عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-09, 09:57 PM   رقم المشاركة : 2
أبو العلا
مشرف سابق








أبو العلا غير متصل

أبو العلا is on a distinguished road


الزِِّنا .. والزُّناة

( الزِِّنا .. والزُّناة )


إنَّه جالبُ المرض والفقر, ومذهب العافية والغنا, يكسو وجه صاحبه ظلمة وسواداً, وينزع من قلبه الإيمان والطمأنينة, ويسلبه تاج الحياء والعفة, ويَسِمَهُ بالفسق والفجور, ويسقيه الخبث والنجاسة, ويميت غيرته, ويفسد مرؤته, ويذهب ورعه وحشمته .
به ضياع الأوطان, وخراب الديار, وحلول الشحناء والبغضاء, واختلال الأمن والأمان, واختلاط الأنساب, وذهاب الإيمان, وضيق الأرزاق, وحلول العار في الذرية. موجب على صاحبه الحدَّ في الدنيا, والعقوبة في الآخرة .


قال عنه ابن القيم ((وسم الله سبحانه الشرك والزنا واللواطة بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب, وإن كانت جميعاً تشتمل على ذلك, لكن الله _عزوجل_ خص الذنوب لغلظها فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ .. )وقال في حق اللواطة {وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ } ... . وأما الزناة فجاء وصفهم صريحاً فقال تعالى {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ { والمقصود الآن بيان مافي الزنا واللواطة من نجاسة وخبث أكثر وأغلظ من سائر الذنوب مادون الشرك, وذلك لأنها تفسد القلب وتضعف توحيده جداً .



وقال ابن حجر (( عدَّ الزنا من الكبائر هو ماأجمعوا عليه واختلف في أيهما أشنع وأقبح, هل القتل أو الزنا؟ والصحيح أن الذي يلي الشرك في الكبائر هو القتل(أي قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق) ثمَّ الزنا, وأفحش أنواعه الزنا بحليلة الجار, والزنا أكبر إثماً من اللواط, لأنَّ الشهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه ويعظم الضرر بكثرته, ولما يترتب عليه من اختلاط الأنساب, وبعض الزنا أغلظ من بعض, فالزنا بحليلة الجار, أو بذات الرحم, أو بأجنبية في شهر رمضان, أو في البلد الحرام, فاحشة مشينة, وأما مادون الزنا الموجب للحد فإنَّه من الصَّغائر, إلا إذا انضاف إليه مايجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبية على سبيل القهر والإكراه .


ولقد ورد في شأن الزنا والزناة آيات وأحاديث, مبينة حرمته وعظم جرمه, ومايجب فيه من حد, وأضراره على الفرد والمجتمع, ومايستحقه صاحبه من عذاب في الآخرة. قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : (( أبايعكم على أن لاتشركوا بالله شيئاً, ولاتقتلوا النَّفس التي حرم الله إلا بالحق, ولاتزنوا, ولاتسرقوا, ولاتشربوا المسكر. فمن فعل من ذلك شيئاً فأقيم عليه حد فهو كفارةٌ, ومن ستر الله عليه فحسابه على الله _عزوجل_ ومن لم يفعل من ذلك شيئاً ضمنت له على الله الجنَّة)) رجاله ثقات . وقال عليه الصلاة والسلام (( إنَّ من إشراط الساعة أن يرفع العلم, ويثبت الجهل, ويشرب الخمر, ويظهر الزنا)) رواه البخاري . وقال أيضاً (( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولايزكيهم . ولاينظر إليهم ولهم عذابٌ أليم : شيخ زانٍ, وملك كذابٌ, وعائلٌ مستكبرٌ)) رواه مسلم .



وفي الحديث الطويل الذي رواه البخاري (( ... وأمَّا الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فهم الزناة والزواني ... )) وقال أيضاً((العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السماع، والفم يزني وزناه الكلام والقبَل، واليد تزني وزناها البطش، والرِّجل تزني وزناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يُصدِّق ذلك أو يكذبه )) رواه البخاري


وقد نهى الله تعالى عنه في قوله {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } وبين حدَّه في قوله {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } وحرم النكاح منهم في قوله {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } .


إنَّ المتأمل لحال المجتمع, ومايسمعه من أخبار هنا وهناك, ليقشعر بدنه من استخفاف البعض به وارتكابه, سواء في خارج البلاد وداخلها, والأمر في تفاقمٍ مع ظهور القنوات الفضائية, والمواقع الإباحية, وسهولة التواصل بين أفراد المجتمع عبر الاتصالات, والإغراق في تتبع الشهوات, وسماع الغناء, والتبرج والسفور, وحرب الحجاب, وماكان هلاك الأمم السابقة إلا بانتشار الرذيلة بينهم وإعلانها, وعدم التناهي عن فعلها.
فالحذر الحذر من أن يستسيغ المجتمع هذا الجرم, ويقترفه تحت مسميات عدَّة, ويحارب إقامة الحد عليه تحت ذريعة التراضي, أو حاجات النَّاس إليه, أو يجوز في سنّ الشباب مالايجوز في غيره.



إنَّ من الخذلان والبلاء, ارتكاس المفاهيم, وانقلاب الموازين, فلاتعظم حرمات الله, ولايقام وزناً لما أمر الله به ومانهى عنه, وتصبح شريعة الغاب والحياة البهيمية هي الميزان والحكم, فيتفاخر صاحب الرذيلة, ويتوارى صاحب الفضيلة, ويؤمر بالمنكر وينهى عن المعروف .


إنَّ الحال نذير سوء لمن يعنيه الأمر, من مسؤولين, وعلماء, ومربين, وأولياء أمور, فواجب عليهم بيان الحكم, ثم محاربة من يسعى في نشر الرذيلة بين أفراد المجتمع, وإقامة الحدود عليهم, والحد من وسائل الإفساد, وبيان ضررها, ودعم الدعوة ورجالاتها, والتكثيف من البرامج التي تحث على الفضيلة, وتحذر من الرذيلة, والحث على الزواج ودعمه وتسهيله للشباب, ليبقى المجتمع نقياً آمناً, تحفّه الفضيلة ويعمره الإيمان, وهذا ما أراده الله تعالى وما أمر به في كتابه الكريم, وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. ا هـ مختصرا

عائض عبدالله القرني

كاتب سعودي

http://www.sabq.org/?action=showAuthorMaqal&id=358






من مواضيعي في المنتدى
»» التوحيد أولاً للعلامة عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى
»» من رسائل التوحيد القيمة
»» الحوثيون يزعمون أحقيتهم بعسير ونجران وجازان
»» وجه إيران الآخر
»» محمد عبده يماني يتبرع بـ 18 مليون ريال لمقبرة حواء بجدة ؟