العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة > كتب ووثائق منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-10, 01:02 PM   رقم المشاركة : 1
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


Lightbulb نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

نور التوحيد وظلمات الشرك


في ضوء الكتاب والسنة





تأليف الفقير إلى الله تعالى



د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني


************************


بسم الله الرحمن الرحيم




المقدمة



إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا،

أما بعد:




فهذه رسالة مختصرة في: "نور التوحيد وظلمات الشرك"،

بيّنت فيها: مفهوم التوحيد، وأدلته، وأنواعه، وثمراته،

ومفهوم الشرك، وأدلة إبطاله، والشفاعة: المنفية، والمثبتة،

وأسباب ووسائل الشرك، وأنواعه، وأقسامه،

وأضراره وآثاره.




ولا شك أن التوحيد نور يوفق الله له من يشاء من عباده،

والشرك ظلمات بعضها فوق بعض يُزيَّن للكافرين



قال الله عز وجل:

{أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ

وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا

كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}([1]



وقد بيّن الله عز وجل أنه أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم

الآيات الواضحات والدلائل الباهرات،

وأعظمها القرآن الكريم؛

ليخرج الناس بإرسال الرسول صلّى الله عليه وسلّم

وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة:


من ظلمات الضلالة والشرك، والجهل،

إلى نور الإيمان والتوحيد، والعلم والهدى،


قال سبحانه:


{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ

لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ

وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}([2]).



وقد قسمت البحث إلى مبحثين،

وتحت كل مبحث مطالب على النحو الآتي:



المبحث الأول: نور التوحيد:


المطلب الأول: مفهوم التوحيد.

المطلب الثاني: البراهين في إثبات التوحيد.

المطلب الثالث: أنواع التوحيد.

المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده.



المبحث الثاني: ظلمات الشرك:


المطلب الأول: مفهوم الشرك.

المطلب الثاني: أدلة إبطال الشرك.

المطلب الثالث: الشفاعة المنفية والمثبتة.

المطلب الرابع: مسبغ النعم المستحق للعبادة.

المطلب الخامس: أسباب ووسائل الشرك.

المطلب السادس: أنواع الشرك وأقسامه.

المطلب السابع: أضرار الشرك وآثاره.



والله سبحانه أسأل باسمه الأعظم الذي إذا سُئِلَ به أعطى

أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا خالصًا لوجهه الكريم،

وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي،

وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛

فإنه عز وجل خير مسؤول، وأكرم مأمول،


وهو حسبنا ونعم الوكيل،

والحمد لله رب العالمين،


والصلاة و السلام على عبده ورسوله الأمين،

نبينا محمد وعلى آله وأصحابه

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



المؤلف

حرر في ظهر يوم الثلاثاء

الموافق 16/10/1419هـ.


************************

([1]) سورة الأنعام، الآية: 122.

([2]) سورة الحديد، الآية: 9.






من مواضيعي في المنتدى
»» الصوفية : رقص زندقة خرافات سحر بدع قبوريات
»» الجيش اليمني يكبد الحوثيين خسائر فادحة ويجبرهم على الفرار من بعض المواقع
»» منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول
»» الشيعة ولعبة تغيير المناهج الدراسية السنية
»» ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) د.عبد العزيز آل عبد اللطيف
 
قديم 17-02-10, 01:28 PM   رقم المشاركة : 2
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المبحث الأول: نور التوحيد


المطلب الأول: مفهوم التوحيد:


التوحيد المطلق: هو:

العلم والاعتراف المقرون بالاعتقاد الجازم،

بتفرد الله عزَّ وجلَّ بالأسماء الحسنى،

وتوحده بصفات الكمال، والعظمة والجلال،

وإفراده وحده بالعبادة([1])،


قال سبحانه وتعالى:

{وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ

لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}([2])



قال العلامة السعدي رحمه الله:


"أي متوحد منفرد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله،

فليس له شريك: في ذاته، ولا سمي له ولا كفء،

ولا مثل، ولا نظير، ولا خالق ولا مدبر غيره؛

فإذا كان كذلك فهو المستحق،

لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة،

ولا يشرك به أحد من خلقه"([3]).


************************

([1]) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، للسعدي، ص18.

([2]) سورة البقرة، الآية: 163.

([3]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص60.






من مواضيعي في المنتدى
»» كسب القلوب على الطريقة الإيرانية
»» بين العريفي والسيستاني والمتباكون على الوحدة الإسلامية
»» هداية الصوفية / كتب ورسائل
»» شكرا رجب طيب أردوغان
»» الشيعة ( 1 ) للشيخ سفر الحوالي حفظه الله تعالى
 
قديم 17-02-10, 01:44 PM   رقم المشاركة : 3
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المطلب الثاني:

البراهين الساطعات في إثبات التوحيد:



البراهين الساطعات، والبينات الواضحات

في كتاب الله عز وجل،

وفي سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم

على إثبات التوحيد كثيرة لا تحصر،

ولكن منها على سبيل المثال ما يأتي:




1 ـ قال الله عز وجل:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ،

مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ

وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ،

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}([1])


والمعنى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليوحدون([2]).



2 ـ وقال سبحانه وتعالى:

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً

أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ

فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ

وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}([3])


يخبر الله عزَّ وجلَّ

أن حجته قامت على جميع الأمم،

وأنه ما من أمة متقدمة، أو متأخرة

إلا وبعث الله فيها رسولاً،

وكلهم متفقون على دعوة واحدة، ودين واحد،

وهو: عبادة الله وحده لا شريك له،

فانقسمت الأمم

بحسب استجابتها لدعوة الرسل قسمين

{فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ} فاتبعوا المرسلين،

{وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} فاتبع سبيل الغي([4]).



3 ـ وقال عزَّ وجلَّ:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ

إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ}([5])



فكل الرسل عليهم الصلاة والسلام

قبل النبي صلّى الله عليه وسلّم:

زبدة رسالتهم وأصلها،

الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له،

وبيان أنه الإله الحق المعبود،

وأن عبادة ما سواه باطلة([6]

ولهذا قال الله عز وجل:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ

إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ}([7]).


************************

([1]) سورة الذاريات، الآيات: 56 58.

([2]) الجامع لأحكام القرآن الكريم، للقرطبي، 17/57.

([3]) سورة النحل، الآية: 36.

([4]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص393.

([5]) سورة الأنبياء، الآية: 25.

([6]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 18/427،
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص470.

([7]) سورة الزخرف، الآية: 45.






من مواضيعي في المنتدى
»» التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية لسماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله
»» الأصول الثلاثة وأدلتها / لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
»» اسألوا الصوفية / الشيخ صفوت الشوادفي
»» محاكم ديوان التفتيش العراقية
»» شركة إسرائيلية وإيران توقعان صفقة تجارية بملايين الدولارت
 
قديم 17-02-10, 02:07 PM   رقم المشاركة : 4
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


4 ـ وقال الله سبحانه وتعالى:

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}([1])

فالله عزَّ وجلَّ قضى، ووصَّى، وحكم، وأمر بالتوحيد

فقال {وَقَضَى رَبُّكَ}

قضاءً دينيًا، وأمرًا شرعيًّا،

{أَلاَّ تَعْبُدُواْ}

أحدًا: من أهل الأرض والسماوات، الأحياء، والأموات،

{إِلاَّ إِيَّاهُ}

لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد([2]).




5 ـ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقولون لأممهم

{يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}([3])

والمعنى اعبدوا الله وحده؛

لأنه الخالق الرازق، المدبر لجميع الأمور،

وما سواه مخلوق مُدبَّر ليس له من الأمر شيء([4]).



6 ـ وقال سبحانه وتعالى:

{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}([5]).


7 ـ وقال سبحانه وتعالى:

{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي

لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ

وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}([6])


أمر الله عزَّ وجلَّ نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم

أن يقول للمشركين:

إن صلاتي وذبحي، وحياتي وما آتيه فيها،

وما يجريه الله عليَّ

وما يقدر علي في الجميع لله رب العالمين،

لا شريك له في العبادة،

كما أنه لا شريك له في الملك والتدبير،

وبذلك أمرني ربي،

وأنا أول من أقرَّ، وأذعن،

وخضع من هذه الأمة لربه([7]).


************************

([1]) سورة الإسراء، الآية: 23.

([2]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 17/413،
وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/34،
وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص407.

([3]) سورة الأعراف، الآية: 59، 65.

([4]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص255.

([5]) سورة البينة، الآية: 5.

([6]) سورة الأنعام، الآيتان: 162 163.

([7]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 12/283،
وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص245.







من مواضيعي في المنتدى
»» طرفة و ابتسامة
»» عهد أردوغان اللغة العربية تعود لمناهج تركيا
»» الشباب بين تعسير الزواج وتيسير الزنا
»» إيران تقترب من إعلان إفلاسها
»» مطوية عن الصوفية / دار القاسم
 
قديم 17-02-10, 02:21 PM   رقم المشاركة : 5
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


8 ـ وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه

أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له:

“يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده”؟

قال: قلت: الله ورسوله أعلم.

قال:

“حق الله على عباده أن يعبدوه

ولا يشركوا به شيئًا”


ثم سار ساعة ثم قال:

“يا معاذ،

هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه”


قلت: الله ورسوله أعلم.

قال:

حق العباد على الله

أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا”([1]



وهذا الحديث العظيم يبيّن أن حق الله على عباده

أن يعبدوه وحده لا شريك له بما شرعه لهم من العبادات،

ولا يشركوا معه غيره،


وأن حق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا،


ولا شك أن حق العباد على الله:

هو ما وعدهم به من الثواب،

فحق ذلك ووجب بحكم وعده الصدق، وقوله الحق،

الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر، ولا الخلف في الوعد،

فهو حق جعله الله سبحانه على نفسه، تفضلاً وكرمًا،

فهو سبحانه الذي أوجب على نفسه حقًّا لعباده المؤمنين،

كما حرم الظلم على نفسه،

لم يوجب ذلك مخلوق عليه، ولا يقاس بمخلوقاته،

بل هو بحكم رحمته، وعدله، كتب على نفسه الرحمة،

وحرم على نفسه الظلم([2]).



9 ـ وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه،

يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم:

“.. فإن الله حرم على النار من قال:

لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله”([3]).


************************

([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب اللباس، باب إرداف الرجل خلف الرجل، 7/89، برقم 5967،
ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، قطعًا، 1/58، برقم 30،
واللفظ للبخاري برقم 2856، ورقم 6500.

([2]) انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 1/203،
وشرح النووي على صحيح مسلم، 1/345 ومجموع فتاوى ابن تيمية، 1/213.

([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، 1/125، برقم 425،
ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، 1/455، برقم 33.






من مواضيعي في المنتدى
»» إيران بين فرض الحجاب وانتهاك العفة
»» بناء أضخم مسجد في أوروبا
»» طرفة و ابتسامة
»» دمعة على الإسلام
»» أسوأ أزمة إنسانية
 
قديم 19-02-10, 02:39 PM   رقم المشاركة : 6
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المطلب الثالث: أنواع التوحيد:


الله سبحانه وتعالى:

هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين،

فإفراده تعالى وحده بالعبادة كلها

وإخلاص الدين كله لله هذا هو توحيد الألوهية:

وهو معنى "لا إله إلا الله"

وهذا التوحيد يتضمن جميع أنواع التوحيد([1])

ويستلزمها؛ فإن التوحيد نوعان:


1 ـ التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي([2]):

وهو توحيد في المعرفة والإثبات،

وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات،

وهو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى،

وصفاته، وأفعاله، وأسمائه،

وتكلمه بكتبه لمن شاء من عباده،

وإثبات عموم قضائه، وقدره، وحكمته،

وتنـزيهه عما لا يليق به.


2 ـ التوحيد الطلبي القصدي الإرادي:

وهو توحيد في الطلب والقصد:

وهو توحيد الإلهية أو العبادة([3]).



وتكون أنواع التوحيد على التفصيل

ثلاثة أنواع على النحو الآتي:


النوع الأول: توحيد الربوبية وهو:

الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو الرب المتفرد بالخلق،

والملك، والرزق، والتدبير،

الذي ربّى جميع خلقه بالنعم،

وربى خواص خلقه

وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم المخلصين

بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة،

والعلوم النافعة، والأعمال الصالحة،

وهذه التربية النافعة للقلوب والأرواح

المثمرة لسعادة الدنيا والآخرة.




النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات:

وهو الاعتقاد الجازم بأن الله

هو المنفرد بالكمال المطلق من جميع الوجوه،

وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه

أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم

من جميع الأسماء والصفات،

ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة

على الوجه اللائق بعظمته وجلاله

من غير نفي لشيء منها، ولا تعطيل،

ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف.

ونفي ما نفاه عن نفسه

أو نفاه عنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم من النقائص والعيوب

وعن كل ما ينافي كماله.


وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات

قد وضحه الله في كتابه كما في أول سورة الحديد،

وسورة طه، وآخر سورة الحشر،

وأول سورة آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها،

وغير ذلك([4]).


************************

([1]) انظر: تيسير العزيز الحميد، للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ص74،
والقول السديد، للسعدي، ص17،
وبيان حقيقة التوحيد، للشيخ صالح الفوزان، ص20.

([2]) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، 3/449.

([3]) انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لابن القيم 2/94 ،
ومعارج القبول، لحافظ حكمي 1/98،
و فتح المجيد ،لعبد الرحمن بن حسن ،ص 17 .

([4]) انظر: فتح المجيد، ص17،
والقول السديد في مقاصد التوحيد لعبد الرحمن السعدي، ص14-17،
ومعارج القبول، 1/99.






من مواضيعي في المنتدى
»» الشبهات النقلية لمخالفي أهل السنة والجماعة في مسألتي الإمامة والصحابة / رسالة دكتوراه
»» القول السديد في مقاصد التوحيد
»» أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
»» تفاصيل المخطط الإيراني لتجفيف شط العرب والأنهر الأحوازية
»» أعلن رفضهن للجنس والعري والبذائة
 
قديم 19-02-10, 03:13 PM   رقم المشاركة : 7
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


النوع الثالث: توحيد الإلهية،

ويقال له: توحيد العبادة،


وهو الاعتقاد الجازم – مع العلم والعمل والاعتراف –

بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين،

وإفراده وحده بالعبادة كلها،

وإخلاص الدين كله لله،

وهو يستلزم توحيد الربوبية،

وتوحيد الأسماء والصفات ويتضمنهما؛


لأن الألوهية التي هي صفة تعم أوصاف الكمال،

وجميع أوصاف الربوبية والعظمة؛

فإنه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال،

ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والإفضال،

فتوحده سبحانه بصفات الكمال وتفرده بالربوبية،

يلزم منه أن لا يستحق العبادة أحد سواه.




وتوحيد الألوهية هو مقصود دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام

من أولهم إلى آخرهم.

وهذا النوع قد تضمنته

سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}

و{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ

أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا

وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ

فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}([1])،

وأول سورة السجدة وآخرها،

وأول سورة غافر ووسطها وآخرها،

وأول سورة الأعراف وآخرها،

وغالب سور القرآن.



وكل سور القرآن قد تضمنت أنواع التوحيد،

فالقرآن كله من أوله إلى آخره في تقرير أنواع التوحيد؛

لأن القرآن كله إما خبر عن الله وأسمائه،

وصفاته، وأفعاله، وأقواله،

فهذا هو التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي:

"توحيد الربوبية والأسماء والصفات"،


وإما دعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له

وخلع ما يُعبد من دونه،

وهذا هو التوحيد الإرادي الطلبي –"توحيد الألوهية"-.


وإما أمر ونهي وإلزام بطاعة الله،

وذلك من حقوق التوحيد ومكملاته،

وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد

وما فعل بهم في الدنيا من النصر والتأييد،

وما يكرمهم به في الآخرة،

وهو جزاء توحيده سبحانه،


وإما خبر عن أهل الشرك

وما فعل بهم في الدنيا من النكال

وما يحل بهم في الآخرة من العذاب

فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد،

فالقرآن كله في التوحيد، وحقوقه، وجزائه،

وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم([2]).

************************

([1]) سورة آل عمران، الآية: 64.

([2]) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، 3/450، وفتح المجيد، ص17-18،
والقول السديد، ص16، ومعارج القبول، 1/98.







من مواضيعي في المنتدى
»» حاكم إيران الفعلي
»» نجاد يعزل 40 سفيراً ساندوا المعارضة
»» نتيجةً لزواج المتعة تسجيل أكثر من 11,700 إصابة بأمراض جنسية في الناصرية
»» اصطفاف لا يعجب إيران
»» إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ( عربي + مترجم )
 
قديم 19-02-10, 05:44 PM   رقم المشاركة : 8
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المطلب الرابع:

ثمرات التوحيد وفوائده:


التوحيد له فضائل عظيمة، وآثار حميدة،

ونتائج جميلة، ومن ذلك ما يأتي:


1 ـ خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد وثمراته.

2 ـ التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة،

يدفع الله به العقوبات في الدارين،

ويبسط به النعم والخيرات.


3 ـ التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة،

قال الله عز وجل:

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ

أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}([1]).


4 ـ يحصل لصاحبه الهدى الكامل،

والتوفيق لكل أجر وغنيمة.


5 ـ يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات،

ففي الحديث القدسي عن أنس رضي الله عنه يرفعه:

يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا

ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا

لأتيتك بقرابها مغفرة”([2]).


6 ـ يدخل الله به الجنة،

فعن عبادة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأن محمدًا عبده ورسوله،

وأن عيسى عبد الله ورسوله

وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه،

وأن الجنة حق، وأن النار حق،

أدخله الله الجنة على ما كان من العمل”([3]


وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة”([4]).


7 ـ التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب،

ففي حديث عتبان رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:

... فإن الله حرم على النار من قال:

لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله”([5]).


8 ـ يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه

أدنى حبة من خردل من إيمان([6]).

9 ـ التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه،

وأسعد الناس بشفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم:

من قال لا إله إلا الله

خالصًا من قلبه أو نفسه”([7]).


10 ـ جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة

متوقفة في قبولها وفي كمالها،

وفي ترتيب الثواب عليها على التوحيد،

فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله

كملت هذه الأمور وتمت.


11 ـ يُسَهِّل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات،

ويسلِّيه عن المصائب،

فالموحد المخلص لله في توحيده تخف عليه الطاعات؛

لِمَا يرجو من ثواب ربه ورضوانه،

ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛

لِمَا يخشى من سخط الله وعقابه.


12 ـ التوحيد إذا كمل في القلب

حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه،

وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان،

وجعله من الراشدين.


13 ـ التوحيد يخفف عن العبد المكاره،

ويهوِّن عليه الآلام،

فبحسب كمال التوحيد في قلب العبد

يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح ونفس مطمئنة،

وتسليمٍ ورضًا بأقدار الله المؤلمة،

وهو من أعظم أسباب انشراح الصدر.


14 ـ يحرِّر العبد من رِقّ المخلوقين والتعلُّقِ بهم،

وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم،

وهذا هو العزُّ الحقيقي، والشرف العالي،

ويكون مع ذلك متعبدًا لله لا يرجو سواه،

ولا يخشى إلا إيَّاه،

وبذلك يتمُّ فلاحه، ويتحقق نجاحه.


15 ـ التوحيد إذا كمل في القلب،

وتحقَّق تحققًا كاملاً بالإخلاص التام

فإنه يصير القليل من عمل العبد كثيرًا،

وتضاعف أعماله وأقواله الطيبة

بغير حصر، ولا حساب.


16 ـ تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح، والنصر في الدنيا،

والعز والشرف، وحصول الهداية، والتيسير لليسرى،

وإصلاح الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.


17 ـ الله عز وجل يدافع عن الموحدين أهل الإيمان

شرور الدنيا والآخرة،

ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة،

والطمأنينة إليه، والأُنس بذكره.


قال العلامة السعدي رحمه الله:

"وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة

كثيرة معروفة، والله أعلم"([8]).


وقال ابن تيمية رحمه الله:

"وليس للقلوب سرور ولذة تامة إلا في محبة الله تعالى،

والتقرب إليه بما يحبه،

ولا تتم محبة الله إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه،

وهذا حقيقة لا إله إلا الله"([9]).


************************

([1]) سورة الأنعام، الآية: 82.

([2]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب فضل التوبة والاستغفار، 5/548، برقم 3540،
وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/176، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 127، 128.

([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} 4/168، برقم 3252،
ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، 1/57، برقم 28.

([4]) مسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، 1/94 برقم 93.

([5]) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، 1/126، برقم 425،
ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، 1/455-456، برقم 33.

([6]) انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، برقم 7410،
وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، 1/170، برقم 183، ورقم 193.

([7]) البخاري، كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، 1/38، برقم 99.

([8]) القول السديد في مقاصد التوحيد ص25.

([9]) مجموع الفتاوى، 28/32.






من مواضيعي في المنتدى
»» افزعوا لها يا اخوان
»» خبراء يؤكدون أهمية الوضوء صحيًّا
»» المخابرات الإيرانية تعتقل أحوازية
»» التوحيد أولاً للعلامة عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى
»» بين العريفي والسيستاني والمتباكون على الوحدة الإسلامية
 
قديم 20-02-10, 05:17 PM   رقم المشاركة : 9
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المبحث الثاني: ظلمات الشرك


المطلب الأول: مفهوم الشرك:


الشِّرْكُ، والشِّرْكَةُ، بمعنى

وقد اشتركا، وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر،

وأشرك بالله: كفر فهو مشركٌ ومشركي،

والاسم الشرك فيهما،

ورغبنا في شرككم: مشاركتكم في النسب([1]

وأشرك بالله: جعل له شريكًا في ملكه، أو عبادته،


فالشرك:

هو أن تجعل لله ندًا وهو خلقك،


وهو أكبر الكبائر، وهو الماحق للأعمال، والمبطل لها،

والحارم المانع من ثوابها،

فكل من عدل بالله غيره: بالحب، أو التعظيم، أو اتبع خطواته،

ومبادئه المخالفة لملة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم فهو مشرك([2]).


والشرك شركان:

شرك أكبر يخرج من الملة،

وشرك أصغر لا يخرج من الملة([3]).


وذكر العلامة السعدي رحمه الله

أن حد الشرك الأكبر الذي يجمع أنواعه وأفراده

أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا من أفراد العبادة لغير الله،

فكل: اعتقاد، أو قول، أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع

فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص،

وصرفه لغيره شرك وكفر،

وهذا ضابط للشرك الأكبر لا يشذ عنه شيء


وأما حد الشرك الأصغر فهو:

كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر،

من: الإرادات، والأقوال، والأفعال

التي لم تبلغ رتبة العبادة([4]).


************************

([1]) انظر: القاموس المحيط، باب الكاف، فصل الشين، ص1240.

([2]) الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة، لعبد الرحمن الدوسري، ص41.

([3]) انظر: قضية التكفير، للمؤلف، ص119.

([4]) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص31، 32، 54.







من مواضيعي في المنتدى
»» المحاضرة الشاملة نهاية الصوفية
»» دفاع عن الصحابة / قصيدة للشيخ عائض القرني
»» قصيدة التلبية في الحج / لأبي نواس
»» المنظومة الهائية / للشيخ حافظ حكمي رحمه الله تعالى
»» عشرة أسئلة لإسلاميين يدافعون عن طهران
 
قديم 20-02-10, 09:10 PM   رقم المشاركة : 10
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


المطلب الثاني:

البراهين الواضحات في إبطال الشرك:


الأدلة القاطعة الواضحة في إبطال الشرك، وذم أهله كثيرة، منها ما يأتي:


1 ـ كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو ملكًا، أو جنيًّا،

أو صرف له شيئًا من العبادة

فقد اتخذه إلهًا من دون الله([1]


وهذا هو حقيقة الشّرك الأكبر


الذي قال الله تعالى فيه:

{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ

وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء

وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}([2]).



2 ـ من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها

لمن اتَّخَذَ من دون الله آلهة أخرى،


قوله تعالى:

{أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ،

لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا

فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ،

لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}([3]).



فقد أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه آلهة من الأرض،

سواء كانت أحجارًا أو خشبًا،

أو غير ذلك من الأوثان التي تعبد من دون الله!



فهل هم يحيون الأموات ويبعثونهم؟


الجواب: كلا،


لا يقدرون على شيء من ذلك،



ولو كان في السَّماوات والأرض

آلهة تستحق العبادة غير الله لفسدتا

وفسد ما فيهما من المخلوقات؛


لأن تعدد الآلهة يقتضي التمانع والتنازع والاختلاف،

فيحدث بسببه الهلاك،


فلو فُرِضَ وجود إلهين،


وأراد أحدهما أن يخلق شيئًا والآخر لا يريد ذلك،


أو أراد أن يُعطي والآخر أراد أن يمنع،


أو أراد أحدهما تحريك جسم والآخر يريد تسكينه،


فحينئذ يختل نظام العالم، وتفسد الحياة!


و ذلك :


* لأنه يستحيل وجود مرادهما معًا،

وهو من أبطل الباطل؛

فإنه لو وجد مرادهما جميعًا للزم اجتماع الضدين،

وأن يكون الشيء الواحد حيًّا ميتًا، متحركًا ساكنًا.


* و إذا لم يحصل مراد واحد منهما لزم عجز كل منهما،

وذلك يناقض الربوبية.


* وإن وُجِدَ مراد أحدهما ونفذ دون مراد الآخر،

كان النافذ مراده هو الإله القادر

والآخر عاجز ضعيف مخذول.


* و اتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن.


وحينئذ يتعين أن القاهر الغالب على أمره

هو الذي يوجد مراده وحده غير مُمانع ولا مُدافع،

ولا مُنازع ولا مُخالف ولا شريك،

وهو الله الخالق الإله الواحد،

لا إله إلا هو، ولا رب سواه؛


ولهذا ذكر سبحانه دليل التمانع

في قوله عز وجل:


{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ

إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ

وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ،

عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}([4]).


وإتقان العالم العلوي والسفلي،

وانتظامه منذ خلقه، واتساقه،

وارتباط بعضه ببعض في غاية الدقة والكمال:

{مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ}([5]).

وكل ذلك مسخر،

ومدبر بالحكمة لمصالح الخلق كلهم

يدل على أن مدبره واحد، وربه واحد، وإلهه واحد،

لا معبود غيره، ولا خالق سواه([6]).


************************

([1]) انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص242.

([2]) سورة النساء، الآية: 48.

([3]) سورة الأنبياء، الآيات: 21-23.

([4]) سورة المؤمنون، الآيتان: 91، 92.

([5]) سورة الملك، الآية: 3.

([6]) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 9/352، 354، 337-382، 1/35-37،
وتفسير البغوي 3/241، 316، وابن كثير 3/255، 176، وفتح القدير للشوكاني، 3/402، 496،
وتفسير عبد الرحمن السعدي، 5/220، 374، وأيسر التفاسير لأبي بكر جابر الجزائري 3/99،
ومناهج الجدل في القرآن الكريم للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص 158-161.






من مواضيعي في المنتدى
»» لا تأخذكم بهم رأفة
»» أبناء إيران ياأبناء الأزهر
»» الداعية المصري الشيخ محمد حسان يصاب بأزمة قلبية مفاجئة
»» مجلس الأمن القومي يبحث اعتقال موسوي وكروبي
»» الشيعة هم الفتنة
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:55 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "