العودة   شبكة الدفاع عن السنة > منتدى الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم > الدفاع عن الآل والصحب > كتب ووثائق للدفاع عن الآل والصحب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-12-12, 12:51 PM   رقم المشاركة : 1
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصة مهاجر/د.نعيم محمد عبد الغني/ق8/أبو بصير

سلسلة قصة مهاجر

الدكتور نعيم محمد عبد الغني

القسم الثامن

أبو بصير


في الحلقة الماضية تناولنا هجرة الصحابي الجليل أبي جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنهما، وقلنا إن أبا جندل لما رده الرسول لقريش تنفيذا لصلح الحديبية ذهب إلى أبي بصير في ساحل البحر، وكان إماما للمسلمين هناك، حيث هددوا قوافل قريش واقتصادها، وكي تكتمل الصورة فإننا نتناول قصة الهجرة لأبي بصير رضي الله عنه التي بلغت في شهرتها حدا لا يقل عن هجرة أبي جندل، فهما صنوان في هذا الأمر لا يفترقان، وقصة كل واحد منهما تطلب الأخرى.

ونأخذ رواية البخاري التي ذكر فيها قصة هجرة أبي بصير عند تعرضه لصلح الحديبية، وبوب عليها فقال: باب الشرط في الجهاد، ثم ذكر أن أبا بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين،
فقالوا العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين،
فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم،
فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الآخر،
فقال أجل والله، إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت،
فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه، حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه ( لقد رأى هذا ذعرا ). فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول،
فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم،
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد ).
فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر،
قال وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم، وأخذوا أموالهم،
فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل، فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فأنزل الله تعالى:
{ وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُم عَنْكُم وَأَيْدِيَكُم عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم...}
إلى هنا انتهت رواية البخاري في قصة هجرة أبي بصير التي تكاد تذكر في مضمونها في بقية كتب السنة والتراجم، وما يضاف إليها أن أبا بصير عندما طلبت قريش من الرسول أن يأخذ من جاءه مسلما، وأن يحميهم من أبي بصير وجماعته، كان على فراش الموت فوضع كتاب رسول الله على صدره وفارق الحياة ودفنه أبو جندل وأقام على قبره مسجدا.

ومع هذه القصة الشهيرة المقتضبة لنا أن نقف بعض الوقفات:

أولا:
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان وفيا بالعهد، وما حدث لأبي بصير وجماعته لم يكن من تدبير النبي، بل هو اجتهاد من الجماعة المسلمة المضطهدة التي فرت بدينها وهاجرت بطريقتها، ولم تشأ إحراج النبي بنقض عهده، وقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الاجتهاد بسكوته عليهم، إذ لم يبعث إليهم بمن ينهاهم عن فعلته، بل اعتبرهم خارج نطاق الدولة، ولهم أن يتصرفوا بالطريقة التي يحمون بها حياتهم، ويحفظون بها دينهم ونفذ بنود العهد حرفيا بأنه لم يستقبل في المدينة من جاء إليه مسلما من قريش باستثناء النساء، فإن الله حكم بألا يرجعن إلى الكفار، وقد علمت قريش ذلك، حيث رُوي أن العامري الذي قتله أبو بصير وهرب منه ليلوذ بالمدينة ثم بالبحر بعد ذلك أراد سهيل بن عمرو أن يكلم فيه النبي ليطلب ديته، لأنه من رهطه، فقال له أبو سفيان: ليس على محمد مطالبة بذلك، لأنه وفي بما عليه وأسلمه لرسولكم، ولم يقتله بأمره ولا على آل أبي بصير أيضا شيء، لأنه ليس على دينهم. وبهذا حدثت الثغرة الأولى في الاتفاق، حيث رأت أن الشرط الذي ظنوه في صالحهم انقلب عليهم، وهدد مصالحهم، فبعثوا يطلبون من النبي أن يلغي هذا الشرط من الصلح وأن يستقبل هذه الجماعة التي هددت مصالح قريش الاقتصادية، وبات الفتح قريبا.

ثانيا:
إن أبا بصير الذي هاجر بهذه الطريقة يعلم بنود الصلح، وخضع لأمر الله ورسوله، ولكنه استنبط من كلام النبي أن الله سيجعل له مخرجا، فاجتهد وقتل أحد الرجلين اللذين أخذاه في الطريق، وبهذا أفلت من قبضة قريش، ورجع إلى النبي فقال: ( ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال ) فعلم أمرين الأول: أنه لو بقي في المدينة فسيرده الرسول لقريش، والثاني، أن قوله صلى الله عليه وسلم قال ( مسعر حرب لو كان معه رجال ) يشير إلى إمكانات أبي بصير القتالية، وذكائه وحيلته التي تنفع في الحرب، وتفيد في مثل هذه الظروف التي تمر بها الدولة الناشئة، فخرج في عرض البحر، وفعل ما فعل من تكوين جماعة مسلمة كانت شوكة في حلق، قال ابن حجر تعليقا على قوله عليه الصلاة والسلام ( ويل أمه مسعر حرب ) ، فلقنها أبو بصير فانطلق، وفيه إشارة إليه بالفرار لئلا يرده إلى المشركين، ورمز إلى مَن بلغه ذلك من المسلمين أن يلحقوا به، قال جمهور العلماء من الشافعية وغيرهم يجوز التعريض بذلك لا التصريح.

ثالثا:
إن أبا بصير كان يؤم الناس في الصلاة، وتخلى عن الإمامة لما جاءه أبو جندل الذي قدمه للإمامة وتعليم الناس القرآن، فكانت هذه الجماعة المؤمنة المهاجرة يقودها رجلان، الأول له خبرات قتالية، مصحوبة بحيل سياسية، والأخرى لرجل أكثر علما وله دراية بالخطابة والشعر؛ إذ هو ابن خطيب قريش سهيل بن عمرو، وسيكون له أثر في تعليم الناس، ومن ثم كان عملهم قائما على التخطيط والدراسة ومن قبل التوكل على الله.

إن هجرة أبي بصير مثلت فصلا مهما في تاريخ هجرة المسلمين إلى المدينة، ولذا كانت أكثر الهجرات شهرة وانتشارا، وعليها كانت استنباطات فقهية كثيرة في أحكام الجهاد، وقضايا لا يزال المسلمون يتعرضون لها إلى اليوم.

يتبع






 
قديم 20-12-12, 03:45 PM   رقم المشاركة : 2
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


سلسلة قصة مهاجر/د.نعيم محمد عبد الغني/ق9/سلمان الفارسي

سلسلة قصة مهاجر

الدكتور نعيم محمد عبد الغني

القسم التاسع

سلمان الفارسي وهجرة البحث عن الحقيقة



تختلف قصة هجرة سيدنا سلمان الفارسي عن كثير من الصحابة الذين هاجروا، فسيدنا سلمان لم يهاجر من مكة إلى المدينة، بل هاجر من فارس إلى المدينة عبر رحلة طويلة ملئت بالمصاعب والمشاق.
لقد كان سلمان ثريا أثيرا عند والده، وكان يعبد معهم النار، وفي رواية كان يعبد الخيل، ورأى ذات يوم بعض النصارى يعبدون الله، فأعجبته عبادتهم وذهب لوالده يخبره، فحذره منهم، ووصل الأمر بوالد سلمان أن حبسه في الحديد حتى لا يتبع هؤلاء.

ولكن سلمان الباحث عن الدين الحق لم يُلق بالا لهذا الحديد، فخرج من فارس بعد أن رأى قومه قد ضلوا عن السبيل، وذهب باحثا عن دين حق؛ إيمانا منه بأن الإنسان لا بد أن يكون صاحب عقيدة سليمة، ولا يمكن أن يعيش في هذه الحياة بغير دين، فبحث عن إله يعبده، فدل على نصارى الشام فلزم أحدهم يأكل ويشرب معه، ويعبد الله بجواره على دين النصرانية، حتى مات ذلك الراهب، ليصحب راهبا ثانيا فيموت، ثم يذهب إلى راهب يوصيه قبل موته بأنه لم يعد أحد على دين عيسى الحق، وإن هذا أوان ظهور نبي علامته أن ختم النبوة بين كتفيه، ولا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية.

وقعد سلمان رضي الله عنه على طريق القوافل التي تمر إلى الحجاز يسأل عن رجل خرج في قومه يقول إنه نبي، حتى مرت قافلة ذاهبة المدينة، فعلم أن نبيا خرج فيهم، ولكن كيف يصل سلمان إلى النبي، وهو الذي لا يملك شيئا يركبه، ولا طريقا يعلمه، وليس معه من زاد المسافر شيء؟
لقد قرر سلمان أن يبيع أغلى ما يملك في سبيل أن يهتدي إلى دين الله الحق، ويتبع ذلك النبي الذي بشر به الإنجيل، وأُخبر به من الرهبان الذين صحبهم. باع سلمان حريته لأحد اليهود على أن يحمله إلى مكة ويطعمه كسرة خبز ويحمله خلفه على البعير ويذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات أنه قرر أن يبيعهم غنما وأبقارا كانت معه على أن يحملوه لرسول الله بالمدينة، فأخذوا منه بقره وغنمه ثم باعوه، وعلى أي حال فقد غادر سلمان قصر أبيه بحثا عن الدين الحق وآل به الأمر إلى أن يكون عبدا رقيقا لأحد اليهود.

ولعمري إن أشق شيء على الإنسان أن يكون عبدا مملوكا لا يقدر على فعل أي شيء إلا بإذن من سيده، ولكن أصحاب الأهداف الكبيرة، والغايات العظمى يعرفون أثمان ما يبحثون عنه، فبذل سلمان غير مضطر حريته بحثا عن هدفه، وتحقيقا لمأربه وغايته.

ووصل سلمان إلى المدينة، وأخذ منذ الوهلة الأولى يبحث عن النبي، ويتحرى الدقة في معرفته، في تأن وروية، مستعينا على ذلك بالسر والكتمان، يقول سلمان:
( فإذا امرأة من أهل بلادي فسألتها وكلمتها فإذا مواليها وأهل بيتها قد أسلموا كلهم، وسألتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يجلس في الحجر إذا صاح عصفور مكة مع أصحابه حتى إذا أضاء له الفجر تفرقوا، قال فجعلت أختلف ليلتي كراهية أن يفتقدني أصحابي، قالوا مالك قلت: أشتكي بطني فلما كانت الساعة التي أخبرتني أنه يجلس فيها أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو محتبٍ في الحجر وأصحابه بين يديه فجئته من خلفه صلى الله عليه وسلم فعرف الذي أريد فأرسل حبوته فسقطت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه قلت في نفسي الله أكبر هذه واحدة، فلما كان في الليلة المقبلة صنعت مثل ما صنعت في الليلة التي قبلها لا ينكرني أصحابي فجمعت شيئا من تمر، فلما كانت الساعة التي يجلس فيها النبي صلى الله عليه وسلم أتيته فوضعت التمر بين يديه،
فقال ما هذا؟
قلت صدقة قال لأصحابه: كلوا، ولم يمد يديه،
قال قلت في نفسي: الله أكبر هذه ثنتان،
فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئا من تمر، ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه
قال ما هذا؟
قلت: هدية فأكل وأكل القوم،
قال قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ).
ففي هذه الرواية ينبغي أن نقف عند أمر اختلفت فيه كتب التراجم، الأمر الأول: أن سلمان ذهب إلى مكة كما يظهر في الرواية السابقة، وهناك روايات أخرى أن سلمان ذهب إلى المدينة، حيث إن يهوديا اشتراه، وبذلك تكون هجرة سلمان من فارس إلى المدينة، أو تكون هجرته من فارس إلى مكة ثم إلى المدينة.
لقد وردت الرواية التي ذكرت مكة في كتب مثل صفة الصفوة، ووردت روايات المدينة في كتب مثل أسد الغابة والاستيعاب.
ويترتب على هذا الاختلاف أمر ثان هو أن الزمن الذي أسلم فيه سلمان، هل أسلم قبل الهجرة أم بعدها؟
إن هذه قضية بحثية أثارتها قصة هجرة سيدنا سلمان، ولم أصل فيها لحل، ولكن الذي أستطيع أن أقوله الآن، إنه من المهاجرين على أي من الروايتين، وإنه وصل إلى الحقيقة، ولكنه أصبح الآن عبدا رقيقا بعد أن كان حرا طليقا، وتلك معضلة أخرى، فكيف يجد لها مخرجا؟


بعد أن اهتدى سلمان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إثر رحلة شاقة استمرت سنوات وسنوات باحثا عن الحقيقة، باذلا فيها كل ما يملك حتى حريته، قص على النبي قصته، وكانت هذه بداية البحث عن رحلة أخرى، إنها رحلة الحرية.

لقد أعجب النبي بشخصية سلمان، وعلم أن مثله الذي يستعد للتضحية في سبيل الدين هو من سينفع الإسلام، إنه أمام رجل له عقل يفكر، ينكر عبادة غير الله، وله ثقافة بالأديان الأخرى، وخبرة بالمسيحية، ومن أهل فارس، فهو يعرف العربية والفارسية، وسينضم من بعد إلى كوكبة من الصحابة، صهيب الرومي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي وبذلك فمنذ الوهلة الأولى تتحقق عالمية الإسلام بهذه الكوكبة التي حملت مشاعل الهدى، وفتح الله على يديها البلاد، وهدى بسببها العباد.

وقد تحقق ذلك فكان سلمان في طليعة الذين فتحوا فارس، وهو الذي تفاوض مع أهل فارس عارضا عليهم باللغة الفارسية الإسلام أو الجزية أو القتال، فاختاروا القتال، وفتحت بلاد فارس وأطفئت نيران كسرى.
يحكي لنا سيدنا سلمان قصته مع الحرية وكيف فرج الله عنه فيقول: سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصتي فأخبرته، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق فاشتر نفسك،
فأتيت صاحبي فقلت: بعني نفسي،
قال نعم، أبيعك نفسك بأن تغرس لي مائة نخلة إذا أثبتت وتبين ثباتها أو نبتت وتبين نباتها جئتني بوزن نواة من ذهب،
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته قال فأعطه الذي سألك، وجئني بدلو من ماء البئر الذي يسقي أو تسقي به ذلك النخل،
قال: فانطلقت إلى الرجل فابتعت منه نفسي، فشرطت له الذي سألني، وجئت بدلو من ماء البئر الذي يسقى به ذلك النخل، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فانطلقت فغرست به ذلك النخل فو الله ما غدرت منه نخلة واحدة، فلما تبين ثبات النخل أو نبات النخل أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه قد تبين ثبات النخل أو نباته، فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوزن نواة من ذهب فأعطانيها، فذهبت بها إلى الرجل أو في كفة الميزان، ووضع له نواة في الجانب الآخر فو الله ما قلت من الأرض، فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو كنت شرطت له وزن كذا وكذا لرجحت تلك القطعة عليه فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكنت معه ).

وهكذا فرج الله كرب سلمان وأصبح حرا طليقا، وعبدا لله وحده، وكانت له في الإسلام بعد ذلك صولات وجولات، وكان صاحب فكر خلاق، استفاد منه المسلمون في حربهم وسلمهم، فاسمه مقرون بمعركة الخندق التي كانت ابتكارا عسكريا لم يعرفه العرب، واسمه مقرون بالمدائن التي مات بها وكان أميرا عليها.
كان عطاء سلمان رضي الله عنه خمسة آلاف دينار، وهي كفيلة بأن تجعله يعيش في سعة وبسطة، ولكنه كان يتصدق بالمال كله، ويعمل الخوص ويبيعه، ويقول أحب أن آكل من عمل يدي، ولم يكن له إلا بيت من جريد، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها. ورد في الاستيعاب لابن عبد البر عن ابن وهب وابن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده، فيعيش منه ولا يقبل من أحد شيئاً.
قال: ولم يكن له بيت، وإنما كان يستظل بالجذور والشجر وإن رجلاً قال له: ألا أبني لك بيتاً تسكن فيه؟
فقال: ما لي به حاجة،
فما زال به الرجل حتى قال له: إني أعرف البيت الذي يوافقك..
قال: فصفه لي. قال: أبني لك بيتاً إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإن أنت مددت فيه رجليك أصاب أصابعهما الجدار. قال: نعم فبنى له بيتاً كذلك.

كانت لسلمان رضي الله عنه منزلة كبرى عند الرسول وأصحابه، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان لسلمان مجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي هريرة قال: كان سلمان صاحب الكتابين. قال قتادة: يعني الإنجيل والفرقان. وقال كعب الأحبار: سلمان حُشي علماً وحكمة.

إن قصة هجرة سلمان لم تكن عادية، بل كانت لرجل حياته كلها هجرة، أعرض عن الدنيا وكانت في يديه، وأقبل على الدين الذي استقر في قلبه، فوجد حلاوة الإيمان التي لا يعدلها شيء من متع الدنيا، ومتع بأنوار اليقين والتوكل على الله. لقد تفاخرت قريش عند سلمان الفارسي رضي الله عنه يوما فقال سلمان لكنني خلقت من نطفة قذرة ثم أعود جيفة منتنة ثم آتي الميزان فإن ثقل فأنا كريم (إحياء علوم الدين 5/133)
وهكذا عاش سلمان كريما إلى أن لقي الله عز وجل في سنة خمس وثلاثين أو ست وثلاثين من الهجرة على خلاف في ذلك لتكون هجرته درسا لأولي الألباب،

يتبع






 
قديم 25-02-18, 04:48 PM   رقم المشاركة : 3
محمد السباعى
عضو ماسي






محمد السباعى غير متصل

محمد السباعى is on a distinguished road


جزاك الله خيرا







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:00 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "