عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-08, 03:35 PM   رقم المشاركة : 1
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


Question صناعة السينما السعودية لماذا التحريم؟

!!


!


!


!

صناعة السينما السعودية.. لماذا التحريم؟؟

حسن بن علي البار

[email protected]

( لـُجينيات )

تتداول الصحافة السعودية في هذه الأيام بشكل مكثَّف مسألة فتح صالات للعرض السينمائي في المملكة العربية السعودية، وذلك بعد قيام شركة روتانا بخطوات عملية في عرض أحد أفلامها، حيث عُرض الفيلم في مدينتي جدة والطائف. الدعوة إلى فتح السينما بدأت منذ عدة سنوات، وظهر لها آثار وتداعيات، إلا إن الحملة الأخيرة، تجاوزت الكلام عن المشروعية إلى الكلام عن الضرورة، وتوسَّعت بتطبيق مرادهم، وحضور الآلاف من الأفراد والأُسر السعودية، وهو أمرٌ أشك أن يفوِّته المنتفعون من الأمر، فلا شك عندي أنهم يسعون الآن لتعميم التجربة وتوسيعها، وأنهم يريدون فرض تجاوز فتوى هيئة كبار العلماء في السعودية مجتمعياً، ولا شك أنهم يوثِّقون ذلك بشهادات الناس وآرائهم وتجاوبهم، وقد رأينا بوادره في بعض الصحف والمجلات، في إظهار آراء رجالية ونسائية من شرائح المجتمع العامة، تؤكد على عدم وجود الحرج، وعدم صحة التخوفات المطروحة حول السينما، ويطرحون لذلك عدداً من الإشكاليات والأسئلة.

بالطبع رسَّخ الإعلام في نفوس وعقول كثيرين في سنوات مضت أن علماء السعودية سطحيون، يميلون إلى التحريم، ويكرهون كل جديد. وبسبب هذه النظرة لم تعُد فتوى العلماء تشكل حاجزاً دون الوقوع في ما أفتوا بمنعه وتحريمه، إلا لقليل من الناس.

في ظل هذه الظروف، بعد تمرير المسألة عملياً، وضرب الفتوى الشرعية، وإقناع الناس بضرورة الرأي لا يبقى إلا بلوغ الهدف –لا بلغهم الله إياه-، وفي هذه المقالة أناقش بعض ما قرأت من آراء طرحها من تكلَّم من آحاد الناس الذين خاضوا في المسألة دون معرفة شرعية أو واقعية كافية.

ولا شك أن الفتوى الشرعية لأهل العلم الثقات لا يجوز تجاهلها لداعي الهوى، فإن أخطأت الفتوى فما من حرج في مراجعتها ومراجعتهم للخروج برأي الشرع على أكمل وجه ممكن. فلا يجوز للحاكم المسلم أن يتجاوز رأي الشرع فيما أُوكل إليه النظر فيه من مصلحة الناس، فضلاً عن أن يكون ممن يغلق مدارس التحفيظ النسائية، ويضيِّق على دروس أهل العلم وعلى حلق القرآن، ويُغلقُ مخيمات الدعوة ليفتح أبواب السينما. رأي الشريعة مقدَّم، ولا يجوز تجاوزه، فإن اختلفنا فالمرجع العلماء، فإن ظننا خطأهم كتبنا لهم، وشرحنا المصالح المتوقَّعة والمرجوَّة، لكنَّ تجاوزهم والصدور عن غير رأيهم حرام، ولا يوجد في شرع الله مسألةٌ تجد مما يخفى مأخذه تُؤخذ إباحتها أو تحريمها عن غير طريق أهل العلم، قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون}.

وحقيقة الأمر أن فتح السينما في بلادنا فيه {إثم كبير ومنافع للناس} وإثمها أكبر من نفعها. وظن المستعجلين وجود مصالح فيها لا يخلو من أن يكون من اتباع رغبات النفوس وملاذِّها، أو من باب قلة الفقه في الدين، فالمسألة تدور على تطبيع عرض أفلام الفيديو، وتشريع ذلك حتى يسهل الوصول إليه على كل راغب. بل يمكن أن يُلمح أن هذا الإصرار يأتي الآن في وقت فيه توجُّهٌ لفتح مدينة إعلامية بالبلاد، مع إخراج كثيرٍ للمرأة وزجٍ لها في كثير من المجالات. وفي الوقت نفسه تجد أن من بناتنا من تحمل الجنسية السعودية، وتعمل في إنتاج الأفلام مخالِطةً للرجال، مع حرص ظاهرٍ على نقل مثل هذا الفساد إلى بقية النساء. فهي دركات، أولها محرَّم، وثانيها أشدُّ تحريماً، وهكذا حتى نصل إلى مرتبة يكون لنا فيها منافسةٌ وسبقٌ في مزيدٍ من الشر والإعلام الهابط –لا قدَّر الله-. وبهذا تعلم خطورة تسطيح الأمور، وأخذها ببساطة، وشؤم المعصية على أهلها إن هم استسهلوها.

فأما من يسعى لإيجاد وفتح دور السينما اتباعاً لرغبات النفوس، فيقال له: إن اتباع رغبات النفوس فيما يخالف الشرع من اتباع الهوى، وهو إثم وخطيئة، ولكنه متى ما صاحبه فرضٌ وترويجٌ لهذه المخالفات، لتصل إلى الآخرين، فإنه يخرج بصاحبه إلى أن يكون من أهل الصَدِّ عن سبيل الله، والعياذ بالله، كما قال سبحانه: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}.

وأما من يسعى لذلك وقد دخلت عليه الشبهة، فالشبهةُ منشؤها عدم معرفةِ الواقع وحقائق الأمور، أو عدم الإلمام بحقائق الشرع. ويتبيَّن بأدنى ملاحظة للتغيرات التي طرأت على الناس في أخلاقهم وفي أمنهم بعد انتشار أطباق البث الفضائي، كيف أنه شاع الزنى والتفلُّت الأخلاقي، وكيف أن عددا من جرائم القتل أو السلب دفع إليها محبة التقليد والمحاكاة لفيلم عُرض على mbc2 أو غيرها ممن باء بإثم إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.


ونظرة إلى واقع (روتانا) ومثيلاتها من الشركات، نجد معها أن جهودهم تتمحور حول تشجيع أهل الفسق والفجور، ويجد الناظر أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ويقدِّمون مصالحهم الخاصة الزائفة على دين الناس ومصالحهم وصحتهم. وهذا النمط من الناس موجود في كل زمان، وقد كان منهم من يبيع الغذاء الفاسد ليربح به، ومنهم من يتاجر بالدواء المغشوش أو الطبيب المغشوش، ومنهم من يبيع الخمور والمخدرات يبتغي بذلك وجه الشيطان.

أقول: لم يزل بكل زمان وبلاد من هذا الصنف، سنةَ الله في عباده. ولكنهم يزدادون وينقصون بحسب ما تسمح به الأنظمة والقوانين، وبحسب قيام ولاة الأمر بدورهم وأمانتهم أو غفلتهم، وبحسب كثرة المستجيبين لهم من الناس. وقد كانوا في كل عصرٍ مذمومين محقَّرين عند أهل العقول والاستقامة، موصوفين بالفسق واللئامة حتى حاربونا في هذا العصر بالإعلام والدعاية، والتشويق، فعرضوا لنا السم الزعاف على أطباق الذهب، وزاحموا العلم بالشبهة، وجهَّلوا أهل العلم، وأفتوا في دين الله، فحينئذ عظُمت المصيبة، واشتد الخطب، ولم يكن لنا من ملجأ إلا إلى الله، وعليه التُّكلان، وهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به.


وانظروا كيف يكون العرضُ السينمائي الأول، وإذا كان هذا هو الأول، فما ظنُّك بما سيجيء بعد. يقول شاهد عيان: "لم تعالج أي قضية تربوية ولم يكن لها أي بعد تربوي سوى في لقطة واحده عبرت عن نخوة العرب في مساعدة المحتاج، في المقابل كانت هناك عشرات المواقف اللا أخلاقيه تتمثل في استخدام عبارات "شوارعية جنسية"، لقطات تحرش بفتاتين طبعاً من غير تقبيل أو لمس، مقطع قذر جداً يرقص فيه فايز المالكي مع ست فتيات ذوات لباس خليع على يخت"، يقول: "ولكم أن تستشعروا الأجواء التي صاحبت هذه اللقطات من رقص وتصفيق وتصفير من الطرفين، وأخيراً ختمت الممثلة اللقطة الأخيرة لها مع فايز المالكي بعبارة "مناحي شو بتجنن!" ليطير عقل الشباب ويصرخوا ويصفقوا بحرارة وكأننا حررنا أحد قلاع الإسلام المستعمرة" ثم علَّق قائلاً: "هنا تألمت حسرة حينما رأيت قدوة الشباب السعودي شخصاً يدخن ويرقص مع النساء ويتحرش فيهن".

فإذا ناصح الناصحون، وتذمَّر المربون، وأفتى العلماء المخلصون، واشتكى الآباء والأمهات قيل: إن هذه ضروراتٌ إعلامية، وانفتاحٌ ثقافي، وإصلاحٌ مجتمعي، وحريةٌ شخصية، إن لم تناسبك فهي مناسبةٌ لغيرك، والمسألة مسألة أذواق، مِن الناس مَن يختار هذه السلعة، ومِن الناس مَن يختار تلك، المسألة مسألة أذواقٍ فقط، فلا ينظرون إلى شريعةَ، ولا إلى حكمَ حاكمٍ ينظُرُ لمصالح الناس، ولا شيء آخر!! ألا ساء ما يحكمون.

ومن الشبه التي تُطرح ويُتعلَّق بها: قولهم: إن القنواتِ موجودةٌ في البيوت، ومحلاتُ الفيديو في كثير من الشوارع، فما الفرق بينها، وبين إقامة السينما.

ونقول: نعم، ولكنَّ الخمور كذلك والمخدرات موجودةٌ ويصل إليها عدد غير قليل من الناس. وسؤالي هو: هل وجود المنكر الشخصي يبرر الاعتراف به وبوجوده جماعياً أو مجتمعياً؟!! إذاً فلتُبَع الخمور على قارعة الطريق، وليأتِ مروِّجو المخدرات إلى مدارس أبنائنا بمعرفة إدارات المدارس وتنسيقهم، ليكون للطالب حريتُه الشخصية فيما يختار، وهذا ما لا يرضاه عاقل، والباب واحد، هذا منكرٌ موجود، وكلنا يتمنى أن لا يروج بين الناس لما فيه من ضرر، ومنكر الأفلام موجود، ولئن خف إحساس البعض بكونه منكراً لكثرة مساسه بحياة الكثيرين وملابسة كثير كثير من المسلمين له فإنه لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً، فالدعوة إلى إقامة منبر جديد لهذا المنكر لا يصح أن يكون.

ومن شبهتهم قولهم: إنهم يذهبون إليها هناك في بعض الدول القريبة، والسفر أصبح سهلاً ميسَّراً في مثل هذه الأيام، فما الذي يضيره منعنا للسينما هنا؟


ونقول: هذا صحيح، ولكن الخمور كذلك تُباع هناك، ويقصدها كثيرون، ولكن الذهاب إليها مع شرِّه، خيرٌ من تشريع وجودها وفسح بيعها؛ فدائرة الشر تقل كلما ابتعدت، أفمن الحكمة عندئذ أن تُستجلب إلى القُرب لأنها موجودةٌ على البُعد.

وأنا أضرب لهذا مثلاً: بعض الناس قد يُبتلى بفعل معصيةٍ معيَّنة، مثل مشاهدة المواقع المحرَّمة على الانترنت، وهو يعلم من نفسه الضعف، وإمكان وقوعها في هذا المحرم. فمثل هذا لو أخرج الانترنت من بيته، أو وضع جهاز الكمبيوتر في صالة البيت مثلاً يكون قطع على شيطانه الطريق، ولا تتاح له هذه المعصية إلا قليلاً، بعكس مَن أدخل الانترنت عنده، وجعلها في غرفته الخاصة يغلق على نفسه الباب، فهذا أقرب إلى إدمان المعصية، وتكرارها مرات كثيرة، ولا شك أن الأول خيرٌ من الثاني.

وخذ هذا المثل الآخر: إن من دين الإنسان وفرةَ حيائه، والحياء لا يأتي إلا بخير. وقد كان بعض النساء –أول دخول التلفاز إلى البيوت- يفزعن من رؤية الرجل في الشاشة، ويثُرن إلى الحجاب؛ لاعتيادهن على الحشمة من صورة الرجل، وعدم اعتيادهن النظر إلى الرجال من غير حجاب، وإن لم يكن ذلك واجباً. وقد كُسر هذا الباب منذ زمن. وإن من واقع الناس اليوم أن عددا ممن يتلبَّس بمعصية مشاهدة الأفلام أنه يفعل ذلك في دائرةٍ ضيِّقة، وقد لا يرضى أن يُعرف عنه هذا، وتطبيع هذا المنكر مجتمعياً، وتسهيل المجاهرة بفعله، بل والتواعد لحضوره، واصطحاب الأسرة، أو الأصدقاء من نفس الجنس، أو من الجنس الآخر إليه كل هذا يدفع إلى المزيد من خلع جلباب الحياء من فعل المحرَّم. ويدخل في أبوابٍ من المجاهرة بالإثم، فكيف وشاهد العيان يتحدَّث عن تصفيق الشباب ورقص الفتيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولا تسل عن حال الإنسان إذا فقد الحياء: ويبقى العود ما بقي اللحاء.

إذاً فالشريعة في حكمتها تفرِّق بين المنكر المُعلَن والمنكر غير المعلن، ويكون للمجاهرة بالمنكر من العقوبة الشرعية الدنيوية والأخروية ما لا يكون على نفس المُنكر لو استسر به صاحبه. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجُلُ بالليل عملاً، ثم يُصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يستُرُه ربُّه، ويُصبِحُ يكشفُ سترَ الله عنه)) متفق عليه. قال ابن تيمية –رحمه الله-: فما دام الذنبُ مستوراً فمُصيبتُه على صاحبه خاصةً، فإذا أُظهر ولم يُنكر كان ضررُه عاماً، فكيف إذا كان في ظهوره تحريكُ غيره إليه . اهـ، ويقول ابن بطال –رحمه الله-: في المجاهرة بالمعصية استخفافٌ بحق الله ورسوله وصالحي المؤمنين، وفيه ضربٌ من العناد لهم، وفي الستر بها السلامةُ من الاستخفاف، لأن المعاصي تُذلُ أهلها. من إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً. وإذا تمحَّض حقُّ الله فهو أكرم الأكرمين ورحمتُه سبَقَت غَضَبَه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك . اهـ

ويقول البعض: السينما وعاءٌ للخير والشر، فلماذا تقدمون أنتم ظن الشر على ظن الخير؟؟.

ونقول: صحيحٌ أنها وعاء وأداة للخير وللشر؛ كالسلاح والسكين تماما، ولا يقدر أحدٌ أن يحرِّم إعطاء السلاح لمن يحسن استعماله ولا يُضر بالآخرين. ولكن هل يقول عاقل، بتمكين طلاب الابتدائية والمراهقين، أو بتزويد نزلاء السجون بسكاكين تكون معهم على الدوام، ليستفيدوا منها في أغراضهم المختلفة متى احتاجوا إليها!! إن هذا من هذا.
قد تقول: شبَّهتنا بالأطفال والمجرمين!!
فأقول لك: لا، وأكرمك الله، وأعزك بطاعته، ولكنا من بيننا أطفال، ومراهقون، وأنت ترى ما يفعلون بالسيارات، وفي الأسواق، وغير ذلك، فكيف إذا فُتح المجال لتجمعات تتكوَّن على أساس الأفلام، وكيف يكون اندفاعهم نحو أذيَّة النساء بعد أن قال الممثلُ للممثلة، أو غمز لها، أو فعل معها ما لا يليق.

وأما المجرمون فهم هؤلاء الذين يحركون هذه الوسائل دون خوف من الله، ولا رقابة من مجتمع. وقد وُجد بعض مواقع الانترنت تعلِّم طريقة تصنيع المتفجرات، وبعضها الآخر كانت تعين الراغبين في الانتحار وتشجِّعهم، وتدلهم على أقصر الطرق لذلك. وصناعة السينما غير بعيدةٍ عن ذلك، فهي صناعةٌ الأغلب فيها البُعد عن الجانب الأخلاقي، وعدم مراعاة حُرمة، وأهلُها هم سفلةُ كل مجتمع، وساقطوهم، أفمن العقل أم من الحكمة أن تتاح لهم وسيلة التأثير الكبيرة القوية هذه، ليلعبوا بقيمنا، وأخلاقنا، ويعلموا بناتِنا وأولادَنا ما لا يرضاه الله، ولا يأذن به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أفلا يتوب هؤلاء إلى الله ويستغفرونه من هذا العمل. إن مَن يُمكن المجرمَ الفاجر من السلاح، ثم يسمح له أن يخالط به الناس، ثم يتبرَّأ إذا وقعت المصيبة لهو مجرم مثله، وخائنٌ مضيِّع لأمانته، تجب محاسبته.

إن تجربتنا مع مسلسل طاش ما طاش، وما تبعه مما يشبهه، وهكذا الروايات التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية لتدلُّنا على أن سخفاء الناس، وموتوريهم، والذين لا يبصرون إلا الشهوة، ولا يعادون إلا الدين، ولا يحملون قيمة إلا الفراغ، هؤلاء هم من سيتسلَّط على الناس لبثِّ فكرهم، وسفاهتهم، إن تجربتنا مع هؤلاء لتدلُّنا على مستقبل السينما السعودية التي يزعمون، وقد تكون مرحلة بين يدي فتح المجال للأفلام الأمريكية.

فلو أن أهل العقل أغلب، ولو أننا نملك الرؤية الناضجة، وكنا أعددنا المضامين المؤثرة النافعة، ولو كانت الرقابة جيدة، ولو أنها خلت مما تمنع منه الشريعة لما وُجد الحرج . أما وإن الواقع أن من بدهيات الأفلام: النظرَ إلى من حرَّم الله من النساء، وتسهيلَ كشف العورات، وإظهارَ العقائد الباطلة أحياناً بأجمل صورة، مثل إظهار الصليب، وكيف أنه يؤثِّرُ في هزيمة الخصوم، وأن من واقع الأفلام تشويهَ التاريخ، وبعثَ الإعجاب بالمستعمر الكافر الغازي أما والحال هذه، فإن اللهَ أعظمُ وأحكمُ من أن يبيح هذه.

ولقد نُشر في الانترنت في العام الماضي فيلمٌ قصيرٌ للمدوِّن رائد السعيد، يرد فيه على الهولندي صاحب فيلم (فتنة)، يرد عليه بعقلانيةٍ ومنطقٍ مُبهر، فلم يعترض أحد، بل شكرت الألسن، وارتفعت الأكف بالدعوات، وصنع آخرُ فيلماً قصيراً بعنوان: راتبي ألف ريال، يحكي فيه قصة آلاف من المواطنين من إخواننا ممن طحنتهم الأعمال والوظائف وقلة المداخيل، فشكر الله له، وهذا هو الإعلام الهادف، ويا ليته كان أخلاه من الموسيقى... إذاً ليست مواقفنا تحجرية، تستصحب التحريم على كل حال، ولكن إنما هي رؤية تسبُرُ الواقع، وتتجاوزُ الظواهر إلى الحقائق، وتُبنى على المصلحة الشرعية، لا على أهواء الناس {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}.

وأخيراً، فيا علماء المسلمين، ويا دعاة الإسلام ها أنتم ترون كيف يفتك الفراغ بأبنائنا وبناتنا، وأُسرنا. لا بد من التعاون لوضع مقترحات وآراء لحفظ أوقات من يمتلك وقتاً ولا يدري كيف يصرفه، لأن فائض أوقات هؤلاء صار يمثِّل خُراجاً يضر بجسد الأمة.

إننا مطالبون اليوم بالتعاون مع التجار، والمسؤولين لوضع برامج ومشاريع لكافة الناس تستهدف دائرة المباح، وليس بالضرورة أن تكون هذه المشاريع دعوية، أو عبادية، وإن كان الأصل في مشاريعنا أن تكون كذلك. ولكن دائرة المباح الواسعة في الشريعة أضحت لا تسع الكثيرين الآن، فيا ليتنا نوسِّعها بحكمة لتشمل كثيراً من الناس من الذين لا يستهويهم الدعوي والعبادي والجاد من البرامج، فهم بين أن يقضوا أوقاتهم فيما يأذن به الله، من المباح الطيِّب، وبين أن ينصرفوا إلى المعاصي، وبعضهم إلى الإفساد، فأين منَّا من يأخذ بأيديهم إلى المباح، ويجنِّبهم الوقوع في الحرام؟. أما إنه ضرورةٌ اجتماعيةٌ ، وهو إن كان مستحباً في الماضي، فقد يصل إلى درجة الوجوب والضرورة الآن، وينبغي صرف جهود بعض الدعاة والتجار إليه.

وإلا تفعلوه تتوالى علينا مصايد الشهوانيين، وأحابيل الشياطين، وتنزع بكثير من الطيبين منزعاً ليس في مصلحة دين ولا دنيا ولا آخرة.

http://www.lojainiat.com/index.php?a...wMaqal&id=6737







من مواضيعي في المنتدى
»» إقليم بلوشستان يلتهب والنظام الإيراني يرتهب
»» حتى الصين تحارب الدين
»» خيانات المشروع الإيراني
»» قصيدة / أمّن يجيبُ المضطّر !!
»» العلاقة بين التشيع والتصوف / رسالة دكتوراه