عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-09, 11:11 PM   رقم المشاركة : 2
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


يعيش ليموت


واللبّاد الذي سافر إلى طهران لطلب العلوم الدينية يتحدث فيقول:

"الأستاذ زكي.. مدربنا في صنع المتفجرات الشعبية.. يخلط بعض مادة نترات البوتاسيوم السمادي والجلسرين بمعادلات حسابية دقيقة تتحوّل إلى متفجرة".

ويتلو هذا الكلام تفصيل أوسع "حقاً إنه درس ممتع إلى درجة الموت المحدق أمام أقل خطأ".
هذه هي الحياة التي وجدها، ولا شيء أمامه إلا أن يستمرّ فيها، عسكرياً في النهار ومتبتّلاً في الليل، "برز التوجه المكثف لأداء صلاة الليل بشكل سافر، بل إلزامي في بعض الأحيان". يضيف "وكان لحديث القبور ومنازل الآخرة الزخم الرائع في المواظبة على صلاة الليل".

الجميع يفكـّر بطريقة واحدة هي أنه يعيش ليموت. هذا النوع من التربية استعان بثقافة شرسة جداً، فـ "العمل في الحركة هو السبيل الوحيد الذي يقرّب إلى الله"،
و"من يخرج من الحركة أو يخالف قراراتها يكون بذلك قد اتبع هواه وسار في طريق الشيطان"،
وأن "من يصبر على المشاكل في الحركة فهو يضع نفسه في مرتبة الشهداء والصديقين"!.



احتقار العرب


سألته عن ارتباط التجربة الحركية بما يُشاع حول الولاء الشيعي لإيران؛ فقال بلهجة حازمة "هذا كلام نأسف لرواجه، وتجربة الحركة التي عشت في أحضانها سبع سنوات تؤكد أن آخر شيء يُمكن أن يحدث حقيقة هو ممارسة ولاء سياسي لإيران".


الكتاب بدوره يعرض معايشة ميدانية للداخل الإيراني.. "يرى كثير من الإيرانيين أنفسهم كما يرى الشعب الألماني نفسه، بعدما عمّق أدولف هتلر في ذهنه أنه شعب آري من أفضل شعوب الأرض عرقاً، وبهذا يجب أن تخضع له جميع الأمم، بل تصبح كل الشعوب عبيداً له، يأمر فيُطاع.. ولا تختلف كثيراً الغالبية العُظمى من الإيرانيين عن هذا التوجه والنظرة ولا سيّما تجاه العرب دون النظر إلى توجهاتهم وانتماءاتهم وطوائفهم إلا بما يخدم مصالحهم".


هذا كلام الشاهد اللبّاد ويضيف "وقد طـُردتُ مرة لما كنت أنتظر دوري في مخبز، حينما عرف من في الطابور أنني عربي". ويسترسل "كنا نحتال على ذلك النفـَـس الشعوبي المريض بأن تُعمل لنا بطاقات هوية عراقية تُعلق على جيوب أقمصتنا"، لتكون صفتنا أننا "من المجلس الأعلى المقاوم لحكم صدام أو منظمة العمل"، على أمل "تخفيف النظرة الدونية المحتقرة"،

وإذا لم تتوفر البطاقة فإن العرب الخليجيين يدعون أنهم "لبنانيون من جنوب لبنان ومن حزب الله"، وحين "تفضحنا لهجتنا أو لغتنا الفارسية الركيكة جداً أو سحنتنا السمراء.. فالويل لنا والثبور"!.

هذه الشهادة تقرر أن الشبّان الخليجيين المحتضنين إيرانياً ليسوا أكثر من جزء من شعب محتقـَر، وعليهم أن يُخفوا هويتهم حتى ينالوا نظرة أقل احتقاراً. والمصلحة السياسية هي وحدها ملاذهم من الويل. وهذا ما يشهد به اللبـّاد حين مرّ بفصل الخيبة الأشدّ إيلاماً، وهو الفصل الذي تخلـّت فيه الثورة عنهم بعد فضيحة "إيران كونترا".. فكيف حدث ذلك؟.



مأساة


التفصيلات مأساة بمعنى الكلمة، وموجعة إلى الحدّ الذي يبثّ المؤلف تساؤلاته ليترك للقارئ حرية الحكم على كلّ شيء. السخط والغضب يمرّان بهدوء في لغة الكتاب، والنصيب الأكبر من السخط والغضب موجـّه إلى الحركة نفسها، وإلى الإيرانيين أيضاً.

اللباد لم يكد يتحدّث بشيء عن ما يسمى "حزب الله في الحجاز"، وحين سألته؛ قال "إنني شاهد ومُشاهد، حكيت قصة ما رأيت ووعيت ولستُ باحثاً أو منقبـاً أو محللاً".

يُضيف "هذا الحزب كان خارج دائرتنا تماماً، وكان بيننا وبينه خلاف جوهري حول العمل... في المملكة"، ويوضح كتابه أكثر بقوله "لم نكن نرى أن العمل العسكري في المملكة مناسب".

سألته عن أهداف التدريب العسكري الذي كان مُنخرطاً فيه قال "كانت أهدافنا المتوقعة خارج السعودية"..! وأضاف "من حق القارئ أن يستنتج ما يراه".

الغريب أن اللبـّاد يعترف بأنه لم يكن حتى قيادياً صغيراً في الفصيل الذي انتمى إليه، ومع ذلك يسرد تفاصيل كثيرة. وقد برر ذلك لـ "الوطن" بقوله "أكرر ما سبق أن قلته، فأنا مجرد شاهد ومُشاهد، وقد رويت ما شاهدته وشهدته بما له وما عليه، وكله في النهاية مرحلة انتهت، طرحتها لتكون عبرة".



بداية التحرر


رحلة الألم الهندية مرت بمحطة مؤقتة ذات شجن خاص في ضاحية السيدة زينب التابعة لدمشق. كان "لقاء الجنة". فقد مضت سنوات طويلة لم يرَ فيها أحداً من أسرته.. "عاصف من الأشواق يدفعني إلى أمي وأبي وأخوتي الصغار.. لا أصدق أنني أراهم بعد هذا الفراق الذي جربته لأول مرة في حياتي".

كان ذلك عام 1407، حين جاءت أسرته لتقابله وتطمئنّ عليه، رغم علمها المسبّق بأنها لن تتمكن من ثنيه. ثم عاد إلى بنجلور في الهند مجدداً ليواصل عمله الرساليّ، ويُصارع ضغوط رغبته الأولى بالدراسة في الحوزة.. بقي يصارع الرغبة عاماً كاملاً، إلى أن قرّر عام 1408 أن يفرض رغبته على التنظيم، وهكذا طار إلى دمشق، ومنها إلى طهران من جديد، حيث استقرّ به الحال في قرية "ماما زند" حيث تقع "حوزة القائم". وهنا تحرر اللبـّاد من بزة "جندي تحت الطلب" إلى لباس "طالب علم" ذي عمامة مشغول بدورات التعليم والدرس.



التاريخ لا يُعيد نفسه


الرحلة لم تنته هنا، ولكن فصولها الموجعة خفت حدتها "شعرتُ لأول مرة أنني طويت صفحة من حياتي، وبدأت صفحة ثانية.. أحسستُ أنني طائر حر طليق في فضاء الله الواسع.. لقد خالجني شعور بانسلاخ مرحلة الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين ونموّ مرحلة جديدة داخلي، رغم أن الخطوات مجهولة الطريق بعد". كانت هذه المشاعر قبل 22 سنة من الآن.


لكنّ اللبّاد طوى صفحات أخرى بعد هذه الصفحة المؤلمة.

عاد إلى البلاد محمّلاً بتجربة جيل عرف أنه كان يمارس "بيع الوهم على الذات"،

وأن التاريخ يجب ألا يعيد نفسه لدى الجيل الحاضر والجيل المقبل،

وأن الكذب لا يجوز أن يُمارَس مجدداً على أحد!.


المصدر: الوطن السعودية

http://www.almokhtsar.com/news.php?action=show&id=15554






من مواضيعي في المنتدى
»» من رسائل التوحيد القيمة
»» خبر صغير وشر مستطير
»» الدحلانيون
»» آل البيت عليهم السلام وحقوقهم الشرعية
»» الثورة تأكل أبناءها