حسن نصر الله و«الاستهبال»
صالح إبراهيم الطريقي
صديقي ..
مع احترامي الشديد وحبي، إلا أن بعض الشعوب العربية «يستهبلوا» أو هي ذاكرتهم مثقوبة، والأدق أنهم ولأسباب ثقافية يفضلون الوهم أكثر من العدل، قبل أن يكتشفوا ــ للمرة الألف ــ أنهم خدعوهم، في نفس الوقت يؤكدون «المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين»، وهم لم يكفوا عن أن يلدغوا.
آخر دهشة «استهبال» أصبتم به كان بعد خطاب «حسن نصر الله» الأخير، وكانوا يقولون: «انظروا.. إنه يعلن أن حزب الله ومنذ شهور يحارب بجانب نظام بشار»، مع أني لا أعرف ما الذي كانوا يتوقعونه من «نصر الله وحزبه» سوى أن يقفوا مع حلفائهم وحلفاء إيران؟
فقراءة سريعة لتاريخ حزب الله وكيف تأسس ومن أين جاء، وما اللغة التي كان يستعملها في بداية ثمانينات القرن الماضي في لوحاته المعلقة بلبنان، كافية لعدم اندهاشك مما يحدث؟
أما إن تعمقت أكثر في القراءة واختفاء «الصدر» الشيعي ذي النزعة العربية المعارض «لولاية إيران» بين ليبيا وإيطاليا، واشتعال الحرب بين «حزب الله» و«حزب أمل» في لبنان وقتل 600 شيعي من «حزب أمل» بعد اختفاء قائدهم «الصدر»؛ لإخضاعهم للتوجه الجديد، سيتبدد شكك ولن «تستهبل»، أو على أقل تقدير لن يدهشك ما يحدث فيما بعد.
ولكن ــ للأسف ــ خداعكم سهل جدا، يكفي إطلاق صاروخ واحد على إسرائيل، لتنقلبوا 180 درجة، فترفعوا مطلق الصاروخ على الأعناق كما حدث عام 2006م، وليس مهما إن حوصرت لبنان أرضا وجوا وبحرا، وقتل الآلاف ودمرت المنازل والمدارس والجسور والطرقات، المهم أن يعيش «الطاغية» وإن دمر الوطن.
المضحك أنه وبعد كل هذا الحصار، يخرج الطاغية الخائف من مخبئه، ليخبركم: «حدث انتصار إلهي لكم»، وأن إسرائيل التي حاصرت لبنان من ثماني جهات هزمت شر هزيمة، بعد أن دفع بحزبه إلى الداخل ليحل محله «قوات دولية»، تحمي أمن إسرائيل مقابل توقف طائرتها عن تدمير «لبنان».
صديقي..
متى «تبطلوا استهبال»، فلا تطالبون الآخر أن يحقق مصالحكم بدل مصالحه، والأهم أن تكفوا عن لعب دور الضحية، وأن الجميع يتآمرون عليكم، فالقضية أن كل طرف يبحث عن مصالحه، فيما أنتم تريدونهم أن يتخلوا عن مصالحهم، ليحققوا مصالحكم؟.