العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحـــــــــــوار مع الإسـماعيلية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-11, 10:47 AM   رقم المشاركة : 21
أبو سند
مشرف








أبو سند غير متصل

أبو سند is on a distinguished road


بارك الله فيك استاذي سيف الدين وأحييك على صبرك

وعلى الزامك المخالف بالمنهج العلمي ليصل الى الحق ان كان يريده







التوقيع :
معضلة التقية في دين الإمامية
جواب , لماذا أهل البيت وليس أهل البيوت ؟
من مواضيعي في المنتدى
»» لماذا وضعت في هذا الموضع ((بالذات)) ..؟
»» هل أخطأ نبي الله يونس عليه السلام في ظنه أم أصاب / حوار حول العصمة المطلقه
»» معقدين يا وهابيه شوفوا الدين الاثناعشري عروض متجدده حسب الزمان والمكان
»» فضيحه / عباس الزيدي وكيل المرجع اليعقوبي يكشف مخازي ومعارك مراجع النجف بجلسة خاصه
»» العلامه الدكتور فاضل المالكي / ينسف قول الامام دعوني والتمسوا غيري بسخافه !!
 
قديم 14-05-11, 09:13 PM   رقم المشاركة : 22
إسماعيلي واقعي
موقوف






إسماعيلي واقعي غير متصل

إسماعيلي واقعي is on a distinguished road


بل انت منطقك عجيب وغريب !!

فالنصراني لن يسالني مطلقا عن هذا الامام اذا لم يكن يعرف اساسا ما هي الامامة وماذا تعني ، وما هو الاسلام اساسا !

انت تريد الجواب وقد حكمت مسبقا في ردك وموضوعك هذا ، حسب مقياسك ، وعندما اردنا محاورتك رفضت !!

الست تؤمن بان ادم هو اول البشر؟
الست تقول بان المقصود في اية قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، هم الجن !

اذا اردت الجواب فعليك اولا ان تاخذ وتعطي ، لانك تحكم مسبقا على اعتقادات في عقلك وتظن انها مسلمات حقيقية لا جدال فيها !!

فانت وضعت مقدمه لكلامك ثم وضعت سؤالك !
وانا ساضع مقدمة لجوابي ثم بعدها اجيبك !

فالان هل تستطيع ان تبثت ان ادم هو اول البشر ؟
هل تستطيع ان تبثت ان المقصودين هم الجن في الايه السابقه ؟
هل لك ان تخبرني كيف يكون الانسان خليفه اذا لم يوجد احد غيره ؟!

ان تجاهلت الاجابات ، فاعتبر هذه اخر مشاركة لي في موضوعك !







 
قديم 15-05-11, 12:56 PM   رقم المشاركة : 23
الفاطمـي
موقوف






الفاطمـي غير متصل

الفاطمـي is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيف الدين_الهاشمي مشاهدة المشاركة
  
بسم الله الرحمن الرحيم
يعتقد الاسماعيلية ان الامامة هي اهم ركن في هذه الحياة لايجوز ان ينقطع أي عصر أو يخلو من وجود امام!!
لذا قسموا هذه الامامة الى مراتب أعلاها هو الامام المقيم او صاحب العصر او رب الوقت وهو الذي يمد الرسول الناطق بالامدادات وينعم عليه بالفيوضات والاسرار فهو أعلى مرتبة عندهم !!

بناء على هذه المقدمة فعصر أدم عليه السلام الذي هو اول رسول ناطق عند الاسماعيلية لابد ان يكون له امام مقيم!!
وبالفعل فهناك امام مقيم لآدم عليه السلام يمده وينعم عليه وهو الامام (هنيد) !!

ولنا نحن أهل السنة والجماعة أو اي عاقل وطالب حق حتى ان كان اسماعيلياً ان يسأل : من هو هذا الامام هنيد؟
ماهو جنسه؟ هل هو بشر؟ ملك؟ من الجن؟

ان كان بشراً فهذا تكذيب لصريح القرآن الكريم اذ ان أول البشر هو آدم عليه السلام قال تعالى( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين *فسجد الملائكة كلهم أجمعون * ) سورة ص الايات 71 الى 73

واذا كان من الملائكة فهل يسجد الامام المقيم الذي يربي ويعلم لمن يتعلم منه ؟! بل كيف يمده بالفيوضات والكشوفات وهو لايعلم مثل علمه ؟!! قال تعالى(( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) سورة البقرة الايات 31- 33

وان كان من الجن فلماذا قالت الملائكة ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) ومعلوم ان المقصود بالمفسدين هنا هم الجن !!
اذا قال قائل : فابليس كان من الجن وكان صالحاً فربما هنيد هذا صالح مثله!!

نقول اذا لماذا لم يحسده أبليس كونه من ابناء جلدته وأصبح اماماً مقيماً وهو اعظم منزلة من آدم الرسول الناطق؟!
عموماً ننتظر الاجابة من الزملاء ممن له علم بدينه ان كان لهم علم به !!

والله المستعان


وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا

الى الزميل الهاشمي بارك الله فيك , استدلالك بآيات الله باطل إن لم يكن بطلانه سابق في كتبك

تروض ثم تعلم ثم أسأل ولا تبني فرضيات باطله , تسيَر عليها هذا النقاش

المعروف سلفا مآله

تحياتي لك







 
قديم 15-05-11, 01:15 PM   رقم المشاركة : 24
AL-TAMIMI_
عضو ذهبي






AL-TAMIMI_ غير متصل

AL-TAMIMI_ is on a distinguished road



كان الله في عونك اخي سيف الدين

يااخوان السوال بسيط جدا

هل كان هنيد من البشر ولا من الجن ولا من الملائكه ؟

الجواب بسيط وان كنت لا تعلم قل لا اعلم

لاحوله ولا قوة الا بالله العلي العظيم






 
قديم 15-05-11, 01:34 PM   رقم المشاركة : 25
سيف الدين_الهاشمي
مشرف سابق








سيف الدين_الهاشمي غير متصل

سيف الدين_الهاشمي is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم
الزميل اسماعيلي هداك الله ..
هل أفهم من جوابك ان الاسماعيلية يتبنون نظرية ان آدم عليه السلام ليس اول البشر ؟؟!
طيب قول الله تعالى ( اني خالق بشراً من طين) يعني ان البشر الاول الذي سبق ادم عليه السلام ليس من طين لانه خصص خلق هذا البشر الذي هو ادم من الطين صلصال من حمأ مسنون !!
قال تعالى(وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)
فهل لك ان تدلنا وبالدليل على وجود بشر قبل ادم عليه السلام اذا كنت تتبنى هذه النظرية ومن اي مادة خلق؟!
أما استفهامك عن قول الله حكاية عن الملائكة ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) فالملائكة قد جبلت على طاعة الله تطيعه ابداً لا تعصيه وقد علمت مما رأته من الجن المخلوق قبل البشر وسكنوا الارض انهم افسدوا في الارض لان الله تعالى قال ( ان ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه) ومعلوم ان خلق ابليس كان قبل خلق ادم !!
قال تعالى( والجان خلقناه من قبل من نار السموم)
أعود واقول فعلمت الملائكة ان الله اختصهم وحدهم بهذه الميزة أي عدم عصيانه ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) وقوله ( (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ‏)‏
فظنوا ان هذا المخلوق الجديد للارض والذي سيتخالف نسله فيها سيكون كسابقه الجن يفسد في الارض ويسفك الدماء !!
وروى هذا القرطبي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما و ابي العالية .
سيقول قائل : وهل للجن دماء حتى تسفك؟
أقول: نعم .. لان من يقيس باصل الخلقه فليقس على نفسه ..فنحن مخلوقون من طين فهل من خواص الطين ان يكون له دماء ؟!
فمعلوم ان الجن يأكل ويشرب ولو كان على نفس هيئة اصل خلقته لمات من الماء ..
الدليل ان الجن يشربون الماء قوله تعالى( وجعلنا من الماء كل شىء حي)
اما معنى خليفة : فهي انهم يخلفون بعضهم بعضاً لا ان ادم هو خليفة الله في الارض فهذا خطأ شائع لان من يستخلف يغيب عمن يخلفه بل ويلزم زواله والله سبحانه وتعالى هو من يخلف الانسان في أهله وماله ونفسه لا العكس فتنبه!!
فالان هل سأجد جواب صريح على سؤالي دون توريه؟!
ماهو جنس هنيد ؟!
ملاحظة: بالطبع النصراني او الملحد او اليهودي او اي ملة كانت سيسألك عن هذا الامام دون ان يعرف الامامة !!
الا ترى انهم يسألون في كتاب الله وهم لا يعرفون الله !!
والله المستعان






التوقيع :
عن فضيل بن مرزوق سمعت ابا محمد الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب يقول لرجل من الرافضة( إن قتلك قربة إلى الله فقال إنك تمزح فقال والله ما هو مني بمزاح) قال مصعب الزبيري كان فضيل بن مرزوق يقول سمعت الحسن ابن الحسن يقول لرجل من الرافضة (أحبونا فإن عصينا الله فأبغضونا فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png بغير طاعة لنفع أباه وأمه) وروى فضيل بن مرزوق قال سمعت الحسن يقول دخل علي المغيرة بن سعيد يعني الذي أحرق في الزندقة فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png ثم لعن أبا بكر وعمر فقلت ياعدو الله أعندي ثم خنقته والله حتى دلع لسانه توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين وقيل في سبع وتسعين وقيل كانت شيعة العراق يمنون الحسن الإمارة مع أنه كان يبغضهم ديانة
(( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ))
من مواضيعي في المنتدى
»» بيان حقيقة المدعو ابو الفضل عزام
»» من فسر استوى باستولى فهو مجسم مشبه
»» استفهام هام ؟!
»» صوفي سني الى هنا تكرماً
»» حديث وسؤال !!
 
قديم 16-05-11, 03:48 PM   رقم المشاركة : 26
محب السعاده
عضو ماسي






محب السعاده غير متصل

محب السعاده is on a distinguished road


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيف الدين_الهاشمي مشاهدة المشاركة
  
بسم الله الرحمن الرحيم


الزميل اسماعيلي هداك الله ..


هل أفهم من جوابك ان الاسماعيلية يتبنون نظرية ان آدم عليه السلام ليس اول البشر ؟؟!


طيب قول الله تعالى ( اني خالق بشراً من طين) يعني ان البشر الاول الذي سبق ادم عليه السلام ليس من طين لانه خصص خلق هذا البشر الذي هو ادم من الطين صلصال من حمأ مسنون !!


قال تعالى(وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)


فهل لك ان تدلنا وبالدليل على وجود بشر قبل ادم عليه السلام اذا كنت تتبنى هذه النظرية ومن اي مادة خلق؟!


أما استفهامك عن قول الله حكاية عن الملائكة ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) فالملائكة قد جبلت على طاعة الله تطيعه ابداً لا تعصيه وقد علمت مما رأته من الجن المخلوق قبل البشر وسكنوا الارض انهم افسدوا في الارض لان الله تعالى قال ( ان ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه) ومعلوم ان خلق ابليس كان قبل خلق ادم !!


قال تعالى( والجان خلقناه من قبل من نار السموم)


أعود واقول فعلمت الملائكة ان الله اختصهم وحدهم بهذه الميزة أي عدم عصيانه ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) وقوله ( (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ‏)‏


فظنوا ان هذا المخلوق الجديد للارض والذي سيتخالف نسله فيها سيكون كسابقه الجن يفسد في الارض ويسفك الدماء !!


وروى هذا القرطبي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما و ابي العالية .


سيقول قائل : وهل للجن دماء حتى تسفك؟


أقول: نعم .. لان من يقيس باصل الخلقه فليقس على نفسه ..فنحن مخلوقون من طين فهل من خواص الطين ان يكون له دماء ؟!


فمعلوم ان الجن يأكل ويشرب ولو كان على نفس هيئة اصل خلقته لمات من الماء ..


الدليل ان الجن يشربون الماء قوله تعالى( وجعلنا من الماء كل شىء حي)


اما معنى خليفة : فهي انهم يخلفون بعضهم بعضاً لا ان ادم هو خليفة الله في الارض فهذا خطأ شائع لان من يستخلف يغيب عمن يخلفه بل ويلزم زواله والله سبحانه وتعالى هو من يخلف الانسان في أهله وماله ونفسه لا العكس فتنبه!!


فالان هل سأجد جواب صريح على سؤالي دون توريه؟!


ماهو جنس هنيد ؟!


ملاحظة: بالطبع النصراني او الملحد او اليهودي او اي ملة كانت سيسألك عن هذا الامام دون ان يعرف الامامة !!


الا ترى انهم يسألون في كتاب الله وهم لا يعرفون الله !!


والله المستعان




بارك الله فيك أخي / سيف الدين الهاشمي

ونرجو أن نرى جواباً






التوقيع :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴿73﴾ مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }
...
شهادة احد علماء الإسماعيلية على عبادتهم الكواكب والمجموعة الشمسية وانها ليست إلا الله:

http://dd-sunnah.net/forum/image.php...ine=1433558826
من مواضيعي في المنتدى
»» طعن الإسماعيلية في رسول الله عليه الصلاة والسلام
»» القول المبين بأن ارواح ولحم وعظم الكلاب هو الله عند علماء الإسماعيلية المفترين
»» تحدي للباطنية هل لديكم دليل واحد من كتاب الله ينفي الصفات عن غيب الغيوب...
»» سلسلة أقوال الباطنية الخفية لإبطال النبوة وهدم دين رب البرية/ 13
»» طلال أنت مطلوب فلا تهرب
 
قديم 16-05-11, 07:30 PM   رقم المشاركة : 27
إسماعيلي واقعي
موقوف






إسماعيلي واقعي غير متصل

إسماعيلي واقعي is on a distinguished road


اخي الكريم هداك الله /

ما ورد في ردك الاخير يحمل مغالطات ومتناقضات ، ومن تفاسيركم ابن كثير والقرطبي والطبري والجلالين !
فلا ادري على اي اساس ارد على عقيدة متناقضه في الاساس !!

فمرة تقولون ان المقصودين بالافساد هم البشر ومرة تقولون هم الجن !

ومرة تقولون ان ابليس كان من الجن واخرى تقولون كان من الملائكة !
ومرة تقولون ان الخليفة هو من يخلف بعده ومرة تاتون بمعنى اخر لها !

اني انصحك لوجه الله ان كنت تريد النصيحة ، ان تترك الامام هنيد وجنسه في حاله ، وتهتم في كتبك التي تفسر كلام الله بتفسير متناقض مع بعضه ، اهتم بما لديك وابحث عن الحق بين هذا الكوم المتناقض قبل ان تذهب للاخرين وتنتقدهم بشيء لا تعلمه ولا تفهمه من الاساس ، وفوق كل هذا هو في كتبك متنافض ومختلف يضرب بعضه بعضا !


اعذرني على الصراحة فقد كنت انوي ان اكمل معك النقاش كونك تجاوبت مع اسئلتي ، لكن جوابك كان غموض وتحير واختلاف في الاجابه بعد مقارنته مع تفاسير علمائك فعرفتم انكم لستم متفقون على شيء ، فكيف اناقشكم وانتم تجهلون ايات الله في الاساس !

وخذ لك نظرة انت والمتابعين ، وعسى ما يشيب راسكم من كثر ما تقراون مثل ما حدث لي

{30} وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلْمَلَائِكَةِ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْمَلَائِكَة جَمْع مَلَك , غَيْر أَنَّ وَاحِدهمْ بِغَيْرِ الْهَمْز أَكْثَر وَأَشْهَر فِي كَلَام الْعَرَب مِنْهُ بِالْهَمْزِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي وَاحِدهمْ مَلَك مِنْ الْمَلَائِكَة , فَيَحْذِفُونَ الْهَمْز مِنْهُ , وَيُحَرِّكُونَ اللَّامّ الَّتِي كَانَتْ مُسَكَّنَة لَوْ هَمْز الِاسْم . وَإِنَّمَا يُحَرِّكُونَهَا بِالْفَتْحِ , لِأَنَّهُمْ يَنْقُلُونَ حَرَكَة الْهَمْزَة الَّتِي فِيهِ بِسُقُوطِهَا إلَى الْحَرْف السَّاكِن قَبْلهَا , فَإِذَا جَمَعُوا وَاحِدهمْ رَدُّوا الْجَمْع إلَى الْأَصْل وَهَمَزُوا , فَقَالُوا : مَلَائِكَة . وَقَدْ تَفْعَل الْعَرَب نَحْو ذَلِكَ كَثِيرًا فِي كَلَامهَا , فَتَتْرُك الْهَمْز فِي الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ مَهْمُوزَة فَيَجْرِي كَلَامهمْ بِتَرْكِ هَمْزهَا فِي حَال , وَبِهَمْزِهَا فِي أُخْرَى , كَقَوْلِهِمْ : رَأَيْت فُلَانًا , فَجَرَى كَلَامهمْ بِهَمْزِ رَأَيْت , ثُمَّ قَالُوا : نَرَى وَتَرَى وَيَرَى , فَجَرَى كَلَامهمْ فِي يَفْعَل وَنَظَائِرهَا بِتَرْكِ الْهَمْز , حَتَّى صَارَ الْهَمْز مَعَهَا شَاذًّا مَعَ كَوْن الْهَمْز فِيهَا أَصْلًا . فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي مَلَك وَمَلَائِكَة , جَرَى كَلَامهمْ بِتَرْكِ الْهَمْز مِنْ وَاحِدهمْ , وَبِالْهَمْزِ فِي جَمِيعهمْ . وَرُبَّمَا جَاءَ الْوَاحِد مَهْمُوزًا كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَلَسْت لِإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لَمِلْأَك تَحَدَّرَ مِنْ جَوّ السَّمَاء يَصُوب وَقَدْ يُقَال فِي وَاحِدهمْ : مَأْلُك , فَيَكُون ذَلِكَ مِثْل قَوْلهمْ : جَبَذَ وَجَذَبَ , وَشَأْمَل وَشَمْأَل , وَمَا أَشَبَه ذَلِكَ مِنْ الْحُرُوف الْمَقْلُوبَة . غَيْر أَنَّ الَّذِي يَجِب إذَا سُمِّيَ وَاحِدهمْ مَأْلُك , أَنْ يُجْمَع إذْ جَمَعَ عَلَى ذَلِكَ : مَالِك , وَلَسْت أَحْفَظ جَمْعهمْ كَذَلِكَ سَمَاعًا , وَلَكِنَّهُمْ قَدْ يَجْمَعُونَ مَلَائِك وَمَلَائِكَة , كَمَا يُجْمَع أَشْعَث : أَشَاعِث وَأَشَاعِثَة , وَمِسْمَع : مَسَامِع وَمَسَامِعَة . قَالَ أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت فِي جَمْعهمْ كَذَلِكَ : وَفِيهَا مِنْ عِبَاد اللَّه قَوْم مَلَائِك ذَلِّلُوا وَهُمُ صِعَاب وَأَصْل الْمَلْأَك : الرِّسَالَة , كَمَا قَالَ عَدِيّ بْن زَيْد الْعَبَّادِيّ أَبْلِغْ النُّعْمَان عَنِّي ملأكا أَنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارِي وَقَدْ يُنْشَد " مَأْلُكًا " عَلَى اللُّغَة الْأُخْرَى , فَمَنْ قَالَ : ملأكا , فَهُوَ مُفْعِل مِنْ لَأَكَ إلَيْهِ يَلْأَكُ : إذَا أَرْسَلَ إلَيْهِ رِسَالَة ملأكة . وَمَنْ قَالَ : مَأْلُكًا , فَهُوَ مُفْعِل مِنْ أَلَكْت إلَيْهِ آلُك : إذَا أَرْسَلْت إلَيْهِ مَأْلُكَة وَأَلُوكًا , كَمَا قَالَ لَبِيد بْن رَبِيعَة : وَغُلَام أَرْسَلَتْهُ أُمّه بِأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سَأَلَ فَهَذَا مِنْ أَلَكْت . وَمِنْهُ قَوْل نَابِغَة بَنِي ذُبْيَان : أَلِكْنِي يَا عُيَيْنُ إلَيْك قَوْلًا سَتُهْدِيهِ الرِّوَاة إلَيْك عَنِّي وَقَالَ عَبْد بَنِي الحسحاس : أَلِكْنِي إلَيْهَا عَمْرك اللَّه يَا فَتَى بِآيَةِ مَا جَاءَتْ إلَيْنَا تَهَادِيًا يَعْنِي بِذَلِكَ : أَبْلِغْهَا رِسَالَتِي . فَسُمِّيَتْ الْمَلَائِكَة مَلَائِكَة بِالرِّسَالَةِ , لِأَنَّهَا رُسُل اللَّه بَيْنه وَبَيْن أَنْبِيَائِهِ وَمَنْ أُرْسِلَتْ إلَيْهِ مِنْ عِبَاده .
{30} وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي قَوْله : { إنِّي جَاعِل } , فَقَالَ بَعْضهمْ : إنِّي فَاعِل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 500 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , وَمُبَارَك عَنْ الْحَسَن , وَأَبِي بَكْر , يَعْنِي الْهُذَلِيّ عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَةُ , قَالُوا : قَالَ اللَّه لِلْمَلَائِكَةِ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } قَالَ لَهُمْ : إنِّي فَاعِل . وَقَالَ آخَرُونَ : إنِّي خَالِق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 501 - حُدِّثْت عَنْ المنجاب بْن الْحَارِث قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة عَنْ أَبِي رَوْق , قَالَ : كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن " جَعْل " فَهُوَ خَلْق . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب فِي تَأْوِيل قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } أَيْ مُسْتَخْلَف فِي الْأَرْض خَلِيفَة وَمُصِير فِيهَا خَلَفًا , وَذَلِكَ أَشَبَه بِتَأْوِيلِ قَوْل الْحَسَن وَقَتَادَةُ . وَقِيلَ إنَّ الْأَرْض الَّتِي ذَكَرهَا اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة هِيَ مَكَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 502 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن سَابِطٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " دُحِيَتْ الْأَرْض مِنْ مَكَّة . وَكَانَتْ الْمَلَائِكَة تَطُوف بِالْبَيْتِ , فَهِيَ أَوَّل مَنْ طَافَ بِهِ , وَهِيَ الْأَرْض الَّتِي قَالَ اللَّه : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } , وَكَانَ النَّبِيّ إذَا هَلَكَ قَوْمه وَنَجَا هُوَ وَالصَّالِحُونَ أَتَى هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فَعَبَدُوا اللَّه بِهَا حَتَّى يَمُوتُوا , فَإِنَّ قَبْر نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ بَيْن زَمْزَم وَالرُّكْن وَالْمَقَام "
{30} وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { خَلِيفَة } وَالْخَلِيفَة الْفَعِيلَة , مِنْ قَوْلك : خَلَف فُلَان فُلَانًا فِي هَذَا الْأَمْر إذَا قَامَ مَقَامه فِيهِ بَعْده , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِف فِي الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ لِنَنْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ } 10 14 يَعْنِي بِذَلِكَ : أَنَّهُ أَبْدَلَكُمْ فِي الْأَرْض مِنْهُمْ فَجَعَلَكُمْ خُلَفَاء بَعْدهمْ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلسُّلْطَانِ الْأَعْظَم : خَلِيفَة , لِأَنَّهُ خَلَف الَّذِي كَانَ قَبْله , فَقَامَ بِالْأَمْرِ مَقَامه , فَكَانَ مِنْهُ خَلَفًا , يُقَال مِنْهُ : خَلَف الْخَلِيفَة يَخْلُف خِلَافَة وَخَلِيفًا , وَكَانَ ابْن إسْحَاق يَقُول بِمَا : 503 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } يَقُول : سَاكِنًا وَعَامِرًا يَسْكُنهَا وَيَعْمُرهَا خَلَقًا لَيْسَ مِنْكُمْ . وَلَيْسَ الَّذِي قَالَ ابْن إسْحَاق فِي مَعْنَى الْخَلِيفَة بِتَأْوِيلِهَا , وَإِنْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إنَّمَا أَخْبَرَ مَلَائِكَته أَنَّهُ جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة يَسْكُنهَا , وَلَكِنْ مَعْنَاهَا مَا وَصَفْت قَبْل . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَمَا الَّذِي كَانَ فِي الْأَرْض قَبْل بَنِي آدَم لَهَا عَامِرًا فَكَانَ بَنُو آدَم بَدَلًا مِنْهُ وَفِيهَا مِنْهُ خَلَفًا ؟ قِيلَ : قَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ . 504 - فَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : أَوَّل مَنْ سَكَنَ الْأَرْض الْجِنّ , فَأَفْسَدُوا فِيهَا , وَسَفَكُوا فِيهَا الدِّمَاء , وَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا . قَالَ : فَبَعَثَ اللَّه إلَيْهِمْ إبْلِيس فِي جُنْد مِنْ الْمَلَائِكَة , فَقَتَلَهُمْ إبْلِيس وَمَنْ مَعَهُ , حَتَّى أَلْحَقَهُمْ بِجَزَائِر الْبُحُور وَأَطْرَاف الْجِبَال ; ثُمَّ خَلَقَ آدَم فَأَسْكَنَهُ إيَّاهَا , فَلِذَلِكَ قَالَ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } . فَعَلَى هَذَا الْقَوْل إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة مِنْ الْجِنّ يَخْلُفُونَهُمْ فِيهَا فَيَسْكُنُونَهَا وَيُعَمِّرُونَهَا . 505 - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } الْآيَة , قَالَ : إنَّ اللَّه خَلَقَ الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبِعَاء , وَخَلَقَ الْجِنّ يَوْم الْخَمِيس , وَخَلَقَ آدَم يَوْم الْجُمُعَة , فَكَفَرَ قَوْم مِنْ الْجِنّ , فَكَانَتْ الْمَلَائِكَة تَهْبِط إلَيْهِمْ فِي الْأَرْض فَتُقَاتِلهُمْ , فَكَانَتْ الدِّمَاء وَكَانَ الْفَسَاد فِي الْأَرْض . وَقَالَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيل قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } أَيْ خَلَفًا يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا , وَهُمْ وَلَد آدَم الَّذِينَ يَخْلُفُونَ أَبَاهُمْ آدَم , وَيَخْلُف كُلّ قَرْن مِنْهُمْ الْقَرْن الَّذِي سَلَف قَبْله . وَهَذَا قَوْل حُكِيَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَنَظِير لَهُ مَا : 506 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ ابْن سَابِطٍ فِي قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } قَالَ : يَعْنُونَ بِهِ بَنِي آدَم . 507 - وَحَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد قَالَ اللَّه لِلْمَلَائِكَةِ : إنِّي أُرِيد أَنْ أَخْلُق فِي الْأَرْض خَلْقًا , وَأَجْعَل فِيهَا خَلِيفَة , وَلَيْسَ لِلَّهِ يَوْمئِذٍ خَلْق إلَّا الْمَلَائِكَة وَالْأَرْض لَيْسَ فِيهَا خَلْق . وَهَذَا الْقَوْل يَحْتَمِل مَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَن , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ ابْن زَيْد أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ الْمَلَائِكَة أَنَّهُ جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة لَهُ , يَحْكُم فِيهَا بَيْن خَلْقه بِحُكْمِهِ , نَظِير مَا : 508 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ ابْن عَبَّاس وَعَنْ مُرَّة عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } قَالُوا : رَبّنَا وَمَا يَكُون ذَلِكَ الْخَلِيفَة ؟ قَالَ : يَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا . فَكَانَ تَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس : إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة مِنِّي يَخْلُفنِي فِي الْحُكْم بَيْن خَلْقِي , وَذَلِكَ الْخَلِيفَة هُوَ آدَم وَمَنْ قَامَ مَقَامه فِي طَاعَة اللَّه وَالْحُكْم بِالْعَدْلِ بَيْن خَلْقه . وَأَمَّا الْإِفْسَاد وَسَفْك الدِّمَاء بِغَيْرِ حَقّهَا فَمِنْ غَيْر خُلَفَائِهِ , وَمِنْ غَيْر آدَم وَمَنْ قَامَ مَقَامه فِي عِبَاد اللَّه ; لِأَنَّهُمَا أَخْبَرَا أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ إذْ سَأَلُوهُ : مَا ذَاكَ الْخَلِيفَة : إنَّهُ خَلِيفَة يَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا . فَأَضَافَ الْإِفْسَاد وَسَفْك الدِّمَاء بِغَيْرِ حَقّهَا إلَى ذُرِّيَّة خَلِيفَته دُونه وَأَخْرَجَ مِنْهُ خَلِيفَته . وَهَذَا التَّأْوِيل وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فِي مَعْنَى الْخَلِيفَة مَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَن مِنْ وَجْه , فَمُوَافِق لَهُ مِنْ وَجْه . فَأَمَّا مُوَافَقَته إيَّاهُ فَصَرْف مُتَأَوِّلِيهِ إضَافَة الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض وَسَفْك الدِّمَاء فِيهَا إلَى غَيْر الْخَلِيفَة . وَأَمَّا مُخَالَفَته إيَّاهَا فَإِضَافَتهمَا الْخِلَافَة إلَى آدَم بِمَعْنَى اسْتِخْلَاف اللَّه إيَّاهُ فِيهَا , وَإِضَافَة الْحَسَن الْخِلَافَة إلَى وَلَده بِمَعْنَى خِلَافَة بَعْضهمْ بَعْضًا , وَقِيَام قَرْن مِنْهُمْ مَقَام قَرْن قَبْلهمْ , وَإِضَافَة الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض وَسَفْك الدِّمَاء إلَى الْخَلِيفَة . وَاَلَّذِي دَعَا الْمُتَأَوِّلِينَ قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } فِي التَّأْوِيل الَّذِي ذُكِرَ عَنْ الْحَسَن إلَى مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْمَلَائِكَة إنَّمَا قَالَتْ لِرَبِّهَا إذْ قَالَ لَهُمْ رَبّهمْ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مِنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } إخْبَارًا مِنْهَا بِذَلِكَ عَنْ الْخَلِيفَة الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَاعِله فِي الْأَرْض لَا غَيْره ; لِأَنَّ الْمُحَاوَرَة بَيْن الْمَلَائِكَة وَبَيْن رَبّهَا عَنْهُ جَرَتْ . قَالُوا : فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه قَدْ بَرَّأَ آدَم مِنْ الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض وَسَفْك الدِّمَاء وَطَهَّرَهُ مِنْ ذَلِكَ , عُلِمَ أَنَّ الَّذِي عَنَى بِهِ غَيْره مِنْ ذُرِّيَّته , فَثَبَتَ أَنَّ الْخَلِيفَة الَّذِي يُفْسِد فِي الْأَرْض وَيَسْفِك الدِّمَاء هُوَ غَيْر آدَم , وَأَنَّهُمْ وَلَده الَّذِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَى الْخِلَافَة الَّتِي ذَكَرهَا اللَّه إنَّمَا هِيَ خِلَافَة قَرْن مِنْهُمْ قَرْنًا غَيْرهمْ لِمَا وَصَفْنَا . وَأَغْفَلَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة وَمُتَأَوِّلُو الْآيَة هَذَا التَّأْوِيل سَبِيل التَّأْوِيل , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَة إذْ قَالَ لَهَا رَبّهَا : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } لَمْ تُضْفِ الْإِفْسَاد وَسَفْك الدِّمَاء فِي جَوَابهَا رَبّهَا إلَى خَلِيفَته فِي أَرْضه , بَلْ قَالَتْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } , وَغَيْر مُنْكَر أَنْ يَكُون رَبّهَا أَعْلَمَهَا أَنَّهُ يَكُون لِخَلِيفَتِهِ ذَلِكَ ذُرِّيَّة يَكُون مِنْهُمْ الْإِفْسَاد وَسَفْك الدِّمَاء , فَقَالَتْ : يَا رَبّنَا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء ؟ كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس , وَمَنْ حَكَيْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَهْل التَّأْوِيل .







 
قديم 16-05-11, 07:32 PM   رقم المشاركة : 28
إسماعيلي واقعي
موقوف






إسماعيلي واقعي غير متصل

إسماعيلي واقعي is on a distinguished road


} وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } قَالَ أَبُو جَعْفَر : إنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قَالَتْ الْمَلَائِكَة لِرَبِّهَا إذْ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } وَلَمْ يَكُنْ آدَم بَعْد مَخْلُوقًا وَلَا ذُرِّيَّته , فَيَعْلَمُوا مَا يَفْعَلُونَ عِيَانًا ؟ أَعَلِمَتْ الْغَيْب فَقَالَتْ ذَلِكَ , أَمْ قَالَتْ مَا قَالَتْ مِنْ ذَلِكَ ظَنًّا , فَذَلِكَ شَهَادَة مِنْهَا بِالظَّنِّ وَقَوْل بِمَا لَا تَعْلَم , وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ صِفَتهَا , فَمَا وَجْه قَيْلهَا ذَلِكَ لِرَبِّهَا ؟ قِيلَ : قَدْ قَالَتْ الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا ; وَنَحْنُ ذَاكِرُو أَقْوَالهمْ فِي ذَلِكَ , ثُمَّ مُخْبِرُونَ بِأَصَحِّهَا بُرْهَانًا وَأَوْضَحَهَا حُجَّةً . فَرُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ مَا : 509 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ إبْلِيس مِنْ حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْمَلَائِكَة , يُقَال لَهُمْ " الْحِنّ " خُلِقُوا مِنْ نَار السَّمُوم مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة , قَالَ : وَكَانَ اسْمه الْحَارِث . قَالَ : وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ مِنْ نُور غَيْر هَذَا الْحَيّ . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْجِنّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآن مِنْ مَارِج مِنْ نَار , وَهُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يَكُون فِي طَرَفهَا إذْ أُلْهِبَتْ . قَالَ : وَخُلِقَ الْإِنْسَان مِنْ طِين , فَأَوَّل مَنْ سَكَنَ الْأَرْض الْجِنّ , فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاء , وَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا . قَالَ : فَبَعَثَ اللَّه إلَيْهِمْ إبْلِيس فِي جُنْد مِنْ الْمَلَائِكَة , وَهُمْ هَذَا الْحَيّ الَّذِينَ يُقَال لَهُمْ " الْحِنّ " فَقَتَلَهُمْ إبْلِيس وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَلْحَقهُمْ بِجَزَائِر الْبُحُور وَأَطْرَاف الْجِبَال . فَلَمَّا فَعَلَ إبْلِيس ذَلِكَ اغْتَرَّ فِي نَفْسه , وَقَالَ : قَدْ صَنَعْت شَيْئًا لَمْ يَصْنَعهُ أَحَد . قَالَ : فَاطَّلَعَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَلْبه , وَلَمْ تَطَّلِع عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ ; فَقَالَ اللَّه لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة مُجِيبِينَ لَهُ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } كَمَا أَفْسَدَتْ الْجِنّ وَسَفَكَتْ الدِّمَاء ؟ وَإِنَّمَا بُعِثْنَا عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ . فَقَالَ : { إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } يَقُول : إنِّي قَدْ اطَّلَعْت مِنْ قَلْب إبْلِيس عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعُوا عَلَيْهِ مِنْ كِبْره وَاغْتِرَاره , قَالَ : ثُمَّ أَمَرَ بِتُرْبَةِ آدَم فَرُفِعَتْ , فَخَلَقَ اللَّه آدَم مِنْ طِين لَازِب - وَاللَّازِب : اللَّزِج الصُّلْب مِنْ حَمَأ مَسْنُون - مُنْتِن . قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأ مَسْنُونًا بَعْد التُّرَاب . قَالَ : فَخَلَقَ مِنْهُ آدَم بِيَدِهِ . قَالَ فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَة جَسَدًا مُلْقًى , فَكَانَ إبْلِيس يَأْتِيه فَيَضْرِبهُ بِرِجْلِهِ فَيُصَلْصِل - أَيْ فَيُصَوِّت - قَالَ : فَهُوَ قَوْل اللَّه : { مِنْ صَلْصَال كَالْفَخَّارِ } 55 14 يَقُول : كَالشَّيْءِ الْمَنْفُوخ الَّذِي لَيْسَ بِمُصْمَتٍ , قَالَ : ثُمَّ يَدْخُل فِي فِيهِ وَيَخْرَج مِنْ دُبُره , وَيَدْخُل مِنْ دُبُره وَيَخْرُج مِنْ فِيهِ , ثُمَّ يَقُول : لَسْت شَيْئًا ! لِلصَّلْصَلَةِ , وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْت ! لَئِنْ سُلِّطْت عَلَيْك لَأَهْلِكَنَّكَ , وَلَئِنْ سُلِّطْت عَلَيَّ لَأَعْصِيَنَّكَ . قَالَ : فَلَمَّا نَفَخَ اللَّه فِيهِ مِنْ رُوحه , أَتَتْ النَّفْخَة مِنْ قِبَل رَأْسه , فَجَعَلَ لَا يَجْرِي شَيْء مِنْهَا فِي جَسَده إلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا . فَلَمَّا انْتَهَتْ النَّفْخَة إلَى سُرَّته نَظَرَ إلَى جَسَده , فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ حُسْنه , فَذَهَبَ لِيَنْهَض فَلَمْ يَقْدِر , فَهُوَ قَوْل اللَّه : { وَكَانَ الْإِنْسَان عُجُولًا } 17 11 قَالَ : ضَجِرًا لَا صَبْر لَهُ عَلَى سَرَّاء وَلَا ضَرَّاء . قَالَ : فَلَمَّا تَمَّتْ النَّفْخَة فِي جَسَده عَطَسَ فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ , بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّه تَعَالَى . فَقَالَ اللَّه لَهُ : يَرْحَمك اللَّه يَا آدَم . قَالَ : ثُمَّ قَالَ اللَّه لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إبْلِيس خَاصَّة دُون الْمَلَائِكَة الَّذِينَ فِي السَّمَوَات : اُسْجُدُوا لِآدَم ! فَسَجَدُوا كُلّهمْ أَجْمَعُونَ إلَّا إبْلِيس أَبَى وَاسْتَكْبَرَ لِمَا كَانَ حَدَّثَ بِهِ نَفْسه مِنْ كِبْره وَاغْتِرَاره , فَقَالَ : لَا أَسْجُد لَهُ وَأَنَا خَيْر مِنْهُ وَأَكْبَر سِنًّا وَأَقْوَى خَلْقًا , خَلَقْتَنِي مِنْ نَار وَخَلَقْته مِنْ طِين . يَقُول : إنَّ النَّار أَقْوَى مِنْ الطِّين . قَالَ : فَلَمَّا أَبَى إبْلِيس أَنْ يَسْجُد أَبْلَسَهُ اللَّه , وَآيَسَهُ مِنْ الْخَيْر كُلّه , وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبَة لِمَعْصِيَتِهِ , ثُمَّ عَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا , وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاء الَّتِي يَتَعَارَف بِهَا النَّاس : إنْسَان وَدَابَّة وَأَرْض وَسَهْل وَبَحْر وَجَبَل وَحِمَار , وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْأُمَم وَغَيْرهَا . ثُمَّ عَرَضَ هَذِهِ الْأَسْمَاء عَلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَة , يَعْنِي الْمَلَائِكَة الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إبْلِيس الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَار السَّمُوم , وَقَالَ لَهُمْ : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ } يَقُول : أَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَجْعَل فِي الْأَرْض خَلِيفَة . قَالَ : فَلَمَّا عَلِمَتْ الْمَلَائِكَة مُؤَاخَذَة اللَّه عَلَيْهِمْ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ مِنْ عِلْم الْغَيْب الَّذِي لَا يَعْلَمهُ غَيْره الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْم , قَالُوا : سُبْحَانك ! تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُون أَحَدٌ يَعْلَم الْغَيْب غَيْره , تُبْنَا إلَيْك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا ! تَبَرِّيًا مِنْهُمْ مِنْ عِلْم الْغَيْب , إلَّا مَا عَلَّمْتنَا كَمَا عَلَّمْت آدَم . فَقَالَ : { يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ } يَقُول : أَخْبِرْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ { فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ } أَيّهَا الْمَلَائِكَة خَاصَّة { إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض } وَلَا يَعْلَمهُ غَيْرِي { وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ } يَقُول : مَا تُظْهِرُونَ { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } يَقُول : أَعْلَم السِّرّ كَمَا أَعْلَم الْعَلَانِيَة , يَعْنِي مَا كَتَمَ إبْلِيس فِي نَفْسه مِنْ الْكِبْر وَالِاغْتِرَار . وَهَذِهِ الرِّوَايَة عَنْ ابْن عَبَّاس تُنْبِئ عَنْ أَنَّ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرَصّ خَلِيفَة } خِطَاب مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِخَاصٍّ مِنْ الْمَلَائِكَة دُون الْجَمِيع , وَأَنَّ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْمَلَائِكَة كَانُوا قَبِيلَة إبْلِيس خَاصَّة , الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ جِنّ الْأَرْض قَبْل خَلْق آدَم . وَأَنَّ اللَّه إنَّمَا خَصَّهُمْ بِقَيْلِ ذَلِكَ امْتِحَانًا مِنْهُ لَهُمْ وَابْتِلَاء لِيُعَرِّفهُمْ قُصُور عِلْمهمْ وَفَضْل كَثِير مِمَّنْ هُوَ أَضَعْف خَلْقًا مِنْهُمْ مِنْ خَلْقه عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ كَرَامَته لَا تُنَال بِقَوَى الْأَبَدَانِ وَشِدَّة الْأَجْسَام كَمَا ظَنَّهُ إبْلِيس عَدُوّ اللَّه . وَيُصَرِّح بِأَنَّ قَيْلهمْ لِرَبِّهِمْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } كَانَتْ هَفْوَة مِنْهُمْ وَرَجْمًا بِالْغَيْبِ , وَأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَطْلَعَهُمْ عَلَى مَكْرُوه مَا نَطَقُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَوَقَفَهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى تَابُوا وَأَنَابُوا إلَيْهِ مِمَّا قَالُوا وَنَطَقُوا مِنْ رَجْم الْغَيْب بِالظُّنُونِ , وَتَبَرَّءُوا إلَيْهِ أَنْ يُعَلِّم الْغَيْب غَيْره , وَأَظْهَرَ لَهُمْ مِنْ إبْلِيس مَا كَانَ مُنْطَوِيًا عَلَيْهِ مِنْ الْكِبْر الَّذِي قَدْ كَانَ عَنْهُمْ مُسْتَخْفِيًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس خِلَاف هَذِهِ الرِّوَايَة , وَهُوَ مَا : 510 - حَدَّثَنِي به موسى بن هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذَكَرَهُ عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لما فرغ الله من خلق ما أَحَبَّ , استوى على العرش فجعل إبليس عَلَى مُلْك سَمَاء الدُّنْيَا , وَكَانَ مِنْ قَبِيلَة مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ ; وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنّ لِأَنَّهُمْ خُزَّان الْجَنَّة . وَكَانَ إبْلِيس مَعَ مُلْكه خَازِنًا , فَوَقَعَ فِي صَدْره كِبْر وَقَالَ : مَا أَعْطَانِي اللَّه هَذَا إلَّا لِمَزِيَّةٍ لِي - هَكَذَا قَالَ مُوسَى بْن هَارُونَ , وَقَدْ حَدَّثَنِي بِهِ غَيْره وَقَالَ : لِمَزِيَّةٍ لِي عَلَى الْمَلَائِكَة - فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ الْكِبْر فِي نَفْسه , اطَّلَعَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ اللَّه لِلْمَلَائِكَةِ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } قَالُوا : رَبّنَا وَمَا يَكُون ذَلِكَ الْخَلِيفَة ؟ قَالَ : يَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا { قَالُوا } رَبّنَا { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك قَالَ إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } يَعْنِي مِنْ شَأْن إبْلِيس . فَبَعَثَ جِبْرِيل إلَى الْأَرْض لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا , فَقَالَتْ الْأَرْض : إنِّي أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْك أَنْ تُنْقِص مِنِّي أَوْ تَشِيننِي ! فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذ وَقَالَ : رَبّ إنَّهَا عَاذَتْ بِك فَأَعَذْتهَا . فَبَعَثَ اللَّه مِيكَائِيل , فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا , فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيل . فَبَعَثَ مَلَك الْمَوْت , فَعَاذَتْ مِنْهُ فَقَالَ : وَأَنَا أَعُوذ بِاَللَّهِ أَنْ أَرْجِع وَلَمْ أُنَفِّذ أَمْره . فَأَخَذَ مِنْ وَجْه الْأَرْض وَخَلَطَ , فَلَمْ يَأْخُذ مِنْ مَكَان وَاحِد , وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَة حَمْرَاء وَبَيْضَاء وَسَوْدَاء ; فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَم مُخْتَلِفِينَ , فَصَعِدَ بِهِ فَبَلْ التُّرَاب حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا - وَاللَّازِب : هُوَ الَّذِي يَلْتَزِق بَعْضه بِبَعْضٍ - ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى أَنْتَنَ وَتَغَيَّرَ , وَذَلِكَ حِين يَقُول : { مِنْ حَمَأ مَسْنُون } 15 28 قَالَ : مُنْتِن , ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ { إنِّي خَالِق بَشَرًا مِنْ طِين فَإِذَا سَوَّيْته وَنَفَخْت فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } 38 71 : 72 فَخَلَقَهُ اللَّه بِيَدَيْهِ لِكَيْلَا يَتَكَبَّر إبْلِيس عَلَيْهِ لِيَقُولَ لَهُ : تَتَكَبَّر عَمَّا عَمِلْت بِيَدَيَّ وَلَمْ أَتَكَبَّر أَنَا عَنْهُ ؟ فَخَلَقَهُ بَشَرًا , فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِين أَرْبَعِينَ سَنَة مِنْ مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة . فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَة فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ , وَكَانَ أَشَدّهمْ مِنْهُ فَزِعًا إبْلِيس , فَكَانَ يَمُرّ فَيَضْرِبهُ , فَيُصَوِّت الْجَسَد كَمَا يُصَوِّت الْفَخَّار وَتَكُون لَهُ صَلْصَلَة , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { مِنْ صَلْصَال كَالْفَخَّارِ } 55 14 وَيَقُول لِأَمْرٍ مَا خُلِقْت ! وَدَخَلَ فِيهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُره , فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا , فَإِنَّ رَبّكُمْ صَمَد وَهَذَا أَجْوَف , لَئِنْ سُلِّطْت عَلَيْهِ لَأَهْلِكَنَّهُ ! فَلَمَّا بَلَغَ الْحِين الَّذِي يُرِيد اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَنْفُخ فِيهِ الرُّوح , قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : إذَا نَفَخْت فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ ! فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوح , فَدَخَلَ الرُّوح فِي رَأْسه عَطَسَ , فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَة : قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ ! فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ , فَقَالَ لَهُ اللَّه : رَحِمَك رَبّك ! فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوح فِي عَيْنَيْهِ , نَظَرَ إلَى ثِمَار الْجَنَّة , فَلَمَّا دَخَلَ فِي جَوْفه اشْتَهَى الطَّعَام , فَوَثَبَ قَبْل أَنْ تَبْلُغ الرُّوح رِجْلَيْهِ عَجْلَان إلَى ثِمَار الْجَنَّة , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { خُلِقَ الْإِنْسَان مِنْ عَجَل } 21 37 فَسَجَدَ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ أَجْمَعُونَ إلَّا إبْلِيس أَبَى أَنْ يَكُون مَعَ السَّاجِدِينَ - أَيْ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ - قَالَ اللَّه لَهُ : { مَا مَنَعَك أَنْ تَسْجُد } إذْ أَمَرْتُك { لِمَا خَلَقْت بِيَدَيَّ قَالَ أَنَا خير مِنْهُ } لم أَكُنْ لِأَسْجُد لِبَشَرٍ خَلَقْته مِنْ طِين , قَالَ اللَّهُ لَهُ : { اُخْرُجْ مِنْهَا فَمَا يَكُون لَك } يَعْنِي مَا يَنْبَغِي لَك { أَنْ تَتَكَبَّر فِيهَا فَاخْرُجْ إنَّك مِنْ الصَّاغِرِينَ } وَالصَّغَار هُوَ الذُّلّ . قَالَ : وَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا , ثُمَّ عَرَضَ الْخَلْق عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنَّ بَنِي آدَم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء , فَقَالُوا لَهُ : { سُبْحَانك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم } اللَّه : { قَالَ يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } قَالَ : قَوْلهمْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } فَهَذَا الَّذِي أَبَدَوْا , وَأَعْلَم مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ , يَعْنِي مَا أَسَرَّ إبْلِيس فِي نَفْسه مِنْ الْكِبْر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَهَذَا الْخَبَر أَوَّله مَخَالِف مَعْنَاهُ مَعْنَى الرِّوَايَة الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ ابْن عَبَّاس مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك الَّتِي قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرهَا قَبْل , وَمُوَافِق مَعْنَى آخِره مَعْنَاهَا ; وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّله أَنَّ الْمَلَائِكَة سَأَلَتْ رَبّهَا : مَا ذَاكَ الْخَلِيفَة ؟ حِين قَالَ لَهَا : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } فَأَجَابَهَا أَنَّهُ تَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَتَحَاسَدُونَ وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا . فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة حِينَئِذٍ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } ؟ فَكَانَ قَوْل الْمَلَائِكَة مَا قَالَتْ مِنْ ذَلِكَ لِرَبِّهَا بَعْد إعْلَام اللَّه إيَّاهَا أَنَّ ذَلِكَ كَائِن مِنْ ذُرِّيَّة الْخَلِيفَة الَّذِي يَجْعَلهُ فِي الْأَرْض , فَذَلِكَ مَعْنَى خِلَاف أَوَّله مَعْنَى خَبَر الضَّحَّاك الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . وَأَمَّا مُوَافَقَته إيَّاهُ فِي آخِره , فَهُوَ قَوْلهمْ فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنَّ بَنِي آدَم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء . وَأَنَّ الْمَلَائِكَة قَالَتْ إذْ قَالَ لَهَا رَبّهَا ذَلِكَ , تَبَرِّيًا مِنْ عِلْم الْغَيْب : { سُبْحَانك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم } . وَهَذَا إذَا تَدَبَّرَهُ ذُو الْفَهْم , عَلِمَ أَنَّ أَوَّله يُفْسِد آخِره , وَأَنَّ آخِره يبطل معنى أَوَّله ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إنْ كَانَ أَخْبَرَ الْمَلَائِكَة أَنَّ ذُرِّيَّة الْخَلِيفَة الَّذِي يَجْعَلهُ فِي الْأَرْض تُفْسِد فِيهَا وَتَسْفِك الدِّمَاء , فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة لِرَبِّهَا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } فَلَا وَجْه لِتَوْبِيخِهَا عَلَى أَنْ أُخْبِرَتْ عَمَّنْ أَخْبَرَهَا اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ يُفْسِد فِي الْأَرْض وَيَسْفِك الدِّمَاء بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَهَا عَنْهُمْ رَبّهَا , فَيَجُوز أَنْ يُقَال لَهَا فِيمَا طُوِيَ عَنْهَا مِنْ الْعُلُوم إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيمَا عَلِمْتُمْ بِخَبَرِ اللَّه إيَّاكُمْ أَنَّهُ كَائِن مِنْ الْأُمُور , فَأُخْبِرْتُمْ بِهِ , فَأَخْبِرُونَا بِاَلَّذِي قَدْ طَوَى اللَّه عَنْكُمْ عِلْمه , كَمَا قَدْ أَخْبَرْتُمُونَا بِاَلَّذِي قَدْ أَطْلَعَكُمْ اللَّه عَلَيْهِ . بَلْ ذَلِكَ خُلْف مِنْ التَّأْوِيل , وَدَعْوَى عَلَى اللَّه مَا لَا يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ صِفَة . وَأَخْشَى أَنْ يَكُون بَعْض نَقَلَة هَذَا الْخَبَر هُوَ الَّذِي غَلَط عَلَى مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَة , وَأَنْ يَكُون التَّأْوِيل مِنْهُمْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ : أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيمَا ظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ أَدْرَكْتُمُوهُ مِنْ الْعِلْم بِخَبَرِي إيَّاكُمْ أَنَّ بَنِي آدَم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء , حَتَّى اسْتَجَرْتُمْ أَنْ تَقُولُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } فَيَكُون التَّوْبِيخ حِينَئِذٍ وَاقِعًا عَلَى مَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ أَدْرَكُوا بِقَوْلِ اللَّه لَهُمْ : إنَّهُ يَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء , لَا عَلَى إخْبَارهمْ بِمَا أَخْبَرَهُمْ اللَّه بِهِ أَنَّهُ كَائِن . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ أَخْبَرَهُمْ عَمَّا يَكُون مِنْ بَعْض ذُرِّيَّة خَلِيفَته فِي الْأَرْض مَا يَكُون مِنْهُ فِيهَا مِنْ الْفَسَاد وَسَفْك الدِّمَاء , فَقَدْ كَانَ طَوَى عَنْهُمْ الْخَبَر عَمَّا يَكُون مِنْ كَثِير مِنْهُمْ مَا يَكُون مِنْ طَاعَتهمْ رَبّهمْ وَإِصْلَاحهمْ فِي أَرْضه وَحَقْن الدِّمَاء وَرَفْعه مَنْزِلَتهمْ وَكَرَامَتهمْ عَلَيْهِ , فَلَمْ يُخْبِرهُمْ بِذَلِكَ , فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } عَلَى ظَنّ مِنْهَا عَلَى تَأْوِيل هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْت , وَظَاهِرهمَا أَنَّ جَمِيع ذُرِّيَّة الْخَلِيفَة الَّذِي يَجْعَلهُ فِي الْأَرْض يُفْسِدُونَ فِيهَا وَيَسْفِكُونَ فِيهَا الدِّمَاء . فَقَالَ اللَّه لَهُمْ إذْ عَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَمِيع بَنِي آدَم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء عَلَى مَا ظَنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ , إنْكَارًا مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِقِيلِهِمْ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْجَمِيع وَالْعُمُوم , وَهُوَ مِنْ صِفَة خَاصّ ذُرِّيَّة الْخَلِيفَة مِنْهُمْ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ صِفَة مِنَّا لِتَأْوِيلِ الْخَبَر لَا الْقَوْل الَّذِي نَخْتَارهُ فِي تَأْوِيل الْآيَة . وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَوْجِيه خَبَر الْمَلَائِكَة عَنْ إفْسَاد ذُرِّيَّة الْخَلِيفَة وَسَفْكهَا الدِّمَاء عَلَى الْعُمُوم , مَا : 511 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن إسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِطٍ , قَوْله : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } قَالَ : يَعْنُونَ النَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 512 - حَدَّثَنَا بِهِ بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَةَ قَوْله : { وَإِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } فَاسْتَخَارَ الْمَلَائِكَة فِي خَلْق آدَم , فَقَالُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } وَقَدْ عَلِمَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ عِلْم اللَّه أَنَّهُ لَا شَيْء أَكْرَه إلَى اللَّه مِنْ سَفْك الدِّمَاء وَالْفَسَاد فِي الْأَرْض ; { وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك قَالَ إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } فَكَانَ فِي عِلْم اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْخَلِيفَة أَنْبِيَاء وَرُسُل , وَقَوْم صَالِحُونَ , وَسَاكِنُو الْجَنَّة . قَالَ : وَذَكَر لَنَا أَنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : إنَّ اللَّه لَمَا أَخَذَ فِي خَلْق آدَم قَالَتْ الْمَلَائِكَة : مَا اللَّه خَالِق خَلْقًا أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم مِنَّا ! فَابْتُلُوا بِخَلْقِ آدَم , وَكُلّ خَلْق مُبْتَلَى , كَمَا اُبْتُلِيَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالطَّاعَةِ فَقَالَ اللَّه : { ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } 41 11 وَهَذَا الْخَبَر عَنْ قَتَادَةَ يَدُلّ عَلَى أَنَّ قَتَادَةَ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمَلَائِكَة قَالَتْ مَا قَالَتْ مِنْ قَوْلهَا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } عَلَى غَيْر يَقِين عِلْم تَقَدَّمَ مِنْهَا بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِن ; وَلَكِنْ عَلَى الرَّأْي مِنْهَا وَالظَّنّ , وَأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قِيلهَا وَرَدَّ عَلَيْهَا مَا رَأَتْ بِقَوْلِهِ : { إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } مِنْ أَنَّهُ يَكُون مِنْ ذُرِّيَّة ذَلِكَ الْخَلِيفَة الْأَنْبِيَاء وَالرَّسْل وَالْمُجْتَهِد فِي طَاعَة اللَّه . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ خِلَاف هَذَا التَّأْوِيل , وَهُوَ مَا : 513 - حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } قَالَ : كَانَ اللَّه أَعْلَمَهُمْ إذَا كَانَ فِي الْأَرْض خَلْق أَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاء , فَذَلِكَ قَوْله : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } . وَبِمِثْلِ قَوْل قَتَادَةَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل , مِنْهُمْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ . 514 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , وَمُبَارَك عَنْ الْحَسَن وَأَبِي بَكْر عَنْ الْحَسَن , وَقَتَادَةُ قَالَا : قَالَ اللَّه لِمَلَائِكَتِهِ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْضَ خَلِيفَة } قَالَ لَهُمْ إنِّي فَاعِل . فَعَرَضُوا بِرَأْيِهِمْ , فَعَلَّمَهُمْ عِلْمًا وَطَوَى عَنْهُمْ عِلْمًا عَلِمَهُ لَا يَعْلَمُونَهُ . فَقَالُوا بِالْعِلْمِ الَّذِي عَلَّمَهُمْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } - وَقَدْ كَانَتْ الْمَلَائِكَة عَلِمَتْ مِنْ عِلْم اللَّه أَنَّهُ لَا ذَنْب أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ سَفْك الدِّمَاء - { وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك قَالَ إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } . فَلَمَّا أَخَذَ فِي خَلْق آدَم , هَمَسَتْ الْمَلَائِكَة فِيمَا بَيْنهَا , فَقَالُوا : لِيَخْلُق رَبّنَا مَا شَاءَ أَنْ يَخْلُق , فَلَنْ يَخْلُق خَلْقًا إلَّا كُنَّا أَعْلَم مِنْهُ , وَأَكْرَم عَلَيْهِ مِنْهُ . فَلَمَّا خَلَقَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحه , أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ لَمَّا قَالُوا , فَفَضْله عَلَيْهِمْ , فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِخَيْرٍ مِنْهُ , فَقَالُوا : إنْ لَمْ نَكُنْ خَيْرًا منه فَنَحْنُ أَعْلَم مِنْهُ , لِأَنَّا كُنَّا قَبْله , وَخُلِقَتْ الْأُمَم قَبْله , فَلَمَّا أُعْجِبُوا بِعِلْمِهِمْ اُبْتُلُوا { فَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } إِنِّي لَا أَخْلُق خَلْقًا إلَّا كُنْتُمْ أَعْلَم مِنْهُ , فَأَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ! قَالَ : فَفَزِعَ الْقَوْم إلَى التَّوْبَة - وَإِلَيْهَا يَفْزَع كُلّ مُؤْمِن - فَقَالُوا : { سُبْحَانك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم قَالَ يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } لِقَوْلِهِمْ : لِيَخْلُق رَبّنَا مَا شَاءَ فَلَنْ يَخْلُق خَلْقًا أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم مِنَّا . قَالَ : عَلَّمَهُ اسْم كُلّ شَيْء , هَذِهِ الْجِبَال وَهَذِهِ الْبِغَال , وَالْإِبِل , وَالْجِنّ , وَالْوَحْش , وَجَعَلَ يُسَمِّي كُلّ شَيْء بِاسْمِهِ , وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ كُلّ أُمَّة ف { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } . قَالَ : أَمَّا مَا أَبْدَوْا فَقَوْلهمْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } . وَأَمَّا مَا كَتَمُوا فَقَوْل بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : نَحْنُ خَيْر مِنْهُ وَأَعْلَم . 515 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق بْن الْحَجَّاج , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } الْآيَة . قَالَ : إنَّ اللَّه خَلَقَ الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبِعَاء وَخَلَقَ الْجِنّ يَوْم الْخَمِيس , وَخَلَقَ آدَم يَوْم الْجُمُعَة . قَالَ : فَكَفَرَ قَوْم مِنْ الْجِنّ , فَكَانَتْ الْمَلَائِكَة تَهْبِط إلَيْهِمْ فِي الْأَرْض فَتُقَاتِلهُمْ , فَكَانَتْ الدِّمَاء , وَكَانَ الْفَسَاد فِي الْأَرْض . فَمِنْ ثَمَّ قَالُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } . . . الْآيَة . 516 - وَحُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , بِمِثْلِهِ . { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } إلَى قَوْله : { إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم } قَالَ : وَذَلِكَ حِين قَالُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك } قَالَ : فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة قَالُوا بَيْنهمْ : لَنْ يَخْلُق اللَّه خَلْقًا إلَّا كُنَّا نَحْنُ أَعْلَم مِنْهُ وَأَكْرَم ! فَأَرَادَ اللَّه أَنْ يُخْبِرهُمْ أَنَّهُ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْهِمْ آدَم , وَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا , فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } إلَى قَوْله : { وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } وَكَانَ الَّذِي أَبْدَوْا حِين { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } وَكَانَ الَّذِي كَتَمُوا بَيْنهمْ قَوْلهمْ : لَنْ يَخْلُق اللَّه خَلْقًا إلَّا كُنَّا نَحْنُ أَعْلَم مِنْهُ وَأَكْرَم . فَعَرَفُوا أَنَّ اللَّه فَضَّلَ عَلَيْهِمْ آدَم فِي الْعِلْم وَالْكَرَم . وَقَالَ ابْن زَيْد بِمَا : 517 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : لَمَّا خَلَقَ اللَّه النَّار ذَعَرَتْ مِنْهَا الْمَلَائِكَة ذُعْرًا شَدِيدًا , وَقَالُوا : رَبّنَا لِمَ خَلَقْت هَذِهِ النَّار , وَلِأَيِّ شَيْء خَلَقْتهَا ؟ قَالَ : لِمَنْ عَصَانِي مِنْ خَلْقِي . قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ لِلَّهِ خَلْق يَوْمئِذٍ إلَّا الْمَلَائِكَة وَالْأَرْض , لَيْسَ فِيهَا خَلْق , إنَّمَا خَلَقَ آدَم بَعْد ذَلِكَ . وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان حِين مِنْ الدَّهْر لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } 76 1 قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : يَا رَسُول اللَّه لَيْتَ ذَلِكَ الْحِين . ثُمَّ قَالَ : قَالَتْ الْمَلَائِكَة : يَا رَبّ أَوَ يَأْتِي عَلَيْنَا دَهْر نَعْصِيك فِيهِ ! لَا يَرَوْنَ لَهُ خَلْقًا غَيْرهمْ . قَالَ : لَا , إنِّي أُرِيد أَنْ أَخْلُق فِي الْأَرْض خَلْقًا وَأَجْعَل فِيهَا خَلِيقَة يَسْفِكُونَ الدِّمَاء وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض . فَقَالَتْ الْمَلَائِكَة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } وَقَدْ اخْتَرْتنَا ؟ فَاجْعَلْنَا نَحْنُ فِيهَا فَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك وَنَعْمَل فِيهَا بِطَاعَتِك ! وَأَعْظَمَتْ الْمَلَائِكَة أَنْ يَجْعَل اللَّه فِي الْأَرْض مَنْ يَعْصِيه . فَقَالَ : إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ , يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ! فَقَالَ : فُلَان , وَفُلَان . قَالَ : فَلَمَّا رَأَوْا مَا أَعْطَاهُ اللَّه مِنْ الْعِلْم , أَقَرُّوا لِآدَم بِالْفَضْلِ عَلَيْهِمْ , وَأَبَى الْخَبِيث إبْلِيس أَنْ يُقِرّ لَهُ , قَالَ : { أَنَا خَيْر مِنْهُ خَلَقْتنِي مِنْ نَار وَخَلَقْته مِنْ طِين قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُون لَك أَنْ تَتَكَبَّر فِيهَا } . وَقَالَ ابْن إسْحَاق بِمَا : 518 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل عَنْ مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : لَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُق آدَم بِقُدْرَتِهِ لِيَبْتَلِيَهُ وَيَبْتَلِي بِهِ , لِعِلْمِهِ بِمَا فِي مَلَائِكَته وَجَمِيع خَلْقه - وَكَانَ أَوَّل بَلَاء اُبْتُلِيَتْ بِهِ الْمَلَائِكَة مِمَّا لَهَا فِيهِ مَا تُحِبّ وَمَا تَكْرَه لِلْبَلَاءِ وَالتَّمْحِيص لِمَا فِيهِمْ مِمَّا لَمْ يَعْلَمُوا وَأَحَاطَ بِهِ عِلْم اللَّه مِنْهُمْ - جَمَعَ الْمَلَائِكَة مِنْ سُكَّان السَّمَوَات وَالْأَرْض , ثُمَّ قَالَ : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } يَقُول : عَامِر أَوْ سَاكِن يَسْكُنهَا وَيَعْمُرهَا خَلْقًا لَيْسَ مِنْكُمْ . ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ , فَقَالَ : يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء وَيَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي , فَقَالُوا جَمِيعًا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك } لَا نَعْصِي وَلَا نَأْتِي شَيْئًا كَرِهْته ؟ قَالَ : { إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } - قَالَ : إنِّي أَعْلَم فِيكُمْ وَمِنْكُمْ , وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ - مِنْ الْمَعْصِيَة وَالْفَسَاد وَسَفْك الدِّمَاء وَإِتْيَان مَا أُكْرِهَ مِنْهُمْ , مِمَّا يَكُون فِي الْأَرْض , مِمَّا ذُكِرَتْ فِي بَنِي آدَم . قَالَ اللَّه لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْم بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى إذْ يَخْتَصِمُونَ إنْ يُوحَى إلَيَّ إلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين } إلَى قَوْله : { فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } 38 69 : 71 فَذَكَرَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ مِنْ ذِكْره آدَم حِين أَرَادَ خَلْقه وَمُرَاجَعَة الْمَلَائِكَة إيَّاهُ فِيمَا ذَكَرَ لَهُمْ مِنْهُ . فَلَمَّا عَزَمَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَلَى خَلْق آدَم قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : { إنِّي خَالِق بَشَرًا مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون } 15 28 بِيَدَيَّ تَكْرِمَة لَهُ , وَتَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ , وَتَشْرِيفًا لَهُ ; حَفِظَتْ الْمَلَائِكَة عَهْده , وَوَعَوْا قَوْله , وَأَجْمَعُوا الطَّاعَة , إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَدُوّ اللَّه إبْلِيس , فَإِنَّهُ صَمَتَ عَلَى مَا كَانَ فِي نَفْسه مِنْ الْحَسَد وَالْبَغْي وَالتَّكَبُّر وَالْمَعْصِيَة . وَخَلْق اللَّه آدَم مِنْ أَدَمَة الْأَرْض , مِنْ طِين لَازِب مِنْ حَمَأ مَسْنُون , بَيْدَيْهِ تَكْرِمَة لَهُ وَتَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَتَشْرِيفًا لَهُ عَلَى سَائِر خَلْقه . قَالَ ابْن إسْحَاق : فَيُقَال وَاَللَّه أَعْلَم : خَلَقَ اللَّه آدَم ثُمَّ وَضَعَهُ يَنْظُر إلَيْهِ أَرْبَعِينَ عَامًا قَبْل أَنْ يَنْفُخ فِيهِ الرُّوح حَتَّى عَادَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ , وَلَمْ تَمَسّهُ نَار . قَالَ : فَيُقَال وَاَللَّه أَعْلَم : إنَّهُ لَمَّا انْتَهَى الرُّوح إلَى رَأْسه عَطَسَ , فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ ! فَقَالَ لَهُ رَبّه : يَرْحَمك رَبّك ! وَوَقَعَ الْمَلَائِكَة حِين اسْتَوَى سُجُودًا لَهُ حِفْظًا لِعَهْدِ اللَّه الَّذِي عَهِدَ إلَيْهِمْ , وَطَاعَة لِأَمْرِهِ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ . وَقَامَ عَدُوّ اللَّه إبْلِيس مِنْ بَيْنهمْ , فَلَمْ يَسْجُد مُكَابِرًا مُتَعَظِّمًا بَغْيًا وَحَسَدًا , فَقَالَ لَهُ : { يَا إبْلِيس مَا مَنَعَك أَنْ تَسْجُد لِمَا خَلَقْت بِيَدَيَّ } إلَى : { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْك وَمِمَّنْ تَبِعَك مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } 38 75 : 85 قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ اللَّه مِنْ إبْلِيس وَمُعَاتَبَته وَأَبَى إلَى الْمَعْصِيَة , أَوَقَعَ عَلَيْهِ اللَّعْنَة وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْجَنَّة . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى آدَم , وَقَدْ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاء كُلّهَا , فَقَالَ : { يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ قَالُوا سُبْحَانك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم } أَيْ إنَّمَا أَجَبْنَاك فِيمَا عَلَّمْتنَا , فَأَمَّا مَا لَمْ تُعَلِّمنَا فَأَنْت أَعْلَم بِهِ . فَكَانَ مَا سَمَّى آدَم مِنْ شَيْء كَانَ اسْمه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ ابْن جُرَيْجٍ بِمَا : 519 - حَدَّثَنَا بِهِ الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : إنَّمَا تَكَلَّمُوا بِمَا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ كَائِن مِنْ خَلْق آدَم , فَقَالُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } . وَقَالَ بَعْضهمْ : إنَّمَا قَالَتْ الْمَلَائِكَة مَا قَالَتْ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } لِأَنَّ اللَّه أَذِنَ لَهَا فِي السُّؤَال عَنْ ذَلِكَ بَعْد مَا أَخْبَرَهَا أَنَّ ذَلِكَ كَائِن مِنْ بَنِي آدَم , فَسَأَلَتْهُ الْمَلَائِكَة فَقَالَتْ عَلَى التَّعَجُّب مِنْهَا : وَكَيْفَ يَعْصُونَك يَا رَبّ وَأَنْت خَالِقهمْ ! فَأَجَابَهُمْ رَبّهمْ : { إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ } يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَائِن مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوهُ أَنْتُمْ , وَمِنْ بَعْض مَنْ تَرَوْنَهُ لِي طَائِعًا . يَعْرِفهُمْ بِذَلِكَ قُصُور عِلْمهمْ عَنْ عِلْمه وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : قَوْل الْمَلَائِكَة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } عَلَى غَيْر وَجْه الْإِنْكَار مِنْهُمْ عَلَى رَبّهمْ , وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ لِيَعْلَمُوا , وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْفُسهمْ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ . وَقَالَ : قَالُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُعْصَى اللَّه , لِأَنَّ الْجِنّ قَدْ كَانَتْ أُمِرَتْ قَبْل ذَلِكَ فَعَصَتْ . وَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مِنْ الْمَلَائِكَة عَلَى وَجْه الِاسْتِرْشَاد عَمَّا لَمْ يَعْلَمُوا مِنْ ذَلِكَ , فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَبّ خَبِّرْنَا ; مَسْأَلَة اسْتِخْبَار مِنْهُمْ لِلَّهِ لَا عَلَى وَجْه مَسْأَلَة التَّوْبِيخ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ التَّأْوِيلَات بِقَوْلِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ مَلَائِكَته قِيلهَا لَهُ : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك } تَأْوِيل مَنْ قَالَ : إنَّ ذَلِكَ مِنْهَا اسْتِخْبَار لِرَبِّهَا ; بِمَعْنَى : أَعْلِمْنَا يَا رَبّنَا , أَجَاعِل أَنْتَ فِي الْأَرْض مِنْ هَذِهِ صِفَته وَتَارِك أَنْ تَجْعَل خُلَفَاءَك مِنَّا , وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك , وَنُقَدِّس لَك ؟ لَا إنْكَار مِنْهَا لِمَا أَعْلَمَهَا رَبّهَا أَنَّهُ فَاعِل , وَإِنْ كَانَتْ قَدْ اسْتَعْظَمَتْ لَمَّا أُخْبِرَتْ بِذَلِكَ أَنْ يكون لله خلق يعصيه . وأما دعوى مَنْ زعم أن الله جل ثناؤه كان أَذِنَ لها بالسؤال عن ذلك فسألته على وجه التَّعَجُّب , فَدَعْوَى لَا دَلَالَة عَلَيْهَا فِي ظَاهِر التَّنْزِيل وَلَا خَبَر بِهَا مِنْ الْحُجَّة يَقْطَع الْعُذْر , وَغَيْر حَائِز أَنْ يُقَال فِي تَأْوِيل كِتَاب اللَّه بِمَا لَا دَلَالَة عَلَيْهِ مِنْ بَعْض الْوُجُوه الَّتِي تَقُوم بِهَا الْحُجَّة . وَأَمَّا وَصْف الْمَلَائِكَة مِنْ وَصَفَتْ فِي اسْتِخْبَارهَا رَبّهَا عَنْهُ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْض وَسَفْك الدِّمَاء , فَغَيْر مُسْتَحِيل فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود مِنْ الْقَوْل الَّذِي رَوَاهُ السُّدِّيّ وَوَافَقَهُمَا عَلَيْهِ قَتَادَةَ مِنْ التَّأْوِيل . وَهُوَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة تَكُون لَهُ ذُرِّيَّة يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا , فَقَالُوا : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } عَلَى مَا وَصَفَتْ مِنْ الِاسْتِخْبَار . فَإِنَّ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا وَجْه اسْتِخْبَارهَا وَالْأَمْر عَلَى مَا وَصَفَتْ مِنْ أَنَّهَا قَدْ أُخْبِرَتْ أَنَّ ذَلِكَ كَائِن ؟ قِيلَ : وَجْه اسْتِخْبَارهَا حِينَئِذٍ يَكُون عَنْ حَالهمْ عَنْ وُقُوع ذَلِكَ , وَهَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ ؟ وَمَسْأَلَتهمْ رَبّهمْ أَنْ يَجْعَلهُمْ الْخُلَفَاء فِي الْأَرْض حَتَّى لَا يَعْصُوهُ . وَغَيْر فَاسِد أَيْضًا مَا رَوَاهُ الضَّحَّاك عَنْ ابْن عَبَّاس وَتَابِعه عَلَيْهِ الرَّبِيع بْن أَنَس مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَة قَالَتْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ عِنْدهَا مِنْ عِلْم سُكَّان الْأَرْض قَبْل آدَم مِنْ الْجِنّ , فَقَالَتْ لِرَبِّهَا : أَجَاعِل فِيهَا أَنْتَ مِثْلهمْ مِنْ الْخَلْق يَفْعَلُونَ مِثْل الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَ ؟ عَلَى وَجْه الِاسْتِعْلَام مِنْهُمْ لِرَبِّهِمْ , لَا عَلَى وَجْه الْإِيجَاب أَنَّ ذَلِكَ كَائِن كَذَلِكَ , فَيَكُون ذَلِكَ مِنْهَا إخْبَارًا عَمَّا لَمْ تَطْلُع عَلَيْهِ مِنْ عِلْم الْغَيْب . وَغَيْر خَطَأ أَيْضًا مَا قَالَهُ ابْن زَيْد مِنْ أَنْ يَكُون قِيلَ الْمَلَائِكَة مَا قَالَتْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْه التَّعَجُّب مِنْهَا مِنْ أَنْ يَكُون لِلَّهِ خَلْق يَعْصِي خَالِقه . وَإِنَّمَا تَرَكْنَا الْقَوْل بِاَلَّذِي رَوَاهُ الضَّحَّاك عَنْ ابْن عَبَّاس وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الرَّبِيع بْن أَنَس وَبِاَلَّذِي قَالَهُ ابْن زَيْد فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا خَبَر عِنْدنَا بِاَلَّذِي قَالُوهُ مِنْ وَجْه يَقْطَع مَجِيئَهُ الْعُذْر وَيَلْزَم سَامِعه بِهِ الْحُجَّة . وَالْخَبَر عَمَّا مَضَى وَمَا قَدْ سَلَف , لَا يُدْرِك عِلْم صِحَّته إلَّا بِمَجِيئِهِ مَجِيئًا يمتنع منه التَّشَاغُب وَالتَّوَاطُؤ , وَيَسْتَحِيل منه الْكَذِب وَالْخَطَأ وَالسَّهْو . وليس ذلك بِمَوْجُودٍ كَذَلِكَ فِيمَا حَكَاهُ الضَّحَّاك عَنْ ابْن عَبَّاس وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الرَّبِيع , وَلَا فِيمَا قَالَهُ ابْن زَيْد . فَأَوْلَى التَّأْوِيلَات إذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ بِالْآيَةِ , مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِر التَّنْزِيل دَلَالَة مِمَّا يَصِحّ مَخْرَجه فِي الْمَفْهُوم . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِالْآيَةِ هُوَ مَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ الْمَلَائِكَة بِأَنَّ ذُرِّيَّة خَلِيفَته فِي الْأَرْض يُفْسِدُونَ فِيهَا وَيَسْفِكُونَ فِيهَا الدِّمَاء , فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ قَالَتْ الْمَلَائِكَة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } فَأَيْنَ ذِكْر إخْبَار اللَّه إيَّاهُمْ فِي كِتَابه بِذَلِكَ ؟ قِيلَ لَهُ : اكْتَفِي بِدَلَالَةِ مَا قَدْ ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ عَنْهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَلَا تَدْفِنُونِي إنَّ دَفْنِي مُحَرَّم عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ خَامِرِي أُمَّ عَامِرٍ فَحَذَفَ قَوْله دَعُونِي لِلَّتِي يُقَال لَهَا عِنْد صَيْدهَا خَامِرِي أُمَّ عَامِر , إذْ كَانَ فِيمَا أَظَهَرَ مِنْ كَلَامه دَلَالَة عَلَى مَعْنَى مُرَاده . فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا } لَمَّا كَانَ فِيهِ دَلَالَة عَلَى مَا تَرَكَ ذِكْره بَعْد قَوْله : { إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة } مِنْ الْخَبَر عَمَّا يَكُون مِنْ إفْسَاد ذُرِّيَّته فِي الْأَرْض اكْتَفَى بِدَلَالَتِهِ وَحَذَفَ , فَتَرَك ذِكْره كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْل الشَّاعِر وَنَظَائِر ذَلِكَ فِي الْقُرْآن وَأَشْعَار الْعَرَب وَكَلَامهَا أَكْثَر مِنْ أَنْ يُحْصَى . فَلَمَّا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ اخْتَرْنَا مَا اخْتَرْنَا مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء } .

{34} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : أَمَّا قَوْله : { وَإِذْ قُلْنَا } فَمَعْطُوف عَلَى قَوْله : { وَإِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ } كَأَنَّهُ قَالَ جَلَّ ذِكْره لِلْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بَيْن ظَهْرَانَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل مُعَدِّدًا عَلَيْهِمْ نِعَمه , وَمُذَكِّرهمْ آلَاءَهُ عَلَى نَحْو الَّذِي وَصَفْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل : اُذْكُرُوا فَعَلَيَّ بِكُمْ إذْ أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ , فَخَلَقْت لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا , وَإِذْ قُلْت لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة , فَكَرَّمْت أَبَاكُمْ آدَم بِمَا آتَيْته مِنْ عِلْمِي وَفَضْلِي وَكَرَامَتِي , وَإِذْ أَسْجَدْت لَهُ مَلَائِكَتِي فَسَجَدُوا لَهُ . ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ جَمِيعهمْ إبْلِيس , فَدَلَّ بِاسْتِثْنَائِهِ إيَّاهُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ , وَأَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ أَمَرَ بِالسُّجُودِ مَعَهُمْ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إلَّا إبْلِيس لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَك أَلَّا تَسْجُد إذْ أَمَرْتُك } 7 11 : 12 فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ إبْلِيس فِيمَنْ أَمَرَهُ مِنْ الْمَلَائِكَة بِالسُّجُودِ لِآدَم . ثُمَّ اسْتَثْنَاهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِمَّا أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ مِنْ السُّجُود لِآدَم , فَأَخْرَجَهُ مِنْ الصِّفَة الَّتِي وَصَفَهُمْ بِهَا مِنْ الطَّاعَة لِأَمْرِهِ وَنَفَى عَنْهُ مَا أَثَبَتَهُ لِمَلَائِكَتِهِ مِنْ السُّجُود لِعَبْدِهِ آدَم . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ الْمَلَائِكَة أَمْ هُوَ مِنْ غَيْرهمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : 573 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ إبْلِيس مِنْ حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْمَلَائِكَة , يُقَال لَهُمْ " الْجِنّ " خُلِقُوا مِنْ نَار السَّمُوم مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة . قَالَ : فَكَانَ اسْمه الْحَارِث . قَالَ : وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ نُور غَيْر هَذَا الْحَيّ . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْجِنّ الَّذِينَ ذَكَرُوا فِي الْقُرْآن مِنْ مَارِج مِنْ نَار , وَهُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يَكُون فِي طَرَفهَا إذَا الْتَهَبَتْ . 574 - وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ خَلَّاد , عَنْ عَطَاء , عَنْ طَاوُس , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ إبْلِيس قَبْل أَنْ يَرْكَب الْمَعْصِيَة مِنْ الْمَلَائِكَة اسْمه عَزَازِيل , وَكَانَ مِنْ سُكَّان الْأَرْض وَكَانَ مِنْ أَشَدّ الْمَلَائِكَة اجْتِهَادًا وَأَكْثَرهمْ عِلْمًا , فَذَلِكَ دَعَاهُ إلَى الْكِبْر , وَكَانَ مِنْ حَيّ يُسَمَّوْنَ حِنًّا . 575 - وَحَدَّثَنَا بِهِ ابْن حُمَيْدٍ مَرَّة أُخْرَى , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ خَلَّاد , عَنْ عَطَاء , عَنْ طَاوُس , أَوْ مُجَاهِد أَبِي الْحَجَّاج , عَنْ ابْن عَبَّاس وَغَيْره بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : كَانَ مَلِكًا مِنْ الْمَلَائِكَة اسْمه عَزَازِيل , وَكَانَ مِنْ سُكَّان الْأَرْض وَعُمَّارهَا , وَكَانَ سُكَّان الْأَرْض فِيهِمْ يُسَمَّوْنَ الْجِنّ مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة . 576 - وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ : جَعَلَ إبْلِيس عَلَى مُلْك سَمَاء الدُّنْيَا , وَكَانَ مِنْ قَبِيلَة مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ , وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنّ لِأَنَّهُمْ خُزَّان الْجَنَّة , وَكَانَ إبْلِيس مَعَ مُلْكه خَازِنًا . 577 - وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : كَانَ إبْلِيس مِنْ أَشْرَاف الْمَلَائِكَة وَأَكْرَمهمْ قَبِيلَة وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَان , وَكَانَ لَهُ سُلْطَان سَمَاء الدُّنْيَا , وَكَانَ لَهُ سُلْطَان الْأَرْض . قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : وَقَوْله : { كَانَ مِنْ الْجِنّ } , إنَّمَا يُسَمَّى بِالْجِنَانِ أَنَّهُ كَانَ خَازِنًا عَلَيْهَا , كَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ : مَكِّيّ , وَمَدَنِي , وَكُوفِيّ , وَبَصْرِيّ . قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ سِبْط مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلَة , فَكَانَ اسْم قَبِيلَته الْجِنّ . 578 - وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة وَشَرِيك بْن أَبِي نَمِر أَحَدهمَا أَوْ كِلَاهُمَا , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إنَّ مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلَة مِنْ الْجِنّ , وَكَانَ إبْلِيس مِنْهَا , وَكَانَ يَسُوس مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض . وَحُدِّثْت عَنْ الْحَسَن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , يَقُول فِي قَوْله : { فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } 18 50 قَالَ : كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : إنَّ إبْلِيس كَانَ مِنْ أَشَرَف الْمَلَائِكَة وَأَكْرَمهمْ قَبِيلَة , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث ابْن جُرَيْجٍ الْأَوَّل سَوَاء . 579 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْبَان , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْن مِسْكِين , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : كَانَ إبْلِيس رَئِيس مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا . 580 - وَحَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَةَ قَوْله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } 18 50 كَانَ مِنْ قَبِيل مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ . وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَلَائِكَة لَمْ يُؤْمَر بِالسُّجُودِ وَكَانَ عَلَى خِزَانَة سَمَاء الدُّنْيَا . قَالَ : وَكَانَ قَتَادَةَ يَقُول : جَنَّ عَنْ طَاعَة رَبّه . وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله { إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } 18 50 قَالَ : كَانَ مِنْ قَبِيل مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ . 581 - وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : أَمَّا الْعَرَب فَيَقُولُونَ : مَا الْجِنّ إلَّا كُلّ مِنْ اجْتَنَّ فَلَمْ يُرَ . وَأَمَّا قَوْله : { إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } 18 50 أَيْ كَانَ مِنْ الْمَلَائِكَة , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَة اجْتَنُّوا فَلَمْ يُرَوْا , وَقَدْ قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَجَعَلُوا بَيْنه وَبَيْن الْجِنَّة نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّة إنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } 37 158 وَذَلِكَ لِقَوْلِ قُرَيْش : إنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه . فَيَقُول اللَّه : إنْ تَكُنْ الْمَلَائِكَة بَنَاتِي فَإِبْلِيس مِنْهَا , وَقَدْ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْن إبْلِيس وَذُرِّيَّته نَسَبًا . قَالَ : وَقَدْ قَالَ الْأَعْشَى , أَعْشَى بَنِي قَيْس بْن ثَعْلَبَة الْبَكْرِيّ , وَهُوَ يَذْكُر سُلَيْمَان بْن دَاوُد وَمَا أَعْطَاهُ اللَّه : وَلَوْ كَانَ شَيْء خَالِدًا أَوْ مُعَمَّرًا لَكَانَ سُلَيْمَان الْبَرِيّ مِنْ الدَّهْر بَرَاهُ إلَهِي وَاصْطَفَاهُ عباده وَمَلَّكَهُ ما بين ثُرْيَا إلَى مِصْر وَسَخَّرَ مِنْ جِنّ الْمَلَائِك تِسْعَة قِيَامًا لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْر قَالَ : فَأَبَتْ الْعَرَب فِي لُغَتهَا إلَّا أَنَّ " الْجِنّ " كُلّ مَا اجْتَنَّ . يَقُول : مَا سَمَّى اللَّه الْجِنّ إلَّا أَنَّهُمْ اجْتَنُّوا فَلَمْ يُرَوْا , وَمَا سُمِّيَ بَنِي آدَم الْإِنْس إلَّا أَنَّهُمْ ظَهَرُوا فَلَمْ يَجْتَنُّوا , فَمَا ظَهَرَ فَهُوَ إنْس , وَمَا اجْتَنَّ فَلَمْ يُرَ فَهُوَ جِنّ . وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا : 582 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : مَا كَانَ إبْلِيس مِنْ الْمَلَائِكَة طَرْفَة عَيْن قَطّ , وَإِنَّهُ لِأَصْلِ الْجِنّ كَمَا أَنَّ آدَم أَصْل الْإِنْس . 583 - وَحَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول فِي قَوْله : { إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } إلْجَاء إلَى نَسَبه فَقَالَ اللَّه : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي } الْآيَة . .. وَهُمْ يَتَوَالَدُونَ كَمَا يَتَوَالَد بَنُو آدَم . 584 - وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْيَحْمُدِيّ , حَدَّثَنَا إسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا سَوَّار بْن الْجَعْد الْيَحْمُدِيّ , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب قَوْله : { مِنْ الْجِنّ } قَالَ : كَانَ إبْلِيس مِنْ الْجِنّ الَّذِينَ طَرَدَتْهُمْ الْمَلَائِكَة , فَأَسَرَهُ بَعْض الْمَلَائِكَة فَذَهَبَ بِهِ إلَى السَّمَاء . 585 - وَحَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو نَصْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْخَلَّال , قَالَ : حَدَّثَنِي سُنَيْد بْن دَاوُد , قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى , عَنْ مُوسَى بْن نُمَيْر , وَعُثْمَان بْن سَعِيد بْن كَامِل , عَنْ سَعْد بْن مَسْعُود , قَالَ : كَانَتْ الْمَلَائِكَة تُقَاتِل الْجِنّ , فَسُبِيَ إبْلِيس وَكَانَ صَغِيرًا , فَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَة فَتَعَبَّدَ مَعَهَا . فَلَمَّا أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَم سَجَدُوا , فَأَبَى إبْلِيس ; فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّه : { إلَّا إبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } 18 50 586 - وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل , قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُبَارَك بْن مُجَاهِد أَبُو الْأَزْهَر , عَنْ شَرِيك بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَمِر , عَنْ صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إنَّ مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلًا يُقَال لَهُمْ الْجِنّ , فَكَانَ إبْلِيس مِنْهُمْ , وَكَانَ إبْلِيس يَسُوس مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَعَصَى , فَمَسَخَهُ اللَّه شَيْطَانًا رَجِيمًا . 587 - قَالَ : وَحَدَّثَنَا يُونُس , عَنْ ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : إبْلِيس أَبُو الْجِنّ , كَمَا آدَم أَبُو الْإِنْس . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة , أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ فِي كِتَابه أَنَّهُ خَلَقَ إبْلِيس مِنْ نَار السَّمُوم وَمِنْ مَارِج مِنْ نَار , وَلَمْ يُخْبِر عَنْ الْمَلَائِكَة أَنَّهُ خَلَقَهَا مِنْ شَيْء مِنْ ذَلِكَ . وَأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ مِنْ الْجِنّ . فَقَالُوا : فَغَيْر جَائِز أَنْ يُنْسِب إلَى غَيْر مَا نَسَبَهُ اللَّه إلَيْهِ . قَالُوا : وَلَإِبْلِيس نَسْل وَذُرِّيَّة , وَالْمَلَائِكَة لَا تَتَنَاسَل وَلَا تَتَوَالَد . 588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم , عَنْ شَرِيك عَنْ رَجُل عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إنَّ اللَّه خَلَقَ خَلْقًا , فَقَالَ : اُسْجُدُوا لِآدَم فَقَالُوا : لَا نَفْعَل . فَبَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ نَارًا تُحْرِقهُمْ . ثُمَّ خَلَقَ خَلْقًا آخَر , فَقَالَ : إنِّي خَالِق بَشَرًا مِنْ طِين , اُسْجُدُوا لِآدَم ! فَأَبَوْا , فَبَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَحْرَقَتْهُمْ . قَالَ : ثُمَّ خَلَقَ هَؤُلَاءِ , فَقَالَ : اُسْجُدُوا لِآدَم ! فَقَالُوا : نَعَمْ . وَكَانَ إبْلِيس مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذِهِ عِلَل تُنْبِئ عَنْ ضَعْف مَعْرِفَة أَهْلهَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مُسْتَنْكِر أَنْ يَكُون اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَلَقَ أَصْنَاف مَلَائِكَته مِنْ أَصْنَاف مِنْ خَلْقه شَتَّى , فَخَلَقَ بَعْضًا مِنْ نُور . وَبَعْضًا مِنْ نَار , وَبَعْضًا مِمَّا شَاءَ مِنْ غَيْر ذَلِكَ . وَلَيْسَ فِي تَرْك اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَمَّا خَلَقَ مِنْهُ مَلَائِكَته وَإِخْبَاره عَمَّا خَلَقَ مِنْهُ إبْلِيس مَا يُوجِب أَنْ يَكُون إبْلِيس خَارِجًا عَنْ مَعْنَاهُمْ , إذْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُون خَلَقَ صِنْفًا مِنْ مَلَائِكَته مِنْ نَار كَانَ مِنْهُمْ إبْلِيس , وَأَنْ يَكُون أَفْرَدَ إبْلِيس بِأَنْ خَلَقَهُ مِنْ نَار السَّمُوم دُون سَائِر مَلَائِكَته . وَكَذَلِكَ غَيْر مَخْرَجه أَنْ يَكُون كَانَ مِنْ الْمَلَائِكَة بِأَنْ كَانَ لَهُ نَسْل وَذُرِّيَّة لِمَا رُكِّبَ فِيهِ مِنْ الشَّهْوَة وَاللَّذَّة الَّتِي نُزِعَتْ مِنْ سَائِر الْمَلَائِكَة لَمَّا أَرَادَ اللَّه بِهِ مِنْ الْمَعْصِيَة . وَأَمَّا خَبَر اللَّه عَنْ أَنَّهُ مِنْ الْجِنّ , فَغَيْر مَدْفُوع أَنْ يُسَمَّى مَا اُجْتُنَّ مِنْ الْأَشْيَاء عَنْ الْأَبْصَار كُلّهَا جِنًّا , كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْل فِي شِعْر الْأَعْشَى , فَيَكُون إبْلِيس وَالْمَلَائِكَة مِنْهُمْ لِاجْتِنَانِهِمْ عَنْ أَبْصَار بَنِي آدَم . الْقَوْل فِي مَعْنَى إبْلِيس . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِبْلِيس " إِفْعِيل " مِنْ الْإِبْلَاس : وَهُوَ الْإِيَاس مِنْ الْخَيْر وَالنَّدَم والْحُزْن . كَمَا : 589 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إبْلِيس أَبْلَسَهُ اللَّه مِنْ الْخَيْر كُلّه وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبَة لِمَعْصِيَتِهِ . 590 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَانَ اسْم إبْلِيس الْحَارِث , وَإِنَّمَا سُمِّيَ إبْلِيس حِين أُبْلِسَ مُتَحَيَّرًا . [ قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَكَمَا ] قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } 6 44 يَعْنِي بِهِ أَنَّهُمْ آيِسُونَ مِنْ الْخَيْر , نَادِمُونَ حُزْنًا , كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِف رَسْمًا مُكْرَسَا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفهُ وَأَبْلَسَا وَقَالَ رُؤْبَة : وَحَضَرْت يَوْم الْخَمِيس الْأَخْمَاس وَفِي الْوُجُوه صُفْرَة وَإِبْلَاس يَعْنِي بِهِ اكْتِئَابًا وَكُسُوفًا . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَإِنْ كَانَ إبْلِيس كَمَا قُلْت " إِفْعِيل " مِنْ الْإِبْلَاس , فَهَلَّا صُرِفَ وَأُجْرِيَ ؟ قِيلَ : تُرِكَ إجْرَاؤُهُ اسْتِثْقَالًا إذْ كَانَ اسْمًا لَا نَظِير لَهُ مِنْ أَسَمَاء الْعَرَب , فَشَبَّهَتْهُ الْعَرَب إذْ كَانَ كَذَلِكَ بِأَسْمَاءِ الْعَجَم الَّتِي لَا تُجْرَى , وَقَدْ قَالُوا : مَرَرْت بِإِسْحَاقَ , فَلَمْ يَجُرُّوهُ , وَهُوَ مَنْ أَسْحَقَهُ اللَّه إسْحَاقًا , إذْ كَانَ وَقَعَ مُبْتَدَأ اسْمًا لِغَيْرِ الْعَرَب ثُمَّ تَسَمَّتْ بِهِ الْعَرَب فَجَرَى مَجْرَاهُ , وَهُوَ مِنْ أَسَمَاء الْعَجَم فِي الْإِعْرَاب , فَلَمْ يُصْرَف . وَكَذَلِكَ أَيُّوب إنَّمَا هُوَ فَيْعُول مِنْ آبَ يَئُوب . وَتَأْوِيل قَوْله : { أَبَى } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ إبْلِيس أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ السُّجُود لِآدَم فَلَمْ يَسْجُد لَهُ . { وَاسْتَكْبَرَ } يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ تَعَظَّمَ وَتَكَبَّرَ عَنْ طَاعَة اللَّه فِي السُّجُود لِآدَم . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَبَرًا عَنْ إبْلِيس , فَإِنَّهُ تَقْرِيع لِضُرَبَائِهِ مِنْ خَلْق اللَّه الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ عَنْ الْخُضُوع لِأَمْرِ اللَّه وَالِانْقِيَاد لِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ , وَالتَّسْلِيم لَهُ فِيمَا أَوَجَبَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْض مِنْ الْحَقّ . وَكَانَ مِمَّنْ تَكَبَّرَ عَنْ الْخُضُوع لِأَمْرِ اللَّه وَالتَّذَلُّل لِطَاعَتِهِ وَالتَّسْلِيم لِقَضَائِهِ فِيمَا أَلْزَمَهُمْ مِنْ حُقُوق غَيْرهمْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا بَيْن ظَهْرَانَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَحْبَارهمْ الَّذِينَ كَانُوا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصِفَته عَارِفِينَ وَبِأَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول عَالَمِينَ , ثُمَّ اسْتَكْبَرُوا مَعَ عِلْمهمْ بِذَلِكَ عَنْ الْإِقْرَار بِنُبُوَّتِهِ وَالْإِذْعَان لِطَاعَتِهِ , بَغْيًا مِنْهُمْ لَهُ وَحَسَدًا , فَقَرَعَهُمْ اللَّه بِخَبَرِهِ عَنْ إبْلِيس الَّذِي فَعَلَ فِي اسْتِكْبَاره عَنْ السُّجُود لِآدَم حَسَدًا لَهُ وَبَغْيًا نَظِير فِعْلهمْ فِي التَّكَبُّر عَنْ الْإِذْعَان لِمُحَمَّدٍ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَنُبُوَّته , إذْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْد رَبّهمْ حَسَدًا وَبَغْيًا . ثُمَّ وُصِفَ إبْلِيس بِمِثْلِ الَّذِي وُصِفَ بِهِ الَّذِينَ ضَرَبَهُ لَهُمْ مَثَلًا فِي الِاسْتِكْبَار وَالْحَسَد وَالِاسْتِنْكَاف عَنْ الْخُضُوع لِمَنْ أَمَرَهُ اللَّه بِالْخُضُوعِ لَهُ , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَكَانَ } يَعْنِي إبْلِيس { مِنْ الْكَافِرِينَ } مِنْ الْجَاحِدِينَ نَعَمْ اللَّه عَلَيْهِ وَأَيَادِيه عِنْده بِخِلَافِهِ عَلَيْهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ السُّجُود لِآدَم , كَمَا كَفَرَتْ الْيَهُود نِعَم رَبّهَا الَّتِي آتَاهَا وَآبَاءَهَا قَبْل : مِنْ إطْعَام اللَّه أَسْلَافهمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى , وَإِظْلَال الْغَمَام عَلَيْهِمْ وَمَا لَا يُحْصَى مِنْ نِعَمه الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ , خُصُوصًا مَا خَصَّ الَّذِينَ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِدْرَاكِهِمْ إيَّاهُ وَمُشَاهَدَتهمْ حُجَّة اللَّه عَلَيْهِمْ ; فَجَحَدَتْ نُبُوَّته بَعْد عِلْمهمْ بِهِ , وَمَعْرِفَتهمْ بِنُبُوَّتِهِ حَسَدًا وَبَغْيًا . فَنَسَبَهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إلَى الْكَافِرِينَ , فَجَعَلَهُ مِنْ عِدَادهمْ فِي الدِّين وَالْمِلَّة , وَإِنْ خَالَفَهُمْ فِي الْجِنْس وَالنِّسْبَة , كَمَا جَعَلَ أَهْل النِّفَاق بَعْضهمْ مِنْ بَعْض لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى النِّفَاق , وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْسَابهمْ وَأَجْنَاسهمْ , فَقَالَ : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات بَعْضهمْ مِنْ بَعْض } 9 67 يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض فِي النِّفَاق وَالضَّلَال , فَكَذَلِكَ قَوْله فِي إبْلِيس : { كَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ } كَانَ مِنْهُمْ فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ وَمُخَالَفَته أَمْره وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا جِنْسه أَجْنَاسهمْ وَنَسَبه نَسَبهمْ . وَمَعْنَى قَوْله : { وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ } أَنَّهُ كَانَ حِين أَبَى عَنْ السُّجُود مِنْ الْكَافِرِينَ حِينَئِذٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ } فِي هَذَا الْمَوْضِع وَكَانَ مِنْ الْعَاصِينَ . 591 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ } يَعْنِي الْعَاصِينَ . وَحُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بِمِثْلِهِ . وَذَلِكَ شَبِيه بِمَعْنَى قَوْلنَا فِيهِ . وَكَانَ سُجُود الْمَلَائِكَة لِآدَم تَكْرِمَة لِآدَم وَطَاعَة لِلَّهِ , لَا عِبَادَة لِآدَم . كَمَا : 592 - حَدَّثَنَا بِهِ بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَةَ قَوْله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم } فَكَانَتْ الطَّاعَة لِلَّهِ , وَالسَّجْدَة لِآدَم , أَكْرَمَ اللَّه آدَم أَنْ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَته

طبعا الموضوع يطول بس هذا ما قدرت انسخه بشكل سريع ، الامر متعب ، وما نقلته هو من تفسير الطبري وحده فكيف بتفسير ابن كثير والقرطبي والجلالين ، ولهاذا لا ارى اي منطقية في النقاش وانتم في الاساس مختلفون ومتناقضون في تفاسيركم اصلا !







 
قديم 16-05-11, 08:03 PM   رقم المشاركة : 29
سيف الدين_الهاشمي
مشرف سابق








سيف الدين_الهاشمي غير متصل

سيف الدين_الهاشمي is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم
الزميل الاسماعيلي هداك الله..
صدق حدسي والله انك لن تجيب بل ستشتت الموضوع الى غير مراده!!
نقلك للتفاسير ثم يكون ماذا؟!
اين التناقض؟
بالله يا زميلنا ان كنت تحسن تقرا فاسمها تفاسير فكل ينقل ما اثره من علم حول المسألة والراي الصحيح فيها !!
هكذا هو العلم يا زميلي فتنبه!!
ولا ادري اين التناقض فهل قرات كل هذا بتمعن؟
لا اظن فلن احذفها لكي يعرف المتابع انك ما كلفت نفسك فهم ما نقلت!!
ولا اراك تخالف هذا فانتم اهل التفسير الباطني وتنقلون عن علي رضي الله عنه ان القرآن حمال اوجه ففيم تجادل؟!!
يكفيك ان ما ذكرته لك موافق لاحدها وانا اخذ به فهذا شأني ولكن مادخل هذا بالسؤال الاصلي:
جنس الامام هنيد ؟
والدليل على وجوده في الاصل!!
هاهنا المحك يا زميلي فبعدم اجابتك تدخل نفسك في حرج امام المتابعين من الاسماعيلية قبل اهل السنة فقد قلبت النقاش الى تفاسير اهل السنة فافتح موضوعاً منفرداً يا هداك الله اذا كان لك حاجة فيها!!
ولكن لن اسمح لك بتشتيت الموضوع فقد اجبتك حسب علمي فهلا تكرمت علينا من علمك وأجبتنا:
ماهو جنس الامام هنيد مع الدليل؟؟
والله المستعان






التوقيع :
عن فضيل بن مرزوق سمعت ابا محمد الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب يقول لرجل من الرافضة( إن قتلك قربة إلى الله فقال إنك تمزح فقال والله ما هو مني بمزاح) قال مصعب الزبيري كان فضيل بن مرزوق يقول سمعت الحسن ابن الحسن يقول لرجل من الرافضة (أحبونا فإن عصينا الله فأبغضونا فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png بغير طاعة لنفع أباه وأمه) وروى فضيل بن مرزوق قال سمعت الحسن يقول دخل علي المغيرة بن سعيد يعني الذي أحرق في الزندقة فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png ثم لعن أبا بكر وعمر فقلت ياعدو الله أعندي ثم خنقته والله حتى دلع لسانه توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين وقيل في سبع وتسعين وقيل كانت شيعة العراق يمنون الحسن الإمارة مع أنه كان يبغضهم ديانة
(( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ))
من مواضيعي في المنتدى
»» ابو الفضل عزام هنا للحوار
»» يا رافضة لم تخالفون ابا عبدالله جعفر الصادق رضي الله عنه؟
»» استفهام هام ؟!
»» الاسماعيلية من عنده علم بدينه فليدخل
»» جديد الشيعة بلوتوث امامي
 
قديم 16-05-11, 08:22 PM   رقم المشاركة : 30
إسماعيلي واقعي
موقوف






إسماعيلي واقعي غير متصل

إسماعيلي واقعي is on a distinguished road


اجابتك متناقضه مع علمائك ، وهذه كافية لنتوقف عن نقاشك !
فتناقضكم كان كافيا ليرد عليكم !
فاذا كنت تعتبر ابليس من الجن ، وتعتبر ان المقصودين بالافساد في الارض هم الجن ، وتعتبر ان خلافة ادم ليس خلافة لمن هو موجود ، وتتمسك برايك الذي يعجبك ،
فانا اقول عكس هذا ويكفيني موافقة تفاسيركم ايضا لي !

وعليه فسؤالك لم يعد له اي قيمه ، لانك سوف تاخذ الجواب بمقياسك انت وتحكم عليه كما فعلت في بداية موضوعك ، والكلام في السطر الاخير من ردك يؤكد هذا ـ فانت تتهمني بالاحراج من الاجابه ، وربما هذا الهدف من طرح موضوعك هو نشر شبه وبزعمك انك تنتصر فيها ، ونحن نقول لك وللمتابعين يكفينا ما ورد في تفاسيركم من تناقض وعدم اتفاق على شيء ، فكيف تناقشوننا في مثل هذا الموضوع وتستدلون بايات الله وكل منكم له تفسير وراي وعلم مزعوم !!







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:45 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "