ثالثاً: اللعن المخرج من الملة:
هناك أنواع من اللعن تخرج صاحبها من الملة ومن ذلك:
لعن الله – سبحانه وتعالى – أو أحد من ملائكته ورسله أو دينه، فهذا كله موجب لردة صاحبه وكفره، ومن أدلة ذلك:
قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (الأحزاب، الآية 57).
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (التوبة، الآية 61).
ومعلوم أن اللعن من أعظم الإيذاء والسب.
قال القاضي عياض: "لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم"( [27](28)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن سب الله تعالى:
فإن كان مسلماً وجب قتله بالإجماع لأنه بذلك كافر مرتد، وأسوأ من الكافر( [28](29)).
وقال ابن قدامة: "من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحاً أو جاداً"( [29](30)).
وأما سب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال الإمام أحمد:
"كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو انتقصه
– مسلماً كان أو كافراً – فعليه القتل( [30](31)).
وقال ابن المنذر:
"أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل".
وقال إسحاق بن راهوية:
"أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم .. أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله"( [31](32)).
وقال القاضي عياض:
"أجمعت الأمة على قتل منتقصه من المسلمين وسابه"( [32](33)).
ونقل القاضي عياض عن محمد بن سحنون قوله:
أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر،
والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل،
ومن شك في كفره وعذابه كفر( [33](34)).
ويذكر شيخ الإسلام أن تكفير المسلم والحكم بقتله إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم هو مذهب الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم( [34](35)).
والحكم في سب سائر الأنبياء كالحكم في سب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( [35](36)).
وكذلك الحكم في سب الملائكة أو أحد منهم.
يقول القاضي عياض:
"وحكم من سب سائر أنبياء الله تعالى وملائكته واستخف بهم
أو كذبهم فيما أتوا به أو أنكرهم وجحدهم
حكم نبينا صلى الله عليه وسلم على مساق ما قدمناه،
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} (النساء الآيات: 150-151) ( [36](37)).
وبهذا ندرك خطورة اللعن،
وأن الشخص قد يخرج من الملة بكلمة يقولها ولو كان مازحاً.
يتبع...........
=====================
(27) رواه مسلم في كتاب البر والصلة برقم (6608).
(28) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/1047).
(29) الصارم المسلول ص390.
(30) المغني (12/298).
(31) أحكام أهل الذمة (2/205).
(32) انظر: الصارم المسلول ص7.
(33) الشفا (2/926).
(34) الشفا (2/935).
(35) انظر: الصارم المسلول ص7.
(36) انظر: الصارم المسلول ص404.
(37) الشفا (2/1097).