فصلٌ
في بيانِ ما وقع فيه العامةُ اليومَ مما يفعلونَهُ عندَ القبورِ
وما يرتكبونهُ من الشركِ الصريحِ والغلو المفرطِ في الأمواتِ
======================
ومَنْ عَلَى القَبْرِ سِراجاً أوقَدَا *** أوِ ابْتَنى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِداً
فإنّه مُجَدِّدٌ جِهَارا *** لِسُنَنِ الْيَهُودِ والنصَارَى
كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا وَلَعَنْ *** فَاعِلهُ كَمَا رَوَى أهْلُ السُّنَنْ
بلْ قَدْ نَهَى عَن ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ *** وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْر
وَكلُّ قَبْرٍ مُشرِفٍ فَقَدْ أمَرْ *** بِأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ
وحذْرَ الأُمَّةَ عَنْ إطْرَائِهِ *** فَغَرَّهُمْ إبْلِيسُ باسْتِجْرائِهِ
فَخَالَفوهُ جَهْرَةً وارْتَكَبُوا *** ما قدْ نَهَى عَنْهُ ولَمْ يَجْتَنِبُوا
فَانْظُرْ إليْهِمْ قَدْ غَلوْا وَزَادُوا *** وَرَفَعُوا بنَاءََهَا وَشَادُوا
بالشِّيدِ والآجُرِّ وَالأحْجَارِ *** لا سيَّمَا في هَذِه الأعْصَارِ
وَلِلْقَنَادِيلِ عَلَيْهَا أوْقَدُوا *** وَكَمْ لِوَاءٍ فَوْقَهَا قَدْ عَقَدُوا
وَنَصَبُوا الأعْلاَمَ وَالرَّايَاتِ *** وَافْتَتَنُوا بِالأعْظمِ الرُّفَاتِ
بَلْ نَحَروا في سُوحِهَا النَّحَائِرْ *** فِعْلَ أُولي التَّسْيِيبِ والْبَحَائِرِ
والْتَمَسُوا الْحَاجَاتِ مِنْ مَوْتَاهُم *** وَاتَّخَذُوا إلَهَهُمْ هَوَاهُمْ
قَدْ صَادَهُمْ إبْليِسُ في فِخَاخِه *** بَلْ بَعْضُهُمْ قَدْ صَارَ منْ أفْرَاخِه
يَدْعو إلى عِبَادَةِ الأوْثَانِ *** بِالْمَالِ والنَّفْسِ وبِاللِّسَانِ
فَلَيْتَ شِعْري مَنْ أبَاحَ ذَلِكْ *** وَأوْرَطَ الأُمَّةَ في المَهَالِكْ
فَيَا شَدِيدَ الطَّوْلِ والإِنْعَامِ *** إلَيْكَ نَشْكُو مِحْنَةَ الإسْلاَمِ