالدين ، واستهتار بجهاز حكومي أسندت إليه واحدة من أجل الوظائف وأسماها ، وقضية مسلسل طويل يروم جناب الشريعة التي تأسست عليها الدولة، ولك في سلفك ممن تعاقب على هذا الجهاز من العلماء المعتبرين خير منهج في قوة الإرادة والعزيمة في الحق.
وأنتم أيها العلماء الأجلاء ننتظر منكم وقفة شجاعة في هذا الأمر الجلل ، فليس عندنا والله في هذه البلاد ما نفاخر به غير الشريعة ووجود الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة ، ونحن في عصر يصنع فيه الإعلام مواقف الناس وتصوراتهم عن الدولة ودينها وعلمائها ، وقد اشتهر عند المسلمين في خارج بلادنا أننا نشهد اضطراباً في ديننا ، وتميعاً في مواقفنا ، وهو تصور كاذب صنعته صحافة السوء في بلادنا ونقله إعلام الآخرين عنا بسبب صمتكم في موضوعات لا يُقبل فيها إلا الحديث والبيان .
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ، ووفق ولاة الأمر لما فيه عز الدين وصلاح المسلمين ، والله المستعان في كل حال.
محمد المغيري