وشنّ الحر العاملي هجوماً عنيفاً على رئيس طائفته المسمى «الطوسي» واعتبره متناقضا في كلامه في التضعيف والتصحيح ، فيقول : (فإن قلت : إن الشيخ كثيراً ما يضعف الحديث ، معلّلاً بأن راويه ضعيف . وأيضاً يلزم كون البحث عن أحوال الرجال عبثاً ، وهو خلاف إجماع المتقدمين والمتأخرين بل النصوص عن الأئمة كثيرة في توثيق الرجال وتضعيفهم . قلت : أما تضعيف الشيخ بعض الأحاديث بضعف راويه فهو تضعيف غير حقيقي ، ... ومثله كثير من تعليلاته كما أشار إليه صاحب المنتقى ، في بعض مباحثه ، حيث قال : والشيخ مطالب بدليل ما ذكره إن كان يريد بالتعليل حقيقته وعذره ..... وأيضاً فإنه يقول (أي الطوسي) : هذا ضعيف لأن راويه فلان ضعيف ، ثم نراه يعمل برواية ذلك الراوي بعينه ، بل برواية من هو أضعف منه في مواضع لا تحصى وكثيراً ما يُضعّف الحديث بأنه مرسل ثم يستدل بالحديث المرسل ، بل كثيراً مايعمل بالمراسيل وبرواية الضعفاء وردّ المسند ورواية الثقات ، وهو صريح في المعنى ومنها من نصّوا على مدحه وجلالته وإن لم يوثقوه مع كونه من أصحابنا) (1 ) .
ويقول يوسف البحراني - الإخباري - في «الحدائق الناضرة» : «قد صرّح جملة من أصحابنا المتأخرين بأن الأصل في تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة المشهورة هو العلامة أو شيخه جمال الدين بن طاووس ، وأما المتقدمون فالصحيح عندهم هو ما اعتضد بما يوجب الاعتماد عليه من القرائن والإمارات التي ذكرها الشيخ في العدة(2 )».
وعلّل ذلك بقوله: لنا على بطلان هذا الاصطلاح وصحة أخبارنا وجوه :
(الأول) : ما قد عرفت في المقدمة الأولى من أن منشأ الاختلاف في أخبارنا إنما هو التقية من ذوي الخلاف لا من دس الأخبار المكذوبة حتى يحتاج إلى هذا الاصطلاح . على أنه متى كان السبب الداعي إنما هو دس الأحاديث المكذوبة كما توهموه ففيه أنه لا ضرورة تلجىء إلى اصطلاحهم (3 )»
وينعى البحراني على قدماء الشيعة الذين استعاروا التقسيم ، واهتموا بعلم الجرح والتعديل ، فيقول : (إن التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويع الأخبار إنما أخذوه من القدماء ، وكذلك الأخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذم إنما أخذوه عنهم . فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيح ما صححوا من الأخبار واعتمدوه وضمنوا صحته كما صرّح جملة منهم . كما لايخفى على من لاحظ ديباجتي «الكافي» والفقيه وكلام الشيخ في العدة وكتاب الأخبار ، فإن كانوا عدولاً في الأخبار بما أخبروا به ففي الجميع) (4 ) .
(1 ) تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة/لمُحَمَّد بن الحسن الحر العاملي 30/279 - تحقيق وطبع مؤسسة آل البيت لإحياء التراث .
(2 ) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة/للمحدث يوسف البحراني 1/53 - تحقيق محمد تقي الايرواني تصحيح يوسف البقاعي - دار الأضواء - الطبعة الثالثة 1413ه - 1993م - بيروت - لبنان .
(3 ) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة/للمحدث يوسف البحراني 1/54 - تحقيق محمد تقي الايرواني تصحيح يوسف البقاعي - دار الأضواء - الطبعة الثالثة 1413ه - 1993م - بيروت - لبنان .
(4 ) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة/للمحدث يوسف البحراني 1/54 - تحقيق محمد تقي الايرواني تصحيح يوسف البقاعي - دار الأضواء - الطبعة الثالثة 1413ه - 1993م - بيروت - لبنان