العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-08, 01:43 PM   رقم المشاركة : 1
محمد المبارك
عضو ماسي






محمد المبارك غير متصل

محمد المبارك is on a distinguished road


عقيدة الرجعة عند الشيعة الاثني عشرية للشيخ القفاري .


عقيدة الرجعة عند الشيعة الاثني عشرية


الرجعة من أصول المذهب الشيعي، فمن رواياتهم "ليس منا من لم يؤمن بِكرَّتنا" [مضى تخريجه في كتب الشيعة ص: (46).]. وقال ابن بابويه في الاعتقادات: "واعتقادنا في الرجعة أنها حق" [الاعتقادات: ص90.]. وقال المفيد: "واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات" [أوائل المقالات: ص51.].
وقال الطبرسي والحر العاملي وغيرهما من شيوخ الشيعة: بأنها موضوع "إجماع الشيعة الإمامية [الطبرسي/ مجمع البيان: 5/252، الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة: ص33، الحويزي/ نور الثقلين: 4/101، المجلسي/ بحار الأنوار: 53/123 (وقد ذكر المجلسي أنهم أجمعوا على القول بها في جميع الأعصار).]، وأنها من ضروريات مذهبهم" [الإيقاظ من الهجعة: ص60.]، وأنهم "مأمورون بالإقرار بالرجعة واعتقادها وتجديد الاعتراف بها في الأدعية والزيارات ويوم الجمعة وكل وقت كالإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة والقيامة" [الإيقاظ من الهجعة: ص64.].
ومعنى الرجعة: الرجوع إلى الدنيا بعد الموت [القاموس: 3/28، مجمع البحرين: 4/334.].
ويشير ابن الأثير: أن هذا مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم [النهاية: 3/202.].
وقد ذهبت فرق شيعية كثيرة إلى القول برجوع أئمتهم إلى هذه الحياة، ومنهم من يقر بموتهم ثم رجعتهم، ومنهم من ينكر موتهم ويقول بأنهم غابوا وسيرجعون – كما مر في مبحث الغيبة – وكان أول من قال بالرجعة ابن سبأ، إلا أنه قال بأنه غاب وسيرجع ولم يصدق بموته.
وكانت عقيدة الرجعة خاصة برجعة الإمام عند السبئية، والكيسانية وغيرها، ولكنها صارت عند الاثني عشرية عامة للإمام وكثير من الناس. ويشير الألوسي إلى أن تحول مفهوم الرجعة عند الشيعة من رجعة الإمام فقط إلى ذلك المعنى العام كان في القرن الثالث [روح المعاني: 20/27، وانظر: أحمد أمين/ ضحى الإسلام: 3/237.].
وقد اشتهرت بعض الفرق الشيعية باسم "الرجعية" لقولهم بالرجعة [وقد ذكرها كفرقة بهذا الاسم ابن الجوزي في تلبيس إبليس: ص22، والقرطبي في "بيان الفرق" الورقة 3 أ (مخطوط)، وصاحب الرسالة الفرقية المشهور بعالم محمد أفندي: ص2 (مخطوط غير مرقم الصفحات)، والسلخي في شرح.. الاثنتين والسبعين فرقة/ الورقة 13ب (مخطوط).] واهتمامهم بها.


أما المفهوم العام لمبدأ الرجعة عن الاثني عشرية فهو يشمل ثلاثة أصناف:

الأول: الأئمة الاثني عشر، حيث يخرج المهدي من مخبئه، ويرجع من غيبته، وباقي الأئمة يحيون بعد موتهم ويرجعون لهذه الدنيا.

الثاني: ولاة المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة – في نظرهم – من أصحابها الشرعيين (الأئمة الاثني عشر) فيبعث خلفاء المسلمين وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان.. من قبورهم ويرجعون لهذه الدنيا – كما يحلم الشيعة – للاقتصاص منهم بأخذهم الخلافة من أهلها فتجري عليهم عمليات التعذيب والقتل والصلب.

الثالث: عامة الناس، ويخص منهم: من محض الإيمان محضًا، وهم الشيعة عمومًا، لأن الإيمان خاص بالشيعة، كما تتفق على ذلك رواياتهم وأقوال شيوخهم – كما سلف [انظر: ص(572-573).] – ومن محض الكفر محضًا، وهم كل الناس ما عدا المستضعفين [المستضعفون: مصطلح عند الشيعة يرد في مصادرهم على ألسنة شيوخهم القدامى والمعاصرين، وهم كما يقول المجلسي: ضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم، ومن لم يتم عليه الحجة ممن يموت في زمن الفترة، أو كان في موضع لم يأت غليه خبر الحجة فهم المرجون لأمر الله، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم، فيرجى لهم النجاة من النار (بحار الأنوار: 8/363، والاعتقادات للمجلسي: ص100).].

ولهذا قالوا في تعريف الرجعة: إنها "رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة [المفيد/ أوائل المقالات: ص51.] وعودتهم إلى الحياة بعد الموت" [الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة.] في صورهم التي كانوا عليها [أوائل المقالات: ص95.].

والراجعون إلى الدنيا هم: "النبي الخاتم، وسائر الأنبياء، والأئمة المعصومون، ومن محض في الإسلام، ومن محض في الكفر، دون الطبقة الجاهلية المعبر عنها بالمستضعفين" [جواد تارا/ دائرة المعارف العلوية: 1/253.].
أو بعبارة شيخهم المفيد: "من علت درجته في الإيمان، ومن بلغ الغاية في الفساد، كلهم يرجعون بعد موتهم" [أوائل المقالات: ص95.]. وكذا من كان له قصاص وإن لم يكن ماحضًا فيرجع ويقتص من قاتله [كريم بن إبراهيم/ الفطرة السليمة: ص383.].

وزمن الرجعة العامة هو كما يذكر شيخهم المفيد وغيره "عند قيام مهدي آل محمد عليهم السلام" [انظر: أوائل المقالات: ص95، الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة: ص58.] ورجوعه من غيبته، ولكن بعض شيوخهم يقول: إن الرجعة العامة غير مرتبطة بأمر ظهور المهدي. ذلك أن الرجعة – كما يقول – "غير الظهور، لأن الإمام عليه السلام حي غائب وسيظهر إن شاء الله ولم يسلب الملك فيرجع إليه، فمبدأ الرجعة من رجوع الحسين إلى الدنيا" [كريم بن إبراهيم/ الفطرة السليمة: ص383.].

وهذا قد يتفق مع رواياتهم التي تقول "أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا، الحسين بن علي عليه السلام" [بحار الأنوار: 53/39.].
وقد ذكرت بعض رواياتهم أن الرجعة تبدأ بعد هدم الحجرة النبوية وإخراج الجسدين الطاهرين للخليفتين الراشدين – كما يحلم القوم – حيث جاء في أخبارهم أن منتظرهم يقول: "وأجيء إلى يثرب، فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريّان، فآمر بهما تجاه البقيع وآمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الأولى، فينادي منادي الفتنة من السماء: يا سماء انبذي، ويا أرض خذي فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن (أي إلا شيعي) ثم يكون بعد ذلك الكرة والرجعة" [بحار الأنوار: 53/104-105.].

والغرض من الرجعة هو انتقام الأئمة والشيعة من أعدائهم [انظر: الإيقاظ من الهجعة: ص58.] وهم سائر المسلمين من غير الشيعة ما عدا المستضعفين، ولذلك فإن سيوف الشيعة تقطر دمًا من كثرة القتل للمسلمين حتى قال أبو عبد الله: "كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة" [بحار الأنوار: 53/40، وعزاه إلى الاختصاص للمفيد، ولم أجده في الطبعة التي بين يدي.].
ولا شك بأن تحديد موضع القتل العام بالمسجد الحرام يدل دلالة أكيدة أن المقصود بالقتل هم المسلمون، وأن هذا ما تحلم به الإمامية.. وهذا الخبر وأمثاله يعطينا – بغض النظر عن العنصر الخرافي فيه – صورة لتفكير تلك الزمر الشيعية التي وضعت تلك الروايات، وأهدافها ومخططاتها، فهي "إسقاطات" لرغبات مكبوتة، ونوازع مقهورة لفرقة تتربص بالأمة الدوائر.
كما أن هذه الأخبار السرية [لأن الرجعة كانت سرًا من الأسرار كما سيأتي.] قد توضح لنا بعض ما جرى في التاريخ من قيام القرامطة بقتل حجاج بيت الله داخل الحرم [انظر خبر ذلك في حوادث سنة 317ه‍، في المنتظم لابن الجوزي: 6/222 وما بعدها، والبداية والنهاية لابن كثير: 11/160، وتاريخ ابن خلدون (العبر) : 3/191.]، وأنها كانت تتخذ من مثل هذه الأخبار المنسوبة لآل البيت سندًا لها لدفع تلك العناصر التخريبية للقيام بدورها الدموي.
كما أنها تكشف لنا فحوى الأماني التي يعلنها شيعة هذا العصر ويصرحون فيها بتحرقهم وتلهفهم لفتح مكة والمدينة وكأنها بأيدي كفار [سيأتي نص كلامهم في باب الشيعة المعاصرين.].

كذلك يتحقق في الرجعة حساب الناس على يد الحسين: يقول أبو عبد الله: "إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليه السلام، فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار" [بحار الأنوار، باب الرجعة: 53/43.].
وفي الرجعة يتحول صفوة الخلق وهم أنبياء الله ورسله إلى جند لعلي كما يقول هؤلاء الأفاكون حيث قالوا: "لم يبعث الله نبيًا ولا رسولاً إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين" [بحار الأنوار: 53/41.].

كما يحلم الشيعة بأن حياتهم في الرجعة ستكون في نعيم لا يخطر على البال حتى "يكون أكلهم وشربهم من الجنة [بحار الأنوار: 53/116.]، ولا يسألون الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلى وتقضى لهم" [بحار الأنوار: 53/116.].
ويخير الشيعي وهو في قبره بين الرجعة أو الإقامة في القبر. ويقال له: « يا هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم » [الغيبة للطوسي: ص276، بحار الأنوار: 53/92.].
وتنتهي الرجعة بالنسبة للشيعة بالقتل لمن مات من قبل، وبالموت لمن قتل، وهذه النهاية إحدى أغراض الرجعة فهم يقولون في أخبارهم: "ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل" [تفسير القمي: 2/131، البرهان: 3/211، تفسير الصافي: 4/76، بحار الأنوار: 53/40، وانظر: ص39، 41، 53، 77، 137 من نفس الجزء، وانظر: رجال الكشي: ص407-408.].

هذا وكانت عقيدة الرجعة سرًا من أسرار المذهب الشيعي، ولذلك قال أبو الحسين الخياط – أحد شيوخ المعتزلة [كان حيًا قبل سنة 300ه‍ (انظر: معجم المؤلفين: 5/223).] -: "بأنهم قد تواصلوا بكتمانها وألا يذكروها في مجالسهم ولا في كتبهم إلا فيما قد أسروه من الكتب ولم يظهروه" [الانتصار: ص97.].

وقد وجدت في كتب الاثني عشرية ما أشار إليه الخياط من التواصي بكتمان أمر الرجعة، حيث روت بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال: "لا تقولوا الجبت والطاغوت [قال المجلسي: أي لا تسموا الملعونين بهذين الاسمين، أو لا تتعرضوا لهما بوجه. (بحار الأنوار: 53/40)، وهو يشير بهذا إلى خليفتي رسول الله وصهريه وحبيبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.]، ولا تقولوا الرجعة، فإن قالوا لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا: أما اليوم فلا نقول" [بحار الأنوار: 53/39.].
وفي رواية أخرى ينسبونها للصادق: "لا تقولوا الجبت والطاغوت وتقولوا الرجعة، فإن قالوا: قد كنتم تقولون؟ قولوا: الآن لا نقول، وهذا من باب التقية التي تعبد الله بها عباده في زمن الأوصياء" [بحار الأنوار: 53/115-116.].
هذه تعميمات سرية، تتبادلها الخلايا الشيعية، وحتى تعطيها صفة القطع والقوة، أسندتها لبعض علماء آل البيت، للتعزيز بالأحداث والأعاجم وسائر الأتباع من الجهال.

استدلالهم على الرجعة:
اتجه شيوخ الشيعة إلى كتاب الله سبحانه ليأخذوا منه الدليل على ثبوت الرجعة التي ينفردون بالقول بها عن سائر المسلمين.. ولما لم يجدوا بغيتهم تعلقوا كعادتهم بالتأويل الباطني، وركبوا متن الشطط، وتعسفوا أيما تعسف في هذا السبيل، حتى أصبح استدلالهم حجة عليهم، ودليلاً على زيف معتقدهم، وبرهانًا على بطلان مذهبهم.
وحتى تتبين هذه الحقيقة نستعرض أقوى أدلتهم وأشهرها – حسب نظرهم -.

يرى شيخ المفسرين عندهم أن من أعظم الأدلة على الرجعة قوله سبحانه: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء، آية: 95.]؛ حيث يقول ما نصه: "هذه الآية من أعظم الأدلة على الرجعة؛ لأن أحدًا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون يوم القيامة من هلك ومن لم يهلك" [تفسير القمي: 2/76، وقد وُضع عنوان في أعلى الصفحة لهذا الدليل المزعوم على الرجعة يقول: "أعظم آية دالة على الرجعة" (بحار الأنوار).].

مع أن الآية حجة عليهم، فهي تدل على نفي الرجعة إلى الدنيا؛ إذ معناها كما صرح به ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد: حرام على أهل كل قرية أهلكوا بذنوبهم أنهم يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة [انظر: تفسير ابن كثير: 3/205.]، وهذا كقوله سبحانه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 31.]، وقوله: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 50.]، وزيادة "لا" هنا لتأكيد معنى النفي من "حرام"، وهذا من أساليب التنزيل البديعة البالغة النهاية في الدقة. وسر الإخبار بعدم الرجوع مع وضوحه، هو الصدع بما يزعجهم ويؤسفهم ويلوعهم من الهلاك المؤبد، وفوات أمنيتهم الكبرى وهي حياتهم الدنيا [تفسير القاسمي: 11/293.].
وإذا كان المقصود إثبات الرجعة فهي رجعة للناس ليوم القيامة بلا ريب [من المفسرين من يذهب لهذا ويرى أن الآية لتقرير الإيمان بالبعث، وهي تتمة وتقرير لما قبلها وهو قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} [الأنبياء، آية: 93] فتكون "لا" فيها على بابها، وهي مع "حرام" من قبيل نفي النفي، فيدل على الإثبات.
والمعنى: وحرام على القرية المهلكة عدم رجوعها إلى الآخرة، بل واجب رجعها للجزاء، فيكون الغرض إبطال قول من ينكر البعث. (انظر: تفسير القاسمي: 11/293).]، أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء [فتح القدير: 3/426.].
وتخصيص امتناع رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ}؛ لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم [روح المعاني: 17/91.].

ومن أشهر الآيات التي يستدل بها الإمامية على الرجعة – كما يقول الألوسي [روح المعاني: 20/26.] – قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا} [النمل، آية: 83.]. والآية كما يقول المفسرون في يوم الجزاء والحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين [انظر: تفسير الطبري: 20/17، تفسير البغوي: 3/430، ابن الجوزي/ زاد المسير: 6/194، القرطبي/ الجامع لأحكام القرآن: 13/238، البحر المحيط لأبي حيان: 7/98، تفسير ابن كثير: 3/393، الشوكاني/ فتح القدير: 4/153-154 وغيرها.]، إلا أن هؤلاء يجعلونها في عقيدتهم في الرجعة، ولذا قال شيخهم شبر بأنها فسرت في أخبارهم في الرجعة [تفسير شبر: ص369.].
وقال الطبرسي: "استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال: إن دخول "من" في الكلام يوجب التبعيض فدل بذلك على أنه يحشر قوم دون قوم وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف، آية: 47.]" [تفسير الطبرسي: 5/251-252.].
أما كون "من (الأولى) للتبعيض فهذا شائع" [انظر: البحر المحيط لأبي حيان: 7/98، روح المعاني للألوسي: 20/26.]؛ لأن كل أمة منقسمة إلى مصدق ومكذب، أي ويوم يجمع من كل أمة من أمم الأنبياء، أو من أهل كل قرن من القرون جماعة كثيرة مكذبة بآياتنا [روح المعاني: 20/26، وانظر في معنى الآية المصادر السابقة في هامش رقم (5) من الصفحة السابقة.] وهذا لا يدل على مسألة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت بحال من الأحوال، ولكن الشيعة تتعلق بكل آيات اليوم الآخر المتضمنة لرجوع الناس لربهم لتجعلها في عقيدتهم في الرجعة كما هو دأبها.

وتخصيص المكذبين بهذا الحشر لا يدل على ما يزعمون؛ لأن هذا حشر للمكذبين للتوبيخ والعذاب، بعد الحشر الكلي الشامل لكافة الخلق [انظر: فتح القدي: 4/154، روح المعاني: 20/26.]، أما «من» الثانية فهي بيانية جيء بها لبيان "فوجًا" [روح المعاني: 20/26.]، ولهذا فإن بعض مفسري الشيعة المعاصرين أدرك ضلال قومه في هذا التأويل فقال في تفسير الآية: «من» هنا بيانية وليست للتبعيض تمامًا كخاتم من حديد، والمعنى: أن في الأمم مصدقين ومكذبين بآيات الله وبيناته، وهو يحشر للحساب والجزاء جميع المكذبين بلا استثناء، وخصهم بالحشر مع أنه يعم الجميع؛ لأنه تعالى قصد التهديد والوعيد [محمد جواد مغنية/ التفسير المبين: ص441.].

ومن الآيات التي يتأولونها في الرجعة قوله تعالى: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس، آية: 17.] الآيات؛ حيث جاء في تفسير القمي {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} قال: هو أمير المؤمنين، قال: ما أكفره أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلوه.." {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} [عبس، آية: 21، 22.] قال: في الرجعة {كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس، آية: 23.]، أي لم يقض أمير المؤمنين ما قد أمره، وسيرجع حتى يقضي ما أمره" [تفسير القمي: 2/405.].

فيلاحظ هنا عدة أمور:1 ـ أوّل شيخهم القمي "الإنسان" في قوله سبحانه: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} بعلي بن أبي طالب – مع أن الآية تدل بنصها وسياقها على أن المراد "بالإنسان" هنا الكافر، ولهذا قال السلف في تفسيرها: "لعن الإنسان الكافر ما أكفره" [تفسير الطبري: 30/54.].
فهل وضع مثل هذا التأويل للإساءة لأمير المؤمنين من طرف خفي، أو أنه أثر من آثار طائفة الكاملية [الكاملية: هم الذين كفروا عليًا – رضي الله عنه – لأنه ترك منازعة الصحابة ومنعهم من مبايعة أبي بكر، وكفروا سائر الصحابة؛ لأنها لم تسلم الإمامة لعلي، وقد وردت عند الناشئ الأكبر باسم الكميلية. وقال بأنهم أصحاب كميل بن زياد، وحكى مذهبهم على ما ذكر، وقد وردت عند الأشعري، والبغدادي والشهرستاني الكاملية. وقال الأشعري: أنهم أتباع أبي كامل (مسائل الإمامة: ص45، المقالات والفرق: ص14، مقالات الإسلاميين: 1/89، الفرق بين الفرق: ص54، الملل والنحل: 1/174).] من الشيعة التي تذهب إلى تكفير أمير المؤمنين وبقية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وتلقفته الاثنا عشرية وغيرت فيه أو أن مخترع هذا النص أعجمي جاهل بلغة القرآن وإنما كتب ما أملاه عليه تعصبه وزندقته؟!
على أية حال فهذا التأويل يدل على مدى إفلاس أصحاب هذا الاعتقاد في العثور على ما يدل على مبدئهم.
2 ـ أوّل قول سبحانه: {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} وهي نص صريح في البعث والنشور أوله بالرجعة، وهذا فضلاً عن أنه تحريف لمعاني القرآن، فإنه يصرف من يصدق بهذه الروايات عن الإيمان باليوم الآخر إلى هذه العقيدة المبتدعة، ولهذا يلاحظ أن طوائف من غلاة الشيعة أنكرت الإيمان باليوم الآخر وقالت بالتناسخ [انظر: الفرق بين الفرق: ص272، وانظر: فلهوزن/ الخوارج والشيعة: ص248 (ترجمة عبد الرحمن بدوي)، وعبد الرحمن الوكيل/ البهائية: ص45 (الهامش).].
ويلاحظ أن الاثني عشرية قد عمدت إلى كل نص في اليوم الآخر فجعلته في الرجعة، وقد مر بنا أن هذا قد أصبح قاعدة عامة عندهم [انظر: ص(183).].

3 ـ جعلت هذه الروايات الغرض من الرجعة أن عليًا لم يقض ما أمره الله به.
وهذا بهتان كبير في حق أمير المؤمنين وأنه قد تخلى عن أوامر الله سبحانه، ليقضيها في الرجعة، فهل أرادوا بهذا تشبيهه بالمشركين الذين ابتعدوا عن شرع الله سبحانه فغذا عاينوا العذاب تمنوا الرجعة.. فكم أساء هؤلاء إلى أهل البيت.

ومن الآيات التي جعلوها في الرجعة قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران، آية: 185.]؛ حيث قالا في تأويلها: "لم يذق الموت من قتل، ولابد أن يرجع حتى يذوق الموت" [تفسير العياشي: 1/210، بحار الأنوار: 53/71.].
فهذه الرواية تجعل الرجعة لجميع الناس حتى يتحقق لكل أحد منهم موت وقتل – كما يعتقدون – بينما هم قالوا بأن الرجعة خاصة بمن محض الإيمان، ومحض الكفر – كما سلف – كما أن هذا التأويل يحمل جهلاً بلغة العرب التي نزل بها القرآن؛ حيث عدّ القتل ونحوه ليس من قبيل الموت الذي تنص عليه الآية وهذا مبلغ علمهم.

ويتعلق الشيعة بآيات كثيرة يؤولونها بمثل هذا التأويل الباطني، وتسابق شيوخهم كعادتهم في الإكثار من هذه التأويلات، والتي أسندوها للآل حتى تكتسب الرواج عند الأتباع.. فقد بلغ – مثلاً – عدد الآيات التي أولوها بالرجعة حسب ما جمعه شيخهم الحر العاملي (72) آية [انظر: الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص72-98.]، وصل فيها التأويل الباطني المتعسف الغاية القصوى [وإليك أمثلة من أدلته – بالإضافة لما مضى – لا تحتاج إلى تعليق، وتدل على مبلغ إفلاسهم، وأنهم يخبطون خبط عشواء. قال الحر العاملي: "الباب الثالث في جملة من الآيات القرآنية الدالة على صحة الرجعة" ومن الآيات التي استدل بها قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً} [سبأ، آية: 10] انظر: المصدر السابق ص92، وقوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الروم، آية: 9] السابق ص93، وقوله: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} [غافر، آية: 81] السابق ص93، وقوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف، آية: 15]، السابق ص94، وقوله: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات، آية: 22] السابق ص95، هذا مبلغ استدلالهم وغاية احتجاجهم، فجمعوا بين بدعة الرجعة وتحريف آيات القرآن.]، مع أن العاملي لم يذكر كل ما عندهم، وقد اعتذر عن ذلك – في نهاية استدلاله بالآيات التي ذكرها – بعدم حضور الكتب عنده [انظر: الإيقاظ من الهجعة: ص98.].
كما يستدل الشيعة ببعض ما أخبر الله به سبحانه من معجزات الأنبياء كإحياء الموتى لعيسى عليه السلام، أو بما أخبر الله به سبحانه في كتابه من إحياء الموتى كقوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة، آية:243.] [انظر: بحار الأنوار: 53/129، الإيقاظ من الهجعة: ص131.].
وكأنهم بهذا النهج يستدلون على قدرة الله سبحانه التي ليست هي موضع الخلاف؛ ذلك أنه لا أحد ينكر ما وقع مما ورد به الخبر الثابت القطعي المتواتر، ولكن الذي ينكر هو دعوى الرجعة إلى الدنيا بعد الموت للحساب والجزاء قبل يوم الحساب والجزاء، هذا هو المنكر الأعظم الذي ليس عليه دليل، والذي أريد به إضعاف جانب اليوم الآخر في النفوس، وإلا فمعجزات الأنبياء وآيات الله في خلقه ليست محل خلاف.

ويأخذ الشذوذ في الاستدلال على صحة الرجعة مداه الأكبر حينما يقررون أن أوضح دليل على صحتها، وأظهر برهان على ثبوتها هو أنه لا قائل بها من غير الشيعة الإمامية [الإيقاظ من الهجعة: ص3.]؛ حيث "لم يقل بصحتها أحد من العامة (وهم ما سوى الشيعة الإمامية) وكل ما كان كذلك فهو حق" [الإيقاظ من الهجعة: ص69.]؛ لأن الأئمة قالوا في حق العامة: "والله ما هم على شيء مما أنتم عليه، ولا أنتم على شيء مما هم عليه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء" [الإيقاظ من الهجعة: ص70.]!!!
ولهذا أشار الطبرسي وغيره بأن المعول في ثبوتها إجماع الإمامية عليها [مجمع البيان: 5/252، وانظر: نور الثقلين: 4/101، بحار الأنوار: 53/127.].

ويلاحظ على هذا الاستدلال ما يلي:

أن الإجماع غير حجة عند الشيعة – كما سلف – فكيف يجعلونه عمدة ثبوت عقيدة الرجعة ؟! لكن لعلهم يعدّون عدم وجود مخالف من الشيعة في أمر الجرعة دليلاً على دخول المعصوم مع المجمعين فيكون الإجماع حجة بهذا الاعتبار، لأن حجة الإجماع عندهم إنما هو بكشفه عن قول المعصوم.

لكن الشيعة الزيدية ينقلون روايات عن أئمة أهل البيت تبين براءتهم من عقيدة الرجعة وتعارض روايات الإمامية، ولذلك فإن الزيدية الحقة ينكرون هذه الدعوى إنكارًا شديدًا، وقد ردوها في كتبهم على وجه مستوفى [الألوسي/ روح المعاني: 20/27، وانظر: أحمد صبحي/ الزيدية: ص77.]، فكيف يجزم الإمامية بنسبة الرجعة إلى الأئمة والنقل عنهم مختلف بين فرق الشيعة نفسها ؟! بل إن من الإمامية من أنكر الرجعة وأول أخبارهم برجوع دولة الشيعة كما نقل ذلك شيوخ الشيعة [انظر: مجمع البيان: 5/252، بحار الأنوار: 53/127.]، فأين بعد هذا إجماع الشيعة، وأين صدق النقل عن الأئمة؟!

ثم إن الصحابة بما فيهم أمير المؤمنين علي لم يؤثر عنهم شيء في خرافة الرجعة، كما اتفقت على ذلك مصادر أهل السنة والشيعة الزيدية، ولو وجد شيء من ذلك لعرف واشتهر.
وإنما نسبت خرافة الرجعة في ذلك العصر إلى ابن سبأ، كما تقر بذلك كتب الشيعة، وابن سبأ أحد الكذابين الملعونين على ألسنة الأئمة، كما تروي كتب الاثني عشرية وغيرها.
أما من بعد عصر الصابة فقد تحمل وزر روايتها جابر الجعفي وهو متهم في كتب الشيعة فضلاً عن كتب أهل السنة – كما سلف [انظر: ص(375-378).] -.

نقد مقالة الرجعة:فكرة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت مخالفة صريحة لنص القرآن، وباطلة بدلالة آيات عديدة من كتاب الله سبحانه، قال تعالى: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون، آية: 99-100.]. فقوله سبحانه: {وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} صريح في نفي الرجعة مطلقًا [مختصر التحفة: ص201.].
وقال سبحانه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 31.]. وقال سبحانه: {وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ} [إبراهيم، آية: 44.].
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة، آية: 12.].
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام، آية: 27-28.].
فهؤلاء جميعًا يسألون الرجوع عند الموت، وعند العرض على الجبار جل علاه، وعند رؤية النار فلا يجابون، لما سبق في قضائه أنهم إليها لا يرجعون ولذلك عدّ أهل العلم القول بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت من أشد مراحل الغلو في بدعة التشيع.

قال ابن حجر: التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلع عليه رافضي، وإلا فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو [هدي الساري مقدمة فتح الباري: ص459.].
وقد جاء في مسند أحمد أن عاصم بن ضمرة (وكان من أصحاب علي رضي الله عنه) قال للحسن بن علي: إن الشيعة يزعمون أن عليًا يرجع. قال الحسن: كذب أولئك الكذابون، لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه، ولا قسمنا ميراثه [مسند أحمد: 2/312 رقم(1265)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وانظر: طبقات ابن سعد: 3/39.].

والقول بالرجعة بعد الموت إلى الدنيا لمجازاة المسيئين وإثابة المحسنين ينافي طبيعة هذه الدنيا وأنها ليست دار جزاء {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران، آية: 185.].
كما أنه يضعف جانب الإيمان بيوم البعث والجزاء، ويبدوا أن هذا من أهداف واضع هذا المبدأ [وقد ذكر بعضهم أن ابن سبأ قال بالرجعة وإبطال الآخرة (السكسكي/ البرهان: ص50).].
وقد تمثل هذا عمليًا في تأويلات الاثني عشرية لآيات اليوم الآخر بالرجعة، وفي تأثير هذه التأويلات، وهذا المذهب على بعض الفرق المنتسبة للتشيع، وإنكارها لليوم الآخر، واعتقادها بالتناسخ الذي ربما تكون عقيدة الرجعة هي البوابة إليه، كما أن تأويلاتهم تدعو له.
ويرى بعض الباحثين أن عقيدة الرجعة تسربت عن طريق المؤثرات اليهودية والمسيحية [انظر: جولد سيهر/ العقيدة والشريعة: ص215، أحمد أمين/ فجر الإسلام: ص270، محمد عمارة/ الخلافة: ص159.]، ودخلت التشيع بتأثير اتباع تلك الديانات. وقد استنتج شيخهم الصادقي (من شيوخهم المعاصرين) أن مبدأ الرجعة عند قومه يرجع في أصله إلى ما ورد في كتب اليهود [ونقل بعض نصوص اليهود في ذلك، وأرجعها إلى كتاب دانيال: 12/1-13.] واعتبر ذلك بشارة للشيعة [انظر: رسول الإسلام في الكتب السماوية: ص239-241.].

وقد كان لابن سبأ اليهودي – كما تنقل ذلك كتب الشيعة، والسنة على السواء – دور التأسيس لمبدأ الرجعة، إلا أنها رجعة خاصة بعلي، كما أنه ينفي وقوع الموت عليه أصلاً كحال الاثني عشرية مع مهديهم الذي يزعمون وجوده.
لكن يبدو أن الذي تحمل كبر نشره، وتعميم مفهومه وتأويل آيات من القرآن فيه هو جابر الجعفي حتى امتدحته روايات الشيعة بفقهه في أمر الرجعة؛ حيث جاء في تفسير القمي أن أبا جعفر قال: "رحم الله جابرًا بلغ فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص، آية: 85، قال ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى آمرًا رسوله صلوات الله وسلامه عليه ببلاغ الرسالة، وتلاوة القرآن على الناس، ومخبرًا بأنه سيرده إلى معاد وهو يوم القيامة فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة، ومعنى {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي: افترض عليك أداءه إلى الناس (تفسير ابن كثير 3/419)، كما فسر "المعاد" بأقوال أخرى ترجع – كما يقول ابن كثير – إلى قول من فسر ذلك بيوم القيامة (تفسير ابن كثير: 3/420) وانظر في معنى الآية: تفسير الطبري: 20/123-126، تفسير البغوي: 3/458-459، زاد المسير: 6/249-251.] يعني الرجعة" [تفسير القمي: 2/147.].

وعقيدة الرجعة عند الإمامية هي – كما قال السويدي رحمه الله – خلاف ما علم من الدين بالضرورة من أنه لا حشر قبل يوم القيامة، وأن الله تعالى كلما توعد كافرًا أو ظالمًا إنما توعده بيوم القيامة [ولكن الشيعة تتوعد كل ما سوى الشيعة بالرجعة.]، كما أنها خلاف الآيات والأحاديث المتواترة المصرحة بأنه لا رجوع إلى الدنيا قبل يوم القيامة [السويدي/ نقض عقائد الشيعة: ص1 (مخطوط).].
ولكن شيوخ الإمامية يصرون على القول بها، ويعتبرون شذوذهم عن الأمة فيها دليل صحتها.. {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ}.

الظهور

أي ظهور الأئمة بعد موتهم لبعض الناس ثم عودتهم لقبورهم، وهذه العقيدة غير رجعة الأئمة، وقد بوب لها المجلسي بعنوان "باب أنهم يظهرون بعد موتهم، ويظهر منهم الغرائب" [بحار الأنوار: 27/303-304، بصائر الدرجات: ص78.].. فالأئمة يظهرون بعد موتهم، ويراهم بعض الناس، وهذا الظهور غير مرتبط بوقت معين كالرجعة بل هو خاضع لإرادة الأئمة، حتى نسبوا لأمير المؤمنين أنه قال: "يموت من مات منا وليس بميت". وتذكر أساطيرهم أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته، ويتلقى وصاياه وأقواله [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.].
ويزعم بعض الشيعة أنه دخل على أبي عبد الله فقال له (أي أبو عبد الله) : تشتهي أن ترى أبا جعفر (بعد موته)؟ قال: "قلت: نعم، قال: قم فادخل البيت، فدخلت فإذا هو أبو جعفر" [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.]، ويزعم آخر بأنه دخل على أبي الحسن فقال له: أتحب أن ترى أبا عبد الله؟ يقول: فقلت: وددت والله، فقال: قم وادخل ذلك البيت، فدخلت البيت فإذا أبو عبد الله عليه السلام قاعد [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.].
"وقال أبو عبد الله – كما يفترون -: أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلام بعد قتل أمير المؤمنين عليه السلام فسألوه فقال: تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه؟ قالوا: نعم، قال: فارفعوا الستر، فعرفوه [كذا في الأصل، وقد تكون "فرفعوه".] فإذا هم بأمير المؤمنين عليه السلام لا ينكرونه" [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.]. بل وتمتد عقيدتهم هذه لتدعي أيضًا أن الأموات من الأولين يظهرون لهم، جاء في بصائر الدرجات ".. عن عثمان بن عيسى عمّن أخبره!! عن عباية الأسدي قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وعنده رجل رث الهيئة، وأمير المؤمنين عليه السلام مقبل عليه يكلمه، فلما قام الرجل قلت: أي أمير المؤمنين، من هذا الذي أشغلك عنا؟ قال: هذا وصي موسى عليه السلام" [بصائر الدرجات: ص81، بحار الأنوار: 27/305.].

وتزعم رواياتهم أن عليًا كان يذهب إلى مقبرة اليهود وأنه خاطب أهل القبور "فأجابوه من جوف القبور: لبيك لبيك مطاع، فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن ومن عصاك في العذاب.." [كنز الفوائد: ص82، بحار الأنوار: 27/306.].
كما تدعي رواياتهم بأن رسول الله ظهر بعد موته ليأمر أبا بكر بطاعة علي [انظر: بحار الأنوار: 27/ 304، بصائر الدرجات: ص78.]. وأن أبا بكر وعمر يظهران للأئمة في كل موسم حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رم الجمار [انظر: بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82.]، ولهذا قام محمد الباقر – كما يفترون عليه – برمي خمسة أحجار في غير موضع الجمار ولما قيل له في ذلك قال: "إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين [هكذا في المصدر المنقول عنه، وفي نسخة أخرى – كما أشار في الهامش – أخرجا الفاسقان الغاصبان. (انظر: بحار الأنوار: 27/305، تعليقه رقم (6).]، ثم يفرق بينهما ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول اثنتين والآخر ثلاثة، لأن الآخر أخبث من الأول" [بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82.].
هذه بعض أخبارهم في هذه "المقالة". وقد ذكر المجلسي بأنه "أورد أكثر أخبار هذا الباب في باب البرزخ، وباب كفر الثلاثة، وباب كفر معاوية، وأبواب معجزات أمير المؤمنين وسائل الأئمة عليهم السلام" [بحار الأنوار: 27/307.] فأخبارهم في شأن هذه الخرافة متكاثرة، وقد ذكر المجلسي أن هذا الظهور قد يكون في أجسادهم الأصلية، ثم قال: "والإيمام الإجمالي في تلك الأمور كاف للمتدين المسلم لما ورد عنهم، ورد علم تفاصيلها إليهم صلوات الله عليهم" [بحار الأنوار: 27/307.].

نقد هذه المقالة:

هذه المقالة لم أر من تعرض لها من ضمن معتقدات الشيعة.. مع أنها من مقالاتهم التي استفاضت أخبارها عندهم، وهي مقالة يكفي عرضها لبيان فسادها، فهي لا تتفق بأي حال مع النقل الصحيح ولا مع العقل الصريح ولا الفطر السليمة، وهي تقدح في المذهب الشيعي، وتلحقه في المذاهب الخرافية التي تعشعش في أذهان جملة من البشر. وهي مقالة من ضمن مقالات عديدة في هذا المذهب، تعتبر من البراهين على بطلانه، مثلها في ذلك مثل عقيدة الغيبة والرجعة والبداء.. إلخ.

وكثرة أخبارهم عندهم دليل واقعي حاسم على استفاضة الكذب عندهم، وأنه لا عبرة ولا صحة لرواياتهم ولو كثرت ما دامت تكثر في تأييد المقالات الخرافية التي يكذبها الواقع، والتي لو حدث شيء منها لاستفاض نقله بين المسلمين، ولم تنفرد بنقله شرذمة من الروافض.
ورجعة الأموات قبل يوم القيامة باطلة بالنقل وإجماع المسلمين – كما سلف – وهذه الخرافات تعتبر من فضائحهم وعوراتهم التي هي قائمة في مذهبهم، ولعلها من حكمة الباري سبحانه؛ إذ ما من قوم أرادوا أن ينسبوا لله دينًا ما أنزله إلا وفضحهم على رؤوس الشهاد، كما أثبتت ذلك الوقائع والأيام.[/QUOTE]






 
قديم 05-09-08, 11:28 PM   رقم المشاركة : 2
أبو شهاب الفلسطيني
عضو نشيط





أبو شهاب الفلسطيني غير متصل

أبو شهاب الفلسطيني is on a distinguished road


موضوع رائع جدا

يعطيك ألف عافيه

تعلمنا شيء جديد عن خزعبلات بني رفضون







التوقيع :
الشيعي للجهل عنوان **** يقدم شرفه للكلاب قربان

يحسب انه نال الرضوان **** و ما هو الا غبى كالثيران

قال السكستاني: كركوك عمامتي وكربلاء مرحاضي والنجف مكان متعتي ومحافضات اهل السنة مقبرتي
من مواضيعي في المنتدى
»» أرجو الرد على شبهة تحريف عمر بن الخطاب للقراّن
»» موقع رائع جدا يا مسلمين
»» الرد على جميع شبهات السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
»» مهدي الشيعه يصدر شريط بصوته للموالين من سردابه المقدس
»» أرجو من أهل السنه الرد على هذه الشبهة
 
قديم 13-09-08, 03:02 AM   رقم المشاركة : 3
محمد المبارك
عضو ماسي






محمد المبارك غير متصل

محمد المبارك is on a distinguished road


مشكور اخوي ابو شهاب







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:06 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "