قال الحق عز وجل:
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ
وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ...... }
{ 159 } آل عمران
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره:
أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك.
{ ولو كنت فظا } أي: سيئ الخلق { غليظ القلب } أي: قاسيه، { لانفضوا من حولك } لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ.
فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله،
وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص،
والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه،
مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص،
فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟!
أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة،
ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم،
من اللين وحسن الخلق والتأليف،
امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله.
ثم أمره الله تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم،
ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان.